كن مسناً أو مغترباً.. في مأرب تزف إليك أجمل النساء.. وتزحلق ألف شاب المهم أن تركب سيارة آخر موديل ولديك كيلوجرام من الذهب للعروس وسيارة "حق الفتاشة" ومثلها للحطة وتقدم الشرط شيكاً إن لم تشترط العروس كرسي الفهد.. عرفته قبل سنوات موظفاً صغيراً في مقتبل العمر.. تحمل عبء أسرته إلى جانب والده مبكراً معتمداً على راتبه.. رحلته معاناة، قبل شهرين ودّع عامه السابع والعشرين على آخر جرح نازف، وقبل ست سنوات رحلت أنوار حبه الأول خارج البلاد، كانت أول صعقة عاطفية.. أدخلته المستشفى، وبعد عامين من المعاناة تقدم لخطبة غيرها.. وإذا به يُطرد بعد عام خارج اللعبة على يد مغترب بدد مشاعره ليشتري قلوب الآخرين في بورصة المشاعر بمليون ريال وحطة للعروسة بنصف مليون ريال.. وأشياء وأشياء، لينقلب مجيب على عقبيه لتجربة جديدة وخطوبة جديدة.. ثلاث سنوات ومجيب لم يف بوعده.. الشرط، غرفة النوم، حطة العروس، الذهب والساعة الفخمة، تكاليف كلها باهظة الثمن و"الخبير" على راتبه!!. قبل شهرين وتحديداً قبل عيد الأضحى أعد ما أعد وجهز ما استطاع لإتمام حلم شبابه لتفاجئه الأيام.. بما لا يحكى ولا يحمد.. الصلة، القرابة، العرف الاجتماعي، كل هذا هراء وثلاث سنوات من الحب هي أجمل، وأشقى سنوات عمره تضرب عرض الحائط . رجل آخر ثري يحل محله.. الجرح يتلو الجرح .. والحمل ثقيل، أما المشاعر فما هي إلا نفايات ترمى على قارعة الطريق، صعقة ثالثة أدخلته المستشفى للمرة الثانية وأجريت له عملية جراحية، فعاش أيام عيد الأضحى على سرير العافية. الشهر الماضي أنبأني بخطوبته للمرة الثالثة وليتني مالمته، لكني أخشى عليه .. وبالأمس نقل إلي الخبر، خبر ماذا يا مجيب؟! إنه عقد قرانه، وكنت أتمنى حضور حفلة العقد.. وإذا به يدعوني اليوم.. ولكن لا لأشهد مزيداً من أساه بل لأشاهد وأسجل أدنى رقم قياسي لحطة عروس في مأرب على الإطلاق لفاتورة لا تتعدى ال5000 ريال.. التاجر الذي أعد مقتنيات الحطة تبسم قائلاً: لم أعد قبل اليوم حطة عروس بهذا الثمن أبداً!!. تعريف .. يقول البائع بسام مسعد: حطة العروس في مأرب هي كل ما تطلبه العروس من مقتنيات لها ولأمها وعماتها وخالاتها وأخواتها وما يلزم لحفلة العرس ابتداءً بأحمر الشفايف وانتهاءً بفستان الزفاف، تجمع هذه المقتنيات الثمينة في مجموعة من الشنط الكبيرة يطلق عليها «حطة العروسة» أو «شنطة العروسة» ويشتريها العريس «الحريو» وهي أكبر مصيبة يعانيها العريس إن زادت زاد الحمل، وإن نقصت تكون الفضيحة، فالنساء في القرية يقمن جميعاً بفتح الحطة. 20 إلى 50 ألفاً.. قهوة "الحريوة" .. يقول نبيل أحمد صالح الزايدي: إن قهوة العروس هي ما يقدمه الخاطب لخطيبته في أول لقاء بها في منزل والدها.. وكانت القهوة قديماً ريالاً من الفضة؛ ولكن تعقدت القهوة وصارت 20 إلى خمسين ألفاً من قبل بعض المغتربين. .. ويذكر محمد ناجي البيحاني: إن مغترباً دفع قهوة خطيبته سيارة آخر موديل.. وهذا ما يدفع بالعديد من الشبان إلى الزواج من محافظات أخرى. 100 ألف "حق الفتاشة" .. محمد ناجي البيحاني يقول: الفتاشة هي أن يرفع «الحريو» العريس البرقع عن وجه عروسه في غرفة نومه.. وعندها يلزمه دفع مبالغ متعددة «حق الفتاشة» لخال العروسة وخالاتها تدفع إلى يد العروسة نقداً.. وهذه المبالغ ارتفعت قيمتها من قبل المغتربين والتجار والمسنين الذين يقدمون على الزواج بالجميلات، وتصل إلى 100 ألف ريال!!. كرسي فهد .. تعارف الناس على الذهب الذي يقدمه الحريو لحريوته.. وتمت المبالغة فيه إلى أن وصل إلى كيلوجرام بأكمله، ويقول عبدالعزيز صالح الزايدي: إنه أضيف إلى الذهب