يظل الحديث عن وضع المرأة في بلادنا وما حققته من تطلعات وإنجاز وواقع معاش حديث لاينتهي بين متفائل ومتشائم.. وإذا كانت المرأة قد استطاعت أن تصل إلى آفاق واسعة لكنها لم تصل إلى ما كانت تحلم به بوصفها حفيدة لبلقيس وأروى. الواقع ليس بتلك القتامة تقول سعيدة محفوظ سعيد - عضو المجلس المحلي لمديرية قلنسية بجزيرة سقطرى: في الواقع لم تصل المرأة في محافظة حضرموت إلى المكانة التي يجب أن تكون فيها حيث لانجد امرأة على مستوى المحافظة تتولى أو تتبوأ منصباً إدارياً متقدماً وفي رأيي ان ثمة عدة أسباب تقف وراء ذلكم الواقع منها ماهو ذاتي ومنها ماهو موضوعي فالمرأة يقع على عاتقها المطالبة لنيل حقوقها وهي قادرة على الوصول إلى مستويات مهمة ومتقدمة من خلال مشاركتها وتفاعلها في أنشطة المجتمع. وان تجد المرأة لنفسها موقعاً وتحقيق قدر كبير من النجاح وأي قصور في نشاط المرأة السياسي والاجتماعي لايمكن ان يؤدي إلى تحقيق حلمها وإرادتها بتولي منصب مهم وتتبوأ مركزاً وموقعا إدارياً متقدماً وخروج المرأة للساحة السياسية يفسح لها المجال للمشاركة في الحياة العامة جنباً مع أخيها الرجل يعطي دلالة على فاعليتها والمطالبة بكافة حقوقها والخروج من العزلة التي كانت تعاني منها. أسباب موضوعية وهناك أسباب موضوعية لعل أهمها نظرة المجتمع إلى المرأة والدور الذي يجب ان تتطلبه، وبالتأكيد تلك نظرة قاصرة وأطروحات قديمة ومن موروثات الاستعمار والإمامة والعزلة التي كانت تعيشها ليس سقطرى أو حضرموت فقط بل وبلادنا ككل، وعليه نرى اليوم ان هذه النظرة الدونية للمرأة أخذت في الاندثار وظهرت المرأة اليمنية وشاركت في مجالات الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولايمكن أن يتطور المجتمع ويرتقي إلا باضطلاع المرأة بدورها ومهامها في صناعة القرار وتنفيذه. ومن يقل إن خروج المرأة إلى الساحة ومشاركة أخيها الرجل عيب وخروج عن التقاليد فإن ذلك الكلام ليس صحيحاً جملة بل في بعض جزئياته فالحقوق التي للمرأة قد كفلتها لها القوانين والبرامج الوطنية وبالتالي يجب على المرأة السعي لنيل هذه الحقوق وحتى النضال ولاتستسلم للأوضاع الموروثة ويجب أن تتحلى بالقناعة والعزم بصدق قضيتها والتسلح بالعلم والمعرفة وبالنظر إلى الوضع الحالي للمرأة في حضرموت رغم كل السلبيات والواقع المعاش ليس بتلك القتامة، فقد بدأت المرأة في محافظة حضرموت تدرك أهمية قيامها بواجبها خاصة ان الفرصة متاحة أمامها لكن المهم أن تتفاعل مع جهود الدولة وبرامجها السياسية والاجتماعية والثقافية والأمر مرهون بدرجة أولى بالمرأة نفسها فإذا كانت نشطة وتشارك في الفعاليات الوطنية وتعبر عن رأيها وتدخل في المنافسة ستحقق قدراً كبيراً من طموحاتها وتخرج من عزلتها الاجتماعية. فائزة محمد اليزيدي - مدير دائرة الرياضة النسوية بمكتب وزارة الشباب والرياضة بمحافظة حضرموت تقول: ان هناك كثيراً من العوائق التي تحول دون تمكين المرأة من تولي مراكز قيادية بالقدر المطلوب، وتفند تلك العوائق إلى قسمين ذاتية وخارجية. عوامل ذاتية - الحياء والخجل المبالغ فيه عند كثير من النساء. - اعتقادها الراسخ بأن الرجل هو الذي يملك المعرفة في كل شيء أكثر من المرأة. - ظنها بأنها لاتستطيع أن تتخذ القرارات وإن اتخذت قرارات ستصطدم بقوة الرجل وسطوته. - ظنها بأن الرجل هو من يجب ان يواجه الأعباء وهو أيضاً الذي يواجه الأمور والناس ولديه المقدرة على التحدث. - ترى أن اشتغالها بالعمل والتدرج فيه قد يسيء إلى سمعتها وشرفها. - بعد ان تنهي الفتاة تعليمها مهما كان مستواها - وحتى