«كالي موتيه» حسناء فاتنة الجمال .. عزباء من مدينة الأناقة والموضة «باريس».عاشقة اليمن وناسها الطيبين.. ونحن في خضم دردشة سريعة مع «كالي» كانت في أغلب اللحظات تنسى تواجدنا لتحلق في عالمها منفردة به مع كل منظر وتحفة يشد انتباهها ويأسر لبها فكان لابد من المقاطعة والتدخل من المترجم / علي العراسي. لا أخفي عليكم ونحن نجري الحديث معها بمعية صديقي المصور عادل العريقي خال إلى ذهننا أننا نتحدث إلى إحدى نجمات هوليوود للصفات المتكاملة المتناغمة لتقاطيع وتقاسيم أنثى حباها الله وأكرمها بجمال رباني غير مصطنع(حلوة من الله .. لا شد ولا نفخ) هي بسيطة.. ودودة ومتواضعة.. وأنت تجالسها للوهلة الأولى تشعر أنك تعرفها منذ زمن وليست هي لحظاتك الأولى معها. صادقة لتدرك أن ما ستطربنا به من كلمات تخرج من أجمل شفاه هو الحق بعينه دونما تزييف أو تجميل (مجاملة لنا أو لبلدنا). فنانة هي .. ولابد أن تكون كذلك.. ومن أفضل منها وأجدر بأن تتوحد معاً مع الفن في لوحة إبداعية لا تضاهيها عبثات أيدي بشر تحاول الرسم مهما كانت الصورة الحصيلة لتلك الخطوط المتعرجة والألوان المبعثرة. هاهي «كالي» بلغتها الأنيقة كحال الناطقة بها عصفور يغرد على مسامعنا تشدو بألحان لا مثيل لها نكتشف بعيونها المها (اليمن) نلمس من خلالها أشياء جديدة عشنا فيها ولم نكن ندرك عنها شيئاً.. كنا قريبين كثيراً من تلك الأشياء ومع ذلك لم نقدرها أو نثمنها.. كنز توارثناه ونمر بجواره كل يوم لكن أعيننا لا تطاله. قد تكون السطور سالفة الذكر لها اتجاه وصفي للفرنسية «كالي» قد يقول قائل: إنها ليست بذي أهمية السرد فليعذرني هؤلاء كوني لم أجد ملاذاً من هكذا بداية رغم محاولاتي غير ذلك.. أجبرت الدخول على القارئ ليس كما جرت العادة في اللقاءات والحوارات. (أقول لليمن ولليمنيين كالي موتيه تعشقكم) نهاية مطافنا معها كان بتلك الكلمات التي سنبتدىء نحن بها لنتعرف أكثر عن قصة الآنسة العاشقة كما جاءت على لسانها. اعلام مغاير للحقيقة لم أكن يوماً من الأيام أدرك أن القدر سيأتي بي إلى اليمن البلد الذي عرفناه من الإعلام الواصل إلينا أنه غير مستقر وأوضاعه الأمنية متداعية متصاعدة وبحيث أصبحت الحياة فيها مجازفة خصوصاً القادمون إليها من جنسيات مختلفة. إعلام قوي يروج ذلك ويطل علينا بكل ما هو مغاير للحقائق ، يكذب ويفتري على شعوب وأمم يشرع بطعن خصوصياتها وأمنها واستقرارها ولم يجد إعلاماً يوازيه من الطرف المقابل يواجهه ويتصدى لافتراءاته.. يعريه كونه لم يتحر الصدق في توصيل الرسالة للمتلقي كما هي.. وتلك الصورة البشعة عن اليمن ويحتفظ بها الغرب يجب أن تتخذ الحكومة اليمنية سياسة معينة وعاجلة لتصحيحها.. كيف بالتأكيد الحكومة أكثر دراية وأعلم مني بهذا الخصوص. فيلم سبب الزيارة وفي أحد الأيام كنت أشاهد فيلم «بازلتي» وكانت أحداثه عن اليمن لتحكي قصة الكاتب والمخرج الإيطالي أثناء فترة زيارته لمدينة زبيد والسكن فيها قبل نحو ما يزيد عن ثلاثين عاماً.. رأيت ما لم تره عيني قط.. واستمعت إلى حياة أناس أجهلهم ورغم ذلك انجذبت إليهم وإلى نمط معيشتهم.. ساقني فضولي لمعرفة المزيد فلم يكن مني إلا أن اشتريت في بادئ الأمر الكتاب وقرأته كاملاً عدة مرات أيقنت بعدها أن زيارة اليمن أمر مفروغ منه وحتمي القرار لا رجعة فيه متجاهلة كل ما سمعته قبلاً عن ظروف اليمن أمنياً. الوداع الأخير كان الرفض متوقعاً من كل من عرفني وأحبني لكن قوة الإصرار وصلابتي عندما اتخذ قراراً ما وقف عتياً أمام كل المحاولات والصيحات المنادية بعدم ذهابي وبقدماي إلى المصير المجهول حينها لم تحب أمي أن تتركني وحيدة وأخبرتني وقتها إن كانت هناك نهاية فلابد أن نكون معاً ولن يفرقنا أحد عن بعضنا فالحياة لا تساوي شيئاً ان لم اكن معها.. لتقرر بعد ذلك أمي مرافقتي هي وصديقتها «لوغنس» وابنة صديقتها «يولنج» وقبل سفرنا بيوم وكالعادة يتم توديع المسافرين في حفل يجتمع فيه الأصدقاء والأهل ممن يطلبون الهدايا ويكتبون القائمة الطويلة وفي حفلة توديعنا اختلف الأمر كثيراً وكانت الأمسية أقرب إلى كونها للوداع والتوديع فكانت نظرات من حضر تتفحصنا وتتأملنا وكأن أعينهم تريد ان تبوح لنا قائلة أنها المرة الأخيرة التي ترانا فيها.. دموع اختبأت وبعضها سالت على الوجنتين المحمرة بحمرة العيون الباكية فراق ربما هو أبدي.. وهناك من حاول استغلال الظرف المشحون بالعاطفة لتغيير الموقف والغاء الرحلة لأرى الضوء قادماً من بعيد يقترب مني وسط الظلمة المحيطة بي حتى وصل ومازال يقترب أكثر لاسمع همس في أذني( الرحلة ستكون جميلة وستسعدك كثيراً).. هو (ميتسو) صديقي الذي أعاد الأمل بالعودة أولاً سالمة من اليمن فضلاً عن الذكريات الجميلة التي سأحظى بها بعد الزيارة كالتي عاد بها من زيارته لليمن. لن أنسى زبيد وصلت لليمن وكان في استقبالنا صديق ميتسو ليعد لنا برنامجاً سياحياً من خلاله زرت حتى الآن مناطق كثيرة مثل كوكبان، المحويت، عمران، صنعاء، تعز ومازلنا نطلب المزيد من الزيارات لمناطق أخرى ولا أنسى (زبيد) التي كانت المنطقة الأولى التي رأيتها في اليمن من خلال (بازلتي) ولأكون صادقة منذ أن وطأت قدماي مطار صنعاء كانت دقات قلبي متسارعة لخوفي الشديد لكن ذلك تبدد وانتهى فور رؤية الابتسامة من حولنا وكأنها تحرسنا.. ابتسامة بريئة تحمل بداخلها معان جميلة طيبة النوايا لا تلمسها في الآخرين عند زيارتك لبلدانهم وهو فعلاً فارق شعرت به ولمسته من خلال رحلاتي الكثيرة. كنت مهتمة كثيراً بزيارة زبيد والمنزل الذي سكن فيه الكاتب والمخرج الايطالي واستطيع القول: إن الفيلم والكتاب لم يكونا دقيقين في وصف اليمن وإعطائها حقها كاملة.. نعم اجتهد الكاتب في إيصال ما رأه وراح يدونه ويسطره بوصف جميل وشيق كان السبب وراء زيارتي هذه. لكنني تفاجأت برؤية واقع فاق الوصف لأشعر بما كان يشعر به الإيطالي وحاول أن يطلعنا عليه.. اليوم أنا سعيدة وراضية كل الرضا عن جولتي التي أقدم بها مع من يرافقني بين مدن اليمن الخضراء والجميلة بطبيعتها وكأنها امرأة جميلة تتزين بلباس أخضر يضاف إلى جمالها الطبيعي تفتح ذراعيهما لاستقبال السواح ليملىء العطر من حولها.. اليمن ساحرة بتضاريسها وتنوع مناخها من منطقة لأخرى لتشمل كل شيء وكل ماهو مطلوب داخل حدود البلد الواحد يغني عن السفر للخارج للبحث عن النزهة والاستجمام.. اليمن فسحة جميلة لمن أراد ذلك وما عليه إلا ركوب السيارة أو الحافلة للتنقل من جمال إلى جمال آخر والتمتع بأيام حلوة دون عناء ومشقة. فسحة جميلة وحقيقة إن بلدكم زاخر بمناظر خلابة تسر الناظرين .. مدرجات زراعية نادراً ما تراها لوحة فنية تجبرك الوقوف عندها للتأمل لتمر الساعات الطويلة دون أن تشعر بها وهو ما حصل لنا بالفعل ووقفاتنا كثيرة ونحن نسلك الطرق بين المناطق ولا نحتاج للبحث عن مشهد جمالي حتى تمتع نظرك به فكل ماهو حولك يستحق أن يستوقف المرء عنده ويشدك رغماً عنك لدرجة لم نعد ندرك أجمل شيء صادفناه فكل شيء جميل يتحدث بلغة الجمال حتى الناس الذين نلقاهم بسطاء يرحبون بك ويدعونك لضيافتك ليقمون الواجب على حد ما عرفت .. فشعبكم شعب طيب لطيف التعامل مبتسم ومرحب بالغير يثلج صدر أي زائر لما يلقاه من حب وكرم ضيافة. لوحة تشكيلية وزيارتي لليمن كنت أحسبها للترويح عن النفس والتعرف عن شيء جديد وغريب عني بحثا عن المغامرة، لكن وبكوني فنانة تشكيلة أقول: إن اليمن ألهمتني بشكل كبير لإنجاز أعمال قادمة وربما أنشىء معرضاً تشكيلياً في فرنسا عن اليمن وخصوصاً طابعها المعماري الفريد والمتنوع لو تم توزيعه على آلاف اللوحات الإبداعية لما كفى ذلك العدد .. التصاميم المعمارية المرسومة سواء في المناطق المستوية أو على سفوح الجبال والنقوش الفنية بداخلها تعكس روعة الإنسان اليمني وكم هو مبدع لفنه الذي يتوارثه أباً عن جد .. والشيء الأكيد أن أعمالي في الفترة المقبلة ستتأثر بهذه الزيارة وستضيف لي كثيراً بحيث أصبح أفضل في المستقبل. اعشقكم وإعجابي باليمن لايتملكني وحدي فقط فقد كشفت أمي وصديقتها وابنة صديقتها أنهن سعيدات بالرحلة وأنه حدث جميل في حياتهن لابد وأن يتكرر وكما هو مطلبهن مطلبي والشعور بالأمن والأمان الذي ساد أحاسيسنا ونحن ننتقل من مكان لآخر بكل حرية ويسر سأنقله لكل من التقيه في فرنسا وخصوصاً أولئك الذين كانوا ينصحون بعدم سفري لليمن في البداية.. فهذا البلد آمن وأجواؤه هادئة ومستقرة بكل ما تعنيه تلك الكلمات وأن ما يتم ترويجه عن اليمن في الإعلام المغلوط عارٍ تماماً عن الصحة. وما يصير هنا احيانا من احداث لا يقارن في شيء تلك الأحداث التي تصير في دول أكثر تقدماً وتحضراً بين الفينة والأخرى كدول أوروبا أو القارة الأمريكية جرائم أفضع وأبشع بحق الإنسانية يتم التستر عنها ولا يتم على الاطلاق طرحها أو مجرد الإشارة إليها عبر الإعلام.. فشكراً لكم كثيراً وشكراً للناس الطيبين وألقاكم في زيارة قادمة.. وختاماً أقول لليمن ولليمنين (الآنسة «كالي موتيه» تعشقكم)[email protected]