الخضرة تحاصرني من كل جانب..العنب .. التفاح .. الزبيب.. كبد الحوت كل هذا في جنتي لم اشعر بمدى مافيها من نعيم كانت جميلة فلم أشأ الخروج منها كيف للمرء أن يخرج من النعيم ؟.كنت في الشهر الرابع وأنا انعم بنعيم الجنة الأبدي بدأت معالم وجهي تظهر رأسي .يداي ..قدماي.. جسدي فكنت كلما جعت هززت الجذع لتسقط الرطب في فمي نعيم لا ينقطع وماء من عسل مصفى لذة للشاربين كانت تتحسسني تبتسم وهي تقول له: _ اشعر به انه كالكتلة المتكورة انه هنا في هذا الاتجاه تحسسني هو يقبلني اخجل من قبلته رغم الحواجز التي بيننا فجأة تغير نعيم جنتي كنت اسأل نفسي أي ذنب اقترفته لكي تتغير الخضرة في جنتي لم اعبث برزقي . كنت قد اكتملت ولم تستطع هي الحركة والجميع ينتظرون خروجي من جنتي إنهم حاقدون لما أنا فيه فأردت أن أرهقهم بخروجي ليس بهذه السهولة سأخرج لأن الخروج من الجنة يعني الشقاء تغيرت ملامح من كان يقبلني ويتحسسني من خلف الحاجز كان يأتي إليها الفينة والأخرى يسألها بكل اهتمام وقلق: _هل سيخرج أم لا ؟ تجيبه بألم: _هنا الألم اشعر وانه ...وانه.. الآن صرخة الم تطلقها كنت أتنازع معها أنا أريد البقاء في جنتي وهي تريد إخراجي منها مثلما فعل إبليس بآدم لم أكن أريد أن تتكرر حادثة آدم مرة أخرى في التاريخ إن عاد يقتل أجياله الواحد تلو الآخر وفجأة شعرت وأنني سأخرج غلبتني تلك المرأة العجوز كانت تملك خبرة في عملية الخروج من الجنات فكم أخرجت أناساً إنها تشبه شريكة إبليس الأفعى التي أدخلته الجنة عن طريق فمها وأخرجت أبوينا آدم وحواء حاولت توسيع الفتحة لتخرجني لم استطع مقاومة يدها بدأت استجيب فالفتحة تدفعني للخارج ولكنني رفضت الخروج غضبت مني كثيراً فحاولت أن أساومها بخروجي مثل الجني المارد حين يحتل جسد احد الإنس فيقوم بالمساومة على خروجه فقمت بصفقة العمر معها مقابل خروجي ساومتها بأن يقبلوا بما سأكون ابتسمت وهي تقول: _ نقبل بكل شيء التفتت إليها وهي تتابع : _الآن هيا اصرخي بدأت اخرج يدي.. اندهشت حين ابتدأت باليد وليس الرأس حاولت أن تعيد معي الصفقة قلت لها: _ اقبلي بكل ما افعله فأنا سأخرج من الجنة فكيف تريدينني أن اخرج رأسي دعيني اخرج يدي أولاً أتحسس هواءكم وخضرتكم، شمسكم وقمركم فعالمكم حسبما سمعت عنه أن الوحوش منتشرة في كل مكان قاطعتني بصرخة شديدة وفجأة شعرت بجسدي في الخارج دفعتني دفعة واحدة كم كانت العملية شاقة شعرت بالألم اختنقت لم استطع أن ابكي تعجبت من سكوتي ظنت أنني مت تقدمت مني وراحت تصفعني بشدة فبكيت ألماً من صفعاتها لقد آلمتني تلك المرأة كثيراً وبينما أنا اصرخ في وجوههم: _ أعيدوني إلى جنتي أرجوكم .. أعيدوني أتوسل إليكم أعيدوني حملتني بعدما لفتني بخرقة بيضاء فسكتّ عن البكاء فجأة ورحت أحدق في وجوههم كانوا مبتسمين نعم مبتسمين في التاريخ وانا ابكي .. ابكي بشدة، فجأة شعرت بالخرقة تبتعد عن جسدي تغيرت ملامح وجهها: _ (بنت)!! تغيرت الوجوه كانت تتمدد هناك من صارعت الألم معي فاقدة للوعي عيناها متعبتان فعملية الانفصال مجهدة جداً لم تتم الصفقة بالشكل الذي خططت له لقد خدعوني قبل خروجي من جنتي قالت لي تلك المرأة العجوز إنهم سيرضون بما سأكون وهاهم يرفضونني بكل قسوة . استفاقت فجأة من غيبوبتها وهي تقول: _ (فاي) أسموها هذا الاسم (فاي) ابتسمت لها وأنا أحاول أن اعبر لها عن فرحي لاختيارها اسمي فهذا الاسم يعني خالياً وأنا خالية من كل شيء جميل ان تختار لي اسماً يناسبني . انفجرت باكية أردت أن اعبر لها عن فرحي إليها أشارت إلى المرأة العجوز أن تأتي بي إليها قبّلتني بحرارة وهي تقول بحب وحنان: _آه.. كم أنت جميلة يا صغيرتي شعرت بالحنان وهي تضع ثديها في فمي، كان حليبها يختلف عن حليب جنتي ولكنني رضيت به، أبعدت ثديها عن فمي وأنا أحاول أن اسألها فصرت باكية كانت تهدئني : _ لا لا يا حبيبتي هيا نامي ماذا حدث لك لقد كنت هادئة نامي نامي يا صغيرتي قلت لها : _ لم أر ذلك الذي كان يتحسسني ويقبلني كلما دخل عليك يسألك هل سأخرج أم لا؟ تجيبني بنظرة صامتة وهي تحاول تهدئني : _هكذا ولد عيسى دون أب فلترض أنت بقدرك واصمتي لا تتكلمين. هكذا كان أول درس من دروس الصمت يملى علي وتعلمت في أول يوم لي في عالمهم المليء بالأفاعي والوحوش وبقيت صامتة تعلمني أنظمتهم كيف اصمت وأنا في نشوة الحديث لم أتمرد من يومها لأني عقدت صفقة مع الصمت حتى لا أكون متمردة مادمت حية فسلام عليّ وعلى والدتي يوم نحشر مع العباد ونسأل يوم المحشر العظيم وارى من كان يقبلني وأنا في جنتي فهذا هو مولد الشقاء.