تشكو العديد من المناطق والقرى اليمنية من انتشار الكثير من الأمراض بين أوساط المواطنين والأطفال، وأصبحت بالنسبة للكثيرين هماً يقلق سكينتهم العامة، خاصة عندما تنعدم وسائل المكافحة وما شابهها.. «مديرية حيفان» في محافظة تعز، إحدى المديريات التي يشكو فيها المواطنون من انتشار مرض الملاريا و...إلخ، ومعظم القرى في المديرية ينتشر فيها البعوض بشكل كبير جداً ومخيف، في الوقت الذي يعتقد فيه المواطنون أن الجهات المختصة «مكتب الصحة» لم تحرك ساكناً في التصدي لهذه المشكلة، وأصبحوا متخوفين من انتشار وتفشي المرض بين عامة المواطنين. أهم المشاكل في المنطقة الكثير من المواطنين لم يتوقعوا تواجد البعوض بهذه الكثافة داخل المنطقة، ويعتبرونها من أهم المشاكل الموجودة حالياً.. المواطن محمد العبسي أحد أبناء المديرية يقول: - لم تشهد منطقتنا من قبل تواجد البعوض بهذه الكثافة التي يتواجد فيها هذا العام، وأصبح في الوقت الراهن يشكل مصدر قلق لنا جميعاً خاصة أننا لم نتوقع تواجده بهذه الكثافة التي لاشك أنها إحدى أسباب انتشار المرض بين المواطنين والأطفال، ومعظمهم يعانون أمراضاً أسبابها البعوض أو ما شابه.. وبالتالي ندعو الجهات المختصة إلى ضرورة وضع الحلول والمعالجات لهذه المشكلة التي تعد من أهم المشاكل في المنطقة. يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة أما عبدالله سعيد، وهو أحد أبناء محافظة لحج، الذي زار منطقة الأعبوس قبل عدة أشهر فقد تحدث عنها بالقول: - أعتقد أن المنطقة نوعاً ما جميلة ولكن ما يعيب هذا الجمال هو انتشار البعوض فيها، وهو مصدر قلق للمواطن بصوته المزعج، ناهيك أنه أحد أسباب مرض الملاريا.. فمن خلال زيارتي للمنطقة لم أذق طعم النوم على مدى يومين متتاليين بسبب البعوض، هذا أنا فكيف بالمواطنين أبناء المنطقة..؟! حقيقة أنا مستغرب تماماً لأبناء هذه المديرية كيف يستطيعون العيش في ظل تواجد هذا الكم الهائل من البعوض، أو أنهم اعتادوا عليه ولم يعد يهمهم انتشار المرض. ومن وجهة نظري الشخصي أرى أنه يجب على مكتب الصحة في المديرية والمحافظة اتخاذ الإجراءات اللازمة، وزيارة مثل هذه المناطق ووضع الحلول السريعة قبل أن ينتشر المرض ويصعب استئصاله، ويجب توعية المواطنين بدورهم لمواجهة المشكلة بالوسائل الممكنة. هم النامس..! انتشار البعوض «النامس» في منطقة الأعبوس، وبصورة كثيفة وخطيرة لنشاطه الدؤوب المقلق لحياة السكان نهاراً ونومهم ليلاً، وغزت معه «الملاريا» أجساد صغارهم وكبارهم.. وربما يضيف أمراضاً أخرى إليهم تضاعف معاناتهم وتقصر أعمارهم، وينفر أبناء المنطقة المقيمين في المدن من زيارتها، وإن أجبرتهم المناسبات على الزيارة فهو كفيل بتقصير مدتها هروباً، وقد حملوا بداء الملاريا.. والرسالة هنا هي: ما الذي اتخذته الجهات المعنية من إجراءات مباشرة لدراسة الظاهرة؟ وتحديد أسبابها لتجفيف منابعها والقضاء عليها؟ وأين دور الجهات المختصة في مكافحة البعوض والقضاء على الملاريا، وإدراج المنطقة في برامجها ومعالجة ووقاية؟ ماذا قدم المكتب من برامج لتوعية السكان بكامن تفريخ البعوض وانتشاره والوقاية من مخاطره وسبل مكافحته ؟؟ نبذة عن المرض وأسبابه تعتبر الملاريا إحدى أكبر وأهم المشكلات الصحية على مدى عدة قرون.. وتصنف الجمهورية اليمنية وبائياً ضمن المجموعة الافريقية الاستوائية للتشابه بينها وبين دول تلك المجموعة، حيث يتوطن فيها أخطر أنواع الملاريا وهو الملاريا المنجلية التي تمثل أكثر من 90 % من الحالات المسجلة، كما يسود فيها الناقل الرئيسي الانوفيليس العربي «ارابينسز»، كما هو الحال في افريقيا جنوب الصحراء باستثناء جزيرة سقطرى وأجزاء من محافظة المهرة التي تصنف وبائياً ضمن المنطقة الشرقية، حيث الناقل الرئيسي فيها هو «كلسيفياسز». تظل الملاريا أحد أهم الأسباب الرئيسة للأمراض والوفيات، ومع أنه لا توجد حتى الآن أرقام حقيقية عن معدلات الإصابة أو الوفيات إلا أن الحالات تقدر سنوياً بحوالي 800 إلى 900 ألف حالة.. كما يقدر معدل الوفيات بالملاريا ومضاعفاتها بحوالي 1 % من تلك الحالات، أي حوالي 8000 9000 حالة سنوياً، وهو مؤشر خطير للوضع الوبائي للملاريا. ولعل الانتشار السكاني المتشتت في أكثر من 120 ألف تجمع هو أحد العوامل وراء تدني التغطية بالخدمات الصحية، التي من أهمها خدمات الرعاية الصحية الأولية والتي تأتي على رأسها أنشطة مكافحة الملاريا خاصة في الأرياف، حيث يعيش أكثر من 75 % من السكان بينما لا يتجاوز عدد العاملين الصحيين أكثر من 20 %. كما أن معظم الأنشطة الزراعية في الريف أيضاً والتي بدورها تضاعف من زيادة فرص الاصابة بالملاريا، حيث إن قلة الوعي الصحي مع وجود البرك والمستنقعات والسدود وشحة الموارد المائية وسوء تخزينها واستخدامها، إضافة إلى التغيرات المناخية، كلها تمثل بيئة خصبة لتكاثر ناقل الملاريا أنثى بعوضة الانوفليس. وعلاوة على هذه العوامل فإن اعتماد النظام الصحي على المرفق في تقديم الدمات الصحية باعتباره نقطة الالتقاء الأولى مع السكان، واستمرار الجهود في بناء مرافق صحية جديدة دون خطط مسبوقة أو على ضوء الاحتياج الفعلي دون الأخذ في الحسبان اعتماد ميزانية تشغيل هذه المرافق واستمراريتها وتزويدها بالكوادر الصحية المؤهلة وإيجاد حوافز كافية تضمن تقديم خدمات جيدة، كلها جعلت من الصعوبة بمكان استمرارية استراتيجيات المكافحة المختلفة. ناموسيات لم تحصل عليها المديرية يستهدف البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا بحلول عام 2010م أن ينام 60 % من النساء الحوامل والأطفال ما دون الخامسة تحت الناموسيات المشبعة، حيث تتميز الناموسيات المشبعة بأنها: إحدى أهم الاستراتيجيات في مكافحة الملاريا المعتمدة من قبل البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا. إحدى وسائل المكافحة الشخصية خصوصاً الفئات الأكثر معاناة «الأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل. إحدى الوسائل التي تمنع نشر العدوى إذا كانت نسبة التغطية تزيدعن 80 % من مجموع السكان في منطقة العمليات. إحدى الوسائل المأمونة على البيئة فهي لا تحدث تلوثاً بيئياً. وجد أيضاً أن تكلفة الناموسيات المشبعة أقل من أي وسيلة وقاية أخرى مستخدمة. الناموسيات المشبعة طاردة وقاتلة للبعوض. وقد أثبتت التجارب العالمية أهمية وفوائد هذه الناموسيات، وقد قام البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا بتوزيع عدد كبير منها ولكن للأسف مديرية حيفان لم تحصل بعد على حصتها من الناموسيات بالرغم أن المنطقة بحاجة ماسة إلى هذه الوسيلة الوقائية من مرض الملاريا، خاصة أن المديرية ينتشر فيها البعوض بشكل كبير جداً ومخيف. المكافحة مسؤول الرعاية الصحية الأولية بمكتب الصحة مديرية حيفان الأخ سمير الصراري أكد للصحيفة قائلاً في هذا الصدد: انتشار البعوض والبلهارسيا «الطفيليات» في مناطق وقرى مديرية حيفان مشكلة تقلقنا جميعاً، وبالتالي يجب التصدي لهذه المشكلة من قبل الجميع