- دار الفلك دورته، وعاد الشهر الفضيل بعد حين من الدهر، حاملاً معه ذلك الأريج المشبع بالتسابيح والصلوات بنهار كله خشوع، وليل كله دموع للتائبين العابدين الراكعين الساجدين. ورمضان بالنسبة إلى هؤلاء موسم الزراعة، وسوق الربح الذي لايكسد، يتفيؤون في ظلاله شجرة الإيمان الوارفة، ويلتزمون فيه أدق تفاصيل العبادة، وهم في رمضان وفي غير رمضان،لاهم لهم إلا تقديم الطاعات واجتناب النواهي، وإتيان الأوامر.. وهؤلاء هم السعداء حقاً. - وهناك فئة ثانية رمضانية،إذا جاء الشهر الفضيل تركت كل أمر فيه ريبة، والتفتت إلى العبادات والطاعات، وآثرت الخير على ماسواه في هذا الشهر وهم السواد الأعظم من أهل زماننا!!.. فإذا ارتحل الشهرالفضيل لم يعودوا كما كانوا فيه.. ورحمة الله تشمل الجميع، ومغفرته محط الآمال.. ولولا حسن الظن به سبحانه، لهلك الخلق من كثرة الذنوب والمعاصي. - وهناك فئة ثالثة تسمع عن رمضان سماعاً، ولكنها لاتأبه به حل أم ارتحل.. والعديد من هؤلاء يقطعه بالأسفار في عواصم الدنيا حياءً منه ومن أهله المنصرفين إلى نورانياته، ولايعودون إلا إذا حل العيد، وقد أبعدهم حياؤهم منه إلى مكانٍ ناءٍ عن العيون، ليخفوا منه مااعتادوا طوال العام. - أما الفئة الرابعة فإنها لامشاعر لديها، ولذلك تستحل حرمته، وهؤلاء يقف القانون ورجال الأمن لهم بالمرصاد، لتقريعهم وتوبيخهم ومعاقبتهم بالعديد من الأساليب المعنوية والمادية التي تجدي مع بعضهم ولاتجدي مع بعضهم الآخر.. وهؤلاء قد حرموا أنفسهم أيما حرمان من موسم الحصاد العظيم الذي أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.. وماأحوجنا نحن المقصرين إلى الرحمة والمغفرة والعتق من النار التي وقودها الناس والحجارة، والتي عذابها هو العذاب. - فطوبى لمن جاءه الشهر الفضيل وهو مستعد للطاعات، متعرضاً للنفحات المباركة.. وياخسارة لأولئك المنصرفين عن رحمة الله وطاعته سبحانه.. وماأكثر الخير الآتي من لدنه تفضلاً وجوداً.. - وإنها لدعوة صادقة ومخلصة لكل إنسان في شهر رمضان، أن ينال المغفرة والرحمة والرضا والقبول من الرب العظيم سبحانه. وأمنية صادقة من القلب لكل الناس أن يتصافوا ويتسامحوا من بعضهم.