صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مآسٍ عالقة في الذاگرة .. !
حگايا سنوات دامية ألقت بظلالها على النفوس
نشر في الجمهورية يوم 22 - 05 - 2009

انطوت صفحة التخريب وأنزاح كابوس الجبهة عن مديرية شرعب السلام نهاية العام 1982م من القرن المنصرم ولم تخلف شيئاً سوى مجموعة من المعابر والأرامل واليتامى والمعاقين، وشواهد متناثرة على سفوح جبال «أيفوع ، الأمجود، السهيلة، الصنع، الكباش، الشرف، وغيرها. وبعد 9 سنوات من العمل السري والتعبئة ضد النظام والاشتباه والتخوين واحتدام الشعارات والمنشورات والشائعات، تناثرت عناصر الجبهة بعدها على الجبال والسهول والوديان مدججين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة واشتعلت الحرائق.. فصول من المآسي مازالت عالقة في ذاكرة كل مواطن في شرعب.. لكن ليس باستطاعة أحد أن يعطي توصيفاً دقيقاً لما حدث سوى أزيز الرصاص وذاكرة الليل وقلق الأطفال والزوجات، وكلهم يتساءلون كما أنت، كل شيء كان هنا، المواقع والمتاريس والكهوف، من أجل من؟ ولماذا؟ الإجابات تعددت قيادات الجبهة تواجهك بأهداف وشعارات "السيادة للوطن، الوحدة لليمن، الديمقراطية للشعب» غير أن معمر ابن الشهيد محمد مهيوب إسماعيل يتساءل: إذا كان الأمركذلك فما ذنب أبي؟ الصراع بالوكالة، الصراع الغبي قبل سرد تفاصيل الأحداث وكيف أشعل الأخ الموت في جسد أخيه وحكايا سنوات دامية شحبت خلالها الشمس وارتجف الأفق وتوارت فيها النجوم خلف دخان الرصاص، ودوي المدافع سأترك أحد قياديي الجبهة يتحدث عن الأسباب التي دفعتهم للخروج والتمترس في التباب والهضاب وكيف تحولت الشعارات إلى حرائق وعبوات ناسفة.. يقول عبدالسلام سيف علي: كان التنظيم السري للجبهة الوطنية يثور ضد النظام في الشمال وذلك لتحقيق تطلعات كانت حلماً بالنسبة لنا وهذا هو الشعار الذي ناضلنا من أجله "الوحدة لليمن" كما يريدها الداعمون لكن اقحمتنا بعض التصرفات في دوامة لم نكن بحاجة إليها، كانت الممارسات الإنسانية والتعاون مع المواطنين الوسيالة في استقطاب الشباب وأحلام عريضة بوظائف مرموقة وعيش رغيد. ويضيف: استقطبت تلك القيادات العديد من الشباب وأرسلتهم إلى عدن للدراسة وخضعوا لتدريب عسكري وعادوا مدججين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وبدأنا حينها بالعمل المسلح كبداية ملحة في العام 79م تقريباً فكانت البداية لفصول من الخراب، حين بدأت الحملات العسكرية تتوارد إلى المنطقة، توزعت العناصر حينها في العديد من مواقع المديرية وتمترست في سفوح الجبال لمواجهة أي مد عسكري وخوفاً من أن تتبخر الأحلام قبل أن تتحقق حسب قوله.. تسلم عبدالسلام سيف علي قيادة منطقة السهيلة وقال بأنها بداية العمل المسلح، وفي اليوم الأول ظل قلقاً يفكر في أمر الرفاق وكيف يوزع الأسلحة والذخيرة دون أن يشعر أحد.. كانت إمدادات السلاح تأتي من الجنوب وهناك ميليشيات قامت بعملية التهريب من ضمنها قيادات في الجيش الجنوبي والشمالي، كانت طرق التهريب إلى شرعب تبدأ من كرش باتجاه ماوية ومدينة القاعدة