حصنٌ منيعٌ يقع في عزلة سير بمديرية بعدان على بعد حوالي 15 كيلومتراً من مدينة إب، ويرتفع 3200 متر عن سطح البحر.. قال عنه المؤرخ محمد بن علي الأكوع: هو من أمنع معاقل اليمن، وأصعبها مرتقى، وأبعدها صيتاً، و أنضرها منظراً، وأذكرها شهرة لكثرة ما يدور حوله من أحداث التاريخ لخطورته، وهو منتصب فرداً في سرة جبل بعدان كأنه خطيب قوم، التفت حوله القرى الزاهية التي لا حصر لها، والهضاب النضرة المكسوة بالأشجار والثمار اليانعة.. بكبره وعظمته يملي عليها واقع الدهر، وكان مقر القيل (يريم ذو رعين) الذي عثر على قبره هنالك عام الرمادة من الهجرة.. ومن حصن حب انطلق الملك المظفر الرسولي في القرن السابع الهجري للسيطرة على المناطق الجبلية بعد مقتل والده السلطان داؤود، وكان قد تسلّم الحصن في رجب من السنة 648 ه. وفي ذلك يقول الأديب جمال الدين محمد بن حمير: وسار إلى حبٍٍ وحبٌ يحبه وما حبُ يعصيه ولو شاء ما قدر حصون أتته وهي بالشرع إرثه وبالسيف ليس السيف إلا لمن قهر بدأ الاهتمام بالحصن في العام 2003م حين قرر المجلس المحلي بمحافظة إب إقامة مهرجان للترويج للمنتج السياحي بالمحافظة.. ولما لهذا الموقع من أهمية كبيرة فقد استضاف حصن حب أول المهرجانات السياحية في نفس السنة، ومنه تواصل الاهتمام به، فأوشكت الطريق الأسفلتية إليه أن تكتمل هذا العام، وهو ما يسر وصول الزوار إليه، وكان تعبيد هذه الطريق سبباً في ارتفاع عدد زوّاره خلال الشهرين الأخيرين، وقبل ذلك كانت لا تصل إلا السيارات ذات الدفع الرباعي (المرتفعة). أهميته: يُعدّ هذا الحصن من أهم الصروح التاريخية في العصر الإسلامي لما يتميز من تخطيط هندسي وعمارة عسكرية دفاعية، إلى جانب موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يُشرف على مساحة واسعة من الوديان والقرى المحيطة.. كما يعتبر رمزاً من رموز المقاومة الوطنية للغزو الأجنبي في تاريخ اليمن الحديث. مكوناته: يتكون الحصن من سور في الجهة الشرقية والجنوبية، أما الجهتان الشمالية والغربية فقد استخدمت فيهما الحافة الصخرية الشاهقة المنيعة تحصيناً طبيعياً اكتملت بها مناعة حصانة سور الحصن، الذي له بوابة واحدة فقط تؤدي بالزائر إلى فناء الحصن الذي يضم عدداً من المنشآت، منها المباني وخزانات المياه ومدافن الحبوب، بالإضافة إلى مسجد وحمام ومعصرة للزيوت. التسمية: وحسب بعض المراجع فإن موقعه يأتي في مصب طريق للقوافل، يقال إنها كانت تأتي محملة بالحبوب إلى الحصن، (وربما كان هذا سبب تسمية الحصن وفقاً لماذهبت إليه بعض المصادر).. وقد صُممت - قديماً - هذه الطريق بشكل هندسي رائع حتى يتم التغلب على الانحدار الشديد للجبل، وبما يمكّن الراحلة من الوصول بحمولتها بسلام إلى أعلى الحصن.. للتعرف على انطباعات زوّار هذا الحصن التاريخي التقينا عدداً منهم خلال جولة سياحية. مدينة ألعاب محمد القبيلي (طيّار) صنعاء.. الحصن يكتسب أهمية كبيرة من حيث الارتفاع الشاهق، لذا فإن مضاعفة الاهتمام به على صعيد الاستثمار السياحي ستؤدي ثماراً ونتائج كبيرة، إذ أتوقع أن يكون في المستقبل من أفضل المتنزهات، خاصة إذا ما توافرت حوله مدينة ألعاب ونقل كهربائي جوي كما هو الحال في (كينتينج هايلاند) بماليزيا مثلاً. لطف قطران (موظف) ذمار.. الموقع رائع وممتع، قضينا فيه مع الأولاد أجمل وقت، إلا أنه لابد من توافر بعض المتطلبات الهامة كالحراسة وإجراءات السلامة والحماية، وآلية للنظافة، ولامانع من فرض رسوم رمزية لصالح المرفق على الزوار. مروان الشميري - تعز، ومحمد حامد - يافع.. يصفان المكان بالجميل، وقال أحدهما: يكفيه أنه يطل على هذه المناظر الطبيعية والمدرجات الزراعية الخصبة والجميلة. محمد الفلاحي، محمد الطويل - (بعدان).. زارا الموقع سابقاً كثيراً بصفتهما من أبناء المنطقة، لكن - كما يقولان - كان الوصول إلى الحصن مهمة شاقة لعدم تعبيد الطريق حينها، أما اليوم فأصبح الوصول يسيراً، والتجول ممتعاً، مما ضاعف من أعداد الزائرين بشكل كبير، ونحن نرحب بهم. شرف الردادي (سعودي).. الحصن رائع جداً، إنه بإطلالته على هذه المتنزهات الخضراء يجعلك تشعر كأنك في جنة بالفعل.. وأضاف: أزور هذا الموقع للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، وأقترح توفير أشياء تمكن الزائر من البقاء بضع ساعات في الحصن مثل كافتريا واستراحات، ووسائل مواصلات جماعية من إب إلى الموقع، ولوحات إرشادية ومرشدين سياحيين. . معظم من التقيناهم يؤكدون حاجة الحصن إلى اهتمام واستثمار سياحي يوفر خدمات متعددة تزيد من المتعة التي يمنحها هذا الموقع للزوار، وهو ما يتطلب من الدولة مضاعفة الاهتمام باعتباره أحد الحصون التاريخية الهامة والسياحية الممتعة، لذا فهو في أمس الحاجة أيضاً إلى ترميم وإعادة تأهيل، خصوصاً أن هناك معالم اختفت - حسب المهندس حسن الحبيشي - ومعالم متهالكة، وأخرى تتساقط، وأخرى تتعرض للعبث.. لابد من تدخل مركزي، خاصة من السلطة المحلية لدى الصندوق الاجتماعي للتنمية من خلال وحدة حماية التراث لتبنّي المشروع. فريق هندسي من جانبه أوضح مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف في المحافظة فؤاد القشم، أن فريقاً من المهندسين والمختصين نزلوا من الوزارة في وقت سابق إلى الموقع لدراسة وضع الحصن والرفع الهندسي بحال المباني والمنشآت. منوهاً بأن الفريق أوشك على الانتهاء من الدراسة، ويتم حالياً البحث عن تمويل للتأهيل والترميم للحصن. مشروع الترميم فيما يقول أمين عام المجلس المحلي بمديرية بعدان محمد حسن الدعيس: إن الحصن حُظي باهتمام كبير من قيادة المحافظة التي عملت سابقاً على إيصال الطريق الإسفلتي إلى الحصن، كما تولي حالياً هذا الحصن أولوية، حيث صدرت توجيهات من المحافظ إلى المكاتب المختصة بالتواصل مع الوزارات المعنية والصناديق الممولة لسرعة إنجاز مشروع الترميم والصيانة وتأهيل هذا المرفق الحيوي الهام.