الديوان الملكي السعودي يعلن موعد ومكان الصلاة على الأمير الشاعر "بدر بن عبدالمحسن"    أنشيلوتي ... سنحقق لقب الليغا عن جدارة    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    معاداة للإنسانية !    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    من يسمع ليس كمن يرى مميز    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    الحرب القادمة في اليمن    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    4 مايو نقطة تحول في مسار القضية الجنوبية!    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون زيارة وألف حكاية ورواية الحلق34
اليمن واهل اليمن
نشر في الجمهورية يوم 24 - 07 - 2008

لم يكن للانفصاليين قضية سوى تحقيق اطماعهم الانتهازية حتى لو تمزق اليمن إرباً
الرئيس يكشف اسرار المؤامرة الانفصالية
ما ان جلست للحوار مع الفريق علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمنية والقائد الاعلى للقوات المسلحة في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء منتصف شهر اكتوبر 1994 حتى بادرني قائلا : “طبيعي ان يكون سؤالك الاول عن أسباب ودوافع الازمة السياسية التي عاشها اليمن واكتوى بنارها ودماره وضحاياه ، اذن دعني اقول لك الان ان تصورنا مخطئين.. انه آن الاوان اخيرا لعلاج واصلاح احوال اليمن ونهاية مآسيه وأحزانه يوم 22 مايو 1990 المجيد حين استعاد الشعب وحدته بعد قرون سوداء عاني خلالها محنة التشطير والتجزئة ، لكن الذي حدث ولم يكن ابدا في الحسبان ان تندلع الفتنة من قبل العناصر الانفصالية في الحزب الاشتراكي الذي قبل بالوحدة وشارك في صفها وسار شوطا في تفعليها لكأنهم كانوا يضمرون التآمر على الوحدة وعلى الوطن وعلى الشعب ، رغم ان الوحدة جاءت عبر الحوار السلمي الديمقراطي وجرى الاستفتاء الشعبي على دستورها كما تمت في ظلها الانتخابات النيابية التشريعية بطريقة حرة ومباشرة !
عندئذ ادركت لماذا كان ولوج الرئيس مباشرة الى الحوار، حيث وقته مشغول في ترتيب اوضاع ما بعد انتصار الوحدة ، عبر التعديلات الدستورية التي صححت مضامين الدستور الذي جاء توفيقيا عام 1981 وعدلت شكل رئاسة الدولة .. وجاءت به رئيسا للجمهورية بعد انهاء صلاحيات مجلس الرئاسة التي كانت مثارا للنزاع على سلطة السيادة واختلاف القرار السياسي .. وتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة بين حزب المؤتمر والاصلاح واستبعاد الحزب الاشتراكي من قسمة السلطة .
قلت متى كانت القشة التي قسمت ظهر البعير ايذانا باندلاع الحرب ؟
