وأضاف: نحن كشخصيات اجتماعية تهمنا الوحدة أكبر من أنفسنا، حيث ومنذ نعومة أظافرنا ونحن نطمح لتحقيق هذا الحلم الكبير الذي ظل يراودنا صباح مساء وليل نهار، وظلت محبة الوحدة تجري في دمائنا، وجاءت أحداث يناير الأسود 1689م، وأنا ضابط أعاني الأمرين حينذاك إلى درجة كدت أفقد في تلك الأحداث حياتي كما فقدها الكثير من الأبرياء، فتفاقم حبي للوحدة، وظللت أدعو الله واتضرعه أن يحققها حتى استجاب دعائي سبحانه وتعالى، وحين تحققت لم أتمالك نفسي من الفرح، فتساقطت دموع السعادة في ذلك اليوم الأغر الذي ظللنا زمناً نطمح بتحقيقه، ومنذ تلك اللحظة ولد فجر جديد من الحرية والديمقراطية والمحبة والإخاء، وانطلقت عجلة التنمية المقيدة إلى الأمام، فتطورت المدن، وتحققت الإنجازات العملاقة. خيرات الوحدة المباركة ويضيف الشيخ سالم في سياق حديثه وملامحه تنضح بالسعادة: لاأحد يستطيع ألبتة جحود ماتحقق بعد ولادة الوحدة المباركة، وإن أولئك القلة الجاحدون للمنجزات مثلهم كمثل الذي يحجب نور الشمس الوهاج بمنخل، فالفرق كبير وشاسع بين اليوم والأمس، ووالله إنني لا أستطيع أن أحصي نعم الله التي أنعمها علينا بفضل الوحدة المباركة، وإذا قلت لك عن أيام التشطير السوداء، فإننا لم نكن نستطيع حتى شراء العصائر، فكل الأشياء ممنوعة حتى الهواء والماء، ولم نكن حتى نستطيع الكلام وخصوصاً عبر الهواتف، ومن المستحيل في تلك الأيام الحديث عن أي شيء مهما كان تافهاً، وبالعودة إلى أحداث يناير حين كنت ضابطاً في الجيش فإن أعز الأقرباء والاصدقاء قتلوا بلا ذنب، وفررت إلى المحافظات الشمالية، وكان هناك استقبال الوافدين في محافظة مأرب ومنطقة السوادية بمحافظة البيضاء، واستقبلنا إخواننا هناك بالبشاشة والترحاب، مع العلم أنه في أيام الحكم الشمولي كانت المجازر وجبات تتجدد كل أربع إلى خمس سنوات، وتحصد الصغير والكبير بلا شفقة أو رحمة في تصفيات بالبطاقة الشخصية لا أول لها ولا آخر، والحمدلله جاءت الوحدة العظيمة بأمنها واستقرارها وفرحتها ورفاهيتها ومنجزاتها، إلى درجة أن الإنسان يسافر من حرض إلى الحدود العمانية في أمن دائم وسلامة متواصلة لايخاف إلا الله تعالى، وهذه نعمة كبيرة لم نكن بل من المستحيل توقعها أو الحلم بها. سفهاء حاقدون ويواصل الشيخ الخليفي حديثه بكلمات ملؤها الإجلال والمحبة للوحدة اليمنية قائلاً: إن كلماتي تعجز عن الثناء والتقبيل للوحدة اليمنية، كما أن مجلدات الدنيا وأوراقها التي صنعت والتي لم تصنع لايمكن أن تتسع للتعبير عن وحدتنا التي نفديها بالأرواح والمال والغالي والنفيس، وإنني والله أشعر برهبة هذه الكلمة »وحدة«، وبالأخص وحدثنا اليمنية التي تعد نواة للوحدة العربية الشاملة، وأؤكد وبملء الفم أننا قبل وحدتنا اليمنية لم نكن شيئاً يذكر وأننا الآن صرنا ملء الدنيا وملء الآفاق الرحبة بتماسكنا وتآخينا، وتقدمنا وازدهارنا، وأعيادنا وأفراحنا المتجددة، وما أولئك الحثالة الداعون إلى التشطير إلا أصحاب مصالح ضيقة، وعقول زائقة، وليسوا أكثر من سفهاء وحاقدين يريدون عودة سفينتنا الماخرة عباب البحار المتلاطمة بقيادة ربانها الرئيس علي عبدالله صالح، يريدون عودتها القهقرى إلى الوراء لكن شعبنا اليمني بمشائخه وقبائله ورجاله وصغاره وكباره ونسائه وشيوخه مستعد للدفاع عن الوحدة اليمنية. رعب التشطير وأطلق الشيخ سالم الخليفي تنهيدة حارة وهو يطل من خلال نافذة الماضي التشطيري البغيض، ثم أردف يقول: لقد كنا في ذلك العهد المقفر البائس ممزقين ومبهذلين، وعلى الحدود تقعدنا المعاملات المعقدة ليالي وأياماً طويلة. ترهقنا معاملاتها وروتينها المنفر، وليت القهر يتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزه متخطياً الحدود الإنسانية، وحين كان يختفي الأب أو الأخ أو العم أو الخال أو غيرهم من الأقارب فإن أحداً لايستطيع المتابعة والبحث عنه، وإذا مافكر أحد بذلك وذهب للسؤال عن قريبه فإنه لايعود أبداً، وكانت إجراءات القبض الظالمة تتم في ليل أو نهار دونما سبب فيهلك سيىء الحظ بعد عذابٍ نفسي وجسدي ويأكله التراب أو غيره وهو لا يدري أسباب قتله، وهناك أشخاص غادرونا في تلك الأيام القاسية ولم يعودوا، فكان الرعب يسكن كل قلب وكل منزل، والحمدلله جاءت الوحدة ففكت كرباً ومخاوف كل الناس، وللتوضيح أكثر فإن زمن التشطير كان يمنع علينا شراء سيارة أو بناء منازل، ومن يفعل ذلك