الفتوى في اللغة من مصدر أفتى يفتي إفتاءً وهذا لسماحة المفتي وتعني التوضيح والتوجيه والإرشاد، والفتوى بدأت منذ بداية فجر الدعوة الإسلامية واستمرت وتناقلتها الأجيال عبر التاريخ الإسلامي ووضعت لها الأصول والضوابط والقواعد التي تحدد نوعية الفتوى ومكانها ووقتها وممن تصدر هذه الفتوى أو بمعنى أوضح من يحق له الإفتاء وتوجيه الناس وتنويرهم وتوضيح ماخفي عنهم من أمور الدين كي لايتجرأ المتطفلون وأنصاف المتعلمين على الفتوى وتضليل الناس وتحريف المفاهيم الدينية الصحيحة وكان المفتي لايفتي إلا وهو ملم بكل قواعد وأصول الإفتاء من الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ومانزل بمكة ومانزل بالمدينة ومانزل بمكة وحكمه مدني ومانزل بالمدينة وحكمه مكي ومانزل صيفاً ومانزل شتاءً وكذلك ملم بقواعد اللغة ومفرداتها ومعانيها وبقواعد الصرف والنحو وتصريفات الأفعال، وملم بأصول الجرح والتعديل وبتاريخ الأمم والنحل والملل والمذاهب وبعلم التاريخ وأحوال المؤرخين كما أن عليه أن يراعي طبيعة المجتمعات والأقطار والأمصار فالإمام الشافعي أفتى في مصر بغير ماأفتى به في بغداد في قضية واحدة لكن اختلاف طبيعة المجتمع غيرت طبيعة الفتوى، ولذلك على علماء الأمة وعلى كل مفتٍ أو في مقام الإفتاء ان يلتزموا بكل قواعد الإفتاء بمعنى انه لايحق للمفتي ان يفتي للناس إلا ان يكون مجتهداً ومجدداً، والمجتهد والمحدد له شروط وضوابط ان يأتينا أنصاف المتعلمين وأنصاف الفقهاء ويطلقون الفتاوى التحريمية ويضللون عباد الله في دين الله والرسول «صلى الله عليه وسلم» يقول : «أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار» ولذا يجب على المفتي الحقيقي المخول بإفتاء الناس ان يكيف الفتوى طبقاً لواقع اليوم المتطور باجتهاد جديد وبرؤية جديدة وبتصور جديد يخدم الإنسان وينقله من حالة التخلف والجمود والتقليد إلى واقع التقدم والانفتاح والتجديد لا أن يزيده انغلاقاً وتخلفاً وذلك بتفسير النصوص تفسيراً خاطئاً طبقاً لاهواء المفتي وليست طبقاً لمصلحة الدين والإنسان أو ان يحاول إسقاط اجتهادات وآراء وفتاوى في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني على واقعنا اليوم، واقع الانفتاح العلمي والإعلامي، والتطور التكنولوجي والتقني لنأتي ونحرم التصوير، واستخدام الحواسيب... إلخ. ونطالب بالعودة إلى عهد الناقة والجمل بحجة الحفاظ على الدين والملة والهوية والتاريخ وبحجة ان ذلك لم يكن موجوداً في عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم» رغم انه كان من أرقى عصور التاريخ لذلك ينبغي على علماء الأمة المستنيرين ان يستخدمون الفتاوى لصناعة المسلم الحق في الفهم والتصور، وفي التعامل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي يستخدمو الفتوى لتضليل الناس ولخلق مسلم مشوه الفكر والتصور مشوه المنظر والتعامل والاخلاق لان هذا ليس من أسس الدين واخلاقياته.