يؤكد الخبير الوطني في الصحة العامة والبيئة الدكتور / ناجي صالح ثوابة ضرورة إحلال مادة الغاز( البترول المسال ) محل البترول كطاقة آمنة ونظيفة ..فمادة الغاز اقل كلفة من البترول كما أنها تطيل من العمر الافتراضي لزيت المحرك بل للمحرك نفسه .. واستخدامها ذو جدوى اقتصادية واجتماعية وصحية على المدى البعيد و القريب..ثوابة ومن خلال هذا اللقاء كشف أيضا عن عديد اختلالات وانتكاسات بيئية كان للإنسان الأثر الأكبر في ذلك.. واضعا في الوقت ذاته حلولاً ومعالجات ناجعة لا ينبغي تجاهلها.. الغلاف الحيوي {.. البيئة..هل هي ذلك الكل الذي نعنيه..أم هي محصورة في جزئية معينة ؟ .. البيئة لفظ شائع الاستخدام ويرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين أي بيئة ، والأرض بيئة ، والكون كله بيئة ، وهناك ما يسمى البيئة الاجتماعية ، والصناعية ، و الصحية … الخ . إلا أننا عندما نقول ( بيئة ) فإننا في الواقع نقصد كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الكائن الحي مؤثراً ومتأثرا بحيث يكون العيش معه ممكناً. فالبيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الكائن الحي مؤثرا ومتأثراً ، ومحصلة ذلك هو استمرارية الحياة . وعلم البيئة هو ذلك الفرع من علوم الحياة الذي يشمل مجموعة منظمة من المعلومات تتناول العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية وبعضها البعض بما فيها الإنسان وعلاقته ببيئته. وكما هو معلوم فإن الأرض مازالت هي المأوى الوحيد لصور الحياة التي نعرفها .والجزء من الأرض الذي توجد فيه صور الحياة المختلفة يعرف بالغلاف الحيوي Biosphere والغلاف الحيوي عبارة عن غلاف سطحي يشمل التربة إلى عمق عدة أمتار، وكل المياه العذبة والبحار والمحيطات ، والغلاف الجوي Atmosphere وسمك الغلاف الحيوي لا يتجاوز 24 كيلو مترا ً تقريبا إذ يبلغ اقصى عمق للمحيطات حوالي 13 كليو مترا ( في المحيط الباسفيكي)، وأعلى قمة للجبال حوالي 11 كيلو متراً ( جبل موكي Mountain Kea بهاواي) . ويلاحظ أن اقتصار وجود الحياة بوفرة على هذه الطبقة الرقيقة نسبيا ، يرجع لملاءمة الظروف البيئية فيها للحياة. أنظمة بيئية متداخلة {.. كيف يتم دراسة كل ذلك ؟ كي تسهل دراسة الغلاف الحيوي لابد من تجزئته إلى وحدات صغرى تعرف بالنظم البيئية والنظام البيئي هو مجموعة الظروف البيئية الطبيعية – يابسة ، وماء وهواء- في منطقة معينة بما في ذلك جميع الكائنات الحية التي تعيش فيها أي إن النظام البيئي وحدة طبيعية تتألف من أجزاء حية واخرى غير حية بعضها مع بعض بحيث تنتج نظاما ثابتا متوازنا يتم فيه تبادل المواد بين الكائنات الحية وغير الحية في مسار دائري وقد يكون النظام البيئي صغيرا كما قد يكون كبيرا ،فساحل البحر نظام والبحر بأكمله نظام بيئي ومن الممكن تحديد النظام البيئي بدقة عن نظم البيئة المحيطة ، فمثلا يمكن تميز الواحة كنظام بيئي منفصل عن الصحراء المحيطة بها ، وقد يتداخل النظام البيئي مع نظام بيئي آخر وهكذا . اعتداء بشري {.. ما دور الانسان في هذا التداخل ؟ .. مما لا شك فيه أن هناك عوامل بيئية طبيعية لها طابع مكاني وأخرى ذاتية، شخصية ممثلة في الإنسان وأعماله هي التي تحدد إلى أي مدى يصبح المكان مستوطناً بشرياً بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة .. ولكن تحول المكان إلى مستوطن بشري دائم أو مؤقت لا يعني أن الأمور سائرة على ما يرام .. إن السؤال الذي يستحق الإجابة هو إلى أي مدى يكون هناك تفاعل متبادل بين البيئة الطبيعية والإنسان ويذكر في هذا الصدد أن لهذه البيئة معطيات متعددة تتألف من مصادر متجددة ومصادر غير