السعادة الأسرية والاستقرار الأسري لايقاس بكثرة الانجاب كما يظن البعض بل ويحرص عليه أيما حرص سواءً من الآباء أو الأمهات أو اعتبار إنجاب المزيد من الأولاد عزاً وسنداً ومدعاة للمباهاة والتفاخر بين الناس، ضاربين عرض الحائط كل التبعات والآثار الضارة المترتبة على الولادة المتتابعة بفواصل زمنية قصيرة أو دونها. فماذا يقول الآباء وتقول الأمهات المعيلين؟ وماذا يقول ديننا الإسلامي الحنيف والأطباء والطبيبات المختصون حول هذا الموضوع الحساس المثير للجدل؟ ضغوط عائلية ك.س متعلمة وأم لخمسة أبناء وبنتين: أنا تعبانة.. لم أجد راحة بعد زواجي ففي كل عام حمل وولادة، ولانملك نحن النساء أمام رغبة الزوج وضغط أهله إلا الانصياع». شاركتها الرأي ن.م أمية وأم لأربعة أبناء وثلاث بنات بقولها: «كثرة الخلفة مرهقة ومتعبة، والخطأ منا لأننا لانستعمل وسائل تنظيم الأسرة لإرضاء الزوج والأهل». واكتفت ك.ع.ع متوسطة التعليم وأم لست بنات وولدين بالقول: «أدركت مؤخراً أهمية تنظيم الأسرة لكننا كثيراً مانتعرض لضغوط من قبل أب وأم الزوج لزيادة الإنجاب». اعتلالات مرضية أ.س.ع متعلمة وأم لولدين وثلاث بنات «بسبب الولادات المتكررة دون راحة رأيت الموت بعينه في اخر ولادة نتيجة ارتفاع ضغط الدم، وبسببه أجريت لي عملية قيصرية». وأضافت ر.م.ع أمية وأم لأربعة أبناء وبنتين: دائماً أعاني في ولادتي من نزيف حاد بسبب الولادة المتتابعة..ولادة بعد ولادة، لذلك أنا ألد في المستشفى وقد قالت لي إحدى الطبيبات إن مشكلتي تتابع الولادات. ح.م.أ أمية وأم لأربعة أبناء وثلاث بنات: تعرضت للإجهاض بسبب تتابع الولادات، وهأنا أعاني من مشاكل مرضية كثيرة، مثل هشاشة العظام التي شخصها الأطباء بسبب الحمل المبكر وكثرة وتتابع الحمل. القلق وتردي المعيشة علي عبدالكريم موظف وأب لولدين وأربع بنات،عبر عن استيائه الشديد لما آلت إليه الأوضاع المعيشية بالقول: الحياة أصبحت صعبة وأجد صعوبة ومشقة حتى في توفير القوت الضروري للأسرة، ويزيد في المشكلة صعوبة الحصول على الراحة والهدوء في البيت بسبب حالة الفوضى التي يسببها الأطفال، وأنصح جميع الآباء والأمهات أن يكونوا متعقلين ويباعدوا بين الولادات». شاركه الرأي ع.ع.م ضابط وأب لسبعة أبناء وأربع بنات، مضيفاً: طبيعة عملي تلزمني التغيب عن المنزل مدة طويلة والحمد لله، وإلا لكنت في عداد المجانين؟! ودون تحفظ يقول عبدالله الصبري موظف وأب لتسعة أبناء «كانوا يقولون بأن كثرة الأولاد عز ومفخرة.. وهذا كان زمان أما الآن فهم غصة ومحنة، ويارحمتي لكل معيل!». الرأي الشرعي الرأي الشرعي في تأجيل الإنجاب باستخدام وسائل تنظيم الأسرة بينها الشيخ حسن عبدالله الشيخ الوكيل المساعد لقطاع الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والإرشاد بقوله: حكم استخدام وسائل تأجيل الإنجاب عند الضرورة وعند الحاجة وإذا ماتقرر أن تستخدمها المرأة عن طريق مقدمي الخدمة، فحكمها من الجانب الشرعي أنها جائزة،طالما تحقق غرضاً شرعياً وصحياً واجتماعياً. فالغرض الشرعي من أجل أن تبقى المرأة فترة لتربي ولدها وتؤدي الواجب الذي عليها نحوه، وقد يكون فيه مراعاة لصحتها وحفاظاً على حياتها، حفاظاً أيضاً على استمرار الحليب لرضاعة مولودها، فربما ينقطع الحليب من المرأة إذا ماحملت مجدداً». تداعيات مرضية خطيرة الدكتورة فاطمة الأكوع اختصاصية أمراض النساء والولادة: «تواجه كل امرأة حامل قدراً من الخطر لمجرد أنها حامل ولايمكن استبعاد