صدر قبل أيام العدد الأخير من سلسلة عالم المعرفة والمعنون ب”الخجل” ألفه الكاتب راي كروزير، وترجمه للعربية الدكتور.معتز سيد عبد السلام والكتاب يتعرض للخجل باعتباره حالة مرضية تعيق صاحبها كثيراً، تكون من ستة فصول، والسابع جاء على شكل خاتمة قصيرة لخص فيها المؤلف ما ورد في الفصول الستة الأولى. الفصل الأول سبقه مقدمة للمترجم وأخرى للمؤلف بدأ بتحليل بعض المظاهر السلوكية الكاشفة عن الخجل، متعرضاً لتعريفات الخجل، مع التركيز على التوجه الذى يعتبر الخجل إحدى سمات الشخصية، وكذلك تعرض المؤلف للخجل حسب النظريات البنائية الكبرى في الشخصية، وإلى أي مدى اعتبرته تلك النظريات سمة محددة ومستقلة وقائمة بأنها من سمات الشخصية، ويختتم الفصل بعرض لأهم استبيانات قياس الخجل، وأهم الفروق بينها، وكيف يمكن تطبيقها ومعرفة دلالاتها..مدعماً كل لك بالكثير من القصص الواقعية التي يعكس من خلالها ما يسببه الخجل في بنية الأسرة الواحدة، ويتعداها إلى بنية المجتمع ككل. الفصل الثاني يتناول هذا الفصل بعض النظريات التي تفترض أن الخجل يتضمن ثلاثة مكونات أساسية: معرفية وانفعالية وسلوكية، حيث يناقش كل مكون من تلك المكونات الثلاثة. وفيما يتعلق بالمكون المعرفي، فهناك ما يشير إلى أن الخجولين يتشابهون في بعض الجوانب المعرفية أهمها طبيعة الشعور بالذات، والتقييم السلبي للذات.وفي مناقشته للجانب السلوكي ركز المؤلف على محاولات قياس بعض العمليات الانفعالية المتضمنة في الخجل.أما في الجزء الخاص بالمكون السلوكي، فقد ركز المؤلف على اثنين من المظاهر السلوكية للخجل، وهما الصمت وقلة الكلام، واضطراب التواصل بالعين. وانتهى هذا الفصل بعرض موجز للفروق بين الجنسين في المكون السلوكي للخجل. الثالث والرابع خصص المؤلف الفصلين الثالث والرابع لعرض بدايات ظهور الخجل وارتقائه عبر سنوات الرضاعة والطفولة. وتنطلق الدراسات التي أجريت في هذا الصدد من تصور نظري يفترض الكف السلوكي هو مزاج أساسي أصيل لدى الأطفال الذين يعانون الخوف من الغرباء والشعور بالانضغاط في المواقف الاجتماعية الجديدة وغير المألوفة لهم. ففي الفصل الثالث يعرض المؤلف بالمناقشة الدراسات التي أشارت إلى أن الكف مزاج أساسي وخاصية ثابتة في تكوين شخصية الفرد. وهو لا يكون كذلك إلا إذا توافرت له أربعة شروط: يظهر هذا الكف السلوكي بوضوح لدى الفرد منذ مرحلة مبكرة من حياته، وأن يظل ثابتاً عبر الزمن ، وأن يكون قادراً على التنبؤ بسلوك الفرد، وأن يرتبط ببعض المؤشرات البيولوجية العصبية، ويختم هذا الفصل بمناقشة لطبيعة العلاقة بين الكف السلوكي والخجل. الفصل الرابع يبدأ بتقييم للأبحاث التي هدفت إلى الكشف عن الأساس الوراثي للخجل، وإلى أي مدى ترجع الفروق فيه لأسباب وراثية فطرية. واعتمدت تلك الأبحاث على دراسة التوائم سواءً المتماثلة أو الأخوية، واستعرض بعد ذلك المؤلف التأثيرات المتبادلة بين خجل الطفل من ناحية وعلاقته بوالديه من ناحية أخرى، وكيف يؤثر كل منهما في الآخر. وفي هذا الصدد ركز على فكرتين أساسيتين: الأولى هي أن الطفل الخجول إنما يقتدي بنماذج محددة ممن يتعامل معهم، ومن ثم يصبح خجولاً لأنه يقلد نموذجاً معيناً ويحذو حذوه. والثانية هي أن التوقعات الذاتية للأطفال الخجولين بخصوص قدرتهم على التصرف بكفاءة في المواقف الاجتماعية، توقعات منخفضة وضعيفة. وينتهي هذا الفصل بعرض للعلاقة بين الخجل من جهة، وارتقاء وعي الطفل بذاته وقدرته على تقييم الذات من جهة أخرى. الفصل الخامس يناقش المؤلف في الفصل الخامس أهم أوجه التشابه والاختلاف بين الخجل والارتباك،سواء باعتبارهما من سمات الشخصية أو استجابات انفعالية غير ملائمة في المواقف الاجتماعية. ثم نعرض لعدد من المواقف المحددة التي عادة ما تستثير ارتباك الفرد، ونناقش إلى أي مدى يتوقف حجم وطبيعة هذا الارتباك على تقدير الفرد لذاته، وإدراكه لعدم قدرته على الاستجابة بشكل ملائم في تلك المواقف. بعد ذلك يناقش الخجل والارتباك فسيولوجياً، والتي لا تزال مسألة غير محسومة على حد المؤلف منذ تناولها تشارلز دارون منذ أكثر من قرن من الزمان. الفصل السادس يركز على كيفية مساعدة الأفراد على التغلب على ما يواجهونه من صعوبات في تفاعلاتهم الاجتماعية، ويناقش فيه أيضاً مفهوم الرهاب الاجتماعي والفروق بينه والخجل، ويتساءل المؤلف هل من الملائم اعتبار القلق الاجتماعي “مرضاً” قابلاً للعلاج. ويتناول في ذات الفصل منحيين أساسيين يهدفان إلى مساعدة الأفراد الذين يعانون الخجل الاجتماعي الشديد في التغلب على صعوباته وآثاره السلبية، وحددها بالبرامج السلوكية، بما تتضمنه من مناح معرفية – سلوكية، وتدريب على المهارات الاجتماعية. وإلى جانب البرامج السلوكية حدد منحى العلاج الدوائي. الفصل السابع جعله المؤلف للخاتمة الموجزة، وهي عبارة عن ملخص لأهم ما جاء من أفكار أساسية في الفصول الستة السابقة. ويأمل المؤلف في أن ينجح هذا الكتاب بإقناع القارئ بأهمية موضوع الخجل وخطورته، وبأنه موضوع يستحق المزيد من الدراسة والبحث لأهميته النظرية والعملية، ودلالته لقطاع كبير من الأفراد سواءً المتخصصون أو العامة الذين يحتاجون إلى المعلومات التي يشملها الكتاب، وهو كتاب مهم لا شك.