متجددة والتفاعل السليم مع هذين المصدرين هو الذي يحدد في النهاية أي المستوطنتين يشهد التطور السليم والمناسب مع مطالب البيئة ولكن ولسوء الحظ نادراً ما يراعي الإنسان المطالب البيئية فيقوم بكثير من النشاطات التي تعتبر اعتداء على البيئة . . مثل الافراط في استغلال المصادر غير المتجددة مما يؤدي إلى تناقصها بصفة مستمرة ومن ثم فنائها وانتهائها وعدم توفرها للأجيال القادمة؛ وكذلك الإفراط في استغلال المصادر المتجددة ويؤدي هذا إلى الأخذ من الطبيعة أكثر مما في استطاعتها أن تقوم بتجديده وهذا يؤدي إلى تناقص مستمر في الكمية التي تتجدد وبمرور الزمن يأتي اليوم الذي يستهلك الجزء الأخير من المصدر المتجدد وعلى هذا الأساس فإن المصدر المتجدد نفسه يختفي . ضغوط غير حميدة {.إذا الإنسان يتحمل المسؤلية الكبرى في تدهور هذه البيئة ؟ .. إن التدخل غيرالمسئولية من قبل الإنسان في محتويات البيئة الطبيعية هو الذي ادى إلى تدهور أحوال البيئة في كثير من المستوطنات البشرية .. فالإنسان هو الذي ساهم إلى حد بعيد في القضاء على الغابات وإلى ظهور ما يسمى بظاهرة التصحر ، كما قام بتلويث الهواء بإطلاق ملوثات متضمنة أبخرة وهناك تلوث التربة والمياه السطحية والجوفية .. ولعل أول خطوة يمكن القيام بها لوقف هذه الاعتداءات وحل مشكلة التدهور في البيئة اتباع أسلوب التنمية المستدامة والتي تهدف إلى الامتناع عن الاعتداء على البيئة الطبيعية ومكوناتها والتوازن والاعتدال في استغلال مواردها المتجددة وغير المتجددة مع اتخاذ خطوات إيجابية لإعادة التوازن البيئي للمستوطنات البشرية . ويعتبر السكان من منظور علاقتهم بالبيئة والتنمية أصحاب الإرادة في عملية التغيير الذي يستهدف عملية الوصول إلى مجتمع أفضل ، أي أصحاب إرادة في عملية التنمية . كما تعاني البيئة الحضرية من ضغوط غير حميدة على الموارد الطبيعية المتاحة، نتيجة عوامل كثيرة ومنها على سبيل المثال الهجرة غير المخطط لها والتي تؤدي إلى الطغيان على استغلال الموارد الأرضية مثل الحاجة إلى الطرقات والامتداد العمراني الأفقي واستغلال المياه، وتزايد النمو السكاني الغير منظم، وما ينتج عنه من مخلفات صلبة وسائلة. وباتجاه الفقر إلى العيش في مجتمعات مكتظة تفتقر للبنية الأساسية المناسبة،و تراكم المخلفات وانتشار التلوث ومن ثم أخطار الأمراض. كل ذلك يعتبر مشكلة على البيئة والصحة العامة وقد كانت لهذه الموجة الضاربة من السلوك الاستهلاكي تبعاتها على البيئة، فقد جارت على الموارد الطبيعية، من غابات وتربة وماء وهواء، وأساءت إلى المناخ العام لمدننا بل وأحيانا إلى قرانا. وبالطبع إننا لاندعو إلى نقيض مجتمع الوفرة والاستهلاك الكبير، فليس في الفقر والركود حل لمشاكل البيئة والموارد الطبيعية المنهكة، ولكن علينا أن نحدد لأنفسنا مايكفينا من احتياجات بشرط أن تستطيع الموارد أن تفي بذلك الطلب، دون أن نسيء اليها ونجور على مخزونها. . وأحب أن اشير إلى أن الدراسات والبحوث العلمية تؤكد بأن الأرض في الماضي كانت تحافظ على التوازن البيئي، ولكن ومع الثورة الصناعية الحديثة وزيادة عدد السكان اختل التوازن حيث أصبحت نسبة ملوثات الهواء أكثر من قدرة الطبيعة على تنقيته. والسبب وجود الكثير من المصانع التي تعمل في المدن ودون وجود أي مواصفات أو ضوابط على عملها. ومن المعروف أن السيارة الواحدة تطلق في العام حوالي طن من غاز أول أكسيد الكربون ( احتراق طن واحد من البنزين يؤدي إلى تشكل 60 كيلو غراماً من أول أكسيد الكربون) والهواء مهما كان نظيفا فإنه يحتوي على شوائب غازية وسائلة وصلبة، وهذه الشوائب تشكل جزءا متناهيا من الصغر من مجمل الغلاف