الرئيس : في “دوفس” بمحافظة ابين عندما فجر الحزب الاشتراكي عشية التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في عمان الموقف عبر التآمر عسكريا ضد قوات العمالقة التي ارسلت بعد الوحدة الى محافظة ابين حيث ارسل وحدات عسكرية تابعة له من محافظة حضر موت ووحدات اخرى من محافظة عدن لمحاصرة لواء العمالقة وتدميره تلى ذلك تصعيد الموقف عسكريا في منطقة عمران حيث كان هناك اللواء الثالث مدرع وكان يخضع للحزب الاشتراكي وكان متواجدا مع اللواء الاول مدرع ويضمهما معسكر واحد حيث قام اللواء الثالث بالاعتداء على افراد اللواء الاول في الوقت الذي كان افراده يتناولون طعام الغذاء وفي ظل وجود لجنة عسكرية مشتركة شارك فيها الملحقان العسكريان الامريكي والفرنسي للتخفيف من التوترات التي حدثت عقب الاعتداء على العمالقة في ابين .. فكانت كارثة الصدام المروع الذي ادى الى تدميراللواءين ، وعلى الفور اعلنا ان المصاب مصاب اليمن كله واعتبرنا كل من استشهد شهداء اليمن والوحدة .. ونقلنا المصابين الى المستشفيات ومن كانت حالته خطيرة ارسلناه للعلاج في الخارج .. وبالنسبة لمن تبقى حيا من قوة اللواء الثالث مدرع منحناهم تعويضات كافية واعدنا تسليحهم ومنحناهم اجازة محددة يعودون بعدها الى وحداتهم.. وهكذا فوتنا على الحزب الاشتراكي الفرصة لتفجير الصراع عسكريا على نطاق اوسع ، لكن الحزب عاد يحرض قواته في معسكر “باصهيب” في منطقة ذمار على الانتشار خارج المعسكر ثم توجيه نيرانها فجأة على كتيبة الحرس الجمهوري .. وعلى المقرات الحكومية والمواطنين وتدمير محطة الكهرباء الرئيسية .. وبعدها صدرت الاوامر منا الى الحرس الجمهوري بعدم الرد بالمثل .. لكن بعد مضي اقل من ساعة كانت قوى اخرى من الامن المركزي تتعرض للابادة في عدن اثر قصفها بالمدرعات والمدفعية .. وكذلك قوات اللواء الثاني مدرع في لحج .. هكذا اشعلت قيادة الحزب الاشتراكي الانفصالية الحرب واستمرت منذ يوم 4 مايو 1994 حتى تحقق الانتصار على الانفصاليين يوم 7 يوليو .
حساب الوطنية اليمنية
قلت : لماذا في تقديركم اخطأت توقعات معظم المحللين العسكرين التي غلبت في البداية انتصار القوات الانفصالية ؟
الرئيس : لأنهم حسبوها بأرقام التمويل والتسليح الضخم الذي يحصل عليه الانفصاليون فقط ، ولم يحسبوا حساب الوطنية اليمنية بينما كانت حسابتنا مبنية على ارادة الشعب ومبادرته التلقائية لصيانة الوحدة وتمسكه بحبل الله الذي لا فرقة بعده ابدا ، وبينما كانت القضية التي ندافع عنها وطنية وقومية وشريفة في اسلوبها وغاياتها ، لم يكن للانفصاليين قضية سوى تحقيق اطماعهم الانتهازية حتى لو تمزق اليمن اربا ، الى حد توجيه صواريخهم “الاسكود” لقتل الابرياء من المواطنين وتخريب البيوت والمنشآت داخل المدن في اطار ما يسمى بمشروعهم الحضاري الذي تشدقوا به كثيرا كمنطق للنهوض باليمن ، وبينما كانت ميزانية الدولة تئن تحت وطأة الديون الخارجية وانقطاع المعونات الدولية والعربية ناهيك عن البطالة ، هب الشعب اليمني عن بكرة ابيه يدافع عن الوحدة ويسد العجز في تمويل الانفاق على المجهود الحربي عبر تقديم كل ما يمكن من وسائل النقل والاغاثة والامداد لقوات الوحدة والشرعية والانخراط للقتال في صفوفها وتشكيل احتياطي عسكري كثيف وبأكثر مما كنا نحتاجه ، فضلا عن حراسة خطوط الامدادات لآلاف الكيلو مترات ، وكل ذلك غاب عن تحليلات الخبراء العسكريين وعن الكتاب والمحللين السياسيين الذين لم يدركوا مفردات الشخصية اليمنية !
