تقوم وزارة الأوقاف والإرشاد حالياً بتنفيذ برنامج تدريبي حول تعليم الفتاة في خمس محافظات وهي: «الضالع، الحديدة، لحج، أبين وتعز»، كونها من المحافظات التي توجد فيها نسبة تدنٍ في تعليم الفتاة، ويستهدف البرنامج بدرجة أساسية توعية الخطباء والمرشدين والمرشدات في هذه المحافظات المستهدفة بأهمية تعليم الفتاة والدفع بها نحوالتعليم.. ثلاث مراحل للبرنامج حول أهمية البرنامج وأهدافه ومراحل تنفيذه محمد السهماني مدير عام البحوث بالوزارة منسق البرنامج قال: إن مرحلة التنسيق بين الخطباء وبين الجهات ذات العلاقة تم تنفيذها في عدد من المحافظات ومنها محافظة تعز، حيث تم فيها استهداف ثلاث مديريات هي: حيفان، المخا، موزع.. وقد تم تنفيد هذه المر حلة في شهر أغسطس 2008م وكان الهدف منها هو التنسيق بين الخطباء وبين الجهات المتمثلة بالتربية والتعليم وممثلي المجالس المحلية في المديريات المستهدفة في سبيل إقامة خطط إرشادية بين مختلف هذه الجهات، وتم خلال المرحلة الأولى تنفيذ أربعة أنشطة تدريبية في جميع المحافظات المستهدفة، وخلال المرحلة الأولى تم تنفيذ العديد من الاستبيانات وسيتم مناقشة نتائجها خلال المرحلة الثانية التي تنفذ حالياً. نزول ميداني للمحافظات وتحدث حول المرحلة الثانية من البرنامج والترتيبات التي سبقتها فقال: حرصنا في البرنامج قبل البدء بتنفيذ المرحلة الثانية على النزول الميداني للمحافظات المستهدفة التي وجدت فيها نسبة تدنٍ في تعليم الفتاة وهذه المحافظات هي: الضالع، الحديدة، لحج، أبين والمحافظة الخامسة هي تعز التي تم فيها استهداف ثلاث مديريات فقط. بعد ذلك تم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج والتي تسمى بمرحلة المتابعة الميدانية، ففي محافظة تعز بدأت هذه المرحلة بإقامة ورشة عمل خاصة شارك فيها أربعون مشاركاً ومشاركة من الخطباء والمرشدات يمثلون كافة عزل وقرى مديرية حيفان بهدف الخروج بآلية مشتركة من خلال المشاركين، حيث تقدم خطط إرشادية سواءً كانت نسوية أو ذكورية في خطب المساجد والمحاضرات والدروس في المنتديات النسوية وكذا في اللقاءات الاجتماعية.. ومن أهم أهداف الورشة رفع مستوى تعليم الفتاة في مديرية حيفان بعدها سيتم إقامة ورش مماثلة في كل من مديريتي المخا وموزع وهما من المديريات المستهدفة في محافظة تعز. تقييم نهائي وأشار إلى أن اختتام هذا البرنامج سيتمثل بإقامة ورشة كبرى تسمى ورشة التقييم النهائي لما تم تنفيذه في المرحلتين الأولى والثانية يشارك فيها المشاركون المميزون من الذين لهم دور في مديرياتهم ومن المتوقع عقد هذه الورشة في نهاية العام الحالي 2008م.. مؤكداً أن إقامة هذه الورشة مهم جداً، وقد حرص البرنامج على إقامتها كونها تعد بمثابة تقييم لما تم تنفيذه خلال المرحلتين الأولى والثانية.. وكما هو معروف أن أي برنامج أو عمل إذا لم يوجد تقييم لما تم عمله لا يمكن معرفة النتائج، لذا فعملية التقييم عملية مهمة جداً وهذا ما نهدف إليه في البرنامج. مرحلة المتابعة الميدانية ويضيف: بعد عقد هذه الورشة تبدأ مرحلة المتابعة الميدانية عبر الوحدة الميدانية لتعليم الفتاة، هذه الوحدة مقرها مركز البحوث والتدريب التابع لوزارة الأوقاف والإرشاد، هذه الوحدة ستتابع مع المشاركين