أثناء تعلمها بتعد أو تكون بعيدة عن مجمل المنابر والأصوات السياسية والاقتصادية في البلاد وتحصر تفكيرها ونشاطها في متابعة جرائد ومجلات الموضة وأخبار الفنانين والفنانات والقنوات الفضائية والمسلسلات. كل هذه العوائق موجودة لدى كثير من النساء وغير ذلك تعتبر حالات شاذة عن هذه الأسباب مهما بلغ مستواها التعليمي أو الثقافي. العوائق الخارجية العادات والتقاليد ورثنا في اليمن عادات وتقاليد معظمها من انتاج الإمامة والاستعمار في عهودهما المظلمة وفيما يخص المرأة ووفقاً لهذه الموروثات فقد أصبح كثير من الرجال يتعامل مع المرأة باعتبارها : -تجلب العار للأسرة أو القبيلة وهذه نظرية جاهلية بسببها كانوا يقومون بوأد البنات. - الإيمان بأن مكانها الطبيعي والوحيد البيت وخدمة الزوج وتربية الأبناء فقط لاغير. - أنها لاتستطيع أن تقوم بالأعمال التي يقوم بها الرجل. - من العيب الكبير أن تكون المرأة مسؤولة عن الرجل فكيف إن كان هذا الرجل قبلياً يمتطي سلاحاً ويتفاخر به. - يأبى كثير من الرجال التحاق بنته بالعمل ويرون في توظيفهن منكراً حتى وإن ألحق ابنته بالتعليم ووصلت فيه إلى مستويات عالية. - الأفكار الدينية المتشددة هذه الأفكار جعلت من المرأة كلها حراماً صوتها ووجهها، كفها وعملها، خروجها من البيت، تحدثها مع الآخرين» أما الرجل فمن حقه ان يتحدث إلى المرأة وتتحدث معهم وتحضر جلساتهم وتقوم بالدعاية الانتخابية لهم بدون محرم. الأوضاع الوظيفية أن تدير المرأة إدارة عامة أو وزارة فهذا خروج عن الشريعة وأمر منهي عنه. بعض القيادات العليا في السلطات المحلية كالمحافظين ومدراء الإدارات والمكاتب في كثير من الإدارات والمصالح الحكومية لايمكن أن يعين المرأة في منصب رفيع مثل مدير عام أو حتى مديرة بقسم أو دائرة، ويوكل مثل هذه المهام للرجل حتى وإن كان توظيفه جديداً أو غير ملم بالأمور الإدارية وماحصل في عدن يعتبر خروجاً عن القاعدة كما أنه لاتوجد في أي إدارة عامة بحضرموت مستشارة قانونية باستثناء التربية والتعليم وهؤلاء لايساعدون في تغيير وضع المرأة وظيفياً ولا يساعدون على تحقيق ماجاء في الفقرة «أَ» بقصد أو بدون قصد، لأنه من المفروض أنه لا يمكن أن يتم توظيف رجل في وظيفة وزير فلابد أن يتدرج من موظف إلى مسؤول قسم إلى مدير دائرة مدير عام إلى وكيل مساعد إلى.. أما المرأة فتتقاعد في معظم الحالات وهي بدرجة وظيفية متدنية ربما تكون كاتبة. المجتمع برغم تطور المجتمع إلا أنه يرى خروج المرأة إلى عملها وعودتها إلى منزلها متأخرة أمراً فيه شيء من «قلة الحياء والأدب» أو أن تدهب إلى عمل إضافي في المساء وتعود متأخرة فسترتفع الأقاويل بل ويعمد أحياناً إلى توبيخها واتهامها كما أن مجتمعنا لم يستوعب بعد أن تتبوأ امرأة مناصب قيادية عليا تأثراً بالعادات والتقاليد والأفكار الدينية المتشددة. الإعلام قنواتنا الفضائية في معظمها قنوات أغان ومسلسلات وأخبار.. لاتوجد فيها بالقدر الكافي البرامج الثقافية والبرامج الخاصة بالمرأة والبرامج الموجهة إلى كافة فئات المجتمع الهادفة إلى تطويره ثقافياً وتغيير كل الأفكار التي تكون عائقاً نحو ذلك الهدف. قوة انتخابية كبيرة آمال سالم بن جوهر موظفة في التربية الشاملة بمكتب التربية ومسئولة بجمعية شريان للتبرع بالدم: المرأة في حضرموت بل في اليمن بشكل عام تشكل قوة انتخابية كبيرة لم يتم استغلالها بالشكل الصحيح وذلك لأسباب مختلفة نذكر منها العادات والتقاليد بالإضافة إلى ضعف الوعي بالدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في العملية الانتخابية بالرغم