يرتبط اسمه ببروز مفهوم الشراكة العائلية تجارياً ونجاحها في السوق اليمنية على نحو فريد ومشهود كما يرتبط بهموم الفقراء والسعي الدائم لاجلاء المعاناة عنهم. إنه العصامي الذي تجرع المعاناة صغيراً وكبر ليصبح هائل سعيد أنعم «مؤسس النهضة الصناعية الحديثة في اليمن». ولد هائل سعيد أنعم في العام 1902م بقريته «قرض الأعروق» بمحافظة تعز، وكان الثالث من أربعة أخوه.. حايكاً للملابس بدأ حياته فباع واشترى ومن ذلك بدأ باكتساب أولى المعارف التجارية.. قبل أن يشب عوده توفت والدته ليقرر الهجرة بحثاً عن لقمة العيش له ولأخوانه باتجاه عدن، غادر قريته ومنها متنقلاً عبر محطات وتجارب مختلفة أبرزها فرنسا التي عمل بها ما يقارب العشر سنوات. وظل يعمل متنقلاً بين الصومالوعدنوفرنسا مكتسباً المزيد من المعارف حول أساليب العمل والنظم الإدارية في المجال التجاري. عندما قرر فتح متجره في عدن التحق لمساعدته ابن أخيه علي محمد سعيد إذ تزايدت الأعباء عليه سريعاً تحول ذلك المتجر إلى مركز نشاط هام يربط الصلة ما بين الداخل والخارج. على الرغم من المصاعب التي مر بها هائل سعيد أنعم إلا أنه واصل نشاطاته التجارية عبر شركة تابعة لتاجر فرنسي. كان عام 1938م عندما قام بتأسيس النواة الأولى لمجموعة هائل سعيد أنعم التي تعد المؤسسة الصناعية الأولى في اليمن اليوم. بدأت المجموعة أعمالها في صيغة شركة مختصة بمجال توزيع المواد الغذائية وسرعان ما تطور مجالها إلى الاستيراد والتصدير والتوكيلات العامة وكان اسمها في ذلك الوقت «هائل سعيد أنعم وإخوانه». وسط التجار والمواطنين عرف عن هائل سعيد أنعم إلى جانب نزاهته المشهودة ومساندة المحتاجين إخلاصه العملي الطامح والمثابر.. لذا توسعت نشاطاته بشكل كبير لتشمل مخازن البضائع وطاحون دقيق قبل أن يؤسس شركة التصدير إلى الصومال وتكون إدارتها في بربرة مسؤلية ابنه أحمد الذي يتولى اليوم منصب نائب رئيس مجلس إدارة المجموعة في عام 1970م قرر الراحل تحويل مركز نشاطاته إلى مدينة تعز وأسس في ذات العام الشركة اليمنية للصناعة والتجارة كأول شركة صناعية في المدينة، وبمصنع واحد للبسكويت والحلويات وبتكنولوجيا ألمانية. بعدها واصل وإخوانه وشركاؤه معه في قيادة المجموعة الاستثمارية في المشاريع الصناعية والتجارية والخدمية والزراعية إضافة إلى التسويق الخارجي مستنداً في ذلك إلى حسن السمعة والثقة التي اتسم بها. كان المرحوم هائل سعيد أنعم حازماً في متابعة الأداء العام لشركات المجموعة.. فيما كان حريصاً على تجذير مفهوم الشراكة العائلية من أجل إعداد القيادات المستقبلية من الأسرة على أساس التدريب والتعليم بالداخل والخارج وكذا الاستعانة بالكفاءات والخبرات الأجنبية. ولقد كان موازناً بحق بين متطلبات العمل والانتاج وبين القيم والمبادئ الإنسانية إذ اتصف بأنه يلجأ لذوي الحاجة والداعم لكل فقير مسخراً كل إمكانياته وطاقاته لإرشاد كل من تواصل معه كما لم يتوان منذ تأسيس مشاريعه عن مد يد المساعدة بصفة تلقائية وعند كل طلب. فلقد أسس الجمعية الخيرية لهائل سعيد أنعم وشركائه للمساهمة الفاعلة في تلبية حاجيات المجتمع من المدارس والمستشفيات والمساجد وحفر الآبار وشق الطرق إضافة إلى المساعدة على محو الأمية والتحصيل العلمي في عموم المحافظات. إن الإحساس الكبير بمعاناة الفقراء والمحتاجين كان النبض الدائم لهائل سعيد أنعم طيلة حياته. إن 88عاماً من حياة رجل كهذا تمثل قبساً من نور ما زالت تهدي الكثيرين لأنها تمثل امتداداً للنشاط الإنساني عموماً. رحل الحاج هائل سعيد في 23- إبريل- 1990م بعد أن خاض تلك المسيرة الناجحة الاستثنائية والمتسمة بالعصامية وبذل الخير.. لقد كان يؤكد الترابط الجلي الذي يوفره المال باتجاه السعادة المثلى وتلك حكمته الحياتية التي صارت مثلاً يستحق الاحترام. ? المصدر: دليل رجال الأعمال الدروس المستفادة 1 استغلال فترة الشباب المليئة بالطاقة لتحقيق النجاح. 2 التنقل وتوسيع دائرة العمل والنشاط ينعكس إيجاباً على مسيرة الشخص العملية. 3 اليد الواحدة لا تصفق، فمن الضروري التعاون والمساندة من الأشخاص القريبين منا، والثقة بمن حولنا لتحقيق أهدافنا. 4 إن كانت الظروف المختلفة تقف حاجزاً أمامنا فليس علينا أن نيأس، بل يجب أن نقاوم ونستمر. 5 القيم والمثل والمبادئ السامية أساس متين للسمو والتقدم والتطور، فدافع حب الخير يؤتي ثماره بشكل أكيد.