تشهد الجزائر على مدى الشهور القليلة الماضية اتساع حدة الاحتجاجات النقابية بالتزامن مع زيادة الأجور، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بالأسواق العالمية. وإن كانت الجزائر تخلصت من عبء المديونية وأصبحت الخزينة مملوءة بنحو 120 مليار دولار بعد ارتفاع أسعار النفط، لكن تبقى المعادلة الصعبة كامنة في كيفية تحويل هذه المداخيل إلى تنمية حقيقية. عبد القادر قروسان القيادي بحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قال بتصريح للجزيرة نت إن زيادة الأجور حتى لو بلغت 100% "يبقى الحال على ما هو عليه". وأرجع جذور المعاناة التي تعيشها البلاد حاليا إلى اتفاقية أبرمتها مع صندوق النقد الدولي بعهد رئيس الحكومة مولود حمروش وبدء تدهور قيمة الدينار. القدرة الشرائية ووصف القيادي بالتجمع الزيادات بالمهزلة لأنها لا توفر القدرة الشرائية المطلوبة "وكان الأجدر أن تأخذ الدولة هذه النقطة بعين الاعتبار". أضاف "العامل استهلك ارتفاع الأجور في غلاء المواد الاستهلاكية ". وذكّر الرجل بأهم مراحل مر بها الاقتصاد الجزائري بداية من الدعم إلى تحرير الأسعار حين دخلت البلاد في دوامة صندوق النقد الدولي. فقد رضخت لشروطه مثل تقليص عدد العمال للدخول في الخصخصة، ومنع زيادة الأجور لتفادي التضخم . وخلص إلى أن تردي القدرة الشرائية نتيجة لسياسات اقتصادية مختلفة أضعفت قيمة العملة. الجزائر تستورد حوالي 70% من حاجياتها للغذاء والدواء (الجزيرة نت) أضعف الأجور عبد الوهاب بوكروح المختص بالاقتصاد عقد مقارنة بين أجور دول المغرب العربي معتبرا أجر الموظف الجزائري أضعفها. وضرب مثالا بتقاضي الأستاذ الجامعي خمسمائة يورو أي ما يعادل ثلث أجر نظيره في موريتانيا أو المغرب. والحال ذاته ينطبق على الطيار والطبيب والمهندس. ويفسر بوكروح للجزيرة نت هذا الفارق بجملة من الأسباب تدور حول الجمود الذي طبع الأجور الجزائرية لأكثر من عقدين. وما بين عامي 1988 و2007م لم ترتفع الأجور إلا بمستويات ضئيلة. إذ انتقل الحد الأدنى من ألفين إلى أربعة آلاف دينار ثم ستة وبعدها ثمانية. وعند انتقال الأجر القاعدي من أربعة آلاف إلى 12 ألفا نهاية الأمر، حدث تطور من حيث الكم قابله معدل أعلى لتراجع القوة الشرائية. وبطبيعة الحال فإن أربعة آلاف دينار عام 1994 ليست بنفس قيمة 12ألفا عام 2007 جراء تخفيض قيمة الدينار، حيث تراجعت ما بين 1991 و2007 بنسبة 1270%.