الرحلة تبدأ مبكراً.. والعناء أيضاً يبدأ منذ الصباح الباكر..في حالة كهذه يبدو الأمر مزعجاً للغاية، ومسبباً للكثير من الحزن والألم.. لنبدأ الحكاية: أحد المعاقين الذين انتصروا على إعاقتهم ولم يستسلموا للفشل... أنموذج يجب أن يسلّط عليه الضوء كي يكون مثالاً لشبابنا المعاق منهم والسليم... وحالة تؤكد مدى اللامبالاة والتجاهل الذي تتعامل به مؤسساتنا وجمعياتنا الخاصة منها والعامة مع ذوي الاحتياجات الخاصة. غالب عبدالله حسن، من مواليد العام 1962م قرية «النوادر جبل حبشي» تلقى تعليمه الابتدائي حتى الصف الخامس في مدرسة القرية، ورغم إعاقته الطبيعية المتمثلة بهزالة الساق وقصرها إلا أنه لم يستسلم، ظل يكافح وينافح في جولة العمال (كنقاف)... التقيته في حراج عمال بئرباشا والابتسامة لا تفارق محياه، وحينما سألته عن سبب تواجده في هذا المكان وفي ساعات الصباح الباكر كانت المفاجأة التي تلجم الأفواه «إنه يشتغل»، ليس ذلك فحسب أضف أنه أب لتسعة أطفال جُلّهم خارج المدرسة عدا ابناً واحداً فقط في الصف الثالث الابتدائي... سألته عن سبب عدم التحاق أبنائه بالمدرسة رغم مجانية التعليم في الصفوف الابتدائية، فقال: لا يوجد شيء مجاني في مدرسة القرية، و الستة الآلاف ريال التي أتقاضاها من الضمان الاجتماعي لا توفر لي ولمن أعول الحد الأدنى من متطلبات العيش، الأمر الذي أجبرني على العمل (كنقاف) كون هذا العمل يتناسب مع إعاقتي. عمل في البناء (والتوقيص) ثم لم يعد يقوى إلا على (النقيف) بسبب آلام ظهره وطبيعة إعاقته، لا يعرف عن جمعية رعاية المعاقين حركياً في تعز شيئاً كلما في الأمر أنه مسجل ولديه بطاقة من صنعاء... اكتسب الخبرة عن طريق المشاهدة حسب قوله، ولم يجد يد العون من الجمعيات والهيئات والمؤسسات الخاصة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وكان لزاماً عليه أن يمارس هذا العمل كي يعول أسرته معظم عمله مع «معاريف» وأهالي القرية، وأول ما يشاهده رب العمل يشك في قدراته إلا أنه بمجرد أن يبدأ العمل يحصل على الثقة الكاملة لجدارته. معاق كغيرة من المعاقين، لم تمد لهم يد العون وأصروا إلا أن يثبتوا مكانتهم في المجتمع رغم قسوة الإصابة وغلظة أرباب العمل... فهل هناك من يعي ويتدبر؟