دعت دراسة علمية في المجال الزراعي الحكومة إلى استخدام تقانة الدقيق المركب على المستوى التجاري لتقليص حجم الفجوة الغذائية من محاصيل الحبوب لاسيما القمح . وأشارت أن هذه التقانة ستمكن اليمن من توفير مبالغ كبيرة كانت تتكبدها جراء إستيراد كميات هائلة من القمح لتغطية الإحتياج اللازم لسد الفجوة الغذائية. وأكدت الدراسة أنه يمكن لليمن توفير 68 مليوناً و763 آلفاً و664 دولاراً من القيمة الإجمالية للقمح المستورد وذلك في حالة إحلال 10 بالمائة من دقيق القمح بدقيق الذرة الرفيعة المحلية وبواقع 125 ألفاً و385 طنا بإعتبار أن كميات القمح المستوردة الى اليمن خلال العام 2007م قدرت بنحو مليون و466 ألفاً و500 طن بقيمة تتجاوز نحو 764 مليون دولار،وبسعر للطن الواحد من القمح بلغ 521 دولاراً. وأوضحت الدراسة التي أعدتها الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي حصلت وكالة الأنباء اليمنية /سبأ/ على نسخة منها الى أن هذه التقانة تتضمن خلط نسب معينة من دقيق القمح المحلي أو المستورد مع دقيق الذرة الرفيعة لإنتاج الخبز بكافة أنواعه المختلفة. مؤكدة أهميتها في ردم الفجوة الغذائية الناجمة عن استيراد اليمن لكميات كبيرة من القمح تشكل مانسبته 90 - 95 بالمائة من إحتياجات الإستهلاك للمواطنين . وركزت الدراسة على أهمية هذه التقانة في صناعة الخبز إنطلاقا من أهمية الخبز المصنوع من القمح بإعتباره سيد المائدة في الوجبات اليومية الغذائية في اليمن فضلا عن كونه المصدر الرئيسي لطاقة المستهلك .. منوهة بالمردود الإقتصادي لإستخدام هذه التقانة وأهميتها في تخفيف أعباء إقتصادية على البلد بسبب فاتورة الإستيراد من مادة القمح . وأشارت الدراسة إلى أن دوافع استخدام تقانة الدقيق المركب أو ما يسمى بالخبز البديل يرجع الى عدة عوامل منها إرتفاع أسعار السلع والبضائع ومن ضمنها محاصيل الحبوب وبالذات القمح وذلك لأسباب تتعلق بإرتفاع أسعار الوقود عالميا في السنوات الأخيرة . وأضافت .. وفي حالة احلال 20 - 30 بالمائة من دقيق الذرة الرفيعة وبواقع 250 ألف و770 طنا في السنوات اللاحقة ,فإنه يمكن لليمن توفير ضعف المبلغ السابق أي ما يساوي 137 مليوناً و 527 ألفاً و328 دولار. وخلصت الدراسة الى انه يمكن إحلال 20 - 30 بالمائة من دقيق بعض أصناف القمح المستنبطة محليا (بحوث - 15,بحوث - 14 ,بافظيم المحسن ,بحوث - 13,شبام - 8 ) بدقيق الذرة الرفيعة أو الذرة الشامية أو الدخن أو دقيق درنات البطاطس غير القابلة للتسويق ,بالإضافة الى أنه يمكن احلال 10 - 30 بالمائة من دقيق القمح المستورد ودقيق المنتج المحلي من أقماح مستوردة بدقيق الذرة الرفيعة أو الذرة الشامية او الدخن . كما خلصت الدراسة الى إمكانية احلال 20 - 30 بالمائة من دقيق الأقماح المستنبطة محليا بدقيق الذرة الرفيعة لإنتاج الخبز الشعبي ( الملوح )وكذا احلال 15 - 20 بالمائة من دقيق القمح المنتج محليا من أقماح مستوردة بدقيق الذرة الرفيعة لإنتاج الخبز الشعبي . وقالت الدراسة التى نفذتها الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي بإشراف نخبة من كبار الباحثين "إن الخبز الذي يحتوي في مكوناته الذرة الرفيعة يتميز بإرتفاع المعادن والأملاح عن ذلك الخبز الذي يتكون فقط من دقيق القمح الأبيض الخالص ,حيث يحتوى الأول على مواد الحديد والفوسفور والبوتاسيوم والزنك بكميات 2ر5 ملجم / 100جم , 352 ملجم / 100جم , 277 ملجم / 100 جم , 3 ملجم / 100 جم بالمقارنة ما يحتويه الدقيق الأبيض الصافي على النحو 5ر1 ملجم / 100 جم , 90 ملجم / 100 جم , 130 ملجم / 100جم , 7ر0 ملجم / 100جم " .