سامية، 10 أعوام، هي من بين القليل من الفتيات اللواتي يرتدن المدرسة في قريتها، فسامية تحب الدراسة وتقول أنها ترغب بنشر العلم بين جميع سكان القرية عندما تكبر. والوضع التعليمي في قرية القريطي في مديرية الزيدية في محافظة الحديدة، غرب اليمن هو نموذج متكرر في العديد من الأماكن الريفية في اليمن التي ترتفع فيها معدلات الأمية وتقضي نساؤها معظم أوقاتهن في جلب المياه على ظهور الحمير. تلتحق سامية بمدرسة سمية الابتدائية التي تضم 60 طالبة في الصف الأول و15 طالبة فقط في الصف السابع، مما يدل على أن الكثيرات يتسربن من المدرسة قبل وصولهن إلى هذه المرحلة. وقال نسيم الرحمن، المسئول الإعلامي في منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) أنه "من السهل جذب الأطفال إلى المدرسة ولكن الصعوبة تكمن في إبقائهم فيها". وفي عام 2007، التحق 356.183 طالباً بالمدارس الابتدائية في الحديدة من بينهم 148.919 فتاة، وفقاً لمكتب التربية والتعليم في المحافظة. وكان الصف الأول يضم 40.202 طالباً مقابل 34.051 طالبة بينما وصل عدد الطلاب في الصف التاسع إلى 9.924 طالباً مقابل 6.649 طالبة، مما يشير إلى وجود فجوة في التعليم بين الجنسين لصالح الذكور في كل المراحل. حملة وطنية ولمواجهة هذه المشكلة، أطلقت اليونيسيف بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم حملة وطنية تمتد لأسابيع لتشجيع تعليم الفتيات. وتتضمن الحملة تعبئة الأهالي وقادة المجتمع والمسئولين والزعماء الدينيين ووسائل الإعلام والأطفال أنفسهم وتركز على ستة من محافظات اليمن الإحدى والعشرين بالإضافة إلى جزيرة سقطرى. وستقوم الحملة بتوزيع المواد الإعلامية وتوظيف التلفاز والإذاعة لتوصيل الرسالة حول أهمية إلحاق الفتيات بالمدارس. وقال نسيم الرحمن أن "هذه الحملة الوطنية تأتي في وقت مناسب إذ يعاني اليمن من نسب التحاق منخفضة في المدارس الابتدائية. كما أن نسبة استمرار الأطفال في الدراسة الابتدائية ليست جيدة". وأضاف أن هناك فجوة كبيرة بين الجنسين في مجال التعليم، "فالفتيات هن آخر من يتم إرساله إلى المدرسة وأول من يتم سحبه منها أيضاً". وفي اليمن، ترتاد 63 فتاة مقابل كل 100 صبي المدارس الابتدائية في المناطق الحضرية وينخفض هذا العدد ليصل إلى 45 فتاة مقابل كل 100 صبي في المناطق الريفية، وفقاً لليونيسيف. الفقر والزواج المبكر يحجبان الفتيات عن المدرسة ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل مثل الفقر والزواج المبكر ونقص المعلمات والمدارس الصديقة للأطفال في البلاد وخاصة في المناطق الريفية التي تشكل 75 بالمائة من سكان البلاد البالغ عددهم 21 مليون نسمة. وقالت مديرة مدرسة سمية: "يعد الزواج المبكر مشكلة كبيرة... فالفتيات يخسرن تعليمهن عندما يتزوجن وينتقلن للعيش في منطقة أخرى". من جهته، قال عبد الباري محمد، مدير مكتب التربية والتعليم في الزيدية أن المديرية تواجه نقصاً في المعلمات حيث أغلقت 14 مدرسة أبوابها في منذ عام 2005 بسبب عدم توفر المعلمات، مشيراً إلى أن العديد من المجتمعات لا تسمح للمعلمين بتدريس فتياتها. بدوره، قال علي بهلول، مدير مكتب تربية الحديدة أنه في الكثير من الأحيان ترسل الأسر الكبيرة (وهي كثيرة في المجتمعات الريفية) أطفالها إلى المدرسة في سن مبكرة حتى لا يسببوا المشاكل في المنزل. وأضاف قائلاً: "لا يعد التعليم أمراً مهماً بالنسبة لهم ولذلك يلتحق الأطفال في المدرسة في سن مبكرة...يجب أن يكون العمر الأدنى للالتحاق بالمرحلة الابتدائية هو ست أو سبع سنوات". جهود اليونيسيف وقد تم اختيار مدرسة سمية التي تنتظم بها سامية كواحدة من المدارس "الصديقة للطفل" ضمن "برامجها التي تدعم حقوق الطفل وأنظمتها التعليمية مدارسها الصديقة له". وقال نسيم الرحمن أن اليونيسيف خصصت 30 بالمائة من مواردها الخاصة باليمن للبرامج التعليمية. كما خصصت مبلغ 317.231 دولاراً لتشجيع تعليم الفتيات في محافظة الحديدة وحدها. وفي عام 2007، قامت المنظمة الأممية بتوظيف 377 خريجة من المرحلة الثانوية من المجتمعات الريفية قي المحافظات الست المستهدفة. وتم اختيار 115 منهن للانضمام إلى محافظة الحديدة. وتتقاضى كل معلمة أجراً شهرياً قدره 100 دولار من اليونيسيف التي قامت أيضاً بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة التخطيط ووزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم لضمان توظيف للمعلمات ال377 بعد ثلاث سنوات. ويأتي اليمن في أسفل المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين في مجال التعليم حيث يحتل المرتبة الأخيرة من بين 128 دولة ضمن القائمة.