وانت في ثلا.. هذه المدينة ، يقف عليك الفكر في منتهى الحيرة والعجز عن وصف ما قد يقع عليه ناظراك ، وبالتالي القلم يعجز عن أن يسطر كلمات يصف بها جمال هذه المدينة التاريخي العريق. الماضي فيها حاضر. لوحة فنية متناهية في الروعة والجمال ، عجزت أمامها ريشة الفنان عن استنساخ شبيه لها ، لكن وبتواضع شديد من هذه المدينة اليمنية في محافظة عمران إحدى مديرياتها أبت إلا أن أتكلم هذه الكلمات ،كما تكلم أزقتها وشوارعها وانقط هذه الكلمات كما يلعب الأطفال في الشوارع متغنين بسحرها وبجمالها. زيارة واحدة.. لاتكفي وأنت تحث الخطى في طرقات المدينة وتجول داخل أزقتها الضيقة ، ستشعر كما لو كنت في إحدى مدن العصور الوسطى.. وستكتشف كيف أن هذا الثوب التاريخي العريق استحق الدفاع عنه من قبل أبنائها عبر العصور ، والاهتمام بها من قبل زائريها ممن كتبوا وسطروا لها بأقلامهم وفي كتب تروي العصور التي مرت بها إنها من الدرر الرائعة هو بالتالي حقاً قادر على المحافظة عليها والاعتزاز بها من قبل ابنائها والتمتع بوصفها من قبل زائريها. كيف لا وقد غدت اليوم مرشحة بقوة لضمها في قائمة التراث العالمي. واليوم «ثلا» هذه المدينة تقف فاتحة ثغرها للتاريخ والأصالة مفتوح أمام زائريها والوافدين إليها من شتى بلاد العالم.. في ثلا، يشكل فنها المعماري لوحات فنية قائمة بذاتها ، ضخامة في البناء ، ورشاقة في الزخرفة المعمارية والفنية ، وتصاميم لاتبلى. تتحدث عن الفنان التقليدي الذي أبدع وصمم بها صورة يعجز الفنان الجديد عن تقليده والبناء الذي شيد ونفذ هذا الجمال الأخاذ. ثلا.. هنا التاريخ يتكلم ثلا هنا التاريخ الإنساني بمعالمه ومآثره يتكلم.. الآثار فيها بقايا مع ماصنعه الناس وخلفه الاجداد هناك التي كانت تسلك لصنعها ، وهي تلك القرى الأثرية التي تسعفك لإعادة بناء تصور مفيد لوسائل العيش ولأنماط الحياة التي كان يحياها الاقدمون ، ولما كان علم الآثار هو علم الماضي فإنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم التاريخ الذي هو علم الماضي أيضاً ، غير أن علم الآثار يختلف عن علم التاريخ ، فالتاريخ يهتم ويعنى بدراسة الأحداث والوقائع ومن ثم تدوينها وبمحاولة ربط بعضها ببعض على سبيل استخلاص نتائج معينة منها ، أما علم الآثار فيعني بالحقائق المادية الملموسة التي صنعها وابتكرها الإنسان البدائي ثم يربطها بالتاريخ ، ومن تلك الحقائق بقايا جسم الإنسان وملابسه ومساكنه ومبانيه واسلحته وأدواته التي كان يستخدمها في حياته . وكل ذلك وغيره يعتبر مصدراً من مصادر التاريخ. مثل ذلك بقايا الإنسان العربي في جزيرته فهي أيضاً مصدر هام من مصادر تاريخه القديم ولكن الاستفادة من تلك المصادر لاتأتي إلا بالبحث ودراسة الماضي كالمباني القديمة من قصور ومعابد وسدود وطرقات ثم التنقيب عن تلك الآثار المطمورة من قبور ومسالك ونقوش عفى عليها الزمن وطمرتها الاتربة والرمال. ثلا وثلا بضم الثاء المثلثة وفتح اللام وبعدها الف وبعده همزة ، حسب مراجع تاريخية تشير بتفسيرها لهذا لاسم إلى أنه أحد أبناء الباخة بن اقبان الستة ومنهم يوعس وحصص وصبابه وصيعان وزغبات ونسب اقبان مخلاف اقبان ، واقبان مخلاف اقبان يسمى تارة مخلاف شبام وأخرى مخلاف حمير ، وقد اختط ثلا بن الباخة المدينة قبل أكثر من الفي عام ، وكانت تسمى قبل ذلك بقرية الطلح. وقد نسبت كثير من المدن والقرى اليمنية لأسماء حميرية وسبئية ،كما نسبت مدن أخرى إلى ماغلب عليها من الناحية الاقتصادية كصناعاتها تلك التي تميزت وأشتهرت بها مثل «مصانع حمير» ونسبت صنعاء إلى الصنعة، وأغلب تلك المدن والقرى وفق أهاليها المهتمين مازالت اسماؤها ثابته إلى الآن ، ومنها مدينة ثلا، التي يذكر في «الأكليل» أنها تنسب إلى ثلا بن الباخة بن اقبان بن حمير الاصغر زرعه بن سبأ الأصغر سهل بن كعب بن زيد بن سهيل بن عمر بن قيس بن معاوية بن حشم بن شمس بن وائل بن الغوت بن حيدان بن فطن بن غريب بن زهير بن ابيه ايمن ابن الخميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالج بن ارفحشد بن سام بن نوح بن الملك بن متو شلخ بن اخنوح بن اليادر بن مهلائيل بن فبنان بن انوس بن آدم. سور المدينة تتميز ثلا بأن لها سوراً مهيباً منيعاً حصيناً ، تمتد جذوره عبر التاريخ إلى العهد الحميري بحسب ماذكر في بعض المصادر المؤرخة التي وافانا بها محمد قيس أمين عام المجلس المحلي بالمديرية. ومن الواقع.. يلاحظ المشاهد أو الزائر ، ميزة السور ببنائه بالأحجار الكبيرة ويمتد هذا البناء حسب المصدر الذي يشير هو إلى عهد الإمام المطهر ، وقد استمر الترميم والتشذيب له منذ ذلك الوقت دون انقطاع. حصن الغراب الغراب وهو اسم لحصن ثلا ، وهو قلعه اثرية موغلة في القدم ، ويجسد ذلك أهمية مكانة ودور الإنسان حين ذاك ، عندما قهر الطبيعة وسخرها وجعلها طبيعة له. تشعر بتلك وأنت تقف على تلك المعالم الأثرية والتاريخية من بقايا القصور والبرك وابراج الحراسة واسوار التحصينات والمقابر الصخرية ومدافن الحبوب المنقورة في الصخور والأراضي الزراعية وبوابتي الحصن تلك. هذا الحصن وهو قلعة ثلا، يتربع عند قمة الجبل الذي تستلقي ثلا عند سفحه ، وعبر ثنايا نتوءاته الصخرية ، تلك ،حيث تزداد مناعة باتجاه القمة.. الارتفاع هنا يصل إلى 5102 قدماً عن مستوى سطح البحر حسب معلومات الأهالي التابعين وهم المهتمين. وعُرف عن ثلا أنها كانت واحدة من معاقل المواجهة ضد الوجود التركي باليمن في القرن الماضي.. أما معالم القلعة من الداخل والخارج والتحصينات فيها وحولها فإنها تفسر أنها كانت ملاذاً آمناً لكل هارب أو متحصن أو معارض أو داعية ، لأنها وهي قلعة حصن ثلا والمسمى ب«الغراب» كانت مقراً للعلماء والأئمة والدعاة والأمراء. حيث توجد بأعلى الحصن «القلعة» نقوش سبئية حميرية ، ومسجدان تولى بناء أحدهما الإمام عبدالله بن حمزة ، والآخر يوجد عرض الحصن بناه محسن الزلب. الجامع الكبير في ثلا جامع يعود تأسيسه إلى فترة مبكرة في بداية العصر الإسلامي ويصعب تحديد زمن فترة بنائه التاريخي ، بسبب التجديدات والتوسعات الجديدة في بنيته القديمة ، الأمر الذي لم يتعين لنا معرفة موقعه الأصلي ، فجدرانه ومنشآته الجديدة تكاد تظهر متداخلة ومختلطة مع بعضها والآن يقع على تل مرتفع في وسط المدينة ، والوصول إليه من خلال ممر أو مصعد ، واجهته الجنوبية تطل على فناء واسع مكشوف وغرب ايوان مستطيل الشكل. الجامع منقول من موقعه الأصلي التاريخي القديم ، لذا فإن الحديث عن التاريخ المجيد الذي يجسد ملامح الحياة القديمة والمتوسطة فهو بيت الله عز وجل. هذه هي ثلا أكثر مايمكن أن توصف به انها مدينة ساحرة بحضارتها التاريخية الحافلة ، معالم الماضي العريق الذي نعتز به، تقف اليوم بكل ثقة مدينة تاريخية طموحة تتطلع إلى ماهو أجمل وابعد . تتطلع نحو ذلك المستقبل الذي تنشده لتواصل كتابة هذا التاريخ تاريخها الذي لم يأفل ولم يتوقف بالنسبة لها. حديث الأرقام ويؤكد الأخ محمد أحمد علوان الفاطمي مدير المديريه أن ماتحقق للمديرية منذ عام 09م من إنجازات والإجمالي التمويلي العام لها بالقول: ماتحقق لمديرية ثلا من إنجازات لم يكن عددها رقماً وهمياً يذكر أو يشار إليها ولنجعل للأرقام حيزاً ، فما تم تحقيقه من مشاريع منجزة للمديرية لا سيما من بعد انشاء محافظة عمران عام 89م رقمها الاجمالي هو 2015 مشروع شمل مختلف القطاعات التنموية بتكلفة بلغت 309،879،869،5 ريالات. ويسرد الفاطمي موضحاً هذه المجالات وعدد الخدمات : ففي مجال المياه تم بناء 3 خزانات مياه وشبكة صرف صحي ومكائن ضخ مياه ، وفي مجال التعليم والتربية 43 مدرسة ومركزاً تعليمياً ، وفي مجال الاشغال العامة والطرق تم تنفيذ وإنجاز 8 مشاريع مابين زفلتة طرق وشوارع وانارة وشق طرق ، أما الصحة فهي بناء مستشفى ريفي و3 مراكز ووحدات صحية وخمسة مشاريع في مجال الاتصالات ومشروعين للشباب والرياضة و32 مشروعاً في مجال الزراعة والري ، و42 في الأوقاف والارشاد ومعهداً تقنياً حديثاً مع ملحقاته ، ومجمعاً حكومياً وملحقاته وسبعة مشاريع مختلفة في مجالات متنوعة.