تهوي اليد الغليظة على الباب الخشبي، تتواطأ معهاً القدم العمياء وتركل الباب، يهتز الباب مترجرجاً مترنحاً، تفقد الحناجر أحبالها الصوتية تحت وطأة صراخهاً المحموم، تمتد يد تائهة، تلتقط الهاتف، يأتيه صوتها لاجئاً متكسراً، ضارعاً، ومقاوماً دموعاً مخنوقة: قل لي أوحشتني! يستغرب قولها، يستفسر، فتبتهل اليه ألا يسأل. يردد وراءها ما تريد سماعه. تمتلئ بصوته الدافئ، تستنشق وجوده البعيد فلا تعبأ بخوفها الناشب أنيابه في حناياها، تتجه نحو الباب الذي مازال يصارع القدم العمياء، تصم أذنيها، تجلس خلف الباب مستندة عليه، تطوي أجنحة خوفها على رأسها فلا تراهم وهم يدخلون، يعبرون على جسدها المحتمي بصوته، يدهسونها بسنابك خيلهم، يعبثون بعرائسها وكتبها، يحطمون أواني زهورها، يخفون عطورها في جيوبهم، يبعثرون ملابسها، يصادرون ملابسها الداخلية، تسمعهم يضحكون وهم يتقاذفون عُريها بين أيديهم، ينصرفون بعد أن تتلقى وعودهم بالعودة قريباً، تلملم مابقي منها، تلتقط صورته الملقاة على الأرض، تعيدها إلى الإطار المهشم، تجمع قطع الزجاج المتناثرة، تعيد ترتيبها على الصورة، تضمها إليها، تهتف به: أوحشتني!