سواءً مكتب الصحة بالمديرية أم المواطنين أنفسهم وكذلك الجهات الداعمة والممولة سواءً المحلية أم الدولية، ولا يعني أن المشكلة يتحملها مكتب الصحة بالمديرية بمفرده، وقد قام حقيقة بدور كبير جداً من أجل وضع الحلول والمعالجات لهذه المشكلة. فالمعروف أن المديرية بمختلف قراها وعزلها تتواجد فيها العديد من البرك والخزانات المائية المكشوفة وهذه تعد إحدى أسباب انتشار البعوض والبلهارسيا داخل المديرية، وبالتالي يفترض تحويل هذه البرك والخزانات إلى سقايات، يعني تغطيتها بدلاً من أن تكون مكشوفة. والمجتمع هنا يجب أن يقوم بهذه الدور المناط به وهو جانب من المكافحة، إلى جانب أنه يجب على المواطنين عدم وضع المياه في خزانات صغيرة «مكشوفة»، وهذا موجود في معظم أسطح المنازل، لأن هذا أيضاً موقع انتشار البعوض والبلهارسيا.. كما يجب عليهم «المواطنين» حرق أودفن بقايا العطمة «القمامة» وعمل بيارات خاصة بالمنازل مغلقة وكل هذا يقلل «يخفف» من تواجد الطفيليات ويعتبر جانباً من المكافحة. أسماك جمبوزي مسؤول الرعاية الأولية تحدث عن أحد أمثلة المكافحة الناجحة فقال: «سد نماش» الذي يقع في منطقة الأعبوس هو عبارة عن سد مكشوف، وكان المواطنون في تلك المنطقة يعانون أمراضاً كثيرة جداً بسبب تواجد وانتشار الطفيليات إلا أنهم قاموا بوضع أسماك صغيرة «جمبوزي» داخل هذا السد والتي أسهمت بشكل كبير في التخلص من مشكلة البعوض والبلهارسيا، وهذه الأسماك تعد عاملاً مساعداً للمكافحة.. واليوم وضع المنطقة أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً ولم يعد المواطنون يشكون من الأمراض التي كانت منتشرة سابقاً. ضحايا يتزايدون وأعراض المرض معروفة عندما نتحدث عن الملاريا فلزام علينا أن نتحدث أيضاً عن البعوض وذلك بصفته المسبب الأول والأخير لهذا المرض الشائع في اليمن من أقصاها إلى أقصاها.. ومع أننا نعرف تماماً ماهية المرض وأسباب انتشاره إلا أننا مع الأسف لم نستطع القضاء عليه والحد منه ومن خطورته التي تودي بحياة الكثير من أبناء وطننا الغالي. ومن أجل كل هذا وجب علينا الخوض مراراً وتكراراً في هذا الموضوع علنا نستطيع أن نسهم ولو قليلاً في التقليل من أضراره أو حتى نشر القليل من الوعي الذي قد يخدم هذا المجتمع بطريقة أو بأخرى.. هكذا بدأ حديث الدكتور عدنان عبده علي طب عام للصحيفة.. وأضاف: وللحديث عن الملاريا كمرض أصاب ويصيب الكثير من أبناء مجتمعنا نستطيع أن نقول إنه ليس بذاك المرض الخطير أو الفتاك ولا يعتبر بأي شكل من الأشكال من الأمراض التي يصعب علاجها بل بالعكس فعلاج هذا المرض محدود وموجود في كل صيدليات الجمهورية، ولكننا للأسف نجد أن ضحاياه يتزايدون يوماً بعد يوم، وهذا للأسف يأتي نتيجة لأسباب كثيرة سوف نتطرق لها لاحقاً. وقبل كل هذا نقول: إن الملاريا مرض تسببه أنثى أحد أنواع البعوض، حيث تقوم بلدغ الإنسان ناقلة إليه البويضات التي تدخل مباشرة إلى مجرى الدم في الإنسان بحيث تكمل دوره حياتها في العائل «الإنسان» إلى أن تقوم بلدغ الإنسان مرة أخرى بحيث تكتمل تماماً دورة حياة هذا الكائن. ولا يسعنا الآن شرح كل التفاصيل الخاصة بدورة حياة هذا البعوض الناقل للمرض.. ولكن بعد انتقال البويضات إلى دم الإنسان تبدأ بعد مرحلة محددة الناقل للمرض.. وبعد انتقال البويضات إلى دم الإنسان تبدأ بعد مرحلة محددة ظهور أعراض هذا المرض، وأعتقد أن الكثير منا يعرفها جيداً وأكثر هذه الأعراض هو التعرف وارتفاع درجة الحرارة مع الإحساس بالبرد الشديد لدرجة أن تجد المريض يصاب بالارتعاش وبالمقابل تزداد درجة حرارته.. وغير ذلك من الأعراض مثل التقيؤ والغثيان و...