قلت لماذا اذن طالت مدة الحرب ؟
الرئيس : اخترنا منذ البداية تحقيق النصر وفق اسلوب “مرحلي” بديلا عن “الضربة القاضية” لعدة اعتبارات اهمها تقليص الخسائر وتجنب الدمار الى اقصى حد ممكن بالاضافة الى اتاحة الفرصة لكشف الانفصاليين على حقيقتهم حتى يفصحوا عن نواياهم الخيانية المبيتة، ولم تتأخر حساباتنا كثيرا حيث اعلنوا بيانهم الانفصالي ، وتكشف للعالم الكم الذي تدفق عليهم من الاموال والاسلحة من الخارج والتعاقد على صفقة طائرات الميج 29 والمدافع ذاتية الحركة الحديثة والقواعد الصاروخية المتطورة وغيرها بهدف تدمير قوات الوحدة والشرعية.. وضرب المنشآت الاقتصادية الحيوية مثل محطات الكهرباء والنفط والمستشفيات وغيرها بواسطة طيارين وخبراء اجانب تم استئجارهم كمرتزقة ، وحتى الان نجحنا في رصد جملة المبالغ التي تسلمها الانفصاليون “نقدا” من الخارج ، بينما لا يزال الكثير من الاسرار نواصل البحث في كشفها !
قلت : سيادة الرئيس : بعض من الحقائق حول التمويل الخارجي ؟
الرئيس : نحمد الله اننا انتصرنا بقوانا الذاتية ، فلا أحد ساعدنا بريال واحد او دولار ولا بقطعة سلاح او طلقة بندقية او مدفع او صاروخ ، وما يجعلنا نحمد الله اكثر عليه ونفتخر به ذلك التلاحم الشعبي الرائع والاصطفاف الوطني الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ اليمني.. فعلى مدى ايام الحرب تقلصت الجريمة تباعا حتى اختفت .. اما في جانب الانفصاليين فلم يخف عن العالم واعلامه مصادر السلاح الحديث الذي ظل يتدفق على ميناءي ومطاري عدن والمكلا وغيرها من المنافذ الجوية والارضية ، اما عن نفقات تمويل الانفاق العسكري والاعلامي فقد تمثلت الدفعة الاولى لكسب نتائج الانتخابات النيابية بنحو 170 مليون دولار، اثر التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق ، وخلال الازمة والحرب تتابع التمويل بمبالغ كبيرة تصل الى المليارات وكانت آخر دفعة يوم 21 مايو 1994 أي يوم اعلان بيان الانفصال ناهيك عن دعم ومساعدات خارجية اخرى ، اعذرني ان تحفظت عن الاسماء لعل وعسى ننجح في رأب الصدع الذي تخلف عن المأساة
شركة كنديان اكس
قلت : ما مدى صحة مشاركة شركة كنديان اكس التي تمارس نشاطاتها البترولية باليمن في تمويل الانفصاليين بمبلغ 370 مليون دولار ؟
الرئيس : الشركة قالت انه لا علم لها بذلك .. ولكن اتضح ان وزير النفط السابق من الحزب الاشتراكي بن حسينون وبعض القيادات المنفذة في الاشتراكي رفعت التكلفة المقدرة لمد خطوط انابيب البترول من حقول المسيلة حتى ميناء التصدير الى اكثر من 370 مليون دولار ثم ارتفع المبلغ الى اكثر من الضعف ولجأوا الى اساليب ملتوية لتمرير هذا المبلغ الذي نهب لصالح تلك المجموعة وربما لتمويل المؤامرة الانفصالية وما زال التحقيق جارا في هذا الموضوع .. علما بان الحزب الاشتراكي لم يصرف على المؤامرة الا اقل القليل من المليارات التي تقاضاها من الخارج .. ونحن نطالب الان بعض الدول التي تعاقدوا معها على شراء سلاح باسم الجمهورية اليمنية بتسليم ما تبقى وما لم يسلم من تلك الصفقات للدولة ، ومن الغريب ان القيادات المتنفذة في الحزب الاشتراكي اخفت فور اعلان الوحدة مبلغ 280 مليون دولار كانت في البنك المركزي بعدن ، ولكن هل تساوي اموال الدنيا الفرار من الوطن والتآمر على وحدته وامنه ومصيره ؟
