القط الذي كان أليفاً في البيت هاج مرة واستلذ البقاء على وجه ابنتي الوحيدة، كان يداعبها ثم يفاجئها بأظافيره الحادة على عينيها، فصارت تفزع في الليل وتضرب وجهها بعنف كأنه لم يزل يسكن هناك. تصرخ بخوف هائل ويرتج كل جسدها الصغير. أحضرت لها الطبيب فاتهمته بأنه القط ولكنه غير جلده إلى البياض. ابنتي التي أحبها تعاني من الألم ولا تنام ولا تهدأ ولكنها تستكين في أجفاني دوما وطيلة الليل في صراخ لا يمل التعب ولا يعرف السكون؛ رغم الإرهاق البادي على جسدها النحيل. ولكنها في النهاية ماتت، نعم ماتت من الحسرة. القط الذي كان أليفا عندنا في البيت.. نام في أحضان زوجتي، وأحس بالدفء فاستكان ومدد قدميه وتمطى في هدوء على فخذيها العريضتين، كنت غائبا وقتها عن البيت. القط أخذ يمد فمه في هدوء يتسرب بخفة الى صدرها ثم إنه انثنى بجسده اللولبي إلى ثدييها، حتى امسك بالحلمات والتقطها وبدأ يسحب منها، يشد في نهم من ذلك الحليب الصافي وزوجتي في رضا تام. شعرت امرأتي كأنه القط ابنتي، أبقت عينيها مغمضتين لفترة طويلة. كان القط قد انتهى من كل شيء، عندما مدت يدها لتتحسس البنت التي ماتت اكتشفت شعره الكثيف، فتحت مقلتيها في فزع... ولكنها لم تستطع. كان كل شيء في البيت هادئا والأضواء مطفأة والأبواب مغلقة، ونحن في منتصف الليل تقريبا. لم تستطع.. تحسست بيديها يديها وصدرها وقدميها وتوقف لسانها عن النطق إلا من حرف علة لا يمنح شيئاً. كانت إفاقتها تعني إغماءة طويلة. هرولت الى السلالم دون وعي وسقطت.. سقطت من الفزع وراحت في غيبوبة طويلة. جاء الطبيب يرتدي نفس البالطو الأبيض في ردهة المستشفى، كان في عينيه نفس الحسرة والألم، ونفس التشخيص يحمله في يده، وباليد الأخرى يخبط على كتفي. القط الذي كان أليفا في البيت يرفع ذيله لأعلى ويتمطى حين يراني ثم يقف على قدميه الخلفيتين مستعداً لالتقاط ما في عيني من ألم وأنا لا أستطيع النظر في عيونه الطولية. كانت صورة زفافنا معلقة على الجدار المقابل. سحبت الكرسي المتهالك وتهالكت عليه. كنت بمفردي معه في البيت ولا أستطيع الغياب. ولم يكن أمامي سوى كسرة من خبز ناشف، وبقايا من تعبي في مواجهة ذلك القط الكبير الذي يسكن معي ليل نهار.