أقيمت أمس في صنعاء على هامش الافتتاح الرسمي لجامع الصالح ندوة فكرية حول «وحدة أمة الإسلام واجبٌ شرعيٌ ومطلبٌ حياتيٌ»، ركزت في مجملها على مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة وواقعها اليوم. واستعرضت، الندوة التي أدارها الدكتور عقيل المقطري، مقومات الوحدة الإسلامية وعوامل النهوض بها وخطورة الصراعات المذهبية على وحدة المسلمين. وتطرق الشيخ قاسم فيصل إبراهيم إلى المفاهيم الأساسية لوحدة الأمة، انطلاقاً من قوله تعالى: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، وأن الدين الإسلامي دين الوحدة والتوحيد تفرعت عليهما أحكام الإسلام. وقال: إن مسألة وحدة الأمة لن تبنى على مصلحة مّا أو دفع مادي أو ولاء عشائري وإنما تبنى على الإيمان بالله تعالى في السر والعلانية... مؤكداً أنه عندما يقوى إيمان الأمة بربها يرتفع رصيدها من الأخوة والوحدة، والعكس في ذلك عندما يهبط إيمانها ينخفض رصيدها في الوحدة. بدوره تناول رئيس جامعة مركز الثقافة السنية وأمين عام جمعية أهل السنة والجماعة في الهند الشيخ أبوبكر أحمد مسيار، تجربة واقع الأمة اليوم، وما أصابها من تفرقة وتمزق وشتات بين المسلمين في مختلف بقاع العالم. وقال: إن المسلمين يُتَّهمون بالإرهاب والتطرف... والحقيقة عكس ذلك، كون المسلم لايمكن أن يكون إرهابياً ولا متطرفاً، ولكن العالم يريد إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين، وهم بريئون من ذلك... لافتاً إلى ضرورة جمع الكلمة ولمّ صفوف المسلمين ونبذ الاختلافات والتفرقات فيما بينهم تجسيداً لقول المولى تبارك وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّتُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» 103 . وحث المسلمين على الاقتداء والتأسي بالأخلاق الحميدة التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم والابتعاد عن الغلو والتطرف وكل ما يسيء إلى الدين والعقيدة... مؤكداً أن الإسلام دين عزة وقوة لا ضعف أو جبن. فيما استعرض الأمين العام لهيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور حارث الضاري مقومات الوحدة العربية الإسلامية المتمثلة في وحدة العبادات، التشريع ،الأخلاق والقيم ،التاريخ، الجغرافيا والثقافة واللغة. وتطرق إلى أسباب التفرقة والشتات وما أصاب الأمة اليوم من ضعف وهوان وتمزق وذلك لأسباب ابتعادهم عن قيم التسامح والأخلاق ووحدة الصفوف الإسلامية... مؤكداً أن المسلمين اليوم يعيشون في شبه وحدة جغرافية تساعد على نقل الحضارة والثقافة، من خلال التبادل الثقافي كما يسمى الآن بين هذه الشعوب وبين هذه الدول العربية الإسلامية. من جانبه قال رئيس جامعة الإمام أحمد بن عرفان الشهيد في الهند الشيخ الدكتور سلمان الحسني الندوي: إن اجتماعنا اليوم في رحاب المسجد الصالح أو أي بيت من بيوت الله يهم الأمة في الحاضر والمستقبل، كونه يناقش موضوع الوحدة الإسلامية أو وحدة المسلمين وسبل درء الصراعات المذهبية التي تظهر بين فينة وأخرى. مؤكداً أن المسلمين في حقيقة الأمر أمة واحدة متراصة، متماسكة متآخية متعاضدة ومتعاونة، كما ولدت على الفطرة، ربّاها وعلّمها على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم... مستعرضاً أمثلة عديدة لتوحيد الصفوف ولم الشمل حينما جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين القبائل القرشية وغير القرشية، وبين الأنصار والمهاجرين، فكوّن بذلك أمة موحدة إسلامية يشهد التاريخ بعظمتها.