بدأت وزارة التربية التعليم مساعيها في تنشيط دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس لحل قضايا الطالبات الاجتماعية بما من شأنه الحد من تسرب الفتيات وجعل المدرسة بيئة صديقة للطالبات. ففي هذا الإطار نظمت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع البرنامج اليمني الألماني لتحسين التعليم ورشة عمل خاصة بمتابعة وتقييم أنشطة تعليم الفتاة، استمرت عشرة أيام تلقى خلالها 75 من مدربي المدربين الاخصائيين الاجتماعيين بمختلف مدارس محافظات الجمهورية خبرات في مجال إعداد وكتابة التقرير، وطرق تكوين مجالس الآباء والأمهات والمشاركة المجتمعية لرفع نسبة التحاق الفتاة في مختلف مناطق المحافظات. وكيلة وزارة التربية والتعليم لقطاع تعليم الفتاة فوزية نعمان في كلمة لها بختام فعاليات الورشة أمس أكدت ضرورة رفع نسبة التحاق الفتاة بالتعليم ومواصلتها للدراسة، مشيرة إلى الجهود المبذولة من اجل ذلك في اطار الاستراتيجية الوطنية لتحسين التعليم الأساسي. مشيرة إلى دور المجالس التنسيقية التي تم انشاؤها مؤخراً في عدد من المحافظات في دفع الأسر بإلحاق بناتهم بالتعليم. وشددت على أهمية الدور الذي يلعبه الأخصائي الاجتماعي التربوي في المدارس في حل قضايا الطالبات الاجتماعية خاصة ولما من شأنه الإسهام في الحد من تسرب الفتاة وجعل المدرسة بيئة صديقة للطالبات. المشاركون في الورشة من جانبهم طالبوا قطاع التدريب والتأهيل بوزارة التربية والتعليم العمل على إقامة المزيد من هذه الدورات التدريبية والتي تسهم في تبادل الخبرات بين المشاركين وإكسابهم معارف حديثة من قبل المشرفين عليها. فيما أكد الخبير الوطني للبرنامج اليمني الألماني لتحسين التعليم عبدالمولى محيي الدين أهمية الورشة في تحسين أداء الاخصائيين الاجتماعيين المتعلقة بمتابعة انشطة تعليم الفتاة. وكانت إحصائيات رسمية قد كشفت أن نسبة 71 في المائة من فتيات الريف مازلن خارج المدارس، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم في التوسع في التعليم وارتفاع معدلات الالتحاق الإجمالية بالمدارس وانخفاض معدلات الإعادة. وحسب المسح التربوي الشامل للعام الدراسي 2005م - 2006م الصادر عن وزارة التربية والتعليم مؤخراً - التي تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه - فإن إجمالي عدد الطلاب في مدارس الجمهورية بلغ 4 ملايين و497 ألفاً و643 طالباً وطالبة، منهم في المرحلة الأساسية 3 ملايين و971 ألفاً و853 طالباً وطالبة، متضمنة مليوناً و607 آلاف و779 طالبة، وكانت نسبة التحاق إناث الحضر 536 ألفاً و806 أي بنسبة 33 %، بينما بلغت ملتحقات إناث الريف مليوناً و70 ألفاً و973 . وفيما يتعلق بالالتحاق بمرحلة التعليم الثانوي العام فقد بلغ عدد الطلاب 525 ألفاً و790 طالباً وطالبة منهم 172 ألفاً و813 طالبة وكانت نسبة التحاق إناث الحضر لهذه المرحلة 59% ، وإناث الريف 41%. وأرجعت أسباب هذه الفجوة التعليمية القائمة بين الذكور والإناث خاصة في المناطق الريفية والنائية حسب دراسة قامت بها وزارة التربية والتعليم ومنظمة اليونسيف في اغسطس 2005م إلى عدة عوامل أهمها النمو السكاني المتزايد (2ر3) سنوياً مع غلبة الطابع الريفي بنسبة 47ر73 % من مجموع سكان الجمهورية لعدم قدرة وزارة التربية ومحدودية ميزانيتها على بناء مدارس وفصول جديدة ، وانتشار الأمية بين الإناث، حيث ان 23ر 47 % من السكان من سن عشر سنوات فأكثر اميون ، ترتفع بينهم نسبة الأمية في الإناث لتصل إلى76.5 %، بينما تنخفض بين الذكور إلى 27.7 %، وكذا ارتفاع معدلات الإنجاب وكبر حجم الأسرة اليمنية، حيث إن معدلات الإعالة الاقتصادية في اليمن تكون من أعلى المعدلات في العالم، الأمر الذي أدى إلى زيادة حدة الفقر بين السكان بنسبة 45%. كما أن من اسباب عزوف تعليم الفتاة فيما يتعلق بالحضر هو كلفة التعليم العالية والتي تشكل عبئاً على الأسر الفقيرة من جراء ذهاب البنات إلى المدارس فتكتفي بتعليم الأبناء، وفي الريف تكون العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة وبُعد المدارس، والاختلاط في المدارس، وعدم وجود مدارس خاصة بالبنات، وعدم وجود معلمات، كلها عوامل تحد من تعليم الفتاة.. وتشير تقارير وزارة التربية والتعليم إلى أنها سعت لوضع معالجات وحلول لهذه الأسباب من خلال انشاء قطاع تابع لوزارة التربية يعنى بتعليم الفتاة إلى جانب صدور عدد من الاستراتيجيات الهادفة إلى إلزامية التعليم وتقليص الفجوة التعليمية بين الذكور والإناث بالذات في الأرياف، منها الاستراتيجية الوطنية لتعليم البنات عام 98م، والاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار 98م، والاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر 2000م، والاستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي 2003م. وأسهمت التغذية المدرسية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والمكونة من مادتي القمح والزيت إسهاماً كبيراً حسب كلام وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالسلام محمد الجوفي في تشجيع التحاق الفتيات بالتعليم وعدم تسربهن من المدارس، والذي أشار إلى ان تلك المعونة الغذائية يستفيد منها أكثر من 140 ألف طالبة موزعة على 85 مديرية في اليمن وخصوصاً في المناطق النائية بهدف التخفيف من الأسر الفقيرة وتحفيز أولياء أمور الطالبات بالدفع بفتياتهم إلى المدارس. كما عملت الوزارة على إلغاء الرسوم الدراسية من الصف الأولى إلى السادس بنات، ومن الأول إلى الثالث أولاد، بغرض تشجيع أولياء الأمور على إلحاق بناتهم بالتعليم، بالإضافة إلى إنشاء فصول دراسية خاصة بالبنات.. لكن صرف تلك المعونة الغذائية وهي عبارة عن ثلاثة أكياس من القمح وثلاث جالونات من الزيت لكل طالبة من أبناء الأسر الفقيرة في المناطق الريفية بالإضافة إلى إلغاء الرسوم الدراسية لا تشجع غالبية الأسر الفقيرة على استمرار بناتهم في مواصلة التعليم من بعد الصف الخامس أو السادس بالأكثر. ويؤكد مراقبون ومختصون أن الفجوة التعليمية مازالت قائمة بين الذكور والإناث مالم تعمل الوزارة على توفير مدارس خاصة بالبنات، أو العمل بنظام الفترتين إلى جانب توفير معلمات وزيادة المعونة الغذائية للأسر الفقيرة تحفزهم على مواصلة بناتهم للتعليم وإلغاء التكاليف غير المباشرة للتعليم مثل الزي المدرسي، الوجبات، رسوم الامتحانات وباقي الرسوم الأخرى، وتوفير مواصلات للمدارس البعيدة والتي توصل إليها المعنيون من الباحثين التربويين.