واصلت الاقتصادات الناشئة حول العالم تباطؤها مع استمرار التراجع الذي يشهده التبادل التجاري العالمي. وقد سبب ذلك انخفاضا في حجم الطلب العالمي الذي نتج عنه انخفاض في النشاط الصناعي ونشاط التصدير، مما جعل الاقتصادات تنمو بمعدلات منخفضة. وكان هذا حال كوريا الجنوبية التي يستمر ناتجها المحلي الإجمالي بالتراجع منذ أكثر من ثلاث سنوات. وبما أن الصادرات تعادل أكثر من نصف حجم الاقتصاد الكوري، فإن التراجع التدريجي للاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية تسبب على صعيد كوريا الجنوبية بتراجع أدائها الاقتصادي. وفقدت الصناعة الكورية دورها الأساسي في الاقتصاد، كما تأثرت الخدمات المتعلقة بقطاع الصادرات بشكل سلبي. نمو منتظم ووفقاً لتقرير صادر عن شركة آسيا للاستثمار فقد ثبت أن الاقتصاد الكوري استطاع خلال الربع الثالث المحافظة على معدل نمو منتظم، بالرغم من ضعف الصادرات. فيما انخفض معدل نمو الصادرات إلى النصف خلال الربع الثالث من العام ليبلغ معدل 2.8% بعد أن كان يبلغ 5.7% في الربع السابق على أساس سنوي، نجحت كوريا الجنوبية برفع معدل إجمالي نموها، حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.3% إلى 3.3% خلال الفصل على أساس سنوي، وهو أسرع ارتفاع سنوي منذ نهاية عام 2011. ويعود السبب الأساسي وراء ذلك إلى مرونة القطاع المحلي. استهلاك الفرد وكان الاستهلاك الفردي في كوريا قوياً على مدى العام الأخير واستمر بنفس الأداء في الربع الثالث حيث بلغ معدل 2.1% على أساس سنوي بعد أن كان يبلغ 1.8% في الربع الثاني. ويعادل الاستهلاك الفردي أيضاً نصف حجم الاقتصاد الكوري، لذا يترك أي تغيير صغير في طلب المستهلكين أثراً كبيراً على الاقتصاد إجمالاً. وكانت الاستثمارات المحلية قوية كذلك، حيث ارتفعت من 0.3% إلى 5.8% على أساس سنوي. إجمالاً، وبالرغم من تباطؤ الصادرات، كان الاقتصاد المحلي متيناً بما يكفي ليحفز نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع هذا بشكل جزئي إلى المحفزات المالية لهذا العام. فقد كشفت الحكومة الكورية في وقت سابق من هذا العام عن حزمة تحفيزية تبلغ 17.3 تريليون وون، أي ما يعادل 15.4 مليار دولار، تهدف إلى خلق فرص وظيفية وتحفيز الاستهلاك. وقد ساهم وعي الحكومة بتراجع النمو، وميزانيتها الصحية بمساعدتها على تنمية الاقتصاد للربع الثاني على التوالي. محفزات حكومية ويعود الفضل في ثبات معدل النمو الكوري بشكل أساسي إلى المحفزات الحكومية. ولكن في الفترة الأخيرة كانت عوائد الدولة من الضرائب أقل من المتوقع بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي. ويقلل هذا من احتمالية زيادة الإنفاق العام في المدى القريب، وخصوصاً مع كون أحد الأهداف الأساسية للرئيسة بارك كون هيه تحقيق موازنة عادلة خلال فترة حكمها التي تنتهي في عام 2018. وبما أنه من غير المحتمل أن يرتفع الإنفاق العام بشكل كبير، ومع التوقعات التي تشير إلى بقاء الصادرات ضعيفة مع ضعف الاقتصاد العالمي الذي لا يُظهر علامات للتعافي، يتوجب على كوريا الجنوبية أن تعتمد على قطاعها الخاص المحلي لدفع الاقتصاد. السياسة النقدية وظلت السياسة النقدية على حالها دون تغيير خلال معظم الوقت من هذا العام، ويبلغ سعر الفائدة الأساسي حالياً 2.5%، وهو المعدل الذي ظل ثابتاً عليه لأكثر من خمسة أشهر الآن. ومع ثبات التضخم على مستويات منخفضة جداً، قد يعني هذا أنه آن الأوان ليقدم البنك المركزي الكوري المساعدة للاقتصاد إذا ما فقد الاقتصاد زخمه. إلا أن البيانات الشهرية تشير إلى عدم حاجة الاقتصاد إلى محفزات حتى الآن. فقد نتج الانخفاض البالغ 3.6% في الناتج الصناعي على أساس سنوي في سبتمبر، بعد أن حقق نمواً بمعدل 3.2% في أغسطس، بسبب عوامل موسمية وانخفاض مؤقت في إنتاج السيارات من بعد إضرابٍ للعمال. وقد ارتفعت ثقة المستهلكين من 102 إلى 106، وهو أعلى مستوى لها منذ مايو 2012، فيما يخطط المستهلكون لزيادة الإنفاق في الشهور الستة القادمة. ولهذا تجد كوريا الجنوبية أنها بوضع جيد، مع التوقعات الاقتصادية الإيجابية وتوافر المحفزات النقدية. فائض الحساب الجاري توقعت مصادر أن يتفوق فائض الحساب الجاري الكوري الجنوبي الذي يعد المقياس الاوسع للتجارة عبر الحدود على فائض الحساب الجاري الياباني لاول مرة هذا العام. وقال حساب تجاري بلغ 42.22 مليار دولار في الفترة من يناير إلى أغسطس من هذا العام. وقد سجلت اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدةالامريكية والصين فائضا في الحساب الجاري بلغ 41.53 مليار دولار في نفس الفترة. وتفوقت كوريا الجنوبية على اليابان خلال الثمانية أشهر الاولى من هذا العام فيما يتعلق بفائض الحساب الجاري للمرة الاولى منذ بدء تسجيل البيانات عام 1980.