الجوي. ويسمى الجزء السفلي من الغلاف الجوي بالتروبوسفير ويبدأ من سطح الأرض إلى ارتفاع 18 كم . . إن الغلاف الجوي يتكون من عنصرين رئيسيين هما الأزوت (النيتروجين) بنسبة 87 % وهو غاز لايحترق بسهولة، والأكسجين بنسبة 21 %، وهو غاز فعال يساعد على الاشتعال ويتحد مع معظم العناصر الأخرى. وهذان العنصران يشكلان 99 % من مجموع الغلاف الغازي، أما الباقي وهو 1 % فهو عبارة عن عدد من الغازات التي تمتزج بنسبة ضئيلة جداً، وهذه الغازات هي: الأرغون، النيون، الهيليوم، الأوزون، ثاني أكسيد الكربون. الجسيمات الدقيقة: قد تكون جسيمات صلبة أو سائلة حيث تبقي الجو تتحكم فيه حركة الرياح والهواء فتنقلها إلى أماكن مختلفة، والأمطار تعمل على توحيدها مشكلة كتلاً فتسقط بها على الأرض. خليط معقد {.. ماهي الأضرار البيئية والصحية لتلك الملوثات؟وهل المجتمع الريفي في مأمن؟ .. من المعروف أن ضريبة التحضر والتمدن الغير مقننة ، وتجاهل القوانين والنظم والتشريعات التي تنظم الحياة في المدن يتسبب في ظهور الكثير من السلبيات ومنها انتشار الملوثات الكيماوية والفيزيائية والبيولوجية، وكذلك وجود غازات أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون ، الهيدروكربونات ، أكاسيد النيتروجين وجميعها تعتبر غازات سامة، تنتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود، كما هو الحال في السيارات التي تعتبر من أكبر المصادر الملوثة لبيئة المدن ، حيث تعتبر عربات النقل الثقيل مسؤولة عن 80 % من غاز أول أكسيد الكربون، بينما بقية وسائل النقل 55 % من إجمالي الملوثات. وتشهد المدن اليمنية زيادة مضطردة في اعداد هذه السيارات بالذات تلك السيارات التي تجاوزت عمرها الافتراضي، الأمر الذي يمثل مشكلة بيئية وصحية واقتصادية واجتماعية كبيرة. حيث تمثل المواد المنبعثة من عوادم محركات المركبات خليطاً معقداً يحتوي على المئات من المواد الكيميائية على هيئة غازات وذرات، وكذلك هباء جوي يحتوي على مواد عالقة صلبة وسائلة ، ويعتمد تركيب الخليط على نوع الوقود والمحرك وحالة الموتور التشغيلية وقد تصبح بعض المواد لدى إطلاقها عرضة لعمليات تحول نتيجة لتفاعلات كيميائية جوية.. وفي الآونة الأخيرة يلاحظ بأن عدد السيارات التي حولت محركاتها من محركات تعمل بالبترول إلى محركات تعمل بالديزل ، في ازدياد طردي نظراً لأن وقود الديزل أقل تكلفة من البنزين ، وهذا التحويل يعتبر من أخطر ما يهدد الصحة العامة والبيئة .لذلك فقد أصبحت هذه القضية من القضايا الآخذة في الظهور والتي استدعت انتباه المهتمين. ومن المعروف بأن تراكيز التلوث يكون في المدن اكثر من الريف حيث تكثر فيها أعداد وسائل النقل المختلفة. ومن الثابت علميا الى أن حوالي جزء واحد من هذ الغاز في مائة الف جزء من الهواء يسبب المرض . طاقة آمنة {.. بعد هذا الكم الهائل من الأضرار والمسببات..برأيكم أين يكمن الحل ؟ .. من المؤكد بأن التزايد التدريجي في المستقبل القريب والبعيد في عدد السيارات وارد قطعا، وذلك ماقد يسبب مشكلة يصعب معها الحل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها اليمن. من هنا فإن اقتراح إحلال مادة الغاز محل البترول يعتبر ذا جدوى اقتصادية واجتماعية وصحية وبيئية . وكون الموضوع سيادي فإن تبنية يعتبر من المواضيع التي يجب أن تتولاها الدولة . ويتمثل المشروع في منع استيراد وسائل النقل التي قد تجاوزت عامين من تاريخ الصنع ، ومنع الورش التي تركب ماكنات مستخدمة أو تلك التي تحول مكينتها من ماكنة تعمل بالبترول إلى ماكنة تعمل بالديزل ، وضرورة تبني وزارة الداخلية إنشاء ورشة صيانة وفحص وسائل النقل قبل