هل الجامعة تنتج ثقافة ..معرفية حقيقية؟ أم أن دورها أصبح مقتصراً على التلقين..والتعبئة ليس أكثر؟.. الجامعة تلك القداسة للاسم..لماذا تلاشت..لتصبح مكاناً للتسكع..وتضييع الوقت؟.. أكتب هذه الإطلالة بعد أن كتبت كثيراً عن الجامعة..وكلما نظرت إلى حالنا..أتذكر الجامعة..وحالها الذي ينعكس بطبيعة الحال على ممارساتنا اليومية..وكل مقذوفاتنا اللفظية..المليئة بالتخلف!. كم يغدو مؤسفاً أن تعيش حياتك الجامعية..كامتداد لحياتك الدراسية الابتدائية..التي لا تبعد عن كونها..حضور..غياب..وحمولة أطنان من الكتب والدفاتر..التي يقررها الأستاذ أو الدكتور اليوم..وما بين حفظ لمقررات دراسية لم تعد تتناسب والتطورات المتلاحقة في كل المجالات..حيث ما يدرس هو منتوج لستينيات وسبعينيات القرن الماضي..بكل بدائيته المعرفية. في إحدى ندواته يقول الدكتور فؤاد الصلاحي..الجامعة غدت انعكاساً لواقع التخلف الذي نعيشه..وما يدرس فيها مسحوب من ثقافة القبيلة الإقصائية للآخر المختلف..سواءً كان ذكراً أم أنثى..هذا كلام أكاديمي وأستاذ في جامعة صنعاء..وهو ليس افتراءً بل على العكس من ذلك تماماً حيث الطالب الجامعي اليوم يعيش حالة من التصادم أحياناً..والتوافق في أحايين كثيرة مع ما يفرغه الأستاذ الجامعي أمامه..لنجد الطالب القبيلي منشداً جداً للجامعة من منطلق أنها تعزز ثقافته المكسوبة..ولا تتصادم معها..حيث التبعية..والتلقين!!. الجامعة لم تعد تكرس لفعل الحوار الثقافي المعرفي..حيث غياب الندوات الفكرية والثقافية..والصباحيات الأدبية يأتي إعلاناً بموت الجامعة..وانحسار لدورها المعرفي المأمول منها. يصبح دور الجامعة فائضاً عن الحاجة حين لا تعمل على تعزيز مبدأ الحوار الثقافي/الديمقراطي بين طلابها..وإنشاء أجيال تؤمن بأهمية وجود الآخر المختلف من منطلق الثراء الذي يولده هذا المختلف!!..يبدو المثل القائل"الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" مفرغاً تماماً ومنسياً في الجامعة حيث الاختلاف اللامعرفي ينتج إقصاءً للزميل/الزميلة..ويوجد هوة سحيقة بين الاثنين..ليس بإمكانهما ردمها على المدى المنظور!..بعكس إن وجد خلاف معرفي..سيكون الأمر مختلفاً. فولتير يقول"قد أختلف معك في الرأي ..ولكني على استعداد لأن أضحي بنفسي في سبيل أن تقول رأيك"..وقول الرأي يقود إلى الدفاع عنه..عبارة لا يدرسها طلاب الجامعات..وهم بالتأكيد لا يعرفون شيئاً عن "فولتير"كما أنا تماماً..الذي أحفظ له هذه العبارة وأجهل كنهه.. الجامعة فضاء مغلق..لم يعد متنفساً مطلقاً..عبارة قالها أحد أساتذة الجامعة..وهو يدرك تماماً ما يعني.. الجامعة اليوم اقتصر دورها على إعادة تكرير ثقافة المجتمع/القبيلة/التخلف..وتصديرها..والعمل على استمراريتها كما ينبغي..وتنسى أو تتجاهل دورها التنويري..التحديثي.. الجامعة منتوجها المعرفي أصبح منتوجاً يكرر نفسه..وليس قابلاً للتجديد..أو التغيير..أو القولبة حتى ..مع ما ينتجه العصر من حداثة.. والانطلاق الحقيقي لنا هو من حيث توقف الآخر..وليس تكرار ما فعله..أو قاله..أو توصل إليه!!. أتمنى أن لا أكتب مجدداً عن الجامعة..مع أن الأمر يستدعي أكثر من كتابة..وأكثر من عمود!. قفلة!! لا أفهم سبباً حقيقياً لممارسة الوشاية..إذا شئت أن تغيظ أحداً ما يكفيك أن تقول عنه شيئاً صادقاً. فردريك نيتشه