وقلت للرئيس علي عبد الله صالح لاشك ان وثيقة العهد والاتفاق كانت تتعلق بمعالجة اخطاء متبادلة فما هو مصيرها الان ؟
الرئيس : الوثيقة انتهت كمسمى بعد اشعالهم الفتنة وتفجيرهم الحرب ، اذ كان قبولها من جانبنا وتوقيعها مجرد ابتزاز قبلناه عن رضى صيانة للوحدة وتجنبا لما حدث ، لكن هناك بنود في الاتفاقية نحن عازمون على تنفيذها من خلال المؤسسات الدستورية بما يلبي طموحات الشعب ورغباته من بدون أي اعتبار للبنود الخارجة عن الشرعية والدستور ؟
عندئذ دخل احد رجال الرئيس ينبهه الى اقتراب موعد الاحتفال بتكريم اسر شهداء الشعب وقواته المسلحة والامن لكن الرئيس قال : لدينا فرصة اخرى لاستئناف الحديث.. ونهضت شاكرا الى لقاء اخر .. وانتظرت اياما حتى ظهر الرئيس فجأة في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت وعبر شاشة التليفزيون كانت الجماهير تستقبله بالحفاوة والاحتفالات الحماسية .. وادركت ان الامل في مواصلة الحوار معه كاد يتلاشى .. وان المكلا ليست سوى خطوة ونقطة انطلاق في زيارة الرئيس ربوع المحافظات الشرقية الجنوبية والاطلاع على احوالها والتعرف على الخراب والدمار الذي خلفته الحرب .. واحياء الامل في التحرر والبناء والنهوض من كبواته .
استدعاني الى المكلا
وكما علمت فإن الرئيس اشار الى سكرتيره الصحفي الاستاذ عبده برجي سرعة استدعائي من صنعاء..ووصلت الى المكلا في الطائرة العسكرية التي حملت محمد سالم باسندوة وزير الاعلام الجديد لحلف اليمين الدستورية .. وهناك عرفنا ان موكب الرئيس تحرك الى مدينة”سيئون” .. ومن جديد ركبنا الطائرة الى هناك .. ومنها ركبنا طائرة عسكرية لمرافقة الرئيس في زيارة منطقة “العبر” الحدودية ومحافظة المهرة المتاخمة لسلطنة عمان.. وفي القرية السياحية المطلة على المحيط الهندي عاد الرئيس للاقامة في المكلا حيث استدعاني في العاشرة مساء لاستكمال الحوار الذي بدأناه في صنعاء .
وقال الرئيس : لعلك شاهدت في جولاتنا بمحافظة حضرموت .. كم الاهمال والتسيب الذي تخلف عن هيمنة الحزب الاشتراكي على ما كان يسمى بالشطر الجنوبي على مدى 27 عاماً وكيف استمر الحال الى ما هو اسوأ بعد الوحدة ، مشاكل بسيطة مثل رصف طريق او شبكات الكهرباء والماء ناهيك عن سلب ممتلكات الناس واراضيهم وتوزيعها على اعضاء الحزب الاشتراكي ومحاسيبه ، وذلك الارهاب والقهر الذي كان سيفا مسلطا على الشعب ، واظنك سمعت في لقاءاتي مع مشايخ القبائل ومختلف الفئات والمثقفين والبسطاء عن 800 مواطن تعرضوا للقتل والسحر والاختطاف .. بينهم 80 من الضحايا علماء ومثقفين في حضرموت وحدها..وكلهم معروفون بالاسم .. رغم ان حضرموت مسقط رأس معظم الزعامات الانفصالية للاشتراكي مثل البيض والعطاس وبن حسينون .
قلت : الامر اذن يحتاج الى ثورة سياسية وتنموية جديدة ؟
الرئيس : نعم نحتاج الى حلول غير تقليدية لمشكلاتنا الموروثة من عهود الامام والاستعمار والتشطير ، وفي ظل الاستقرار وتوحد الارادة السياسية لا مفر من العمل الجاد والمثابر لرفع المعاناة عن كاهل الجماهير ، بداية بالقضاء على الفساد وتطبيق القانون ومتابعة كل الذين اثروا على حساب الشعب بالحرام وكل من تآمر على الوطن وتعامل مع الخارج لوأد مسيرته الوحدوية !
