يُقحم المنظرون حضور شباب اليوم بين أكثر من لُجة ، بناءً على جملة من التوقعات المفروضة والمتصفة بالتباين والتداخل والتناقض بحكم الكم من المتغيرات النسبية والرئيسة التي ترد طي محددتي الحين والحيث ، وإن من يقترب من الطاولات الساخنة والمموهة بزعيق الجدل والتناول العقيم للأفكار ، فمن حقه أن يَسِمَ تلك الجلسات المستطيلة بحلبات لنزال الأحرف وصفير الكلمات المسجوعة ، والتي يُجتهد لأجل قولبتها على هيئة مرثيات ماضوية تبدأ بالوقوف على أطلال شباب يحتضر ولوجاً إلى التحسر على فتوةٍ كانت ويا ليتها تعود يوماً ليس إلا... بين الفينة والأخرى تُبرم حلقات التجذيف للإبحار على درب الحلزون صوب قعر الألم المعهود ، حيث يجد كل متمطق ثرثار فرصةً لتقديم مقتطفه التراجيدي بالخصوص الآني في بوتقة آونته، ومن خلف ذلك يرنو إلى أن يحظى بلقب المبدع المبتكر ، فيستأثر بالقدر من الوافر من أصابع الإشارة ونظرات الإيماء النّمامة بالإعجاب....، وما إن تنتهي العروض حتى يهرع الصناديد في لملمة أشتاتهم التي عاث بها التقمص ، ويشرعون بإطلاق الأنفاس المحتبسة في أجوافهم كرهائن مؤقتة تؤكد عبوديتهم للذوات وإخلاصهم في عداء الآخر، إلى أن يحيكون لأنفسهم مأذونية الطفو على سطوحهم والمشاهدات من حولهم وحتى إشعار آخر... ما كان لشباب اليوم ، أن يجعل من كنهه محوراً للاستجداء ،ومن ذاته طفيلية على اهتمامات الآخر أيا كان، في الحين الذي ينبغي عليه أن يُعبر عن رمزيته في الوجود بالبذل والعطاء ، لا رحىً تطحن ماهيتها ما لم تؤتى بالغلال ... ما أثقل أن يصهر شباب اليوم كينونتهم ويبخرون إرادتهم ، لتتهاوى أعناقهم تباعاً تحت نير من عناهم "كلارك" بقوله: نحن نرى رصيدنا الثقافي وسادةً نركن إليها ، وكأنه جمع فأوعى الماضي والحاضر والمستقبل ، ولذا- فقد جنى شبابنا على نفسه - معاناة الصدمة تلو الصدمة مع كل جديد مستحدث يحقق للآخر تقدماً وتفوقاً ، يزيد من هوة التخلف التي تفصلنا عنه - فهل بالفعل- اكتفينا بالسؤال : لماذا تقدموا وتخلفنا؟! ويا ترى متى سينفذ السؤال إلى نطاق الوعي حتى يكون لنا أهلية في تقصي مطلوبات الإجابة والاستدلال ؟! وانتهاءً ، إن كان لي ما أرجوه من شباب اليوم ، فقليلٌ من التفاؤل المقرون بالإرادة ،من شأنه أن يرمق أحلامنا الرغثى إلى رضاب المأمول، ويهوّن من ظمأ قلوبنا إلى الخفقات الطموحة ...