الترخيص أو تجديد الكروت للتأكد من أن السيارة تعمل بصورة جيدة والسماح لها للعمل في الخدمة .. وكذلك إحلال مادة الغاز البترولي المسال LPG محل البترول كطاقة آمنة ونظيفة لوسائل النقل وتبني ذلك على مراحل الأولى سيارات الأجرة يليها وسائل النقل العامة و الخاصة يليها سيارة الحكومي. وإذا أردنا معرفة الجدوى الاقتصادية من عملية إحلال مادة الغاز كوسيلة طاقة لوسائل النقل فيمكننا تبيان ذلك من خلال المعادلات الحسابية الآتية على افتراض أننا بصدد تركيب أجهزة الغاز على 25.000 سيارة تعمل بمعدل استهلاك يومي على أقل تقدير 20 لتراً/اليوم من البترول بقيمة 700ريال أي مايعادل 5$ امريكي ، ويقدر استهلاكها السنوي180.000.000 لتر بنزين بما يعادل 180.000برميل بقيمة إجمالية تقدر ب 6.300.000.000ريال يمني أي بما يعادل 37،058،823دولاراً امريكياً . . ومن خلال الدراسة التجريبية وجد ان استخدام 20لتراً من البنزين لمسافة 160-180 كم يساويه في ذلك نفس الكمية والمسافة في حال استخدام الغاز أي 20لتر غاز يخدم لمسافة من 160-180كم. مع مراعاة العوامل المختلفة لكلا الحالتين من حيث نوع السيارة وحالة المحرك. بينما في حال إحلال مادة الغاز محل البترول فإن الفائدة تتمثل في احتساب فارق السعر حيث إن قيمة ال 20 اللتر من الغاز يساوي 250ريالاً. إذاَ كمية الاستهلاك من الغاز لنفس عدد السيارات وهي 25.000سيارة/ 20لتر غاز/اليوم/250ريالاً/السنة يساوي 180.000.000لترغاز بقيمة إجمالية تساوي25.000.000ريال أي مايعادل 13،235،294دولاراً امريكياً. ولذلك فإن الفرق في القيمة الشرائية للبترول منه الى الغاز تساوي 4.050.000.000ريال، اي مايعادل 23،823،529دولار أمريكياً يعتبر وفرة في حال الإحلال الغاز محل البترول. ومن جهة ثانية فإن هناك منافع اخرى في حال اختيار الغاز بدلا عن البترول ويتمثل ذلك في اطالة العمر الافتراضي لزيت المحرك حيث يتم تغيير اليت للسيارة التي تعمل بالبترول كل 1500 الى 2000كم بينما في حالة الغاز كل 8000 الى 10000كم وهذا يضيف منفعة مالية اضافية لمالك السيارة. ناهيك عن أن مستوى الإنفاق على سبيرات السيارة التى تعمل بالغاز تقل إلى معدل 30 إلى 30% منه في حال عملت السيارة بالبترول . إلى جانب الفوائد الاقتصادية الوطنية لمشروع الإحلال فإن هناك منافع إضافية أخرى تتمثل في انه يحافظ على حماية الصحة العامة والبيئة جراء التقليل من الانبعاثات الغازية، ويساعد على التقليل من التلوث بمادة الرصاص في الهواء من مصادر وسائل النقل التي تستخدم البترول. كما انه وقود آمن وسليم لوسائل النقل.ويطيل العمر الأفتراضي للمحرك وانه ذو جدواء اقتصاديةواجتماعية وصحية على المدى البعيد والقريب و سيتيح للدولة فرصة كبيرة لزيادة حجم صادراتها من النفط بما لايقل من 25 الى 30%. الحزام الأخضر وفي تصوري أن الحل يكمن ايضا في تبني تنفيذ مشروع الحزام الأخضر على المدن بالذات في الأمانة ، وتوسيع الرقعة الخضراء في جزر الشوارع وفي المتنفسات والحدائق العامة ، بحيث يتم ريها من مياه الصرف الصحي من المخرج النهائي للمحطة بحيث يضمن قيام المحطة بالمعالجة للمياه العادمة بصورة سليمة . ومتطلبات هذا المشروع يحتاج إلى دراسة بيانية ، ميدانية ،و في تصوري لن يكلف المشروع أكثر من (20 مليون ريال) بعمر افتراضي يصل إلى (100عام) وينبغي أن يكون هذا التوجه للمؤسسات الوطنية المعنية ولتي تعمل بناءً على سياسات واستراتيجيات وعمل مؤسسي سليم . وفي الختام لا يفوتني أن أذكر بأن رجال الإعلام يعول عليهم آمال عظيمة في نجاح كل مشروع ريادي في هذا الوطن المعطاء ، وأنا على يقين بأن كل عمل ناجح وراءه رجال الإعلام.