جلنا يعلم الشيء الكثير عن الحصبة،فهو مرض ألفه الكثيرون ولمسوا آثار أعراضه على أطفالهم المحرومين من التحصين،بل ومن بينهم من يدرك خطورة هذا المرض ويعلم الكثير عن الآثار الظاهرية التي تنجم عن مضاعفاته. وحقيقة مشكلة الحصبة ليست بالهينة؛ومع أن أعراضها قد تبدو عادية نوعاً ما بادئ الأمر،لكنها يمكن أن تشتد وتسوء مدخلة المريض في مرحلة مضاعفات تهدد صحته على نحو فيه خطورة على حياته. إن من الأولى أن يعي ويدرك الآباء والأمهات هذا جيداً وأهمية أن يحظى أطفالهم بحماية كاملة ووقاية دائمة من داء الحصبة،بأن يحرصوا أيما حرص على تحصين فلذات الأكباد بلا استثناء،مع الالتزام بقواعد الوقاية والنظافة العامة والشخصية حتى لاينالهم الأذى الذي يلقيه ويلحقه هذا المرض الوخيم على أجسادهم الغضة الصغيرة التي لاتقوى على حماية نفسها ولاتمتلك القدرة الدفاعية لصد ودحر عدوى فيروسات مرنت على قتل وتدمير الأجساد الصغيرة.. ففي الشهر التاسع من عمر الطفل يأتي موعد الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لهذا المرض،بينما الجرعة الثانية عند بلوغ عام ونصف من العمر؛وهذا معمول به في كافة مراكز التحصين ضمن مرحلة التطعيم للأطفاشل الرضع المسماة بمرحلة التحصين الروتيني يمنحون خلالها كرتاً يدون عليه نوع جرعات التطعيم ومواعيدها. وإذ بنا على عتبة حملة التحصين التكميلية نحو القضاء على مرض الحصبة تستهدف جميع الأطفال في الفئة العمرية من «9 أشهر -5 أعوام» أود القول بأن هذه الحملة يزمع في تنفيذها بمحافظات «الحديدةحضرموت الوادي والصحراء حضرموت الساحل المهرة صعدة»، خلال الفترة من «24 29 يناير 2009». كما أنها .. أي الحملة ليست من منزل إلى منزل،وإنما يأتي تنفيذها في المراكز والوحدات والمرافق الصحية والمواقع المختلفة المعلن عنها في سائر المحافظات والمديريات المستهدفة. بالتالي تستدعي هذه الحملة إعارتها جل الاهتمام من الآباء والأمهات بتحصين أطفالهم المستهدفين،وما من مشقة سيجدها أي منهم في تلبية نداء الصحة.. نداء التطعيم لحماية فلذات الأكباد من خطر الحصبة ومايترتب على الإصابة بهذا الداء من مضاعفات غاية في الخطورة. إنه يتميز بقدرة كبيرة على الانتشار والانتقال عبر استنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء المنبعث من فم أو أنف المصاب به بفعل العطاس أو السعال،أو عند استعمال المتعلقات الشخصية للمريض الملوثة بالفيروسات،كالمناديل والمناشف،وكافة الأشياء التي يقع عليها شيء من إفرازاته أو لعابه. وليس لفيروسات الحصبة من مضيف سوى الإنسان،فهو المصدر الوحيد للعدوى،خاصة في الطور الرشحي الذي يعتبر أخطر الأطوار وأهمها في نشر العدوى. وكون الحصبة ميزة السرعة في الانتشار والانتقال من شخص لآخر،ولها أيضاً قدرة عالية على إحداث مضاعفات من شأنها الفتك بالمصابين في بعض الأحوال أو التسبب في عاهات وتشوهات مأساوية،فذاك مايبعث على الاهتمام بتجنب واتقاء إصابة فلذات الأكباد بتحصين المستهدفين منهم ضد فيروس الحصبة الوخيم. وللأسف الشديد لايوجد علاج على الإطلاق يمكن اللجوء إليه لشفاء المصابين بالحصبة،ليس في اليمن وحدها،بل والعالم بأسره،إلا أنه مرض قابل للشفاء إذا ماتمكنت دفاعات الجسم من فرض السيطرة والقضاء على الفيروسات الشرسة المسببة للمرض وحضي المريض وحُف برعاية منزلية وصحية مناسبة،أما إذا لم يتحقق الشفاء وعجز الجسم عن دحر وصد عنفوانها،فينجم عن ذلك مضاعفات سيئة غاية في السوء تخلف عاهات مستديمة،منها مايودي بحياة المصاب. ومن هذه المضاعفات الخطيرة على الصحة التهاب الرئة البكتيري والتهاب الأذن الوسطى والتهاب أنسجة المخ أو أنسجة الحبل الشوكي،مفضية إعاقات وعاهات،كالصمم والعمى والإعاقة الحركية. علاوة على أن من شأن الالتهابات التنفسية الخطيرة أن تؤدي إلى توقف التنفس ومن ثم وفاة المريض. أيضاً للحصبة مضاعفات أخرى قد تقود إلى الوفاة،مثل التهاب الجهاز الهضمي والاسهال الشديد والجفاف وسوء التغذية،كذلك تتسبب بنفاذ مخزون فيتامين «أ» في الجسم،وهذا بدوره يساعد على ظهور بعض المضاعفات السابق ذكرها،فلو أن طفلاً أصيب بالحصبة وهو يعاني أصلاً من نقص مسبق بهذا الفيتامين ،فذلك يجعله عرضة للإصابة بالعمى.. ولعل مانسميه السيطرة على مرض الحصبة عبر التحصين،هو في جملة الجهود