وأوصت الدراسة بأهمية تطبيق هذه التقانة والتوعية بمضمونها وأهدافها وفوائدها من خلال تشجيع أصحاب المطاحن الوطنية على إستخدامها وتوفير كافة التسهيلات اللازمة لهم وتمكينهم من إنشاء خط انتاج في المواقع الإنتاجية لطحن الحبوب غير القمح من أجل انتاج الدقيق المركب مع الأخذ في الإعتبار تحديد سعر مناسب للكيس الناتج من تقانة الدقيق المركب ليكون منافسا لسعر نفس الكيس من دقيق القمح الأبيض الخالص.وشددت على أهمية تشجيع البحوث العلمية وتحفيزها للإسهام في تطوير رغيف الخبز من جميع النواحي ,الى جانب الحصول على أصناف بذور محسنة تنتج كميات كبيرة من محاصيل الحبوب والذرة . وكانت الدراسة قد فندت العوامل المساهمة في إتساع الفجوة الغذائية في اليمن منها تزايد النمو السكاني ومحدودية الأراضي الزراعية جراء الزحف العمراني على حساب مساحات زراعة الحبوب الى جانب عوامل التصحر وغيرها . ونوهت الدراسة العلمية حول تقانة الدقيق المركب بأهمية الإستفادة من تجارب البلدان السباقة الى استخدام التقانة في صناعة رغيف الخبز لتلبية الإحتياج منه خاصة وقت الأزمات والكوارث . وبحسب خبراء الزراعة فإن منتجات الدقيق المركب الناتج عن خليط من القمح مع الذرة أوالحبوب الأخرى له قيمة غذائية عالية مقارنة بدقيق القمح الصافي نتيجة لما تحتويه هذه التقانة من بذور تتضمن مواد مضادة للتأكسد الى جانب احتوائها على ألياف غذائية ذات نسبة عالية من الأملاح والمعادن تساعد على الهضم وخفض امتصاص الدهون ,الى جانب حماية القولون من الإصابة بالسرطان . وتؤكد دراسات علمية في هذا الصدد أن الأشخاص الذين يتناولون أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الألياف هم أقل عرضة للإصابة بالجلطات القلبية والدماغية . يشار الى أن مصر كانت من الدول العربية السباقة في استخدام تقانة الدقيق المركب حيث وزعت الدقيق المخلوط او المركب من القمح بنسبة 85 بالمائة ودقيق الذرة بنسبة 20 بالمائة ,وكما إستخدمت العراق هذه التقانة في عام 1990م أثناء الحصار وكذا قبل الإعتماد على برنامج الغذاء مقابل النفط عام 1996 م فلجأت الى سياسية الاعتماد الذاتي على النفس ,حيث وزعت دقيق مخلوط من القمح والذرة والشعير للإستفادة من ذلك في تغطية الإحتياج من الخبز . كما ان المكسيك هي الأخرى استخدمت التقانة لتلبية احتياجات أكثر من 50 مليون نسمة يعتمدون بدرجة أساسية على خبز الذرة في توفير الأمن الغذائي . يذكر أن كثيراً من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء قد اتخذت عدداً من الإجراءات التنظيمية والمؤسسية والتشريعية ذات الصلة باستخدام مثل هذه التقنية التي سبق وأن جرى تطويرها بصورة وأشكال مختلفة وبخلائط متفاوتة من بلد لآخر وعلى مدى العقود القليلة الماضية.