عباس بن الحسين بن القاسم بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد عاش في القرن12ه / 18م ولد في 5 / 1 / 1131 ه / 27 / 11 / 1718 م وتوفي في 7 1189 ه / 9 1775 م ولد في مدينة إبّ، ونشأ وتوفي في مدينة صنعاء. عالم، محقق، من أئمة اليمن. تلقى العلم عن العلامة (عبدالله بن لطف الباري الكبسي)، وكان في أيام والده الإمام رئيسًا، عظيمًا، محبوبًا، فلما مات والده، أجمع الناس عليه فبايعوه، واتفقت عليه الكلمة، حتى من كان خارجًا عن طاعة والده، كعمِّه (أحمد بن القاسم) سنة 1161ه/1749م. قال عنه الإمام (محمد بن علي الشوكاني) في كتابه (البدر الطالع): "كان إمامًا، ذكيًّا، فطنًا، عادلاً، قوي التدبير، عالي الهمة، منقادًا إلى الخير، مائلاً إلى أهل العلم، منصفًا للمظلوم حازمًا، مطلعًا على أحوال رعيته، باحثًا عن سيرة عماله فيهم، فلا تخفى عليه خافية من الأحوال، له عيون يوصلون إليه ذلك، وله هيبة شديدة في قلوب خواصه، والحاصل أنه من أفراد الدهر، ومن محاسن اليمن بل الزمن، ولم يزل قاهرًا لأضداده، قامعًا لحساده وأنداده، حافظًا لأطراف مملكته بقوة صولة، وشدة شكيمة، لا يطمع فيه طامع، ولا ينجع فيه خدع خادع، وكان له نقادة كلية - معرفة تامة - بالرجال، وخبرة كاملة بأبناء دهره، وإذا التبس عليه أمر شخص امتحنه بما يليق به، حتى يعرف حقيقة حاله، وله قدرة كاملة على هتك ستر من يتظاهر بالزهد والعفاف والانقباض عن الدنيا، في ظاهر الأمر لا في الواقع، فإنه يدخل عليه من مداخل دقيقة، بجودة فطنته، وقوة فكرته، فيتضح له أمره، ويحيط به خبرًا". وترجم له معاصره القاضي (أحمد قاطن) فقال: "إنه أول من صرف القبائل عن بيوت أهل صنعاء، وكان قبل ذلك إذا وصلت الأجناد، عُينت لهم بيوت يسكنون فيها، ويزاحمون أهلها، وأزال الأسواق على الناس - القريبة من المساكن - ومنع السخرة للجمال -تحميلها فوق طاقتها- ورفع شطرًا من الجبايات عن الناس، وضيق على خاصته، وكف شرهم، ولا يقبض من الرعايا في البلاد إلا الواجب شرعًا، ومنع الإتاوات التي كانت تقبض منهم، وأقام صلاة الظهر في ديوان الشريعة أول وقتها، وخرج لصلاة الجمعة أول وقتها، ومنع السلام عليه في الجامع، وأكثر الصدقات على ذوي الحاجات، وتابع لهم المعونات". ومن معاصريه الإمام البدر (محمد بن إسماعيل الأمير) الذي أثنى عليه، وذكر الكثير من مميزاته، وإيجابيات حكمه، وعدله، وكان صاحب الترجمة، يطلب النصح والتوجيه، من (ابن الأمير) وغيره من العلماء، ويعمل بمشوراتهم وآرائهم، حتى عده (ابن الأمير) من أعدل مَنْ حكم اليمن من الأئمة، وأفضلهم سيرة. وقد اشتهر، وقصده أهل العلم والأدب، وكان كريمًا، محسنًا، لا سيما إلى غرباء الديار، مشتغلاً بالعلم حتى بعد خلافته، وكان إذا حدث حادث في البلاد، أقلقه وأهَمَّه ذلك، فلا يرتاح له بال حتى ينهي ذلك الأمر ويدفعه. وفي عهده أعلنت مجموعة من قبائل بلاد (برط) تمردهم، وقاموا بعمليات نهبٍ للمواطنين، فخرج إليهم بعدد من الجنود، وطاردهم، حتى أدركهم في قرية (المدارة) في منطقة (قاع جهران) وقاتلهم، حتى هزمهم، وانجلت المعركة عن مائتي قتيل، وسبعين أسيرًا، وحمل رؤوس القتلى على ظهور الجمال، ودخل صنعاء، فقال الإمام (محمد بن إسماعيل الأمير)، مهنيًا إياه: هل أهنيك أم أهني المعالي أم أهني أيامنا والليالي أم أهني الأكوان فهي جميعًا في سرورٍ ولذة واختيالِ شمس نصر قد أطلع الله في أف ق المعالي فنورها متلالي للإمام العظيم ذي الأمر والنه ي قرين الإسعاد والإقبالِ من بنى حصن مجده بسيوفٍ وخيول وبالرماح العوالي ومن مآثره الخيرية: عمارة البركة العظمى للماء تحت مدينة (العِر)، من بلاد (الحيمة)، غربي مدينة صنعاء، ومسجد قبة (المهدي) في مدينة صنعاء، ومسجد (التقوى) غربي مسجد القبة بحارة بستان السلطان، ومسجد (النور) في حارة معمر، ومسجد (الرضوان)، شمالي (باب اليمن) وإكمال عمارة مسجد نصير في مدينة صنعاء، وغيرها. وأمر في سنة 1177ه/1764م، بحفر مجاري (الغيل الأسود)، ومنبعه في القاع، غربي قرية (الجرداء)، وشرقي قرية (بيت سبطان) جنوبي مدينة صنعاء، وحصَّنها بسدٍّ كبير، وموانع لجمع الماء، وأصبح الغيل يشق صنعاء، ويسقي المزروعات التي يمر بها، في (وادي شعوب)، و(بير العزب)، و(حدة)، و(بيت بوس) ثم باعها للقرى المذكورة، بثمنٍ رمزي، لينتفعوا بها، وقُيّمت تلك الأيام بمبلغ سبعمائة ريال، سددها صاحب الترجمة من ماله الخاص، مساعدة لأهالي القرى المنتفعين بهذا الغيل، وقد أمر بحفره تنفيذًا لمقترحٍ من العلامة (محمد بن إسماعيل الأمير). وظل هذا حاله إلى أن توفي، وهو جد الإمام (يحيى بن محمد حميد الدين)، إمام اليمن في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي. ومن شعره: الدهر يزعم أنه سيروعني بجيوشه ويزيد في أتراحي لم يدر دهري أنني متجلدٌ لخطوبه فليخش هول كفاحي الصبر درعي والقناعة جنتي والذكر حصني والدعاء سلاحي*موسوعة الاعلام