أصناف الأدوية الفاسدة منها المزورة والمغشوشة منتشرة في الأسواق اليمنية، تتضاعف أضرارها وتتعاظم مخاطرها على صحة المرضى من عواقبها يتكرر الحديث في أوساط المواطنين عن حكايات.. لكل داء دواء.. مسلمة يتشافى بها كثيرون.. ومع استمرار البحث بين ذلك الكم الهائل من الأدوية المنتشرة في الأسواق بدأ الخوف يتسلل.. وصار الدواء داءً جديداً بعد أن بدأت تطال أصنافه المختلفة عمليات تهريب وتزوير منظمة تقودها عصابات «مافيا».. تستلذ بعذابات الناس وآلامهم.. غير آبهة بأن فلاناً مات من جرعة دواء فاسدة.. هطورة بالغة تحتل الأدوية نصيب الأسد من مجمل المواد التي تدخل بلادنا عن طريق التهريب، وتحتل نفس المكانة عند المهربين أنفسهم لأنها تدر عليهم مبالغ كبيرة جداً.. وقد سبق لدراسات وتقارير علمية مختلفة التحذير من خطورة ارتفاع نسبة الأدوية المهربة والمزورة التي تعج بها السوق الدوائية في بلادنا، وما يترتب على ذلك من خطورة مباشرة على حياة وأرواح الناس حال تعاطيها، وأكدت الدراسات أن نسبة الأدوية التي تدخل الأراضي اليمنية بواسطة قنوات غير شرعية تصل إلى 60% من جملة الاستيراد الرسمي، وأن الحجم المقدر للاستيراد غير الرسمي للأدوية يتراوح ما بين 37- 50% من حجم المعروض الكلي في السوق.. مؤكدة أن معظمه يأتي بكميات فاسدة وغير فاعلة. ويبلغ اجمالي الأصناف المهربة بحسب إحصائيات الهيئة العليا للأدوية (176) مهرباً و(46) مزوراً وترصد المستهلك (291) صنفاً مزوراً وبين الأصناف المهربة إلى اليمن تحتل السعودية المرتبة الأولى من بين الدول المهربة إلى اليمن بواقع (73) صنفاً تليها مصر (67) صنفاً ودولتا الهند والصين من حيث الأدوية المزورة المصنعة حسب طلب المهربين في الداخل. أسباب غير مشروعة من أبرز أسباب انتشار تلك الظاهرة بشكل مخيف جشع الشركات المستوردة، حيث تعمل على رفع أسعار بعض الأصناف المستوردة مما يفتح المجال للمهرب للبحث عن بديل رخيص الثمن فيعمل على إدخاله بطرق غير مشروعة، كذلك عدم تغطية الوكيل لطلب السوق، والسبب الأخير يتمثل باستغلال المهربين لتزايد الطلب على صنف معين. وبعيداً عن تلك الأسباب تفيد الإحصائيات الرسمية أن قيمة الاستهلاك الدوائي للأدوية المستوردة والمصنعة محلياً بلغت خلال العام المنصرم (224) مليوناً و(944) ألفاً و(582) دولاراً مسجلة زيادة قدرها 14.5% من العام الذي سبقه. متاجرة بأرواح المرضى ينفي الدكتور الصيدلي عبدالرقيب مهيوب عن نفسه وصيدليته بيع الأدوية المهربة أو التعامل مع مهربين، موضحاً أن أغلب تلك الأدوية مزورة وليست ذات مواصفات جيدة وتمثل خطورة عظيمة على صحة المريض.. والأثر الصحي السلبي قد يؤدي إلى وفاة المريض. وتهريب الأدوية من وجهة نظر الدكتور مهيوب متاجرة بأرواح المرضى من أجل مصالح دنيوية رخيصة وديننا الإسلامي حرّم الغش فما بالك فيما يتعلق بصحة الإنسان بل بحياته. ويكشف الدكتور مهيوب عن أكثر الأدوية تهريباً ومتواجدة في السوق «حسب ما سمع» وهي أدوية أمراض القلب والسكر والسرطان، وأدوية الجلطات ومنها دواء الاسبرين الذي يستخدمه المصابون بالجلطات كمميع للدم، ودواء «اليوثيل» الذي يستخدم لتقرحات عنق الرحم و«الديكايتيل» الخاص بسرطانات عنق الرحم، وهذا بالذات سعره الحقيقي أربعون ألف ريال بينما يباع المهرب منه ب(15) ألف ريال. ومن الأدوية المهربة الأكثر خطورة دواء «دوفستوف» مثبت الحمل إضافة إلى «الوارفارين» و«البرويجرتون المستخدم كمنظم للدورة» والدافلون الخاص بأمراض القولون و«البونستان» المستخدم كمهدئ و«المايكرنور» و«الجيسنج» الصيني المستخدم ضد النحافة. ومن الأدوية التي عددها الدكتور أيضاً: أدوية منع الحمل وأدوية «بيسلفون» شراب وديمكرون، وكفرسيل وديبومورول، فيالات و«ايموران» أقراص و«دوفاستون» أقراص والسلفادين. جهل قاتل في آخر حديثه أبدى الدكتور استغرابه من بعض المرضى الذين يتسارعون إلى شراء الأدوية المهربة مع علمهم المسبق بذلك، متناسين ما قد يسببه ذلك الدواء من مضاعفات وأخطار مستقبلية على حياتهم.. مخدوعين بسعره الرخيص. أضف على ما ذكر الدكتور مهيوب