إلخ، ويمكن التأكد من المرض بعد إجراء فحص الدم المجهري، وبعد اكتشاف المرض مبكراً يمكننا وبكل سهولة استخدام العلاج الناجح له والقضاء عليه. رسول الموت مضيفاً بالقول: أنا هنا لست بصدد الحديث علمياً عن الملاريا ولكن كان لابد لي التطرق ولو قليلاً حول هذا وما يهمنا الآن أن نقول إن الملاريا أصبح أكثر انتشاراً في قرانا البسيطة، ولأسباب كثيرة.. ولكي أكون أكثر تحديداً فقد أخذت منطقة الأعبوس مثالاً لذلك، فالأعبوس هي إحدى العزل التابعة لمديرية حيفان محافظة تعز، وإذا ذهبت إلى المراكز الصحية أو الوحدات الصحية الموجودة فيها فستجد أن الأدوية المعالجة للملاريا مثل «كلوروكواين» وغيره من أكثر الأدوية التي تباع أو تصرف في صيدالياتها، وليس هذا إلا دليل على انتشار هذا المرض.. وأسباب انتشار هذا المرض كثيرة ولكن أهمها وأكثرها هو وجود السدود والبرك المائية الراكدة في المناطق الآهلة بالسكان، ومع وجود الماء الراكد يصبح من السهل انتشار البعوض بكثرة ومثل هذه البيئة تصبح الملاذ الآمن لتكاثر وتزايد أنثى البعوض المسببة لهذا المرض. وبدلاً من أن تكون السدود والمصارف المائية بشير الخير والرخاء والنمو لهذه القرى تصبح أيضاً رسولاً للموت والمرض.. وهناك العديد من الحالات توفيت بسبب هذا المرض.. ونحن هنا لا ندعو إلى التوقف عن بناء السدود، ولكن كان لزاماً علينا التحدث عن المشكلة، وهناك الكثير والكثير من وسائل الوقاية التي قد تحمينا وتحمي مجتمعنا من مخاطر انتشار هذا المرض وتزايد مضاعفاته التي قد تؤدي إلى الموت.. وهنا يجب على كل الدوائر والمنظمات الحكومية المختصة أن تتضافر جهودها للوصول إلى الحل أو الغاية المقصودة، وهذا طبعاً لا يقتصر على الدوائر الرسمية فقط، فهناك واجب هام وضروري يجب على أفراد المجتمع القيام به. نشر الوعي واستخدام الوسائل الممكنة وأكد الدكتور عدنان عبده علي قائلاً: يجب علينا أولاً نشر الوعي الصحي عن هذا المرض وطرق الوقاية منه، وذلك بكافة الوسائل الإعلامية مثل النشرات الصحية أو البوشرات الملونة.. إلى جانب: ردم البرك المائية الراكدة خصوصاً تلك القريبة من مناطقنا السكنية أو قرانا. استخدام المبيدات اللازمة ورشها في أماكن السدود، وكذلك استخدام كافة الوسائل الممكنة للقضاء على البعوض ومنع تواجده في المنازل، وهناك العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها عمل ذلك. نقل المصاب بهذا المرض عند ظهوره أو ظهور أعراضه حتى عند الشك من ذلك إلى أقرب مركز أو وحدة صحية لكي ينال المريض العناية اللازمة لأن التأخر في إسعاف الحالة يكون سبباً رئيساً في الوفاة، لأنه مع تأخر الوقت ومع الإصابة بفقدان الشهية يفقد الجسم العديد من السوائل التي قد تكون في النهاية سبباً في الوفاة. وأوضح الدكتور عدنان أن هذا أقل ما يمكن عمله للحد من مشكلة هذا المرض.. كما تساءل الدكتور عدنان، أين هو دور وزارة الصحة ولو حتى ببذل القليل من الجهد للقضاء على مرض الملاريا؟ واختتم حديثه بالقول: نحن متأكدون أن هناك العديد من المختصين القادرين فعلاً على إيجاد الحلول المناسبة للحد من هذا المرض، لأن ما تقدمنا نحن به في هذه السطور ليس إلا وجهة نظر شخصية غير مختصة، وربما قد يلازمنا التقصير في الكثير مما قلنا، ولكن يكفينا أن اجتهدنا، فأعينونا على خدمة بلادنا يا ذوي الاختصاص والخبرة.