حتى تعرضها لعوامل الخطورة استبعاد كاملاً أثناء الحمل أو الولادة.. والوضع خطير بسبب تتابع الولادات وتكررها فمعه تتعرض الأم وجنينها أو مولودها لأخطار محدقة سواءً أثناء الحمل أو عند الولادة أو في فترة مابعد الولادة، بل وتشكل عوامل مساعدة لارتفاع نسبة وفيات الأمهات والمواليد. وقد أثبتت العديد من الدراسات والبحوث التي أجريت في العديد من الدول أن تكرار الحمل والولادة يُحدث مضاعفات خطيرة على صحة الأم والطفل ويهدد حياتهما،وأكثرها شيوعاً النزيف وتمزق الرحم وإطالة المخاض وتعسر الولادة وغيرها فالولادات المتلاحقة دون مباعدة. ووصف الدكتور عبدالله الرقيمي استشاري أمراض النساء والولادة من جانبه اعتماد الفترة المناسبة للمباعدة بين الولادات بناءً على حالة المرأة الصحية وعلى قيم ومبادئ ديننا الحنيف الذي يحرم تحديد النسل من حيث عدد الأولاد والبنات الذين سيتم إنجابهم لكنه لايحرم تنظيم الأسرة لمافيه مصلحة للأب ولصحة الأم ولتربية الأبناء ورعايتهم. إذ تشير الدراسات التي أجريت في هذا الجانب بأن المباعدة المناسبة بين الولادة والأخرى مفيدة لصحة الأم وأطفالها، ويجب أن تحصل الأسرة على مشورة جيدة لاختيار الوسيلة المناسبة لتنظيم الأسرة. وأوصى الدكتور الرقيمي من جانبه بأن تكون فترة المباعدة بين الولادات بين «23 سنوات» حيث يقول المولى جل وعلا:«وحمله وفصاله ثلاثون شهراً» الآية «51» من سورة الأحقاف. فوائد وخيارات الدكتورة.نعمة الصريمي استشارية أمراض النساء والولادة، حددت بدورها الفوائد العائدة التي يعود بها استخدام وسائل تنظيم الأسرة على المنتفعات والأسرة، وماتوفره هذه الوسائل من خيارات متنوعة بقولها: تعود وسائل تنظيم الأسرة بفوائد صحية على المنتفعات اللواتي يستخدمنها وأهم هذه الفوائد تقليل وفيات الأمهات والمواليد بسبب الحمل والولادة، وإعطاء الأم فرصتها للرضاعة الطبيعية واستعادة صحتها بعد الحمل السابق وكذا إعطاء الطفل حقه من الرضاعة الطبيعية والتربية السليمة، وتجنب الحمل غير المرغوب فيه». وأضافت:«إن المعيار الأنسب لاختيار وسيلة تنظيم الأسرة الملائمة للمنتفعة يأتي بعد الفحص الطبي والتعرف على موانع الاستعمال لكل وسيلة، حيث تتيح المشورة الحصول على المعلومات اللازمة حول جميع الوسائل المتاحة لاختيار مايناسبها من هذه الوسائل وهي بإيجاز: الحبوب الفموية: وهي نوعان: - حبوب هرمونية مركبة. - حبوب أحادية الهرمون. وسائل هرمونية عن طريق الحقن: وهي نوعان: - أحادية الهرمون «كل 3 أشهر». - أحادية الهرمون «كل شهرين». - الغرسات تحت الجلد - الحلقة المهبلية مركبة الهرمون. - اللولب. - المواد الموضعية. - الواقي الذكري. المشورة الطبية وحول المشورة الطبية التي تحدد الاختيار الأمثل لوسائل تنظيم الأسرة تقول سميرة طاهر مديرة تنظيم الأسرة بوزارة الصحة العامة والسكان: «لابد من المشورة الطبية وأن تلتمسها المنتفعة من مقدم الخدمة «طبيب طبيبة قابلة» قبل الشروع في استخدام وسيلة لتنظيم الأسرة، لأن العمر له حكمه وأيضاً الإصابة بالأمراض. المشورة أو الاستشارة هنا تساعد على الاختيار الموفق للوسيلة المناسبة لتنظيم الأسرة وشرح طريقة الاستخدام أو التعامل، وتوضيح نسبة نجاح وفاعلية الوسيلة ومشاكلها والأعراض الجانبية المترتبة على ذلك، ومايتعين عمله إذا وجدت المنتفعة في وسيلة تأجيل الإنجاب مشكلة، بينما عليها وقف استخدامها واللجوء مباشرة إلى الطبيبة أو الطبيب إذا ظهر من جرائها أية مضاعفات».