وقلت : سيادة الرئيس .. الا تخشي على الوحدة ؟
الرئيس : مهما تآمروا .. شكلا وموضوعا ومهما كانت الياتهم ودعمهم واساليبهم للتآمر ضد الوحدة .. فسوف يفشلون لا محالة .. وسوف يواجههم الشعب وقواته المسلحة والامن .. بعدما تكشفت المخططات التآمرية للانفصاليين ، وها نحن الان في حضرموت التي بيتوا لتحويلها الى دويلة اذا ما فشلت المؤامرة للعودة باليمن الى ما قبل ال 22 من مايو1990
الوحدة أم احتلال عدن
قلت : من الناحية الامنية بعد فترة الحرب يبدو انه لا مفر من استبعاد بعض الشخصيات في الحزب الاشتراكي من الحكام والولاة لكن هذه المسألة يمكن استغلالها استغلالا سيئا وتعج الصحف الخارجية الموالية للانفصاليين بالحديث عن تفتيش بيوتهم وكان احد الكتاب اليمنيين ممن كنت اثق في مصداقية رؤاهم السياسية ووطنيتهم وايمانهم بالوحدة اعتبر ما حدث احتلالا لعدن ؟
الرئيس : عندما يقول لك احدهم ان هناك احتلالا لعدن ، فقل له اذا كان هذا مفهومك وانت من غير مواليد صنعاء فأنت محتل لصنعاء لانك من مواليد منطقة اخرى فكيف تفسر وجودك في صنعاء اذا ، هل المواطن يوسف الشريف لكونه من مواليد صنعاء وموظفا في عدن ومقيما فيها يكون محتلا .. نحن شعب يمني واحد موحد منذ الازل من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب لا احد يمكن ان يكون محتلا في وطنه .
قلت : رغم ضرورات تأمين الوحدة كنت اتمنى ان تكون هناك عناصر في الجيش البوليسي متى يتحقق ذلك ؟
الرئيس : اولا ليس هناك ما يسمى بعناصر جنوبية او شمالية هناك عناصر يمنية من أية منطقة كانت .. ولمعلوماتك فإن الجيش الان سواء الموجود في عدن او بقية محافظات الجمهورية هو من كل انحاء اليمن وبشكل موحد حتى بعض العناصر العسكرية التي كانت موجودة فيما كان يسمى بالشطر الجنوبي سابقا واعلنت التمرد ووقفت مع الانفصاليين موجودة الان في صعدة وفي حجة والمهرة ولحج وكذلك العكس .. الجيش كله انخرط في اطار مؤسسة وطنية واحدة ، فأنت حينما ترى وحدات في حضر موت ، سوف تلاحظ انها مندمجة وتجسد الوحدة الوطنية ، الجيش الان اندمج واصبح من كل اليمن ، الادارة ايضا شكلت على اساس وطني ، فمثلا في حضرموت- وانت موجود فيها – ستلاحظ ان الادارة معظمها ان لم يكن كلها من ابناء المحافظة والقيادات العسكرية من ابناء المحافظة وبقية المحافظات ويمكن ان تقوم بتحقيق صحفي واستطلاع مع الوحدات العسكرية الموجودة واجهزة الامن .. من اين افرادها وقياداتها وضباطها وستجد كلها مختلطة وان الدمج تم بشكل جاد وعلي أسس وطنية !
قلت : لاحظت في حديثكم على المستوى الرسمي والشعبي انكم لم تذكروا الحزب الاشتراكي ولكن ذكرتم الانفصاليين هل لان الحزب الاشتراكي بعد اعادة تشكيل مؤسساته ومراجعة خطابه العام بريء من المؤامرة الانفصالية ؟
الرئيس : الانفصاليون لم يكونوا فقط من كانوا في الحزب الاشتراكي ، لان البعض من الحزب انجروا وراء الانفصاليين من خارج الحزب الاشتراكي مثل الجفري وهناك من ساند الانفصاليين ووقف مع الانفصال ولم يكونوا من الحزب الاشتراكي .
