أكثر مايمكن أن توصف به محافظة عمران أنها منطقة تاريخية وأثرية ، وسياحية ، بامتياز ، انطلاقاً من جملة مواقعها الأثرية ، ومقوماتها السياحية.. وكونها إرثاً تاريخياً ثقيلاً يعكس بجلاء مراحل مختلفة في التاريخ اليمني العريق. فيها عديد مناطق يعود تاريخها إلى ماقبل ظهور الإسلام حسب الكتب والمؤلفات وحقاً عمران بلاد الملكان أسعد الكامل ونشوان سعيد الحميري ، اللذين حكما اليمن لفترة طويلة من الزمن. منطقة مثل عمران القديمة وتسمى مدينة السلام ، بمبانيها المتناهية في الروعة والجمال ، متحفاً للتاريخ والأصالة وبموقعها المتوسط في قلب عاصمة المحافظة.. تحفة فنية لها وبهذا تظل مفتوحة لزائريها من السياح والمرتادين العرب والأجانب. الماضي فيها حاضر في باديء الأمر.. عمران اسم ينتسب إلى أحد ملوك حمير ، وهو ذو عمران بن مراثد ، والذي من خلاله سمي «قصر عمران» ويعود تاريخ عمران إلى حقبة ماقبل الإسلام. وعمران اليوم تم اختيارها عاصمة المحافظة بدلاً عن مديرية خمر عاصمة المحافظة التجارية وفق التقسيم الإداري لقرب عمران المديرية من العاصمة صنعاء ، وتقع في قلبها مدينة عمران القديمة والتي يطلق عليها مدينة السلام ،كما مديرية خمر يطلق عليها مدينة السلام ،وتقع عمران شمالاً في الجزء الغربي من العاصمة صنعاء على بعد 60 كيلو متراً وتبتسط القاع الكبير المشهور بخصوبته الزراعية وهو قاع البون. وحسب من روى لنا أن حاضرة قبيلة «ذوو مراثد» التي كانت تذكر في العديد من النقوش اليمنية ، عثر عليها في خرائب المدينة وفي المواقع الأثرية المجاورة لها ، واشتهار مدينة عمران القديمة لما كان يحيطها وقليلاً منه اليوم من مواقع اثرية غنية وشواخص تاريخية طغت عليها اليوم ضرورات الجانب السياحي أفقدتها بعضاً مآثرها التاريخية ، جعلت من الحضارة مغتصبة وجه التاريخ شيئاً ما ويعود تاريخ عمران القديمة تحديداً إلى القرن ال13 للميلاد وفق فهد الصعر أحد أبنائها. معبد وتماثيل وثمة من روى لنا من أبناء هذه المدينة وهم ممن انجبتهم هذه المدينة وأرضعتهم من حليب ماضيها وماء حاضرها ، قصة مدينتهم بدءاً بما حل بها ومعالمها التاريخية التي دمرت ومن خرائبها مبنى قصر عمران الذي شغلت خرائبه حيزاً كبيراً وسط قلب المدينة ، وحينها تم العثور على العديد من النقوش المكتوبة على الواح برونزية ، ونقوش حجرية ، لازالت حتى الآن زينة واجهات بعض المباني الجديدة في المدينة ،كذلك العثور على تماثيل وقطع أثرية أخرى ، وجميع هذه الآثار ومثلها القطع والنقوش الحميرية والتماثيل كان يضمها مبنى لمعبد كان مكرساً لإله قبيلة ذي مراثد ، والذي كانت تشير إليه النقوش باسم «إله المقه» وهو الإله الرسمي للدولة السبئية ومعبده كان من أحد المعابد المنتشرة في انحاء عمران ، ويشملها قاع البون وتمتد إلى صنعاء وشبام كوكبان وغيرها من المناطق الواقعة إلى الشمال الغربي من صنعاء. المقه هذا الإله والمعبد الذي كان يقدس لقبيلة ذي مراثد ، طبعاً مثله التماثيل المذكورة والمعابد الأخرى التالية التي استمر وجودها إلى حين ظهور الدين الإسلامي الحنيف لأنها كانت إلاهات ومعابد ومقدسات ، بيد أن الإله المقه حينها له خصوصية وميزة كان ينفرد بها عن غيره من المعابد المنتشرة تتمثل في ممارسة طقوسه الدينية ، وحسب ماهو مؤرخ كان كثير من المتعبدين فيه يكثرون من تواجدهم وعباداتهم لهذا الاله التمثالي ، بغية تلبية حاجاتهم وامنياتهم ورغباتهم بأن يمنحهم انجاب الأولاد الذكور.. ومن دون شك لازالت بعض النقوش الموجودة تؤكد لأي إنسان زائر اليوم لهذه المدينة بأن هذا المبنى هو بالفعل مبنى لمعبد كان يطلق عليه ب«هيدرن» وليس قصراً مثلما كان يطلق عليه الهمداني بالقصر كعادته في مؤلفاته المتوفرة والتي ما إن كان يجد مبنى أثرياً ضخماً إلا ويطلق عليه بمصطلح «قصر». والبون ، هذا القاع الذي تطل عليه المباني الدينية المنتشرة في قمم الجبال والتي تتواجد غالباً على قمم وسفوح الجبال وغيرها.. هو الآن قاع زراعي فسيح.. بئر البلقة توجد وسط مدينة عمران القديمة بئر تسمى بئر البلقة ، نسبة إلى جدرانه المبنية بأحجار البلق المنحوت ، وتاريخه يعود إلى ماقبل الإسلام وطريقة