يرى مراقبون للشأن اليمني ومن ورائهم شعبنا العريق ان يوم ال17 من يوليو 1978م الذي جاء بالرئيس الشاب علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم يوم استثنائي في التاريخ اليمني المعاصر، ويؤكد من عايش تلك المرحلة صعوبة الأوضاع في البلاد وتشبعها بنذر لو استمرت على حالها يومذاك للزجّ باليمن وشعبه في أتون حرب أهلية وتناحر داخلي كفيل بأن يأتي على الأخضر واليابس وعلى كافة الصعد، والتاريخ لن يغفل أن يسطر في صفحاته الناصعة إقدام هذا الرجل واستبساله في انتشال البلاد من وضعها الخطير الذي آلت إليه والذي كان مفتوحاً على كل الاحتمالات ومن ثم المساهمة مع كل الشرفاء في الانتقال بالوطن إلى مرحلة وعهد جديد يسوده الأمن والأمان والاستقرار والنمو والتطور.. وبمناسبة الذكرى ال30 لتولي فخامة الأخ علي عبدالله صالح مقاليد الحكم الديمقراطي بادرت جامعة ذمار كعادتها وضمن برنامجها الثقافي السنوي إلى عقد ندوة وطنية توثيقية بعنوان «وعد وأوفى.. فبادلناه الوفاء» أحياها كوكبة من الأكاديميين والمثقفين والساسة من اليمنيين والعرب من خلال مشاركتهم القيمة بأوراق عمل تطرقت إلى أهم المحطات والمواقف النضالية التي خاضها هذا الرجل العظيم والذي يدين له الشعب اليمني كافة بما ينعم به في الوقت الحاضر من أمن وتطور وازدهار. 17 يوليو.. نقطة تحول هامة وفي افتتاح فعاليات الندوة أشار الأخ يحيى علي العمري، محافظ المحافظة، رئيس المجلس المحلي إلى ما يمثله يوم ال17 من يوليو من نقطة فارقة ومضيئة في تاريخ بناء الدولة اليمنية الحديثة بعد أن كان الوطن يومذاك على شفا الانهيار والتمزق التام والتي تلاشت رويداً رويداً بفضل الله وحنكة وقيادة فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية الذي جسد أسمى معاني التضحية وتحققت في عهده الميمون الانجازات العظيمة التي كانت مجرد أحلام تراود الشعب اليمني، فحولها هذا الرجل إلى حقائق ملموسة. وقال المحافظ: نحن مدينون لهذا القائد الذي أصبح لليمن بعد طول غياب الصوت المسموع والحضور الفاعل، كما أن إعادة ترتيبه للبيت اليمني وصموده في وجه التحديات والمؤامرات في حرب صيف 1994م من خلال رفع شعار «الوحدة أو الموت» بالغ الأثر في الوصول باليمن ووحدته إلى بر الأمان.. مشيراً إلى أن حنكته الفذة في انتهاج مبدأ الحوار لحل القضايا داخلياً وخارجياً قد مكن له الفصل في أكثر القضايا حساسية مثل أزمة جزر حنيش ورسم الحدود مع دول الجوار بالطرق السلمية والعفو عن المغرر بهم المشاركين في حرب 94م أو أولئك المتورطين في التمرد الحوثي بصعدة.. منوهاً إلى الدور الذي لعبه وبكفاءة واقتدار في تعزيز القضايا العربية والقومية ورأب صدع الصف الفلسطيني. إبراز أمين لمحطات الرئيس بدوره أكد الدكتور أحمد محمد الحضراني، رئيس جامعة ذمار ما شكله تولي فخامة الأخ الرئيس لمقاليد الحكم في البلاد في ال 17 من يوليو الذي يعتبر بداية مبشرة للعهد الذهبي الذي تحقق للوطن خلاله الكثير من الإنجازات في المجالات التنموية المختلفة. وقال الحضراني: إن هذه الندوة نوع بسيط من الاعتراف بالجميل وإبراز أمين وموضوعي للمحطات الهامة في عهد الرئيس الصالح الذي نقل اليمن إلى آفاق أوسع من التطور والرقي، منوهاً إلى التطور الكبير الذي تحقق في مجال التعليم العالي والبحث العلمي وأهمية إدخال الجامعات الأهلية كمساهم