شيء جديد يسمى "كرسي فهد" وهي عادة أتى بها المغتربون من الخليج.. وهي عبارة عن صدرية من الذهب تبلغ قيمتها في حدود 30 ألفاً إلى60 ألف ريال سعودي. .. التاجر عبدالله تنكية عند لقائنا به قال: إن كرسي فهد لا تباع إلا في مأرب، ولا أحد يشتريها إلا المأربيون.. وأسعارها ما بين 800 ألف ريال يمني إلى 2 مليون وأكثر بحسب وزن الذهب. العرف في مأرب متنوع الطلبات ابتداءً بالشرط والذهب يضاف إليه كرسي فهد ثم القهوة فالحطة وانتهاء بالفتاشة وغرفة النوم، تكاليف باهظة الثمن يدفعها العريس.. المهر وصل إلى مليون فأكثر.. والذهب وصل إلى كيلوجرام + كرسي فهد والحطة مشاكلها كثيرة، فالحريوة «العروسة» تشترط أغلى العطور ومساحيق التجميل وأنفس أنواع الثياب التي يربو سعرها عن العشرة آلاف ريال.. وكل ما يلزم للاحتفال وتصل قيمة ما يسمى بحطة العروسة أو شنطة العروسة إلى نصف مليون في بعض الحالات. .. البائع أبو لحظة يقول: إن ثمن شنطة العروسة ليس محدداً، ومتوسط ثمنها ما بين 100 200 ألف ريال.. وهناك حطات ما بين 50 100 ألف، وهناك أعلى من ذلك تصل إلى نصف مليون. .. ويؤكد هذا القول البائع فيصل ملهي الذي يقول: لم نسمع عن حطة أقل من عشرين ألف ريال، أما أعلى حطة ، أي أعلى رقم قياسي لثمن حطة عروس في مأرب فكان قبل أربع سنوات وأعدها التاجر أبو لحظة بمبلغ 800 ألف ريال لعروسة واحدة في ثماني شنط .. أما أقل أو أصغر رقم قياسي فهو حطة عروس مجيب والذي كان ثمنها هذا اليوم فقط "خمسة آلاف ريال".. أما أكبر عدد من الحطات جهزها تاجر واحد.. فكان عددها 13 حطة ل13 عروسة قبل أربع سنوات بمبلغ مليون وثلاثمائة ألف ريال في يوم واحد. التجميل أساس الحطة البائع هشام الورافي من خلال فترة عمله وجد أن المرأة أكثر ما تهتم بأدوات ومساحيق التجميل عند إعداد الحطة، والويل للبائع إذا لم يوفر أدوات التجميل فإنه يخسر زبوناً بمبلغ وقدره. حطة طبقية .. أما الأخ عارف مجاهد فيقول: أعتقد أن ثمن الحطة يخضع لعامل الطبقات.. فالطبقة العامة هي التي ثمن حطة العروسة عندها 100 2000 ألف. .. والبائع صادق أحمد علي البحري أجاب قائلاً: ثمن الحطة يحدده عامل السن.. فالمسنون وهم كثر هي التي تكون أسعار الحطة عليهم بأسعار مرتفعة، وعادة ما تكون 300 500 ألف ريال، أو فئة الشباب، فسعر الحطة لهم هو المتوسط 100 250 ألف ريال. أعداد قياسية للأعراس .. البائع أبو لحظة يقول: ليس هناك موسم معين للزواج في مأرب كما في صنعاء وتعز بعد نهاية العام الدراسي، وهذا لا ينطبق على مأرب، ولكن هناك بعض المناطق تزداد فيها الأعراس منها صرواح بعد عيد الفطر، وبيحان بعد عيد الأضحى.. ففي هذا الموسم عام 1428ه تزوج في بيحان في حدود 270 عريساً وهو رقم قياسي. آراء .. الشابان عبدالعزيز ونبيل الزايدي يريان: أن ارتفاع أسعار الزواج عموماً عائد إلى المغتربين والتجار وكبار السن.. وعادة ما يكون هؤلاء غير مقبولين فيعمدون إلى إغراء الرجال والنساء.. وعادة ما يتزوج المغترب ثم يضع العروسة في بيت أبيها ويعود للغربة لسنوات طويلة جداً.. وهذان الشابان يذكران أن الشابات ينجرفن إلى هذا التيار استناداً إلى المثل القائل «شيبة يهليني ولا عزب يبكيني» وهذا ما يؤكده كل من محمد ناجي البيحاني ومحمد سعيد الدويشة.. غير أن الأخير يذكر أن هناك حالات في السنوات الأخيرة لجأت إلى التخفيف من نفقات الزواج التي صارت مشكلة لا تطاق .. وربما ظروف الناس أخيراً هي التي تجبرهم على التنازل. .. محمد ملهي، سائق في فرزة الحصون.. واحد ممن اختصر حفلة عرسه وتجنب العديد من مراسيم الزواج ما عدا المهر والذهب وقليل من الحطة.