قلت : ما هي الاخطار التي تتوقعها .. الثورة مستمرة والوحدة مستمرة وانتم موجودين كيف تتوقعون شكل التآمر ؟
الرئيس : لن يكون التآمر الذي سيأتي اكثر مما حدث ، الان التآمر اقتصادي ، تآمر على معيشة المواطنين ، لكن المواطن يعرف كيف يفشل كل المؤامرات ، وهذا ليس شيئا جديدا علينا ، ونحن منذ 32 سنة نواجه التحديات .. وباستطاعة ارادة شعبنا ان تفشل كل المؤامرات.. كما افشلتها في الماضي .
قيادة الحزب الاشتراكي الجديدة
قلت : هل هناك حاجة لاشتراك الشعب في تحمل نصيبه من المسئولية الامنية خاصة وان ما شاهدته امس خلال جولاتك في منطقة وادي حضرموت ومحافظة شبوة يؤكد على ضعف الآليات الامنية ؟
الرئيس : الامن موجود ومستقر ، فمثلا حضرموت فيها حوالي ثلاثة الاف من رجال الامن الذين كانوا تحت سيطرة الانفصاليين ولا يزالون يستلمون رواتب .. لكن اداءهم الامني ضعيف بالنسبة لمعظمهم ، نحن ابقينا على رواتبهم فيما اصدرنا تعليمات لاعادة تدريبهم وتأهليهم فإذا لم يحسنوا الاداء ويثبتوا الولاء للوحدة فيتم تغييرهم بآخرين من ابناء المنطقة؟
قلت : التقيت بعلي صالح عباد الامين المؤقت للحزب الاشتراكي وقال لي انه ما زالت عملية التفتيش العشوائي مستمرة لبعض اعضاء الحزب ، الى حد موت اثنين من رجال الامن خلال تفتيش بيت احد عناصر الحزب في عدن وبالمناسبة ما هو عدد المعتقلين السياسيين ؟
الرئيس : لا يوجد أي معتقل سياسي ولكن الحزب الاشتراكي كحزب مني بهزيمة سياسية فمن الطبيعي ان لا يتقبلها بسهولة ولذلك يرفع شعار انه مطارد وان هناك اعتقالات حتى يبدو في صورة الضحية لا الجاني ، وأؤكد لك كمسئول اول انه لا يوجد أي معتقل سياسي ومعروف دائما ان قيادة الحزب الاشتراكي الانفصالية – وليس على صالح عباد – كان نهجها واسلوبها دائما انه في حالة اذا ما سجن شخص على قضية جنائية يقولون هذا من حزبنا وانه معتقل سياسي والحزب الاشتراكي يدفع بخلاياه التنظيمية الى السجون لتبحث عن المجرمين والجنائيين المودعين في السجون لارتكابهم جرائم ويدعي انه من اعضائه وانهم معتقلون سياسيون ، وهذه ما زالت من آثار وممارسات الماضي بهدف الاثارة والضجيج لغرض في نفس يعقوب ، وربما غاب عن اذهان البعض ان هذه الممارسات اصبحت مكشوفة وقد عرفها شعبنا واتضحت له اهدافها ومراميها السيئة .
قلت : سيادة الرئيس ما مدى قناعتك بمصداقية القيادة الجديدة في الحزب الاشتراكي؟ وايمانها بالوحدة ؟
الرئيس : انا مقتنع بالقيادة الجديدة اذا بدأت تنهج نهجا وطنيا يتسم بالموضوعية ، والتحرر من ممارسات القيادات الانفصالية السابقة التي لم تجن من ورائها البلاد سوى الحرب والخراب !