ما تم تنفيذه وما قدموه من خطط وبرامج إرشادية، حيث إن كل مشارك قدم خلال الورشة برنامجاً أو خطة شخصية سيقوم بتنفيذها كل في منطقته وسيتم رفع جميع المشاركات إلى الوحدة المركزية لمتابعة تنفيذها. عدم التزام المشاركين وبلا شك ثمة عوائق وصعوبات تواجه أي برنامج يتم تنفيذه وبالنسبة للبرنامج التدريبي حول تعليم الفتاة قال محمد السهماني: إن أهم الصعوبات التي تواجه سير تنفيذ البرنامج تتمثل في عدم التزام المشاركين بالحضور بالوقت المحدد، وعدم تفاعل بعض الجهات ذات العلاقة، فمثلاً في تعز لم يحضر أي ممثل عن تعليم الفتاة بالمحافظة. واجب شرعي ويؤكد منسق البرنامج أن تعليم الفتاة واجب شرعي ووطني وقال: ليس هناك فرق بين تعليم الفتاة أو الفتى وبموجب الأرقام والنسب التي وجدت في المديريات المستهدفة تم تنفيذ هذا البرنامج.. فالفتاة لها الحق في التعليم ولها الحق في الاختيار ولها الحق في كل شيء حق ضمنه الدستور والتشريعات النافذة. نتائج إيجابية وحول تقييمه للبرنامج وما تم تحقيقه حتى الآن قال: إلى حد الآن ومن خلال المرحلة الأولى التي تم تنفيذها وحالياً بدأنا المرحلة الثانية ووجدنا أن البرنامج حقق أهدافه وبرنامجه، فتفعيل دور المسجد له دور كبير في المجتمع اليمني خاصة، لهذا كان للبرنامج صدى ونتائج إيجابية، وما هذا الحماس والتفاعل خلال إقامة ورش العمل إلا دليل على نجاح البرنامج. اهتمام كبير مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة تعز عبده محمد حسان من جانبه قال: إن البرنامج التدريبي حول تعليم الفتاة الذي تنفذه الوزارة بالتعاون مع منظمة اليونسيف برنامج جيد، ويأتي تنفيذه انطلاقاً من اهتمام الوزارة بتعليم الفتاة، هذا الجانب الذي نوليه باهتمام كبير.. نتمنى أن يحقق البرنامج أهدافه ونتائج إيجابية، وندعو كافة شرائح المجتمع إلى التفاعل مع مثل هذه الأنشطة والبرامج وعلى وجه الخصوص الإخوة الخطباء والمرشدين والمرشدات يجب عليهم أن يقوموا بنشر التوعية والإرشاد فدورهم مهم جداً ولا يمكن الاستغناء عنهم ولا يمكن تنفيذ مثل هذا البرنامج دون مشاركتهم بفاعلية، لذا نحن على ثقة كما عودونا دائماً أنهم سيقومون بعملية التوعية والإرشاد على أكمل وجه ومع هذا البرنامج الذي تم وضعه من قبل مختصين وبناءً على دراسات مسبقة.. وإلى حد الآن أنشطة البرنامج جيدة هناك تفاعل وقبول لها من قبل المستهدفين. مطلوب تعاون الجميع ويضيف مدير عام مكتب الاوقاف قائلاً: إن البرنامج يتطلب تضافر جميع الجهات ذات العلاقة وجميع أفراد المجتمع للعمل على إنجاحه فمسألة تعليم الفتاة تتطلب التوعية أولاً بأهميتها ولا يكتفى بوزارة الأوقاف والإرشاد فقط من خلال الخطباء والمرشدين، فلا يمكن أن تصل رسالة الخطيب أو المرشد إذا لم يقتنع بها المستمع أولاً خصوصاً أولياء الأمور يجب أن يقتنعوا أولاً بأهمية تعليم الفتاة قبل إقناع الفتاة نفسها لأنه المسئول الأول عليها.. نتمنى من الجميع التعاون ونكون يداً واحدة والدفع ببناتنا نحو التعليم حتى يستفدن ويستفيد المجتمع ويعود الخير على جميع أفراد المجتمع بشكل عام. العلم دعامة المجتمع وحول أهمية تعليم الفتاة قال الأخ عبده حسان: إن تعليم الفتاة واجب شرعي ووطني ولهذا جميع التشريعات والقوانين تؤكد