والمساعي الرامية للقضاء على هذا المرض في بلادنا،وأقل مافيه التخفيف من حالات الإصابة وماتقود إليه من آثار ومضاعفات خطيرة إلى أدنى حد ممكن،حتى لاتظل الحصبة مشكلة مهددة للصحة تنال من راحة وعافية الأجيال وتبعث على الألم والمعاناة وبالأخص الفئة العمرية من «9 أشهر 5أعوام» باعتبارها الفئة الأكثر إصابة بهذه الآفة. الأسلم إذن أن نحمي أطفالنا ونقيهم شرور الإصابة بالحصبة بتحصينهم بجرعتي التطعيم الروتيني الأساسيتين،الأولى عند بلوغ الطفل الشهر التاسع من العمر والثانية في عمر عام ونصف، كذلك تطعيمه خلال حملة التحصين التكميلية نحو القضاء على مرض الحصبة التي تستهدف على نحو ما أشرنا إليه سلفاً تحصين الأطفال في الفئة العمرية من «9 أشهر 5 أعوام» والمزمع تنفيذها خلال الفترة من «2429يناير2009» في محافظات «الحديدةحضرموت الوادي والصحراء حضرموت الساحل المهرة صعدة»، بغية خفض عدد المعرضين للإصابة بمرض الحصبة عبر تحصين المستهدفين وزيادة نسبة المحميين من الأطفال المطعمين مسبقاً،إلى جانب وقف انتشار الفيروس في المجتمع. أضف إلى أنه يواكب هذه الحملة تزويد الفئة العمرية من «9 أشهر 5 أعوام» بجرعة من فيتامين «أ» لما تؤمنه للفئة المستهدفة من تعزيز لنموا هم وزيادة مناعة أجسادهم ضد أمراض كثيرة تقف الحصبة على رأسها. وألفت النظر إلى أن الحملة الحالية لاتعتمد على استراتيجية التطعيم من منزل إلى منزل،وإنما تتخذ فرق التحصين خلالها المرافق الصحية والمدارس ومواقع مختلفة يعلن عنها للناس في عموم أنحاء وأرجاء المحافظات والمديريات المستهدفة لتؤدي ماعليها من مهام محددة لتطعيم كافة المستهدفين من الأطفال،حيث تتوزع هذه المرافق والمواقع على النحو الآتي: ٭المواقع الثابتة وتشمل:- المرافق الصحية:يمكن أن تشمل أيضاً المرافق الصحية الخاصة لتغطية الأحياء أو القرى التي تتوافر فيها هذه المواقع. المواقع المؤقتة:- تُستخدم خلال الحملة بشكل مؤقت لتغطي أماكن بعيدة،وهي إما مدارس أو مساجد أو منازل مشايخ أو عقال،وذلك لضمان انتشار أوسع لمواقع التحصين،ومن ثم تقريب خدمة التطعيم إلى المستهدفين لتسهيل هذه العملية وخفض الضغط على المرافق الصحية. ٭ فرق متحركة في الأرياف،مهمتها التطعيم في المناطق الريفية التي لا مواقع صحية ثابتة أو مؤقتة فيها لتقوم بتطعيم المستهدفين في مدارس القرى أولاً،ثم اختيار أماكن خارج المدارس إن أمكن لتطعيم المتغيبين وغير الدارسين،وألا تظل تمارس عملها هذا داخل المدارس. ولو عدنا إلى مسألة تحصين الذين أصيبوا بمرض الحصبة سلفاً وشفوا منه لاسيما أن هذا المرض لايصيب الإنسان سوى مرة واحدة في حياته،فإننا سنقف على هذه المسألة لفهم حقيقة الأمر،وما أوضحه الأطباء المختصون في هذا الإطار أن للحصبة أعراضاً شبيهة بأعراض أمراض أخرى،فالحصبة الألمانية مثلاً تسبب حمى خفيفة وسعالاً وزكاماً وطفحاً جلدياً يشبه طفح الحصبة،وبذلك يصعب التفريق بين المرضين،مايعني بالضرورة تحصين الطفل وإن كان قد أصيب بالمرض مسبقاً. إذ لو صح هذا الاحتمال يبقى الطفل عرضة للإصابة بالفيروسات البرية الضارية للحصبة الحقيقية وماتسببه من مضاعفات خطيرة تهدد صحة الطفل،بل وربما حياته. إن مايمنع من التحصين ضد الحصبة حقيقة يشمل فقط حالات معينة،كالحمل مثلاً بالنسبة للنساء الصغيرات ضمن الفئة المستهدفة،أو عندما يكون الطفل مصاباً بالسل ولايتلقى العلاج. وهذا ينطوي أيضاً على الحالات المرضية الشديدة التي تستدعي بقاء الطفل في المستشفى لتلقي الرعاية والعلاج بعد التأكد مما إذا كان وضعه الصحي لايسمح بتحصينه وذلك بسؤال الطبيب المسؤول عن علاجه. ولا حاجة إلى إعطاء الصغار الذين تقل أعمارهم عن تسعة أشهر جرعة من لقاح الحصبة،فالطفل أساساً يولد محمياً من هذا المرض،ومع استمراره في الرضاعة الطبيعية تستمر مناعته ضد المرض آخذة في التقلص تدريجاً حتى تزول تماماً قبل الشهر التاسع من عمره. على ماتقدم فإن الأمل معقود بعون الله على تطعيم سائر المستهدفين من «9 أشهر 5 أعوام» خلال حملة التحصين التكميلية نحو القضاء على مرض الحصبة وذلك في عموم المحافظات والمديريات المستهدفة بما يحقق التغطية الشاملة للمستهدفين الذين يمثلون الشريحة الأوسع في المحافظات المستهدفة. ٭ المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان