بقلم سماء مطهر الشرجبيالقارئ معه كل الحق حينما تملكه الدهشة لان هذا المقال «كاتبته» سماء مطهر الشرجبي ولكنه قد يعود عن دهشته تلك ويعذرني عندما يعرف ان «سماء» ابنتى سنة وثمانون يوماً في حقيقة الأمر هي من جاءت بفكرة المقال، ورسمت هي بعينيها وابتسامتها كل تفاصيله. هذه ال«سماء» المكتظة بكرنفال الفرح، والتي تشعرني كل يوم بالسعادة والتي يمتد موسيقاها حتى أعماق القلب، وبروحانية روحي، جعلتني هذي «الملاك» الشارد من سرب ملائكة السماء فحلت بيننا على كوكب الأرض وصارت معي جعلتني أقف تحت ظلال ابتسامتها وأتذكر في غمرة هذا العيد البهي وهذا المهرجان المعطر بالفرح والتسامح والبياض، حال كثير من الأطفال الذين تمر عليهم أعياد وأعياد وهم مضمخون باليتم ويغتسلون صباح مساء بالوحدة والمرارة وفقدان صدر حنون يشعرون لديه بدفء العاطفة بعيداً عن وخز الوحشة النازف باتجاه القلب. هؤلاء الأطفال الذين تظل قلوبهم «فاغرة» فاها، وتستمع لرياح القهر والمرارة وهي تصفر وهي تتسرب باتجاه عروقهم وشريانهم وأرواحهم حتى تصل إلى مآقي نظرات عيونهم والتي لا يخطئ معرفتها أحد.. فتجد أحدهم يقول لك هذا الطفل يعاني من اليتم.. فإذا سألته وكيف عرفت ذلك ؟ فتجد الإجابة.. من نظرة عينيه».. من منا لم يفزعه موت أحد والديه.. وهو قد بلغ من المر عتياً ولكنه حينما وصله خبر الموت والرحيل .. عاد بالعمر إلى الوراء وكأنه طفل صغير فتجده يشعر بالحزن وبالوحشة والغربة كلما تقادمت الأيام حتى آخر العمر. هذه الغربة.. وهذه الوحشة قد وقعت على أطفال صغار وهم الآن رغم مرور السنين لم يدركوا «كنهتها» ولم تتعاف أفئدتهم الصغيرة والتي كسرت وعشعش فيها شرخ كبير. فاليتم شرخ في القلب يمتد حتى روح الطفل الطفلة يكبر ويتسع كلما مرت الأيام.. وما أحوجنا ونحن في هذه الأيام، أيام العيد والذي نحوله إلى لحظات مزدحمة من الفرح والسعادة والتآلف والأيام معدودة فإذا ما انقضى العيد عدنا إلى ممارسة الحقد والتبغاض والكبر، ما أحوجنا في هذه الأيام كما قلت سابقاً إلى تذكر اطفال حرموا من عطف وحنان الوالدين والاقتراب من قلوبهم اللدنة الصغيرة نمسح بحب على رؤوسهم كما أخبرنا رسولنا الكريم نقرب منهم سواء، كان هذا اليتيم في دائرة الأهل والأقارب أو الجيران أو أبناء الحي، فإذا صنعنا ذلك فإننا نضع أيدينا على شرخ قلوبهم فلا يتسع ولا نساعد الشرخ في التوغل ليس المطلوب منا ان نغدق عليهم بالمال والحلوى والألعاب والابتسامة الصفراء، ولكنه قلب أبيض يحتضنهم ويشعرهم ويهتم بهم هو كل ما يحتاجونه. إن ما قد نصنعه لهذا الطفل الطفلة.. في هذا العيد هو «ابتسامة» مؤقتة تشعره بأننا مهتمون به ،قد لا نكون مثل ابيه الذي فقده أو أمه التي تركته قبل موعدها، لكننا نحبه ولا نريده ان يشعر بالوحدة والوحشة وهو بيننا. في الأخير أقول بأن هذا العيد.. وهذا الفرح العابق بالسعادة لابد ان نتذكر فيه عند كل مساء، وعندما تغفو المدينة ويعود الناس إلى منازلهم وتغلق الأبواب، هناك خلف الأبواب وفي غرف لا تملك ملامحها.. هناك.. أطفال خلف تلك الأبواب.. وفي تلك الغرف لا يذرفون الدمع والعبرات من ما فيهم بل من قلوبهم المكسورة وأرواحهم المشروخة والصاخبة بالوحدة.. وكلما اغلق باب منزلهم شعروا بالوحشة. . والمرارة.. فيزداد ذلك الشرخ يوماً بعد يوم.. بعد يوم.. .. بعد يوم.. بعد يوم .. وعيد سعيد.