بالنسبة للأدوية الموجودة في الأسواق وهنا حسب إحصائية رسمية وردت بذلك، وأتى تصنيفها بأنها من أكثر وأخطر الأدوية تهريباً، تلك الأدوية «الانتيدي»، وهو عبارة عن مادة لتثبيت الجنين عندما تكون الفصيلة مختلفة عند الأم مقارنة بالأب.. ونتيجة لفحص مكوناتها وجد أنها تحتوي على مادة «الجنتي ميسين» وهو مضاد حيوي للالتهابات بصفة عامة وكذلك «يجلتس» وهو عقار ممنوع الاستخدام ويستخدم كملين ويحتوي على مواد مسرطنة فاستخدامه يؤدي إلى تسرطن الأمعاء. الجميع متضرر من جهته قال المواطن عبدالله غالب العليمي: نحن المواطنون لا يرضينا أن يتحكم بصحة أبناء الشعب فئة لا يهمها سوى الكسب المادي.. مؤكداً أن الجميع متضرر وليس هناك جهة بعينها فالقاضي أو المسؤول الأمني أو المهندس أو الوزير أو غيرهم بالتأكيد يشترون تلك الأدوية وبالتالي يصيب نفسه وأولاده بالداء أسوة ببقية المواطنين. مضاعفات خطيرة الدكتور عبدالله شديوه عدّد في دراسة له بعض مضاعفات أخطار الأدوية المهربة والمزورة ولعل أبرزها الفشل الكلوي وأمراض الجهاز الهضمي وجهاز المناعة وأخطرها السرطان الذي بات يهدد ثلث سكان اليمن، فاستخدام المضادات الحيوية بتركيزات أقل من المطلوب تكسب البكتيريا المسببة للمرض مناعة يصعب القضاء عليها.. ويؤكد شديوه أن تعرض الأدوية بشكل عام والأمصال واللقاحات بصفة خاصة إلى ظروف متغيرة يفقدها فعاليتها وتتحول إلى مواد سامة وخطيرة. إحصائيات أوضحت تقارير صادرة عن إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي بالهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية عن عمليات ضبط سجلاتها الإدارة بمطار صنعاء الدولي.. وعلى سبيل المثال لا الحصر تم خلال النصف الأول من العام الجاري تسجيل 155 حالة تهريب وتزوير أدوية متنوعة جلبها عدد من المسافرين بينها «715» ألف قرص مخدر. فيما رصد منفذ حرض البري (15) حالة تهريب دوائي بلغت كمية الدواء فيها طنين و(375) كيلو جراماً توزعت ما بين أدوية الضغط والصرع والحساسية والسكر والحمى والقرحة والسمنة وأمصال ضد السعار وهرمونات أنثوية محظورة. في حين ضبط فرع الهيئة بمحافظة الحديدة مجموعة من الأدوية المهربة والمزورة تم مصادرتها بالتنسيق مع نقطة كيلو 16 الأمنية. أساليب مستجدة من جهته حذر الدكتور علي الدرة مدير مبيعات في إحدى الشركات الدوائية في دراسة له من مخاطر الأساليب المستجدة حالياً من تهريب الأدوية خاصة العمليات التي تتم عبر شحنات تصل إلى البلاد على هيئة «ترانزيت» ومنها إلى دولة جيبوتي أو يتم تخزينها ضمن شروط مناخية وبيئية مزرية ثم إعادة نقلها إلى اليمن مرة أخرى بواسطة صناديق وقوارب بحرية تفتقر تماماً إلى أي من معايير نقل الأدوية مما يجعل حمولتها معرضة للتغيير البالغ في محتويات الدواء الذي تتفاعل مكوناته لتصبح عالية السمية أو يصبح الدواء فاقداً للفاعلية على أقل تقدير. الخطر القادم من الساحل..! وأضاف الدرة في دراسته أن مراكز الثقل في تهريب الأدوية بدأت تتحول من الحدود البرية إلى المنافذ الساحلية لطولها ولقربها من دول القرن الأفريقي وهي المواقع التي أخذت عصابات تهريب الدواء تنظم وتشغل فيها محطات التصدير أدوية يكون معظمها فاسداً أو مقلداً أو مغشوشاً ومدعومة لهذه الغاية ب(مافيا) أدوية تسير عمليات الاستقبال للشحنات القادمة، وأغلب تلك الشحنات طبعاً تدعمها وثائق مخالفة للحقيقة. إجراءات عقابية اعتبر الدكتور عبدالمنعم الحكيمي مدير عام الهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية أن تهريب وتزوير الأدوية مشكلة دولية تعاني منها أغلب دول العالم.. لافتاً إلى أن الهيئة تنفذ بالتنسيق مع الجهات الأمنية والجمارك وحرس الحدود وحملات الضبط ومصادرة وإتلاف الأدوية المخالفة قبل دخولها إلى الأسواق اليمنية. وأضاف: إن الهيئة تتخذ إجراءات عقابية تجاه مهربي الأدوية منها إحالتهم إلى القضاء وتغريمهم مالياً ومصادرة الأدوية وإتلافها. كما أكد الحكيمي أن نسبة تهريب الأدوية في اليمن تتراوح ما بين «5-10» في المائة من إجمالي الأدوية الموجودة في السوق اليمنية.