قلت : الحزب فصل اربعة من قياداته الانفصالية بينما امر النائب العام بالقاء القبض على القائمة التي تضم ستة عشر شخصا وعلمت انك ناقشت القيادة الجديدة حول هذا الموضوع حيث تأجل البحث الى حين عقد الحزب لمؤتمره الرابع وعندئذ يتم عبر الحوار الديمقراطي بحث كل جوانب الازمة التي ادت الى الحرب فما هو وضع الذين عادوا الى الوطن من الخارج ؟
الرئيس : وصلت مجاميع كبيرة من الخارج بالفعل ، سواء ممن أيد او راهن على الانفصال او غرر بهم .. لكن القيادات والعناصر الانفصالية لن تعود ، والقيادة الانفصالية ليست 16 شخصا بل اكثر من ذلك ، نحن حددنا ذلك العدد كعمل سياسي على سبيل الحرص على الوحدة الوطنية لكنهم يعرفون انفسهم ، ونحن نرحب بعودتهم ونأمل ان يعلنوا نقدهم الذاتي لمواقفهم !
قلت : واذا رجع ال 16 ؟
الرئيس : سنحيلهم الى القضاء فإن برأهم فأهلا ومرحبا والا فسيتحملون مسئولية جريمتهم كل بحسب دوره وحجم مشاركته .
قلت : وتفتيش بيوت عناصر الحزب الاشتراكي ؟
الرئيس : من حقك كصحفي ان تذهب الى كل المحافظات لتسأل عامة الناس وكل الاحزاب عن هذا حتى تتأكد من الحقيقة ونشرها !
قلت : خروج الحزب الاشتراكي من توازنات السلطة جعله الان في المعارضة وان هذا التغيير الحق اضرارا بكوادره مثل وكلاء الوزارات ؟
الرئيس : الحزب الاشتراكي خرج من الائتلاف الحكومي .. اما الكوادر فبحكم وضعها قانون الخدمة المدنية ، لان الائتلاف قام على المناصب السياسية العليا كالوزراء ونواب الوزراء والمحافظين والوكلاء ، اما مدراء العموم ورؤساء المؤسسات فمن اثبت ولاءه للوطن واثبت كفاءته فلا غبار عليه .
قلت : الاختيار او التعيين للمجلس الاستشاري المزمع قيامه هل وفقا لمعيار سياسي ام معيار الخبرة ؟
الرئيس : سيكون المعيار هو الولاء للوطن والايمان بالوحدة والخبرة والكفاءة ، وسيراعى جانب تمثيل المحافظات وليس ضروريا ان يكون ذلك على اساس المعيار الحزبي..فاذا كانت هناك عناصر وطنية ذات كفاءة من الحزب الاشتراكي اثبتت ولاءها للشعب ووحدته وادانت الانفصال وحاكمت المنحرفين والخونة فالطريق امامها مفتوح للمشاركة !
قلت : لمن سلطة الانتقاء اعضاء المجلس الاستشاري وهل له علاقة بما يجب على الحكومة ان تقوم به ؟
الرئيس : الدستور يحدد ذلك ضمن الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية ، ولاشك ان المجلس الاستشاري سيساعد الحكومة بالرأي وقد وجهنا الحكومة الجديدة برئاسة الاخ عبد العزيز عبد الغني بتفعيل قانون الحكومة المحلي لتقليص المركزية الحادة ، واعلان الحرب على الفساد وكافة المظاهر الموروثة عن حكم الامامة وعهود الاستعمار والتشطير ورفع المعاناة المعيشية عن المواطنين وبالذات محدودي الدخل .. لقد كان لرئيس الوزراء الاشتراكي الخائن حيدر العطاس صلاحيات تفوق صلاحيات رئيس مجلس الرئاسة انذاك لكنه على مدى اربع سنوات لم يقم بمعالجة مشكلة او تنفيذ مشروع واحد عن عمد وسبق اصرار لتفشيل الوحدة وتكفير الجماهير بهذا الانجاز الوطني العظيم مقدمة لتهيئة اجوال الانفصال.. وحتى لا تدين الجماهير فترة الحكم الشمولي للحزب الاشتراكي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.