مازال مشروع حصر وتوثيق المخطوطات الموجودة في دار المخطوطات بصنعاء مستمراً والذي كان قد بدأ في شهر سبتمبر من العام الماضي، حيث تم توثيق حوالي 90 % من محتويات الدار وذلك بعد أن عانت المخطوطات اليمنية الكثير من الإهمال والعبث.. وقال عبدالملك المقحفي مدير عام الدار في هذا اللقاء بأنه تم العثور على الكثير من المخطوطات التي تعتبر كنوزاً علمية غاية في الأهمية والتي لم يكونوا يتوقعون وجودها، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية الحفاظ على هذه الثروة من عمليات التهريب والتي تهدف إلى إفراغ اليمن من محتواها العلمي والتاريخي. بداية نود أن تقدموا لنا صورة متكاملة عن مشروع التوثيق والحصر للمخطوطات في دار المخطوطات؟ حقيقة هذا المشروع يمثل نقلة عظيمة للارتقاء بوضع المخطوطات الموجودة في الدار ويحفظ لنا تراث العلماء من العلوم المختلفة، مشروع التوثيق والحصر لمخطوطات الدار بدأ تنفيذه في شهر سبتمبر من العام الماضي من قبل وزارة الثقافة ومتابعة دائمة من وكيل الوزارة لقطاع المخطوطات الشيخ سام الأحمر، وتقوم بتنفيذه ست فرق، كل فريق يتكون من ثلاثة أشخاص رئيس للفريق وقارئ ومدون، وذلك بالاستعانة بفريق أكاديمي من أساتذة جامعة صنعاء. حيث تتم عملية الحصر والتوثيق من خلال استمارة تم تصميمها لهذا العمل نبدأ بتعريف المخطوط وموضوعه وعنوانه ورقم الحفظ داخل الدار وبداية المخطوط ونهايته وأسم الناسخ وتاريخ النسخ وكل البيانات الأخرى المتعلقة بالمخطوط بالاضافة إلى نبذة عن موضوع المخطوط وهذا مانهتم به كثيراً، ثم يعرف بالمخطوط فنياً مثل الغلاف وشكله وكل الجوانب الجمالية والفنية بعد ذلك يتم تمرير المخطوط على فريق التصوير الذي بدوره يقوم بتصوير بداية المخطوط وآخره ونماذج من الوسط لأهم الموضوعات الموجودة. ويضيف المقحفي قائلاً بعد عملية التصوير يتم تمريره على فريق مقارنة المعلومات الخاصة بهذا المخطوط وماسبق من تعريف به في الفهارس الأخرى أو المصادر والمراجع الأخرى التي لابد من الرجوع إليها لمعرفة مؤلف هذا المخطوط ونسبته إليه ثم يأتي دور فريق المراجعة اللغوية للتأكد من عدم وجود أي أخطاء لغوية في الاستمارة الخاصة بتوثيق المخطوط ليتم بعد ذلك اعتمادها وإرسالها إلى فريق تخزين البيانات في الحاسوب وهذه هي المرحلة الأخيرة لعملية التوثيق. نسبة الإنجاز ٭كم نسبة الانجاز في عملية الحصر والتوثيق؟ حتى الآن استطعنا توثيق حوالي 90% من المخطوطات الموجودة في الدار أي حوالي «5000» مخطوط وكل مخطوط فيه العديد من العناوين، بعد ذلك سيتم وضع كشافات عديدة يصل عددها إلى حوالي ثمانية كشافات، وهذه الكشافات هي خاصة بالمؤلفين والنساخ والعناوين إلى آخر ذلك من المعلومات والبيانات المتعلقة بالمخطوط. أبرز مخطوطات الدار ٭ ماأهم المخطوطات التي عثرتم عليها في الدار ولم تكونوا تتوقعون وجودها في مكتبات ورفوف الدار؟ بالنسبة لأهم المخطوطات يجب مراعاة بعض الجوانب مثلاً الأهمية من الناحية التاريخية نجد أن أقدم مخطوط ورقي يصل إلى عام 663ه أما بالنسبة للمخطوطات الرقية المصنوعة من الرق فقد وجدنا مخطوطات ترجع إلى القرن الأول وأيضاً الثاني والثالث والرابع هذا بالنسبة لأهم المخطوطات من الناحية التاريخية، أما بالنسبة للجوانب العلمية فقد عثرنا على العديد من المخطوطات الهامة والتي تتجاوز الأربعين مخطوطاً في علوم القرآن الكريم وفي علم الحديث الشريف وأصوله وفي علوم الفقه وكذلك في الأدب والتاريخ وأيضاً في العديد من العلوم التطبيقية مثل علم الطب وغيره من العلوم المختلفة ولمؤلفين يمنيين وغير يمنيين منهم على سبيل المثال