السر الثاني : شعلة التحفيز 1 كان هناك مجموعة من الجنود الفارين من المعركة التي خسروها، وبينماهم في طريقهم، وإذا برجل كبير في السن، وامرأة تحمل طفلاً صغيراً على كتفها، وطلبوا منهم أن يصحبوهم حتى يبلغوا مأمنهم، فوافق الجنود لكنهم اشترطوا أن يتحمل كل شخص مسئولية نفسه، أما الطفل فسيتناوبون حمله فيما بينهم.. وبدأت المسيرة الشاقة، وبعد مرور يوم وليلة سقط الرجل الكبير على الأرض، وطلب منهم أن يرحلوا ويتركوه ليلقى مصيره، وينجوا هم بأنفسهم. حاولوا معه لكن دون جدوى، فقرروا تركه، لكن المرأة ذهبت إليه في حزم ووضعت الطفل الصغير بين يديه، وقالت له : حان دورك في حمل الطفل، ثم انطلقت لتلحق بالجنود دون أن تنظر خلفها.. وبعد فترة، وإذ بالرجل الذي لم يكن يستطيع الحركة يجري هاتفاً بهم أن ينتظروه وهو يحمل الطفل بين يديه. ترى ماالذي جعل هذا الرجل المسن يستعيد نشاطه من جديد ويلحق بالجنود؟ بعد ان اصابه اليأس وزهد في مواصلة الهروب والخلاص ؟!. إنه الحافز.. فعندما أستسلم وقتله اليأس ورفض مواصلة المسير أعطت له المرأة حافزاً لينهض فوضعت الطفل بين يديه فحرك فيه بقايا قوة راكدة، ودفعه إلى مواصلة السير والسعي. إذا فالتحفيز «من الناحية النفسية» : هو حالة تكونها رغبة المرء منا، فعندما تسيطر عليك رغبة ما، أو تود تحقيق هدف معين بشكل كبير، أو تواجه تحدي يستفز كل جهودك ومشاعرك، فإنك في هذه الحالة تكون محفزاً بشكل كبير، وبالتالي يكون تصميمك على بلوغ هدفك كبير، وغير قابل للإخفاق أو الفشل. والحافز كلما كان مشتعلاً قوياً، يملك لب المرء وفؤاده، وكلما كان سيره إلى غايته أشد قوة وتماسكاً وإصراراً. الأنواع الثلاثة للتحفيز : 1- حافز البقاء : يعد هذا الحافز هو أقدم الحوافز في السلوك الإنساني، فكلنا نتحرك و نعمل ونضرب في الأرض وفي أذهاننا إشباع حاجتنا الأساسية للبقاء «الأمان، الغذاء، الماء،... » وبمجرد أن نشعر بتهديد لهذه الاحتياجات نتحفز بشده ونشرع في تأمين هذا الاحتياج. في الحروب نشاهد الجنود يحاربون بقوة شديدة، حتى إذا هدأ القتال لقيتهم على الأرض لايستطيعون الحراك، فإذا أحسوا بخطر قاموا ثانية، وهم في قمة القوة والعنفوان، إنه حافز البقاء. 2- محفزات خارجية : الإنسان لايعيش وحده، ولايمكن اجتزائه من المجتمع والبيئة التي يحيا بها، فالمجتمع دائماً مايوجه للمرء عبارات تحفيزية، ووسائل الاعلام تقوم بدورها أيضاً، والأهل والأصدقاء كذلك.. كما أن الكتب والدورات تقدم مساحة كبيرة من التحفيز، وكثيراً مايكون مؤشر التحفيز عاليا لدينا حينما نقرأ كتاباً حماسياً، أو نحضر دورة قوية.. وانتبه عزيزي القارىء إلى ان المحفزات الخارجية ماتلبث ويخبو بريقها بعد فترة قصيرة، لذا يجب ان يكون حافز المرء منا كامنا بداخله، وألا ننتظر المحفزات الخارجية، سواء عن طريق ثناء صديق أو مقولة تشجيع من رئيسك. 3-محفزات داخلية وهذا هو الركن الأهم بالنسبة للشخص الفعال، فهو الأقوى والأكثر فاعلية واستمرارية، فالمرء وهو يسير في الحياة يجد أن هناك مثبطات ومحبطات كثيرة، كما ان من يحاربونه قد يكونون أكثر من الذين يشجعونه، فإذا لم يكن داخل المرء قدراً كافياً من الثقة والحماسة والتحفيز لن يستطيع مواصلة مسيرته، وانهار معلناً فشله..