على حقها في التعليم، شأنها شأن أخيها، وهذا التأكيد يأتي إيماناً بمبادئ الدين والديمقراطية والعدالة والمساواة، وإيماناً بأن العلم دعامة المجتمع ودافع بل ومحرك للتنمية والتطور.. يجب أن تتعلم الفتاة بدرجة مساوية للرجل، وتزويدها بالوسائل والإمكانات التي تمكنها من معرفة الحقوق والواجبات، كما يجب تكريس المزيد من الاهتمام والجهود والإمكانات لتحسين وضع الفتاة، فالتعليم بالنسبة لها شأن خاص كما أنه يحمل في طياته بشائر الأمل. ويؤكد الأخ مدير عام مكتب الأوقاف بتعز أنه من الواجب أن تتعلم الفتاة حتى تكون واعية بواجباتها وبحقوقها، لتكون أكثر قدرة على الدفاع عن تلك الحقوق.. فالرجوع إلى أصول الدين الإسلامي يذكرنا بأن تأسيس مجتمع عادل يقتضي أن تستعيد المرأة حقوقها ومكانتها في المجتمع والتي أقرها الدين، فالرجوع إلى الإسلام يعني أن تقوم المرأة تدريجياً بإعادة بناء ضرورية لهويتها، وذلك من خلال مشاركتها في اتخاذ القرارات وممارستها لحقها في حرية التعبير والحصول على التعليم، تماشياً مع قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة». مخاطر الأمية وبلا شك أن للأمية آثارها السلبية ومخاطرها على الفرد والمجتمع وتتمثل هذه الآثار في ضعف الوعي بمفهومه الشامل، ما يجعل الفرد جاهلاً بتكوين وتوجيه حاجاته الإنسانية من حيث الحاجة للبقاء والنماء والمشاركة والانتماء والكرامة والارتقاء.. ومن حيث آثارها على إعداد المواطنة، فالأمية تعني عدم توافر الوسيلة المناسبة لمتابعة متطلبات المواطنة بمفهومها الشامل.. وللأمية آثارها على نقص الإنتاج والدخل القومي والفردي، فقد أثبتت الدراسات أن العامل الذي تلقى تعليمه سنة واحدة يكسب طوال حياته بنسبة 15% زيادة عن زميله الأمي. أيضاً للأمية آثارها على زيادة الفقر ونسب الإصابات في العمل والحياة.. أما آثار الأمية على الأمن القومي، فالأمي سهل الوقوع فريسة التعصب وتجنيده للمشاركة في أعمال هدامة تضر بأمن الوطن والمواطنين، مما يكلف الدولة الكثير من الجهد والمال في التصدي لهؤلاء المتعصبين. كما أن للأمية آثارها السلبية على شخصية الفرد على الإبداع والابتكار وحسن استثمار قدراته، وعلى حسن استثمار وقت الفراغ، وعلى تربية الأولاد الناتجة عن زيادة حجم الأسرة وقلة مواردها ودخلها، مما ينعكس أثره على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية الذي تعيشه أسرة من الأسر الأمية. مشاكل تعليم الفتاة الخبير الوطني للتدريب والاتصال والمحاضر بوزارة الأوقاف والإرشاد الدكتور عبدالكريم الآنسي يرى أن تعليم الفتاة له دور بارز في إنجاح التنمية الريفية وقال: لا شك أن المرأة المتعلمة تخدم مجتمعها ودينها وأسرتها ونفسها أكثر من الفتاة غير المتعلمة «الأمية»، وهذا لا ينفي أن هناك أمهات غير متعلمات عملن دوراً بارزاً في المجتمع، ومسألة تعليم الفتاة ليست قضية جهة بذاتها بل هي قضية المجتمع، فالمرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر ولهذا فإن التكافل الاجتماعي والتعاون والترابط بين جميع الجهات له دور بارز في إنجاح عملية تعليم الفتاة، ولا ينكر أحد أن دور المسجد له الأثر الأكبر في توعية المجتمع حول هذه القضية وكذلك دور المرشدات له دور بارز في رفع الوعي