في التسريع بعجلة التنمية. بعد ذلك بدأت فعاليات الندوة التي أثريت بأوراق عمل قيّمة توخى من خلالها أصحابها إبراز أهم المعالم في عهد الرئيس علي عبدالله صالح. رعاية الحوار الفكري والوسطية البداية كانت من نصيب القاضي حمود الهتار، وزير الأوقاف والإرشاد الذي تحدث في ورقته الموسومة بعنوان «دور الرئيس علي عبدالله صالح في رعاية الحوار الفكري والوسطية وتجسيد التسامح الإسلامي» قائلاً: كان بإمكان الرئيس أن يصل إلى رئاسة الجمهورية عن طريق القيادة العامة للقوات المسلحة كما فعل كثيرون غيره؛ لكنه أبى الوصول إلا عن طريق مجلس الشعب التأسيسي وصندوق الاقتراع، ولا يخفى على أحد أن الرئيس تولى زمام الحكم في ظل وضع مأزوم، وبعد أشهر قلائل بدأ يفكر في الحوار في وقت كانت المناطق تشتعل، فشكل لجنة للحوار مكونة من خمسين عضواً والتي تداولت الآراء وعملت على إعداد رؤية وطنية وإسلامية وقومية ودولية اجتمع عليها اليمانيون وشكلت أساساً للوحدة الوطنية تمثلت في الميثاق الوطني الذي يعتبر أهم نظرية على الساحة الوطنية، وهو المشروع الذي طرح على الشعب عن طريق استبيان عام مكن اللجنة من جمع الملاحظات وإقراره بعد ذلك بصيغته النهائية والذي مهد لميلاد المؤتمر الشعبي العام الذي شكل مظلة لكل الأحزاب والتنظيمات السياسية. ويضيف الهتار: أما اللجنة الثانية فقد شكلت عبر التوقيع على اتفاقية ال30 من نوفمبر التي تعتبر أروقة للوحدة اليمنية وتم تشكيلها من النظامين اللذين كانا قائمين والتي استطاعت تحقيق أهدافها وتقريب وجهات النظر بين الفريقين والتي مهدت لعملية دمج النظامين. أما اللجنة الثالثة والتي شكلها الرئيس للحيلولة دون الوقوع في حرب الردة والانفصال ولكن قدر الله وما شاء فعل. واللجنة الرابعة كانت في نهاية 2002م وكان الهدف هو الحوار مع الشباب العائدين من افغانستان وغيرهم ممن لديهم قناعات فكرية متطرفة وحققت نجاحات، أما ما يخص حركة التمرد الحوثية فالحركة ليست فكرية بل صراعاً بين ما هو ملكي وجمهوري ولا علاقة للحوثيين بالزيدية ولا بالهاشمية. الكلمة تطيح بلغة المدفع وفي الورق التي تقدم بها اللواء علي قاسم طالب، محافظ محافظة الضالع، رئيس المجلس المحلي والتي حملت عنوان «دور الرئيس في تعزيز الوحدة الوطنية» قال طالب: الحديث عن يوم ال17 من يوليو هو الحديث عن بداية ظهور الكلمة وإحلالها محل فوهات المدافع في أرض كانت مزروعة بالألغام بدلاً عن القمح. ويضيف: إن المألوف أن يبدأ الألف ميل بخطوة، ولكن أؤكد أن الوحدة التي أرسى دعائمها فخامة الأخ الرئيس بدأت بألف خطوة، ولا يتجرأ على القيام بهذا العمل سوى من كان لديهم عزيمة قوية لا تلين وصاحب عقل راجح ورؤية ثاقبة يستطيع أن يرى من خلالها نور المستقبل في أفق اليمن، وهذه الصفات جديرة بالزعيم علي عبدالله صالح حفظه الله كما يرويها لنا التاريخ في الواقع العملي. وأعلن محافظ الضالع أن أبناء الضالع متمسكون بهذا اليوم التاريخي العظيم وهم على استعداد للدفاع عن الوحدة اليمنية ضد المؤامرات والمكايدات الداخلية والخارجية، ودعا أبناء الوطن الواحد إلى ثلاثة أمور أولها: دعم الاختلاف الذي يدعو إلى وحدة الوطن، ثانيها: محاربة الاختلاف الذي يهدف إلى تمزيق الوطن، ثالثها: دعم اليد التي تبني وإيقاف اليد التي تهدم. التغيير في المحافظات الشرقية والجنوبية أما ورقة الدكتور/أحمد عبده