حدثني أحد الأصدقاء حديثاً جميلاً ورائعاً وشائقاً.. ناقش فيه ظاهرة اجتماعية خطيرة جداً وهي ظاهرة الطبقية الاجتماعية والتي بدأت بوادرها بالظهور مرة أخرى، وخاصة في بعض الأسر العربية الراقية والغنية والتي احتظنت هذه الظاهرة الرجعية الجاهلية رغم معرفة هذه الأسر التي تدين الدين الإسلامي بأن الإسلام عندما ظهر وبرز خاض حروباً عديدة ضد الظواهر الاجتماعية الإنسانية السلبية والتي اتسمت معظمها بالطبقة التمزقية والعنصرية وأن الإسلام ظل يحاربها حتى انتصر عليها وتمكن فعلاً من بترها والقضاء عليها نهائياً وكذلك حرم وبشدة صارمة اتباعها وكذلك أيضاً احتوى الدين الإسلامي على أحكام وقوانين إلهية تنص على أن المسلمين من أي جنس كان إخوة وأن غنيهم وفقيرهم واسودهم وابيضهم سواسية كأسنان المشط وأن يظل شعارهم الدائم هو العدل والحرية والمساواة وأن كل كلمة في هذا الشعار نورانية تدعو إلى اتباع سلوكيات عقلانية سوية فيها رقي الإنسان وسعادته وذلك بصفته كائناً انفرد وتميز عن باقي الكائنات الأخرى بالفعل الذي يملك قدرة التميز بين الخطأ والصواب وذلك من حيث: من أنا ومن أكون وما الهدف من خلقي ووجودي. وتتضمن هذه السلوكيات على التآخي والتراحم والمودة والمحبة والتعاون وأن تطبيقها يؤدي إلى نتائج ايجابية لها تأثير فعال جداً في عملية تطوير المجتمع وتقدمه ورقيه وبشكل مستمر وبالطبع فإن هذه السلوكيات السوية تنعكس على النفس الإنسانية وذلك من حيث الشعور بالأمن والاستقرار وهكذا ظل الإسلام وتعاليمه يعمل دائماً على غرس هذه السلوكيات التي بها استطاع تكوين مجتمع إسلامي قوي مترابط ومتماسك بعد ما كان يتكون من عدة مجتمعات متمزقة منها القوي ومنها الضعيف وكانت لا تجتمع على رأي واحد ابداً وكانت السمه الغالبة في اسلوب التفاهم هي لغة الحروب الطاحنة والتي كان معظمها يتميز بطول الفترة الزمنية للعرب من عشر سنين حتى تصل إلى اربعين سنة حتى جاء الإسلام وألف ووحد بين قلوبهم في فترة من الفترات الزمنية السابقة وأين نحن الآن من ذلك. نعم هكذا استطاع الإسلام ومن خلال نورانية الإنسانية اخماد الثورات البركانية التي كانت تنادي إلى العنصرية الاجتماعية في اللون والجنس والنسب من حيث أصالته وعراقته واتخاذ مبدأ البقاء للأقوى فقط ولا بقاء للضعيف ولكن منذ أن ظهر الإسلام على يد نبي ورسول الأمة كافة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام والذي بنا أساساً قوياً ومتيناً ومتماسكاً من القيم والمبادئ الأخلاقية الربانية والتي جعلت من القاعدة الإسلامية قوة لا تضاهيها قوة في ذلك الحين وقد كان لهذه الدعوة بعد نشأتها واكتمالها الدور الأساسي في نشر التعاليم والشرائع والأحكام والقوانين الإسلامية إلى العالم بأسره ويظلل كل شبر فيه بسحابة بيضاء لا يسكنها اللون الأسود أبداً والتي إذا ما أمطرت فإن حبات المطر المتساقطة تتحول إلى بذور تخترق تراب الأرض لتسكن فيه ثم تصبح فيما بعد أجنة نورانية طاهرة وبعد مراحل عديدة لنموها الذي يتصف بالرحمة والمحبة ومن ثم تظهر هذه الأجنة فوق سطح تراب الأرض لتصبح أشجاراً مكتوبة في كل ورقة من وريقاتها الخضراء كلما نحتت في وسط كل واحدة منها ثلاث كلمات طيبة وهي العدل والحرية والمساواة والتي تضيء بنور لونه الذهب الخالص الذي يدل على مدى عمق أصالتها وتظل هكذا لا تنهزم أبداً ولا تتساقط أوراقها التي تعتبرها مسكنها إلى حين يرث الله الأرض ومن عليها.. وكان قد لسعته نيران هذه الظاهرة الجاهلية فقد أراد أن يصاهر إحدى الأسر الغنية ولكن للأسف استقبل بالرفض التام رغم موافقة المرأة التي طلبها للزواج بحجة أن أسرة صديقي فقيرة وليست بمستواهم ولكني أقول لهؤلاء إن صفة التكبر والغرور كانت وما زالت من صفات إبليس الرجيم وسبب طرده نهائياً من رحمة الله وإن الذين يتخذون الطبقة الاجتماعية سمة لهم فلا بد أن تكون نتيجة ذلك هو الرد من الرحمة الإلهية ولسوف يخسف الله بهم عاجلاً أم آجلاً وستصبح أملاكهم رماداً تنثره الرياح ولا يستطيعون جمعه ويصبحون على ما فعلوا نادمين.