تواجه بلادنا تحدياً كبيراً ومتصاعداً فى توفير المياه التي يتناقص مخزونها الجوفي مقابل تزايد الطلب عليها والاستنزاف الجائر للأحواض المائية، حيث باتت العديد من الأحواض المائية في المدن الرئيسة مهددة بالنضوب، خاصة في المحافظات والمدن التي تنتشر فيها زراعة القات. وتقدر الدراسات حجم الفجوة المائية القائمة بين التغذية السنوية للمخزون الجوفي والاستنزاف من المخزون المائي القائم بحوالي 900 مليون متر مكعب، حيث يبلغ الاستهلاك السنوي للمياه من المخزون الجوفي حوالي 75 مليون متر مكعب تستحوذ الزراعة وبالذات زراعة القات على أكثر من 90 في المائة منها فيما لا يتجاوز حجم التغذية السنوية للمخزون المائي 40 مليون متر مكعب. واحتلت مشكلة المياه مقدمة القضايا ذات الأولوية للحكومات المتعاقبة وأخذت حيزاً واسعاً من أجندة وخطط واستراتيجيات تلك الحكومات من خلال التوسع في استثمارات الدولة في قطاع المياه لتوفير مياه الشرب النقية للمواطنين في الحضر والريف والحفاظ على المخزون الجوفي ووضع السياسات الهادفة إلى ترشيد استهلاك المياه ورفع كمية التغذية السنوية للأحواض الجوفية. وأكد تقرير رسمي حديث لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن جهود الإصلاح في مجال المياه والصرف الصحى للمناطق الحضرية يسير بشكل جيد، فيما يجرى العمل على إعداد سياسة إصلاح لمياه الريف، ورغم كل ذلك فإن التحدي الأساسي يظل متمثلاً في الفارق الكبير بين التوسع البطيء في التغطية بالخدمة من جهة ومعدل النمو السكاني السريع من جهة أخرى في ظل استنزاف جائر للمياه. ويحذر الخبراء والمسؤولون من التهديد الذي تشكله زراعة القات على مصادر المياه في بلادنا، إذ تقدر الهيئة الوطنية للمياه بأن مجموع مصادر المياه العذبة المتجددة في بلادنا يصل إلى 2.500 مليون متر مكعب سنوياً، 1.500 مليون متر مكعب منها من المياه السطحية وألف من المياه الجوفية. وأوضح مدير الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي التابعة لوزارة الزراعة إسماعيل محرم بأن حوالي 900 مليون متر مكعب من المياه الجوفية تُستَعمَل لري القات، وأضاف إنه “على الرغم من استنزاف زراعة القات للمياه الجوفية إلا أنها تتزايد باستمرار بسبب ارتفاع الطلب على القات”. وتقدر جمعية التوعية وهي منظمة غير حكومية تعنى بدراسة أضرار القات بأن حوالي 7 ملايين شخص يتعاطون القات في مختلف أرجاء البلاد، معظمهم من الرجال. وفي هذا الصدد أشار نائب رئيس جمعية التوعية عادل الشجاع إلى أن الجمعية أجرت تقييماً مبدئياً عام 2006 وتوصلت إلى أن هناك 40 مليون شجرة قات بالبلاد، “وقد يكون العدد الحقيقي أكثر من ذلك”. ويقوم المزارعون بزراعة القات ثلاث إلى أربع مرات في السنة.. ووفقاً لمحرم، لا تحتاج أشجار القات إلى كميات كبيرة من المياه مقارنة مع المحاصيل الأخرى، ولكن المزارعين يقومون بسقيها أكثر من اللازم. وتتزايد زراعة القات بنسبة 12 بالمائة سنوياً وفقاً لمدير قسم الري ومراقبة المياه بوزارة الزراعة عبد الكريم الصبري إذ قال إنه “في عام 1997 كانت حوالي 80 ألف هكتار من الأراضي مخصصة لزراعة أشجار القات، ثم زادت هذه المساحة عام 2000 لتصبح 103 آلاف هكتار تقريباً و123.933 هكتاراً عام 2005م. ويتم سقي 81 بالمائة من هذه المساحة بالمياه الجوفية.. وقال الصبري: “إذا تم استعمال الطرق الحديثة في سقي حقول القات، فسنتمكن من توفير 20 إلى 30 بالمائة من المياه سنوياً وهو ما يعادل حوالي 183 متراً مكعباً”. ووفقاً للصبري، تغطي زراعة القات في محافظة صنعاء وحدها حوالي 22 ألف هكتار، وتستهلك حوالي 160 متراً مكعباً سنوياً، “وإذا تم استعمال تقنيات الري الحديثة فسيصبح بالإمكان توفير 40 بالمائة من هذه المياه وهو ما يعادل كمية المياه المستعملة سنوياً من قبل سكان صنعاء جميعاً”. غير أن أشجار القات ما زالت تُسقى بالطريقة التقليدية، حيث يتم إغراق الحقول بالمياه “مما يتسبب في ضياع كميات كبيرة من المياه.. كما أن المزارعين يضطرون إلى سحب المياه من الآبار وتوصيلها للحقول عبر السواقي، وبذلك يضيع الكثير منها في الطريق.. ونادراً ما يستعمل المزارعون طرق الري الحديثة”. المصدر/ميدل ايست اونلاين