ومنها إلى منطقة العدين وهناك ميليشيات أخرى تقوم بتسلمها والاتجاه بها إلى نخلة وسوق الحرية الذي كان مقراً شبه دائم لعناصر وقيادات الجبهة بحسب عبدالسلام سيف علي وكانت تلك القيادات تتولى توزيعه على المقاتلين الذين تمترسوا في جبال وتلال المديرية. ويضيف القيادي في الجبهة: كان العمل المسلح غير مرض بالنسبة للعديد من عناصر الجبهة بسبب عملية الاغتيالات التي طالت العديد من المواطنين الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، والحرائق التي اشتعلت في منازل مواطنين أبرياء أىضاً غير أن تلك القيادات كانت تحاسب كل من يحاول استهداف الأبرياء غير أن كل ثورة أو حركة لايمكن أن تكون معصومة من الأخطاء غير المقصودة أو الناتجة عن جهل، وتعمدنا بعد ذلك اختيار العناصر المؤهلة القادرة على العمل بالشكل الصحيح، وربما على الأرض كان يشتعل الموت وحده ولم يفرق بين كبير أوصغير رجل أو امرأة، وأصبحت الحركة مظلة للقتلة والخصوم وأصحاب الثارات ومن كانت لديه مشكلة مع جاره أو ابن عمه لا علاقة له بما هو فيه تأتي المسميات المبررة للقتل "خائن، عميل، خونجي،" ويتولى تصفيته غير أننا تبرأنا من تلك الأفعال ولم نذهب إلى الجبال من أجل القتل فقط؟ بهذا ينتهي حديث القيادي في الجبهة لنبدأ بسرد تفاصيل وقصص الضحايا الذين كوتهم نار الحرب وكانوا وقوداً لمعارك ليسوا طرفاً فيها بل كانوا هدفاً سهلاً لنزق المليشيات الذين قادوا حرباً بالوكالة «حرب المقاولة» بحسب أحد القيادات العسكرية. بداية الخراب بدأ مشروع مليشيات الجبهة من خلال العمل المسلح بعمليات اغتيالات واسعة لمشائخ ووجهاء المنطقة، وكان أول شهيدين دفعا ثمن النزق المسلح بحسب الشيخ محمد عبدالله نائف الذي قاد عملية كفاح طويلة ضد المخربين في المديرية هما: الشيخان علي عبده بن سرحان، وأحمد عبدالله نائف بداية سبعينيات القرن المنصرم ، بعدها اشتعلت معارك عنيفة بين المواطنين والجبهة في أكثر من عزلة راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى. يتذكر الشيخ محمد عبدالله نائف فصولاً من الاشتباكات ومآسي لا حصر لها عاشها أبناء مديرية السلام على مدى 13 عاماً وأن كانت بداياتها مناوشات متفرقة خلال عشر سنوات لتأتي السنوات الثلاث بما هو أدهى وأمر، وخلالها لم ينفلق فجر يوم إلا على نواح الأطفال والنساء.. بينما كانت ممطورة بالقنابل وقذائف الهاون والرصاص الحارقة.. تسلم الشيخ محمد نائف العمل الأمني في المديرية بعد أن تشكلت بقرار رئاسي حسب قوله في العام 1791م وتسلم قيادتها آنذاك علي ناصر شويط وقاد عملية المواجهة في أكثر من جبهة وذلك بعد أن استشهد أخوه أحمد عبدالله نائف في نفس العام، وحين جئته إلى منزله سرد لي تفاصيل مقتله.. فعلى بعد أميال من منطقة أيفوع الواقعة في إطار مديرية السلام والتي كانت بوابة المعارك الشرسة في المخلاف نصب عناصر الجبهة ثلاثة كمائن في ثلاث طرق كل كمين يتكون من مجموعة مسلحة ويبعد عن الآخر بمقدار 002 متر، وذلك على مشارف منخفض كان يمر منه إلى منزله وحين مروره أمطرته عناصر الجبهة