أقر مجلس النواب في جلسته أمس برئاسة رئيس المجلس يحيى علي الراعي توجيه عدد من التوصيات للجانب الحكومي في ضوء مناقشته لتقرير لجنة الإعلام والثقافة والسياحة حول نتائج زيارتها لمحافظتي الجوف ومأرب لتقصي الحقائق بشأن أعمال النبش العشوائي ونهب الآثار من المواقع والمعالم الأثرية والتأريخية في هاتين المحافظتين، وذلك بعد أن أجرى المجلس مناقشته لهذا التقرير واستماعه إلى إيضاحات الجانب الحكومي والتزامه بتوصيات المجلس التي تضمنت محاسبة ومساءلة المسؤولين في وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والجهات الأخرى ذات العلاقة عن عدم تنفيذها لتوصيات المجلس المتكررة في هذا الجانب، وكذا التقيد في المحافظة على الآثار ومنع نهبها وإحالة المقصرين إلى النيابة العامة، ووضع استراتيجية وطنية للحفاظ على الآثار، والبحث عن مصادر تمويل خاصة لتنفيذ تلك الاستراتيجية من الدول والمنظمات الشقيقة والصديقة، إلى جانب ما يتم رصده في الموازنة السنوية للدولة، ورفع موازنة هذا القطاع لما يحتله من أهمية ثقافية وسياحية واقتصادية. وأكدت توصيات المجلس أهمية قيام السلطة المحلية في المحافظات بدورها في حماية تلك المواقع والمعالم التأريخية، والتنسيق بين كافة الجهات المركزية والمحلية المعنية تجاه كافة القضايا المرتبطة بشؤون الآثار والمدن والمعالم التأريخية لتعزيز العمل الجماعي والمشترك في الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها واستغلالها بصورة مثلى. ودعت توصيات المجلس إلى انتهاج مبدأ الشفافية والعلنية في إظهار الاتفاقات والمساعدات وأعمال المنظمات والبعثات الاجنبية في مجال التنقيب عن الآثار، وإشراك السلطات المحلية في المحافظات المعنية بكل ما يتعلق بالاتفاقات المبرمة في هذا المجال، وكذا إجراء المسوحات الميدانية الشاملة للمواقع الأثرية والمعالم والمدن التأريخية وإعدادها في خرائط ومجسمات بهدف توثيقها والحفاظ عليها، تشمل اللغة العربية واللغات الأجنبية الحيّة، مع كافة المعلومات والبيانات التأريخية والسياحية الدقيقة الخاصة بكل موقع. ونوهت توصيات المجلس إلى ضرورة البدء بتنفيذ إنشاء متحف مأرب.. لافتة إلى أن تمويل المتحف قد رُصد من عدة سنوات من قبل الدولة والمساهمة من قبل الدول المانحة، ومحاسبة المتسببين في التأخير، وذلك لما من شأنه حفظ وتصنيف وعرض القطع الأثرية والدراسات التأريخية وتهيئتها هندسياً وفنياً وإدارياً، والعمل على تأثيث المتاحف وتزويدها بكل وسائل العمل والحماية الحديثة، ومن خلال الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين، وجعلها عنصر جذب لاستقبال الزوار المحليين والأجانب، وجعل هذه المتاحف والمواقع والمعالم التأريخية مفتوحة أمام الزوار طيلة أيام الأسبوع بما في ذلك أيام الإجازات والعطل الرسمية، وبرسوم دخول تشجيعية للزوار تحصّل بمستندات رسمية قانونية. ودعت توصيات المجلس إلى أهمية تعزيز دور الأجهزة الأمنية في مكافحة السطو على الآثار، ومنع الاتجار بها، وحمايتها، ومتابعة عصابات سرقة، وهدم وتخريب الآثار، وضبطهم، واسترداد القطع الأثرية التي بحوزتهم، وتقديمهم للعدالة، مع إعادة النظر في حجم ومهام الحراسات المحسوبة على المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية ومنحهم المستحقات اللازمة التي تمكنهم من أداء مهامهم بصورة جيدة. وشددت توصيات مجلس النواب الموجهة للحكومة على منع وإزالة السطو على أراضي المعالم والمواقع التاريخية والأثرية وإزالة أي استحداثات في البناء والزراعة بالقرب منها، ومعالجة وحل مشكلة ادعاء بعض المواطنين بملكية بعض جوانب من مساحة أراضي المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية، وذلك بالاستناد إلى قانون أراضي وعقارات الدولة وقانون الآثار وتعديلاته، بما يضمن الحفاظ على هذه الأراضي والمواقع والمعالم التاريخية التي تقع في نطاقها كملكية عامة وخاصة بالدولة. وشملت توصيات المجلس الاهتمام بالموظفين المتخصصين في مجال الآثار ورفع مستوى تأهيلهم لإكسابهم المعارف والخبرات العلمية في مجال الآثار بشكل عام وتمكينهم من مرافقة البعثات الأجنبية في مجال الاستكشافات والتنقيب عن الآثار وصيانتها للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال. وأشارت تلك التوصيات إلى ضرورة شق ومسح وتعبيد الطرق المؤدية إلى المدن والمعالم والمواقع التاريخية والأثرية وتزويدها باللوحات الإرشادية المقامة على نواصي الطرقات الهادفة إلى إعلام الزوار المحليين والأجانب بالمعلومات اللازمة عن تلك المدن والمعالم والمواقع التاريخية والأثرية. ودعت توصيات المجلس وسائل الإعلام القيام بدورها في مجال التوعية بالآثار، وأهمية الحفاظ عليها، وأن يشغل قطاع الآثار حيزاً بارزاً في السياسة الإعلامية للدولة وفي البرامج والأنشطة لوسائل الإعلام والصحافة الرسمية وبقية وسائل الصحافة والإعلام التابعة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لما لذلك من ضرورة في تضافر الجهود المشتركة للمجتمع لحشد الجهد الرسمي والشعبي للتوعية بشؤون الآثار والحفاظ عليها لما لذلك من بعد وطني يرتبط بتاريخ وحضارة شعبنا اليمني العظيم. من ناحية ثانية أقر المجلس توجيه عدد من التوصيات الأخرى للحكومة في ضوء استكماله مناقشة تقرير لجنة التربية والتعليم حول نتائج زيارتها الميدانية إلى محافظة حضرموت الوادي والصحراء والساحل، وبعد الاستماع إلى الردود الإيضاحية المقدمة من الأخ وزير التربية والتعليم والتزامه بتوصيات المجلس الداعية إلى التوسع في بناء مدارس خاصة لتعليم الفتاة، وتأثيث مدارس البنات القائمة، وكذا إعادة النظر في قرار إغلاق كلية البنات والتربية في حضرموت، والعمل على تحديث مطابع الكتاب المدرسي وتطوير قدراتها لتتمكن من إنجاز طباعة الكتاب المدرسي قبل بداية العام الدراسي. كما دعت توصيات مجلس النواب الموجهة للحكومة إلى إدراج موازنة خاصة ضمن موازنة وزارة التربية لشراء الأراضي الخاصة بمشاريع بناء المدارس، خصوصاً في المدن، والتوسع في بناء المدارس في عواصم المحافظات والمدن الرئيسة لإنهاء الازدحام في الفصول الدراسية، مع توفير ميزانية تشغيلية لإدارات التربية وكذا المدارس. وكان المجلس قد استهل جلسته باستعراض محضره السابق ووافق عليه، وسيواصل أعماله اليوم الاثنين بمشيئة الله تعالى. حضر الجلسة وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالسلام الجوفي، ونائب وزير الثقافة أحمد سالم القاضي، وعدد من المختصين في الجهات ذات العلاقة.