بأهمية تعليم الفتاة بين أوساط الأمهات في المجتمع اليمني. وأضاف الدكتور الآنسي قائلاً: هناك إشكالات تواجه تعليم الفتاة وقد قامت وزارة الأوقاف والإرشاد بالتعاون مع الجهات الداعمة في عقد عدة ورش لدراسة هذه المشكلات والتي تواجه الفتاة قبل انخراطها في التعليم الأساسي، ومشكلات تواجهها خلال الدراسة، ومشكلات تواجهها بعد إكمال الدراسة في منطقتها. مجالات تعزز أهمية تعليم الفتاة مسألة تعليم الفتاة مسئولية جماعية يجب على الجميع أن يقوم بها، فإذا كانت القاعدة الفقهية الأصولية تقول: «ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب»، وإذا كنا ندرك أن أداء الواجبات الدينية لا يمكن أن يتم إلا بتعليم العلم الشرعي فإن الاستنتاج يفضي بنا إلى حقيقة القول إن تعليم المرأة أمر حتمي وواجب، إذ يقوم على هذا التعليم أساس عقائدي يعمق التوحيد ويصحح العقيدة ويضع المفاهيم ويقوم على هذا التعليم أساس تربوي يرسخ القيم، ويدعم الأخلاق، ويثبت الممارسات العلمية ويقوم على هذا التعليم أساس اجتماعي ينهض بالحياة، ويطور المجتمع، وينمي الاقتصاد ويرفد التنمية.. وهذه كلها واجبات لا تتم إلا بما هو أوجب وأعني به التعليم.. فهناك مجالات يمكن من خلالها تكريس وتعزيز رؤية المجتمع لأهمية تعليم الفتاة من أهمها. المجال الشرعي المجال الشرعي دور رجال الشريعة من العلماء والخطباء والمرشدين والدعاة وغيرهم ممن لهم تأثير على الناس في خطب الجمعة ودروس المساجد، ومحاضرات التوعية، وهؤلاء يقع عليهم عبء كبير في هذا المجال، إذ يجب عرض الصورة المشرقة الزاهية للمرأة المسلمة عبر التاريخ، لتكوين رؤية علمية شرعية حول تشكيل وعي المرأة المسلمة ودورها في تأسيس بيت مسلم متحضر. المجال الإعلامي أيضاً من المجالات التي تعزز رؤية المجتمع لأهمية تعليم الفتاة المجال الإعلامي بمختلف وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية، هذه الوسائل يجب أن تؤدي واجبها في التوعية بقضية تعليم الفتاة مع المحافظة على الضوابط الشرعية، وأخلاقيات مجتمعنا اليمني بعيداً عن شذوذ الآراء وتطرف الأفكار وسذاجة النسخ والتقليد الأعمى والتكرار الممل لنماذج المرأة التي تحرص بعض القنوات الإعلامية على تصويرها بشكل مقزز ومنفر مع أهمية احترام شرف المرأة التي تحولت في إعلامنا المعاصر إلى دعاية لمساحيق التجميل وشامبوهات الشعر، وتفتيح البشرة وإزالة القشرة. المجال الأكاديمي كذلك من المجالات التي تعزز أهمية تعليم الفتاة المجال الأكاديمي، فمن الواجب الدفع ببناتنا إلى الدراسة الأكاديمية العلمية المتطورة، فنحن في عصر يتسارع فيه نبض العلم وتقنيات المعرفة، فإن مجتمعنا يحتاج للنساء والأطفال، وإلى قاضية عادلة في أحوال الأسرة وإلى محامية نزيهة في قضايا المرأة وإلى مشرفة اجتماعية في مدارسنا العامة وإلى أستاذة جامعية وتربوية متمكنة، وطبيبة أطفال متميزة.. وهذا لن يكون إلا بالتعليم الذي أمر الله به في كتابه الكريم وحث عليه نبينا «صلى الله عليه وسلم». لذلك يجب أن تحدد المدرسة والجامعة دروساً ومحاضرات لموضوع تعليم الفتاة ويكون ذلك بشكل منهجي وعلمي وأكاديمي مدروس لا يقوم على استعراض الشواهد والأدلة والبراهين فقط، بل يقوم على الفقه والفهم والتحليل والتحقيق.