بوابل من الرصاص صادرت روحه وقذفت بقلبه المشرئب لنور الحياة إلى غيهب الموت يقول الشيخ محمد نائف: قتل أخي غدراً وأقسمت حينها وبعد أن استقبلنا جثته وواريناها الثرى أن النصر لقريب، وهبت جموع المواطنين من أيفوع وبني علي وجميع المناطق ووقفوا في خندق واحد لمواجهة عناصر التخريب. ويضيف: كانت هذا الاغتيال دافعاً قوياً بالنسبة لي وللعديد من المواطنين لإنهاء فصول الخراب فوقفنا لهم بالمرصاد فدارت الكثير من المعارك في مناطق متفرقة من المديرية وخاصة المناطق التي سيطرت عليها مليشيات الجبهة «الصنع، الهبن، الأفيوش، شرف العسيلة، أيفوع، الأكروف، الكباش، بني سبأ، الحرية، السهيلة، وكانت المواجهات في هذه المناطق شرسة جداً سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. نزوح وتصفيات دارت رحى الحرب في أكثر من عزلة وأكتوى بنارها الأبرياء.. اشتحنت الأجواء بالمغامرات والتوجس، وكان أبناء المديرية على موعد مع رصاصات طائشة وقذائف لا تخطئ طريقها ولم تعد المنازل آمنة ولا الأرض صالحة للفلاحة فقد استبدلت بذور «الشعر، الذرة» بعبوات ناسفة وألغام تم زراعتها بوحشية حتى في بوابات المنازل أفقدت العديد من المواطنين أقدامهم وأجزاء من أجسادهم ناهيك عن اقتياد أشخاص إلى أماكن مجهولة وتصفيتهم بتهم الخيانة والعمالة والارتزاق، حينها ترك العديد من أبناء المديرية مساكنهم بما فيها من ممتلكات وخاصة المناطق التي سيطرت عليها عناصر الجبهة، ورحلوا إلى مناطق شبه آمنة ومنهم من اتجه نحو مدينة تعز وتحملوا أعباء السكن فيها وكان الفقراء عاجزين عن دفع ايجارات المنازل التي انتقلوا إليها ولم يلتفت إليهم أحد، لكن طرفا التخريب لم تترك منازلهم كما هي مغلقة فتكفلت القذائف بتدمير العديد منها، ربما لاشيء على الأرض تنبئك تفاصيله بأن حروباً دارت فأبناء المديرية تكفلوا بعد عودتهم ببناء منازلهم المدمرة، وترميم وجه الخراب، تذكرت وأنا أبحث عن قصص النازحين حكايات حدثني بها والدي كان هو بطلها قلت سأكتفي بسردها للقارئ ولأني من أبناء المديرية لم تكن أسرتي بمنأى عن تلك الأحداث فمنزلنا الوحيد احترق بما فيه دون ذنب، لم يكن والدي حينها عميلاً أو إقطاعياً، كان فلاحاً صغيراً طاردته عناصر الجبهة وكانت دائماً تخطئه فوهات البنادق وحين ضاق به الخناق قرر الرحيل فكان جبل الشريف الملاذ الوحيد حيث كان حينها موقعاً عسكرياً ولم تصل إليه مليشيات الجبهة ولم تمر سوى بضعة أيام حتى جاء النبأ بأن منزلنا الوحيد احترق بكل محتوياته فقطعت تلك الحادثة حبل العودة فكان مصير الأسرة التشرد لسنوات حتى تمكن أبي من بناء منزل آخر. قدري بأنني لم أعش تلك المعاناة وتفاصيل الرحيل والرعب الذي كان يزورهم كل ليلة، كنت حينها مازلت جنيناً لكن بعد سنوات من صرخة الميلاد شاهدت منزلنا المحترق قبل أن يعيد بناءه أحد أبناء الأسرة. ٭ يقول أحد أحد قياديي الجبهة بأن ما حدث كانت ممارسات طائشة وخارجة عن المسار الذي تواجدوا في الجبال من أجله وهو مواجهة المقاتلين لا استهداف الأبرياء، وكنا نحذر دائماً من أية ممارسات تستهدف ممتلكات المواطنين غير أن الخصومات الشخصية هي التي أشعلت الحرائق وقتلت الأبرياء، نحن مثلاً استهدفنا مشائخ المنطقة كونهم كونوا دويلات خاصة بهم وكانت المديرية عبارة عن إقطاعية مشيخية لم يكن فيها القول الفصل للقانون وكان من الأولى أن تكون السيادة للقانون لا لأوامر الشيخ، وكان غالبية المنضمين لتنظيم الجبهة قد عانوا كثيراً من كابوس الإقطاعية فهبوا للثأر. قصة اغتيال كان حديث القيادي رداً على سؤال طرحته عليه - لماذا امتد الخراب إلى منازل وممتلكات الأبرياء ولماذا تم تصفية العديد منهم؟ وكنت قبلها قد استمعت من علي رزاز الفهيدي أحد المنتمين لأسرة مشيخية ويعمل حالياً في الأمن العام قصة اغتيال اثنين من إخوانه بتهمة العمالة للدولة وكشف مخططات الجبهة الذي قال بأن عناصر الجبهة اقتادت أحدهم إلى مكان مجهول وانقطع عنهم خبره فمكثوا يبحثون عنه لأيام بينما ذهب الآخر يتقصى أثره ولم يعد هو أىضاً كانت العناصر قد ذهبت بأخيه عبدالله رزاز باتجاه وادي نخلة الذي كان مناخاً للقتل والبشاعة فقتلته هناك وحين ذهب عبدالله رزاز للبحث عنه وقع في الفخ وقتل هو الآخر.. هكذا كانت تدور على هامش الصدام المسلح وحتى تصفيات جانبية لا علاقة لها بالمشهد بحسب قيادات الجبهة وكما اختزلناها في القصة السابقة، ويمكننا أن نورد هنا قصة أخرى حكاها المواطن سيف مهيوب إسماعيل من أهالي منطقة بني وهبان القريبة من مركز المديرية حين غادر أخه محمد مهيوب ليلاً تحت وطأة البرق والمطر وجلجلة الرعود ولم يعد، كان سيف مهيوب حسب قوله يمتلك محلاً تجارياً ومصنعاً للطوب بجوار منزله طاردته بعض عناصر الجبهة وانتهت دوامة المطاردة بمقتل أخيه الذي عاد بعدها محمولاً على ظهر شقيقته انتشلته جثة هامدة وكان حينها في طريقه إلى منزل أخيه بعد غياب استمر لأيام، سمعت شقيقته طقطقات الرصاص فأحست حينها بقلق عارم خرجت من المنزل صوب المكان الممطور بالرصاص فوجدت أخاها مضرجاً بدمائه حملته على ظهرها بعد أن فر القتلة. سيف مهيوب قال بأن خصومات سابقة دفعت تلك العناصر لفعلتها وأضاف: تركت منزلي ومحلي التجاري ورحلت إلى مدينة تعز فأشعلت العناصر النيران فيهما وحين عدت لم أجد سوى أكوام من الخراب. مشاهد مؤلمة ثمة العديد من المشاهد التي تحكي دموع الآباء وقلق الزوجات، احتدمت معارك البلاد ودفعت عزلة الأمجود ثمناً باهظاً، انتصف العام 1980م فسيطرت مليشيات الجبهة على العزلة، بينما كانت منطقة الأعروق الواقعة في الأسفل بيد الشيخ عبدالعزيز الكامل الذي خاض غمار المواجهة محاولاً إبعادهم عن منطقته.. يقول ابنه محمد: باغتتنا عناصر الجبهة ونحن في سوق الحرية دارت معركة عنيفة على إثرها أصيب والدي في ساقه وقتل شقيقه مقبل ومجموعة من المرافقين هم مارش قاسم وعبده أحمد ومحمد عثمان العسالي وقائد بن قائد محمد ودماج حسن أحمد.. انتهى العام فجاءت مليشيات الجبهة بكل عتادها تحت قيادة «عبدالله عبداللطيف» الملقب «غمدان» إلى منطقة الأعروق وحاصرت منزل الشيخ عبدالعزيز الكامل ومجاوريه لثلاثة أيام متتالية فكان مهيوب عبدالعزيز الكامل وأولاده محمد وعلي وعبدالقوي عبدالعزيز، وعبده فرحان، مهيوب علي أحمد وابنه قائد ومحمد عبده صالح وعبدالله مقبل عبدالله ويوسف إسماعيل