استدع دائماً من ذاكرتك المواقف التي نجحت فيها، شجع نفسك دائماً، ولاتدع شيئاً يثبطك أو يحبطك، خذ النقد الموجه لذاتك بيسر وسهولة، وتعلم ان تقطف من كل موقف «ولو كان سيئاً» الحكمة منه، وردد في نفسك دائماً أنك قوي، وان المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما أخبر بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. كيف تحبط مرؤوسيك ؟!! - الاحباط عكس التحفيز، ولكل قائد أو طامح في القيادة أهدي مجموعة نقاط غاية في الخطورة تستطيع وعلى مسئوليتك الخاصة ممارستها، وأؤكد لك أنها ستوفر لك مجموعة مرؤسين لايسكن في رصيدهم شيء من الحماسة أو الرغبة : 1- أشعرهم بعدم الاستقرار فتغيير سياستك دائماً، والاضطرابات التي تواجهها المؤسسة أو الهيئة التي ترأسها، تجعل مرؤسيك دائماً في حالة من عدم الاستقرار الذهني والنفسي وتقتل لديهم أي حافز أو حماسة. 2-الوعود الوهمية فإذا كنت كثير الوعود قليل الوفاء بماوعدت، فأنت تنزع من مرؤوسيك ثقتهم بك، وتقتل فيهم مشاعر التحفيز. 3-عدم التقدير سواء من الناحية المادية أو النفسية، فالمرتبات الضئيلة، والمكافآت الغائبة، وعدم تقدير المرؤوس يدفعه إلى محاولة الهرب منك بدلاً من الإخلاص لك. 4-عدم الاحترام والتعامل مع المرؤوس باسلوب سيىء من شأنه أن يصيبهم بالحنق و الغضب الداخلي، والذي مايلبث يطرد مشاعر الحماسة والتحفيز من نفسه. 5- الديكتاتورية : فالمرؤوس الذي يعلم ان مديره معتد برأيه، ومن الصعب الاستجابة إلى رأي يخالفه مهما بدت صحته، فإنه يئيد التحفيز بداخله، ويوفر على نفسه كلاماً قد لايفيده شيئاً. 6- الروتين نحن هكذا جيدين، عندما يرفع الرئيس هذا الشعار، ويعلن ان الأمور يجب أن تسير على القضبان التي وضعت منذ البداية، وأن التجديد غير محبب، فإن المرؤوس لايقدم على الإبداع، ويصاب بالإحباط. 7-الأوامر المتضاربة أحد أهم العوامل التي تنزع التحفيز من صدور مرؤسيك هي شعورهم بعدم الانضباط في إصدار الأوامر، أو وجود تعارض في أهداف المؤسسة التي يعمل فيها. 8- عدم العدل إذا شعر المرؤوس بأن رئيسه يتعامل بهوى النفس، ولايتعامل مع الجميع على أنهم سواسية لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الجزاء، فإن الشائعات تكثر والكلام يزيد، والعمل والتحفيز يقل. 9-طبيعة شخصيتك سلوكك تجاه موظفيك له بالغ الأثر في تحمسهم أو إحباطهم، هل أنت من النوع الهاش الباش المبتسم، أم أنك من النوع الذي يعلو صوته في كل كبيرة وصغيرة. هل تتمتع برحابة صدر، وتتقبل الاعتذار، أم ان جزاءاتك وقراراتك تجاه المخطىء تحفيز أو تحبيط مرؤسيك. وهناك عوامل أكثر من ذلك قد تكون مسببات للإحباط لدى موظفيك، والمرء قد يتفنن في الإحباط كما يتفنن في التحفيز !!!. هناك سؤال مهم جداً. فبعدما أن عرفنا أهمية التحفيز بالنسبة للموظفين، وحذرنا من مغبة الإحباط والأسباب التي تؤدي إليه جاء دورنا لنجيب على هذا السؤال المهم وهو كيف أحفز مرؤسيي وأشعل فيهم جذوة التحفيز ؟ وكيف أحفز نفسي أنا ؟! وسنجيب على هذا السؤال في الأسبوع القادم إن شاء الله في «شعلة التحفيز 2».