لسان اليمن أبي الحسن الهمداني ونشوان الحميري والإمام عبدالله بن حمزة وللمؤرخ الجندي والخزرجي والفيروزبادي صاحب كتاب القاموس المحيط أول قاموس في علم اللغة العربية، أيضاً عثرنا على مخطوطات لأحمد بن يحيى المرتضى مؤلف كتاب الأزهار وشرحه لابن مفتاح وكذلك لابن الديبع المتوفي عام 119ه وهناك مؤلفات للميناوي والسيوطي وغيرهم من المؤلفين من العالم العربي والإسلامي، لذلك تعتبر دار المخطوطات من أبرز المكتبات الإسلامية عربياً وإسلامياً. ٭ هل كنتم تتوقعون وجود مثل هذه المخطوطات النادرة في الدار قبل تنفيذ مشروع الحصر والتوثيق؟ في الحقيقة لم نكن نتوقع وجود مثل هذه المخطوطات التي تمثل كنوزاً علمية نادرة جداً لأنها لم تكن موثقة توثيقاً علمياً، فكانت أشبه بالجواهر الموجودة في قاع البحار لذلك لم نكن نتوقع وجودها. 10 آلاف مخطوط في الجامع الكبير ٭ ماذا بالنسبة للمخطوطات الموجودة في الجامع الكبير بصنعاء هل سيتم توثيقها في إطار هذا المشروع؟ لانستطيع الانتقال لتوثيق المخطوطات الموجودة في الجامع الكبير بصنعاء إلا بعد الانتهاء من حصر وتوثيق كافة المخطوطات الموجودة في الدار، لأن ماهو موجود حالياً في دار المخطوطات هو ماكان موجوداً في المكتبة الغربية بالجامع الكبير، ومازال في الجامع الكبير كم هائل من المخطوطات قد تصل إلى أكثر من عشرة آلاف مخطوط. تهريب المخطوطات ٭ بالنسبة لتهريب المخطوطات ماأسبابها من وجهة نظركم؟ لاشك أن قضية تهريب المخطوطات تعتبر من القضايا الكبيرة والشائكة والتي تمتد لقرون عديدة وذلك على اعتبار أن اليمن منجماً للمخطوطات، لذلك نجد أن معظم المخطوطات التي تهرب هي من بيوتات العلم ومن بعض هجر العلم النائية، ومابحوزة المواطنين من مخطوطات. وهذه قضية مهمة جداً يجب الاهتمام بها للحد من هذه الظاهرة التي تهدف إلى إفراغ اليمن من التراث الكبير الذي تحتويه، لذلك دائماً مايركز المهربون على اختيار نوادر المخطوطات في مختلف الفنون والعلوم والمعارف خاصة أن المواطنين الذين بحوزتهم هذه المخطوطات لايقدرون قيمتها العلمية والتاريخية فيرضخون أمام الإغراءات المادية ويقومون ببيع هذه الكنوز للمهربين لذلك لابد من وضع استراتيجية تعمل على وضع الحلول الممكنة لمعالجة هذه الظاهرة وتعمل على حفظ كنوز اليمن من هذه الثروة العلمية الكبيرة من خلال اقتناء المخطوطات من المواطنين مقابل مكافآت مالية تشجعهم على عرض مابحوزتهم على الجهات المختصة في الدولة بدلاً من عرضها على المهربين، وكذلك لابد من تكثيف الجهود لتوعية المواطنين بأهمية المخطوطات والحفاظ عليها، ويضيف المقحفي قائلاً: وللأسف هناك الكثير ممن يتحدث عن خطورة تهريب الآثار والمخطوطات إلى خارج اليمن لكن الحلول والمعالجات الحقيقية مازالت غائبة. تباع المخطوطات بسرية تامة ٭ هل بالإمكان تحديد الأماكن التي تباع فيها المخطوطات داخل اليمن؟ لانستطيع أن نحدد تماماً أماكن وأسواق بيع المخطوطات لأنها بالتأكيد قد تكون في أماكن سرية في بعض المنازل أو في بعض المحلات أو الأسواق التجارية كسوق الملح بصنعاء القديمة مثلاً ولاننسى أن المهربين أصبح لديهم اليوم أيادي وعيون في مختلف المناطق اليمنية وبحسب القاضي الأكوع رحمه الله يوجد في اليمن أكثر من خمسمائة هجرة علم في اليمن وهذه الهجر «المناطق» قد أندثر منها الكثير وهناك آلاف المكتبات الخاصة والتي يوجد بها أيضاً آلاف المخطوطات وكما هو معلوم أن هذه المكتبات تتوزع بين الورثة الذين بدورهم لايقدرون القيمة التاريخية والعلمية لهذه المخطوطات وهذا أهم أسباب ضياع واهمال وتهريب هذه الثروة التاريخية والعلمية العظيمة.