صالح، نائب رئيس جامعة ذمار فقد تطرقت إلى الإنجازات التي تحققت في المحافظات الجنوبية والشرقية بعد الوحدة، حيث أوضحت أن متوسط عدد منشآت رياض الأطفال في الجمهورية اليمنية 617 منشأة منها 276 في المحافظات الجنوبية والشرقية السبع وتشكل 44% من أصل المحافظات، على سبيل المثال في حضرموت ما يزيد عن 200 منشأة، أما المباني المدرسية فمتوسط عدد المباني «12892» للفترة من 2002 -2004م، منها 2295 مبنى في المحافظات الجنوبية والشرقية، فمثلاً تم إنشاء 6 مبانٍ عام 2003م فقط بمعنى أن متوسط ما تم إنجازه بعد الوحدة 1292 مبنى مدرسياً، وتشكل ما نسبته 56% من إجمالي المباني، وأما المعاهد المتخصصة الحكومية والتقنية «دون التعليم الفني والمهني» حتى نهاية 2003م فعددها الإجمالي 6 معاهد تقنية تخصصية عليا فيها «5» معاهد في محافظة عدن فقط، أما معاهد ومراكز التدريب المهني والتعليم الفني حتى نهاية 2003م فتقول الورقة بأن عددها حتى نهاية 2003م 19 معهداً مهنياً وفنياً منها 10 معاهد في هذه المحافظات موزعة على النحو التالي «3» في محافظة عدن «3» في محافظة أبين» «2» في محافظة حضرموت «2» في محافظة لحج.. وعن الدور المحوري للرئيس علي عبدالله صالح في تحقيق الوحدة اليمنية وإنجازاتها التي تحدثت عنها ورقة المفكر العربي الدكتور صادق الحلو بالقول: ان الوحدة التي آمن بها الرئيس كما آمن بها شعبه تحققت على مرحلتين؛ مرحلة ما قبل قيام الوحدة وتمثلت في المحطات الفاصلة في عقد السبعينيات لإعادة توحيد اليمن بتبلور مشروع وحدوي طموح بعد الصدامات المسلحة في عامي 1972م - 1979م، ولكن الوضع اختلف منذ تولي الرئيس، حيث ينقل عنه الباحث الفرنسي شارل سان برو قوله: إعادة توحيد اليمن هو الهدف الأساسي والجوهري لعملي السياسي منذ وصولي إلى السلطة..أما المرحلة الثانية فهي تحرك الرئيس علي عبدالله صالح من صنعاء إلى عدن بعد آخر قمة عقدت قبل اعلان الوحدة في تعز 10- 13 مايو 90م، وبعد أن أحس بوجود فرط عقد اجتماع مجلس الشورى في الشطر الشمالي وفي الشطر الجنوبي كل على حدة للمصادقة على دستور الجمهورية اليمنية. مقارنات بين الزعامات الدكتور عادل محيي الدين الألوسي رأى في ورقته التي حملت "مقارنات بين زعامات الوحدة اليمنية" أن يقارن نهج الرئيس وتسامحه بعهد ملك من ملوك اليمن هو "شمريهرعش" الذي ملك الدنيا وذاع صيته في الآفاق ووحد اليمن ودانت له الشرق والغرب الذي هزمت جيوشه جيوش الفرس بقيادة قائدهم الذي لجأ إلى الخيانة ولقي حتفه لكن "شمريهرش" عفا عن ابنه بلاص بن قياه وولاه على الفرس مما أدى إلى انضمام الشعب الفارسي طواعية إلى حكمه، كما فتح الصين وهزم ملك جيش الهند الذي اتبع الخديعة أيضاً لكنه تسامح معه بعد أن أثبت إخلاصه وولاه على الهند، كما تذكر الورقة أنه في العهد الوسيط وفي عهد الملك علي محمد الصليحي 448 انحازت بعض همدان إلى الشريف القاسم بن الإمام المنصور في قرية هرابة وحاصرهم الملك 70 يوماً اضطر الشريف بعدها إلى أن يسلم نفسه وإكرمه بعد تضحيات جسيمة من أهل القرية، فأكرمهم وقال قولته المشهورة: "لو أن لي جنوداً من أهل هرابة لغزوت العراق والشام" ثم استشهد ببعض الوقائع والعفو الذي اتسم به كبار زعماء اليمن عبر التاريخ ليسقط بذلك إلى ميراث التسامح الذي تحلى به عصر الرئيس الصالح كرجل وابن بار من أبناء هؤلاء الملوك العظما