يتهمونه بالإقطاعية ويتخذون ضده العقوبة التي يريدونها. فروق شاسعة وعن مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة كيف كانت وكيف أصبحت أوضح قائلاً: الفرق واسع بين عتق الأمس وعتق اليوم، الفرق بين الثرى والثريا، وإنني أتذكر عتق قبل الوحدة فلم يكن فيها سوى مستشفى عتق بمبناه القديم، وماحوله صحراء وخبوت نائية كتلك التي في الربع الخالي، وكان الظلام والصمت يلفها على طول الوقت، أما اليوم فقد أصبحت مدينة عملاقة بكل ما للكلمة من معنى بمبانيها الضخمة وفنادقها وحدائقها ومتاجرها واسواقها وكلياتها ومعاهدها وقراها المتناثرة حولها التي أضحت تنافسها في التمدن كمنطقة الجابية والشبيكة والعطف وقرى آل سليمان وغيرها من المناطق التابعة لها والمتوفر فيها الماء والكهرباء والهاتف والطرق الاسفلتية والمراكز والوحدات الصحية والعيادات والمستشفيات الحكومية والخاصة وتقريباً سوف تلتحم هذه القرى مع عاصمة المحافظة لتشكل مدينة كبيرة تتجاوز المدن اليمنية والعربية الكبيرة، وأؤكد أنني لم أكن أتوقع ولادة كل هذه الشوارع والمنازل وغيرها، وأنني لأتذكر مدرستي الطينية التي تعلمت فيها والمهترئة المتهالكة، واليوم أضحى لنا أكبر مدرسة في المحافظة في قرى آل مهدي أو قرى آل خليفة، وهذا فقط كمثال والمنجزات الأخرى لايتسع المجال لذكرها، وأضيف: إننا لم نكن نتوقع أن تصل التلفونات الثابتة إلى كل منزل، وكان المغترب منا ينتظر في الثمانينيات من القرن الماضي واحداً وعشرين يوماً حتى يتم التواصل مع الأهل الذين يأتون إلى عدن للمهاتفة. دعوة الرئيس وعن دعوة الرئيس علي عبدالله صالح للتصالح والتسامح قال الشيخ الخليفي: نحن مع دعوة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله، تلك الدعوة الصادقة والمخلصة لأجل التصالح والتسامح والحوار وتجنب المهاترات الإعلامية وكل مايدعو إلى التوتر والخلافات الاجتماعية وذلك من أجل الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره، وحتى لانحقق أطماع الحاسدين والحاقدين خدام المستعمر البغيض الذين يريدون عودتنا إلى ماقبل الثاني والعشرين من مايو 1990م، ويهدفون إلى تمزيقنا وتشتيتنا وصوملتنا، ولابد لكل يمني مخلص مؤمن شريف أن يؤمن أن الوحدة واجب ديني قبل أن تكون واجباً سياسياً، وأن يسعى جاهداً بكل إمكانياته إلى نشر ثقافة المحبة والسلام والوئام بين أبناء الوطن الواحد ونبذ ثقافة الكراهية والبغضاء وإنني على ثقة كبيرة أن هناك الكثير من الشرفاء الغيورين الذين يعتبرون مصلحة الوطن فوق كل المصالح، وما دعوة الرئيس حفظه الله إلا لأجل سلامة الوطن والمواطن وسلامة الوحدة الغالية على نفوسنا وسبقتها ثورات وجماجم ودماء وشهداء لأجل تحقيقها وتحقيق طموحات الشعب اليمني الأبي من اقصاه إلى أدناه، وما دعوة الرئيس إلا مثال يجسد روح الديمقراطية والحب والحرص على لم شمل الأسرة اليمنية الواحدة تحت مظلة الوحدة المباركة، وليعلم الجميع أننا في نعم لاعد لها ولاحصر منها حرية الرأي والتعبير والديمقراطية والانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية وانتخاب المحافظين وتنامي التنمية وغيرها الكثير والكثير كلها منبثقة عن الوحدة المباركة. إدانة واستنكار واختتم الشيخ سالم عوض حديثه الجميل بالقول متذمراً مما حصل في محافظة أبين: إنني أدين وأستنكر ماحصل في الآونة الأخيرة في محافظة أبين من قبل عناصر تخريبية هدفها العودة بعجلة التاريخ إلى الوراء إلى قلب الظلام وإني لآسف كثيراً على أولئك الأبرياء المغرر بهم، والذين يتخذهم الإرهابيون الحاقدون أو مايسمون أنفسهم بالحراك الجنوبي يتخذونهم دروعاً بشرية لتحقيق أغراضهم الأنانية، ووالله إن ذلك العمل الإجرامي جبان بكل ما للكلمة من معنى، وإنني أتمنى من الحكومة أن تضرب بيد من حديد كل من يحاول تشويه سمعته، وأن تحاسب كل المحرضين والمتسببين في المظاهرات وأعمال الشغب وسقوط القتلى، وأن تنفذ فيهم العقوبة العادلة بلا رحمة أو شفقة حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر، وفي الأخير لايسعني إلا أن أشكر فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لحكمته الرائدة، ودعواته التسامحية، وأدعو الله أن يهلك كل أصوات النشاز التي تستهدف وطننا اليمني ووحدته المباركة، وبالروح بالدم نفديك ياوحدتنا الغالية، فأنت مصدر عزنا وفخرنا في كل زمان ومكان.