منذ أن غادر عبد ربه محسن الشهالي «13 عاماً» قريته في محافظة حجة قبل أربعة أعوام وهو يعمل كبائع متجول في شوارع صنعاء. وقال عبدربه واصفاً تجربته «قرر والدي البقاء في البيت بعد أن فقد الأمل في العثور على عمل كان يعمل كمزارع أو بائع للقات أو حمال، غير أن هذه الأعمال المختلفة لم تكن توفر لنا مايكفي من مال لإعالة الأسرة، لذا فقد تركناه هناك وقدمنا إلى صنعاء بحثاً عن حياة أفضل». وأضاف هذا الطفل العامل أنه مصمم على إعالة أمه وأخويه اللذين يصغراه سناً مهما كلفه الأمر، حيث قال «من العار أن أترك أمي تعمل وأنا على قيد الحياة أفضل الا نتناول سوى الخبز والماء على أن تضطر أمي وأخوتي للتسول. من جهة أخرى أعرب مسؤولون تربويون عن قلقهم إزاء تزايد نسبة الانقطاع عن المدارس، التي أدت بدورها إلى ارتفاع نسبة الأمية. ووفقاً للمسح التربوي الشامل الذي أجرته وزارة التربية والتعليم عام 2006لايرتاد المدارس سوى 46 بالمائة من الأطفال في سن التعليم الابتدائي والبالغ عددهم 4.7 مليون طفل، ممايترك حوالي 4 ملايين طفل فقط في المدارس الإبتدائية. ويبلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين يرتادون المدارس في مختلف الأعمار حوالي خمسة ملايين طفل. نظام قديم وقال نسيم الرحمن، مسؤول الإعلام بمكتب اليونيسف باليمن بأن «إحضار الأطفال إلى المدارس أمر سهل ولكن إبقاءهم فيها هو الأمر الصعب» وأضاف أن المدارس في اليمن لاتوفر الجو التعليمي الملائم الذي يشعر الأطفال بالترحيب ويشجعهم على التعلم. كما أن النظام التعليمي في اليمن قديم جداً ولم يتغير مع مرور الوقت، فلا زال يعتمد على التلقين عن طريق التكرار، ومازال المعلمون يلوحون بعصيهم لتوصيل المعلومات. وأضاف نسيم الرحمن قائلاً «لايرغب الأطفال بالتعلم بهذه الطريقة، فالتعليم في المدارس الابتدائية لاينطوي على أي مرح، مماجعل العديد من الطلاب يفقدون اهتمامهم بالتعليم هذا بالإضافة إلى العدد الكبير من المعلمين غير المدربين الذين يدفعون بالطلاب إلى خارج المدارس فقد أخبرني أحد الأطفال والحديث لممثل اليونيسيف الذي انقطع عن المدرسة أن معلمه نعته بالغبي وبأنه يهدر وقته في المدرسة». وأشار نسيم الرحمن إلى أن الأوساط الحكومية تشهد الكثير من النقاش حول التعليم ولكن مايتم عمله على الأرض يبقى محدوداً جداً كما تحدث عن وجود «إستراتيجية لتطوير التعليم الأساسي» وأن «موضوع التعليم أصبح على قائمة الأجندة السياسية للحكومة غير أن التطبيق يبقى ضعيفاً جداً». غياب الأنشطة المدرسية من جهته، قال أحمد الرباحي نقيب المعلمين اليمنيين، ان «الفقر يعتبر عاملاً آخر وراء انقطاع الطلاب عن المدارس «مشيراً إلى أن «الأسر الفقيرة تضطر إلى إرسال أطفالها إلى العمل للمساهمة في تحسين دخل الأسرة، ممايؤدي إلى انقطاعهم عن المدارس للذهاب إلى العمل، وقال أيضاً أن «المدارس فقدت قدرتها على جذب الطلاب، في غياب الأنشطة المدرسية، واكتظاظ الفصول الدراسية». وأضاف كما أن فشل العديد من الخريجين في الحصول على وظائف يثير الإحباط في نفوس الطلاب بالإضافة إلى أنهم «يجدون صعوبة في استيعاب المقرر ممايجعلهم يمقتون التعلم» وهناك فرق صغير فقط في عدد الذكور والإناث الذين يرتادون المدارس في المناطق الحضرية، بينما الفرق واضح في المناطق الريفية. ووفقاً لوزارة التربية والتعليم، توجد في اليمن 14 ألف مدرسة، منها 224،9 ألف مدرسة مختلطة 638،8 ألف منها في المناطق الريفية و586 في المناطق الحضرية وقال نسيم الرحمن انه «من الصعب على الفتيات البقاء في المدارس بسبب الطبيعة المحافظة لآبائهن». وأضاف أن نسبة الانقطاع عن المدارس بين الفتيات أعلى بكثير من مثيلتها بين الفتيان، موضحاً أن بعض المدارس في المناطق الريفية تبدأ بحوالي 60 فتاة في الفصل ثم يتدنى هذا العدد إلى 10 فتيات فقط في الفصل الواحد في العام التاسع، وذلك بسبب ارتفاع نسبة الانقطاع عن المدرسة. وفي المناطق القروية، تذهب الفتيات إلى المدرسة لتعلم القراءة والكتابة، ثم يغادرنها للتركيز على التعليم الديني في بيوتهن. مدارس الفتيات قليلة وقال نسيم الرحمن ان «ذلك يرجع إلى قلة المدارس الثانوية في المناطق الريفية، إذ يشعر الناس أنهم حتى ولو أرسلوا بناتهم إلى المدارس الإبتدائية فلن يكون بإمكانهن مواصلة تعليمهن نظراً لعدم وجود مايكفي من المرافق التعليمية، ممايثنيهم عن الرغبة في التعليم. ويبلغ عدد المدارس ا لخاصة بالفتيات 554 مدرسة فقط، 163 منها في المناطق الحضرية و391 في المناطق الريفية.