من أنه في الفترة الأخيرة هناك حالة إدراك من قبل بعض الأحزاب لأهمية هذا الدور إلا أن هذا قد استغل لصالح انتخاب الرجل. وبالرغم من وجود شريحة نسوية لا بأس بها ذات ثقافة عالية إلا أن المرأة تظل حبيسة ذلك الدور المرسوم لها وقد ساهمت مجريات الأحداث في الساحة العربية خاصة والعالمية عامة «من اغتيالات سياسية، ديمقراطية زائفة» في ترسيخ مخاوف المرأة وزرع اليأس في نفسها فتزعزعت ثقتها في نفسها بقدرتها التغييرية والدور الذي يمكن أن تلعبه في تحويل مجريات الأحداث على الساحة السياسية، وليس هذا فقط بل أن مستوى تولي المرأة للمناصب القيادية في وقتنا الحاضر فيه بعض الأجحاف، فالمرأة اليمنية عرفت منذ القدم بعملها ورجاحة عقلها وأنا لا أضع كل اللوم على الرجل، بل إن الظلم يمكن أن يأتي للمرأة من المرأة وهذا يزيد الأمور تعقيداً. وأنا أرى في النهاية أنه إذا كنا صادقين في رغبتنا أن تلعب المرأة دوراً أكبر في العملية السياسية فعلينا في البداية إعطاءها بعض الحقوق مثل المقاعد المخصصة لها في بعض الدوائر الانتخابية بالرغم أنه ليس من الديمقراطية أن نفرض على الناخب اختيار امرأة أو رجلاً إلا أن ذلك قد يغير وضعية المرأة التي اعتادت على الدور السياسي السلبي وتصبح في يوماً ما قادرة على أخذ حقها بنفسها وليس تنتظر أن يعطى لها حقها. المرأة وأصحاب القرار فادية أحمد محررة بصحيفة شعاع الأمل تقول: في بلادنا لايزال هناك تناقض واضح بين النصوص التشريعية والقانونية التي ساوت في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة والواقع المعاش الذي يكرس التمييز ضد المرأة على أساس الجنس.. لقد كفل الدستور في بلادنا العديد من الحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة.. ولكن مازال دور المرأة مفقوداً وكثيراً مايهمش دورها في قضايا غاية في الأهمية ومن أهم الأسباب التي تجبر المرأة على التوقيع في دائرة الظل وحرمانها من تولي بعض المناصب القيادية في مجال العمل هي: العادات والتقاليد فلا يزال المجتمع يعيش أسيراً لهذه العادات التي فرزتها ظروف حياتية معقدة وصعبة تعاني المرأة كثيراً من وطأتها. النظرة القاصرة والدونية للمرأة التي ترى في المرأة كائناً ضعيفاً مما يجعلها أقل قدرة من وجهة نظر المجتمع ووفق هذه النظرة على تيسير دفة الأمور على الوجه الاكمل وجود المرأة في موقع قيادي «مدير عام مثلاً» لا يتناسب مطلقاً مع قدراتها العقلية والجسدية ومستواها الفكري وضعفها الأنثوي. تعامل المرأة بسلبية واضحة تجاه قضاياها وحقوقها المشروعة فالرضى والقبول بالأمر الواقع وعدم السعي إلى تغييره جعل من المرأة تابعاً لا رأي لها، وفي كثير من المواقف تتعرض للضغوط والاحباط ولا تجد أمامها سوى تنفيذ الأوامر والاملاءات دون فهم ووعي لطبيعة ما تفعل. من المؤسف أن يقف أصحاب القرار عائقاً أمام طموحات المرأة وتطلعاتها، وتصبح أقوالهم مجرد شعارات جوفاء، بدلاً عن ترجمتها إلى أفعال ملموسة وتجسيدها على أرض الواقع، وإفساح المجال واسعاً أمام المرأة لإثبات قدرتها وكفاءتها. وتضيف الزميلة فادية في ختام حديثها: لقد أثبتت المرأة على الدوام قدرتها وجدارتها العالية في كل منصب تبوأته وهناك من المشاهد مايجعلنا نؤكد ذلك، فكثيراً من النساء اليمنيات كن انموذجاً رائعاً للعطاء، ومنهن من نالت شرف التكريم على الصعيد العالمي، ومع ذلك لازال المجتمع يرفض التعامل الايجابي مع المرأة ويصر على حصرها في زوايا ضيقة ووظائف محددة ناسياً أنها حفيدة الملكة أروى والملكة بلقيس التي أول من جسدت مبدأ الديمقراطية والشورى.