بنائه المحكم لايوجد مثله في أي منطقة يمنية غير في مأرب بحسب الروايات ، غير أنها مغايرة لها بشكلها المبني بأحجار الجرانيت. المباني.. وتدمير السور تاريخ مباني مدينة عمران القديمة يعود إلى عصور ما قبل وبعد الإسلام يحيطها سور مبني من التبن وجزء منه مرمم بأحجار شبه قديمة وجزء آخر منه مبني من اللبن وممزوج بالتبن ، لأنه أي هذا السور تعرض ولايزال يتعرض للاندثار والاهمال من الجهات المعنية وتغاضي الأهالي إذ لم يحظ بحماية أو حفاظ تاريخي وحضاري ، ولم يبق منه الآن إلا اجزاء وأخرى مدمرة وكذلك تبقت بوابتاه الشرقية والغربية.. ومباني المدينة معظمها تتكون من 3 4 طوابق ، وأخرى مبنية بالأحجار المهذبة ، ويستخدم الأهالي الدور الأول من منازلهم مخازن ومطابخ ، إضافة إلى مأوى للمواشي بينما الأدوار الأخرى وهي العليا ، تستخدم للسكن ، ولكن عادة ماتقيم عدد من الأسر في المنزل الواحد وهي عادة من العادات الاجتماعية المتوارثة. معالم زراعية تشتهر مدينة عمران القديمة بأراض خصبة ، وتتمتع بثروة زراعية هائلة وبمنتجاتها ومحاصيلها جميعها وتعود لقاع البون الفسيح الذي تزرع فيه الحبوب والبقوليات وبعض الفواكه مثل الرمان والفرسك والعنب والتفاح والسفرجل ، وكذلك الخضروات مثل الكوسة والبطاط والطماطم والبسابس والجزر وأخرى تصدر منها لمناطق والمحافظات المجاورة ، وتسقى من الآبار الجوفية ، ويتم تصريف مياهها بواسطة وسائل تقليدية. قصور البون البون ، قاع زراعي فسيح خصب ، تمتد مساحته من جنوب المدينة عمران إلى صوابة في الشمال ، وتبلغ أكثر من 42 كيلو متراً مربعاً، ويرتفع عن سطح البحر بحوالي 2200 متر ، بالتمام ،وقد قال الهمداني في كتابه الموسوعي الإكليل ، قصر سنحي وهو من عجائب اليمن وقصر بيت لعوه وقصر بيت زود وحمير تعلب زيد، وهو موضع آل سعد بن قيس في همدان بين يناعة وعجيب يناعة في قاع شمس من أرحب غربي ريدة ، ويضم القاع أيضاً قصر عصام الذي يقع غرباً من ناعط ، وقصر سنحان الذي كان موقعه في ناعط خمر ، ومن أشهر قصور القاع قصر نوفان بن ابتع في عزلة خيوان بحوث ، وقصر عجيب في غولة عجيب ، وقصر دعان ، وقصر بيت الورد من آل اقيان بحوث ، وقصر شرعة شرق ريدة ، وقصر مرمل ، وقصر خوان في عمران ، وقصر علمان وقصر عمد في أعلى قمم القاع وقصر ميفعة وقصر عمران في أعلى القاع وقصر يشيع وقصر سنحي وقصرا مدر وأتوه في أرحب.. والآن بعد نقل هذه القصور من قاع البون هو حالياً يضم أراضي زراعية خصبة تزرع فيه الحبوب بشتى أنواعها. المساجد في مدينة عمران القديمة ايضاً رزمة من المساجد والمقابر والأضرحة وابرز مساجدها هو الجامع الكبير ، الذي بني على يد سعود بن سالم وتبعه ابو طالب ،وهناك مسجد الشعبة ويقع في الناحية الجنوبية من المدينة سمي بهذا الاسم نسبة إلى من تولى بنيانه وهي امرأة من شعب ارحب وكذا مسجد السيد يحيى وهو من المأخذ وأحد اشرافها الذين ينتسبون إلى العباس بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ومسجد آخر يقع خارج المدينة يسمى مسجد المهدي عباس المهدي الذي بناه سكان عمران بدعوة من الشيخ العلامة محمد محسن الصعر وسمي بمسجد المهدي لأنه الذي أوقف له أراضي زراعية كبيرة. مقابر وأضرحة تاريخية بالنسبة للمقابر التاريخية ، فمدينة عمران والتي يقطنها الإنسان منذ أكثر من 13 قرناً وبالتالي تحيط بها مساحة كبيرة من المقابر مماثلة للمساكن.. يسكنها الموتى ومن أجيال عديدة ومتعاقبة لأزمنة ولت ودول هوت ونسيت في فترات هامة وظروف سياسية صعبة شهدت صراعاً وحروباً ونزاعات لم تبق منها ومن شواهدها إلا قبور الموتى التي يمكن القول مجازاً إن اعدادها تفوق اعداد الأحياء في المدينة المؤهلة بالسكان وقد دفن في مقابرها الحكام العظام والعلماء والامراء والفقراء وكبار المؤرخين والقضاة وكبار الشعراء والمؤلفين الذين اثروا المكتبة اليمنية ورفدوها بأهم وأعظم الذخائر الأدبية والعلمية يذكر أن فترة دفنهم منذ القرن الثالث الهجري وعلى قبورهم اضرحة حجرية نقشت عليها الاسماء والصفات وتواريخ الميلاد والوفاة والنسب وسور من القرآن الكريم على عادات وتقاليد واعراف أبناء محافظة عمران في دفن موتاهم.