ظاهرة تهريب الأدوية باليمن تعتبر من القضايا المقلقة والخطيرة على المستويين الحكومي والشعبي حيث تشير دراسات حديثة إلى أن نسبة الأدوية المهربة التي تدخل الأراضي اليمنية تصل إلى 60 %من جملة الاستيراد الرسمي، فيما يبلغ الحجم المقدر للاستيراد غير الرسمي للأدوية ما بين 3750 % من حجم المعروض الكلي بالسوق. لعل ما يبدو مصدر إحباط كبير هو تنامي وجود مبررات لتهريب الدواء، والذي يعزوه البعض إلى عجز السوق المحلية عن تغطية كثير من الأدوية الأساسية. ولطالما ظلت ظاهرة تهريب الأدوية في اليمن أحد القضايا المقلقة والخطيرة على المستويين الرسمي والشعبي على حد سواء. الغريب في الأمر أن الأدوية الأساسية كالمهدئات وعلاجات أمراض القلب وغيرها لا تتوفر بوزارة الصحة كما لا يُسمح باستيرادها،وليس للشركات المنتجة لهذه الأدوية وكلاء رسميون في اليمن ، ولذلك يقوم البعض بتهريب مثل هذه المنتجات من الأدوية. وبحسب إحصائيات الهيئة العليا للأدوية فإن إجمالي الأصناف الدوائية المهربة التي تصل السوق اليمنية بلغ 176صنفاً، كما رصدت الهيئة وجود 46صنفاً دوائياً مزوراً، بينما ترى جمعية حماية المستهلك أن هذا العدد يصل إلى 291صنفاً. تعقب الأدوية المهربة تحتل السعودية المرتبة الأولى من بين الدول التي يتم تهريب الأدوية منها إلى اليمن بواقع 73صنفاً، تليها مصر 67صنفاً، وحسب إفادات صيادلة فإن غالبية الأدوية المزورة التي يعج بها اليمن هي من الهند والصين. مواد سامة وخطيرة وتكمن خطورة الأدوية المهربة والمزورة في كونها تتحول إلى مواد سامة وخطيرة على صحة الإنسان، نظراً لفقدانها فعاليتها بعد تعرضها إلى ظروف تخزين سيئة خاصة الأمصال واللقاحات. عقوبات رادعة وفي دراسة للدكتور عبده شديوة فإن أخطار الأدوية المهربة والمزورة ، تكمن في حدوث مضاعفات صحية منها الفشل الكلوي وأمراض الجهاز الهضمي وجهاز المناعة ولعل أخطرها السرطان. تهدد الصحة العامة وزير الصحة والسكان الدكتور عبدالكريم راصع أكد جدية الحكومة في محاربة ظاهرة الغش التجاري والتقليد والتهريب لكونها تطال الأغذية والأدوية ومختلف السلع، وتعتبر من أهم مصادر تهديد الصحة العامة، وقال الوزير إن قانون الصيدلة والدواء ينص على أن عقوبات تهريب الدواء المقررة فيه قد تصل إلى حد الإعدام. القوانين ليست المشكلة بدوره أكد رئيس نقابة الأطباء والصيادلة عبدالقوي الشميري أن تهريب الأدوية ظاهرة مقلقة وتشكل تهديداً لحياة الناس إلا أن المقلق أكثر في رأيه هو الفساد. وقال الشميري: “إن القوانين ليست هي المشكلة، فما هو موجود من القوانين واللوائح والأنظمة السارية كافٍ لحل المشكلة “ويمكن مكافحة عمليات تهريب الدواء بكل بساطة إذا ضبطت الأجهزة الحكومية المنافذ البرية والبحرية والجوية عبر إدارة سليمة ونزيهة”. ويرى نقيب الأطباء والصيادلة أن الجهات المعنية غير جادة في محاربة تهريب الأدوية “لأن المهربين هم جزء من السلطة” مشيراً إلى أن التهريب يتم من المنافذ الرئيسة للبلاد وأن متنفذي السلطة هم الذين يسهلون وصول المواد المهربة “وهم أنفسهم التجار الذين يملكون شركات الدواء”. وأوضح الشميري أنه إذا وجد التوجه الحقيقي لمنع التهريب من قبل الصحة بحزم “فإن ذلك سيحد من ظاهرة تهريب الأدوية وسيمنع من تسرب المخدرات لدول الجوار”. تهريب عبر مختلف المنافذ على سبيل المثال ضبطت الهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية أكثر من 170 حالة تزوير وتهريب للأدوية عبر مختلف منافذ الجمهورية، وأوضح تقرير صادر عن إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي بالهيئة أن الهيئة سجلت بمطار صنعاء الدولي 155حالة تهريب وتزوير أدوية متنوعة، جلبها عدد من المسافرين، بينها715 ألف قرص مخدر. فيما رصد منفذ حرض البري 15حالة تهريب دوائي، بلغت كمية الدواء فيها طنين و375كليوجراما، توزعت ما بين أدوية الضغط والصرع والحساسية والسكر والحمى والقرحة والسمنة وأمصال ضد السعار وهرمونات أنثوية محظورة. في حين ضبط فرع الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بمحافظة الحديدة مجموعة من الأدوية المهربة والمزورة، تم مصادرتها بالتنسيق مع نقطة كيلو 16الأمنية. وحسب التقرير يوجد 16صنفاً غير مطابق لمواصفات دساتير الأدوية من إجمالي 171صنفاً دوائياً تم سحبها كعينات عشوائية من صيدليات مختلفة بأمانة العاصمة والتحقق من صلاحيتها بعد الاستيراد ومطابقتها للمواصفات الدوائية. وأشار التقرير إلى أن الأصناف ال16 مصنفة ضمن الأدوية الهامة التخصصية لمختلف الشركات الدوائية المحلية والعربية والأجنبية “الأسيوية والأوروبية”. بينما أفرجت الهيئة العليا للأدوية عن 515عينة دوائية وصلت لبريد مطار صنعاء الدولي بغرض التسجيل ومنحها ترخيص للاستيراد والتداول في السوق الدوائي اليمني. من جانبه أكد مدير عام الهيئة الدكتور عبدالمنعم الحكمي أن نسبة تهريب الأدوية في اليمن تتراوح ما بين “5 10” في المائة من إجمالي الأدوية الموجودة في السوق اليمنية. واعتبر الدكتور الحكمي تهريب وتزوير الأدوية مشكلة دولية تعاني منها أغلب دول العالم، لافتاً إلى أن الهيئة تنفذ بالتنسيق مع الجهات الأمنية والجمارك وحرس الحدود حملات لضبط ومصادرة وإتلاف الأدوية المخالفة قبل دخولها إلى الأسواق اليمنية. وأضاف: إن الهيئة تتخذ إجراءات عقابية تجاه مهربي الأدوية منها إحالتهم إلى القضاء وتغريمهم مالياً ومصادرة الأدوية وإتلافها. وتفيد الإحصائيات الرسمية أن قيمة الاستهلاك الدوائي للأدوية المستوردة والمصنعة محلياً بلغت خلال العام المنصرم 224مليوناً و944ألفاً و582دولاراً، مسجلة زيادة قدرها 14.5%عن العام الذي سبقه. نصف أدوية السوق مهربة تشير دراسة حديثة متخصصة إلى أن نسبة الأدوية المهربة التي تدخل الأراضي اليمنية تصل إلى 60%من جملة الاستيراد الرسمي، فيما يبلغ الحجم المقدر للاستيراد غير الرسمي معظمه يدخل اليمن بكميات كبيرة فاسدة أو غير فعالة. وقالت مصادر نقابية طبية وصحية: إن الاقتصاد اليمني تكبد خسائر سنوية تصل إلى المليارات من الريالات بسبب استهلاك الأدوية الفاسدة والمهربة وغير الفعالة. وضبطت الرقابة الدوائية بوزارة الصحة والسكان أكثر من 178منشأة صيدلانية في محافظة أمانة العاصمة، عدن، إب، الحديدة، البيضاء، منها 73منشأة صيدلانية في أمانة العاصمة، وجميعها تحتوي على أصناف دوائية مزورة، وأضافت هذه المصادر أنه أيضاً تم ضبط أدوية مهربة في 11منشأة صيدلانية، وكذا 30منشأة تحوي أدوية مزورة و57منشأة تحوي أدوية حكومية مجانية، و18منشأة تحوي عينات مجانية، إضافة إلى ضبك 10منشآت تحتوي على أدوية مهربة مخلة بالآداب، فيما 38منشأة صيدلانية أخرى تحوي أدوية فاسدة. وذكرت مصادر صحية أن إجمالي ما تم ضبطه من قبل الرقابة الدوائية من مخالفات بلغ 932صنفاً دوائياً مخالفاً في كافة الأسواق الدوائية في معظم محافظات الجمهورية خلال الفترة الماضية.. وزادت هذه المصادر الصحية بأن الرقابة الدوائية والصحية الميدانية تمكنت من ضبط 400فيالة من صنف anti.D وكذا ضبط 4000امبولة الممنوع استخدامه، فيما تم ضبط 3000أمبولة kinking A – novlgine المزور وكذا ضبط 5000فيالة من صنف.. paramol المزور و5000فيالة من صنف Regerpine المزور إضافة إلى ضبط 9000ملصق جاهز للتزوير لثلاثة أصناف حيوية، وكذا تمكنت الرقابة الصحية في وزارة الصحة والسكان مؤخراً من ضبط معمل متكامل يقوم بتزوير الأدوية المخلة بالآداب العامة. إلى ذلك وقد أمدت هذه المصادر أن سوق الأدوية في اليمن حالياً بدأ يشهد تحولات شبه جذرية في هيكلة الأدوية المهربة إلى البلاد وأن الجهات الرسمية في وزارة الصحة والسكان وبالتعاون مع السلطات المحلية في المحافظات تدرس حالياً إيجاد سبل كفيلة لمكافحة ظاهرة تزوير الأدوية والقضاء على ظاهرة تهريب الأدوية من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات الرقابية المشددة على المنافذ الجمركية وتشديد عمليات الرقابة الميدانية الدورية وتنفيذ حملات رقابية تفتيشية صحية مكثفة في عموم المحافظات اليمنية على المنشآت الطبية والصيدلانية.