وأولاده ؟أحمد وإسماعيل وفرحان وحفيده عبدالله ثمناً لذلك الحصار.. يقول محمد عبدالعزيز: خضنا العديد من المعارك الشرسة مع الجبهة وكانت نتائجها بالنسبة لنا مفجعة حيث راح من أسرتنا وحدها أكثر من 8 شهداً، واريناهم التراب ولم يقدم لنا أي طرف شيئاً ولم يكلف أي منهم نفسه حتى تقديم الاعتذار لأولادهم.. ابتدأ العام 81م فكان جبل الصنع شاهداً على البشاعة والوضاعة وعصور البربرية وبأوامر من بعض قيادات الجبهة جرت تصفيات وحشية لم تشهد لها المنطقة مثيلاً وعلى امتداد سنوات الصراعات. يروي محمد الكامل مشهداً مروعاً حيث قامت مجموعة من عناصر الجبهة باعتقال 7 مواطنين واقتادوهم إلى سفح جبل الصنع ووضعتهم العناصر على شفا هاوية سحيقة بعد أن ربطوا أعناقهم بحبال التصقوا بها جميعهم وتم رميهم دفعة واحدة من على قمة الجبل إلى أسفله فكانوا جثثاً هامدة. نهاية الخراب انتهي العام 28م معلناً الانفراج فكانت الحلول جاهزة حيث توقف طرفا الصراع في المديرية عن العلميات المباغتة وبدأ نزيف الدم والدمع يتوقف. يقول القيادي في الجبهة عبدالسلام بأن أوامر جاءت من الجنوب قضت بوقف القتال واستخدام السلاح ضد الخصوم حيث أن الطرفين سيخضعان للحوار.. ترك المتمترسون في الجبال مواقعهم بينما بقي أفراد الجيش في أماكن متفرقة تحسباً لأي طارئ أو أفعال طائشة ولم يقم أحد منهم بحصر خسائره حيث أن المواطن العادي هو من دفع ثمن الصراع، كان طرفا الحكم قد توصلا إلى اتفاق ينهي فصول من القتل والحرائق، فجاء علي ناصر شويط الذي قيل بأنه عندما تشكلت المديرية واحتوت مناطق الصراع أطلق عليها مديرية السلام وتولى قيادتها في العام 17.. يقول عبدالسلام سيف علي بأن شيوط جاء إلىهم محاوراً وكان جاداً في ذلك وكان على رأس الطرف الآخر «الجبهة» الحبيشي، اجتمع الطرفان نهاية العام 28م وقررا إنهاء الصراع الدامي، هبت حينها نسائم خفيفة وجفت قطرات العرق المعتق على الأعناق الصلدة حين أثمرت تلك الجهود الدبلوماسية صمتت أجهزة التراسل وانقطعت أجهزة الإشارة من قمم جبال الشرف والشريف والأمجود وجاء بعدها المقراني بحسب القيادي في الجبهة المذكور آنفاً فبدأت قصص الاعتقالات والقبض أوهنت جانباً كبيراً عزائم المليشيات، سقط حصن الأمجود وسلم الكثيرون أنفسهم وتطوع الكثير من المتعاونين لتسهيل عمليات الاعتقال بحق وبغير حق حسب قوله، تكررت العمليات الابتزازية ونشطت وسائط المساومة بالمناصب والرتب في سلسلة من قصص شتى، بينما الضحايا الأبرياء أو من دمرت منازلهم لم يحاورهم أحد أو يساوم.. هدأت النيران وانزاح الكابوس وبقي السؤال: كيف كانت شرعب مناخاً ملائماً لمثل تلك الحرائق؟ والأيام مازالت تثبت هشاشة التبريرات لما حدث. والأهم: هل انتهت آثار ذلك التمترس أم أنه قدر اليمني أن يظل محارباً في معارك صماء لاناقة له بها ولا جمل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.