إن حديث القرآن عن الطفولة حديث كله حب وسماحة وثراء وعاطفة فهم بشرى وهم قرة عين وهم نعمة جليلة لذلك نجد عباد الرحمن متصفين بحب الأطفال لأنهم ملائكة الرحمن.. وهاهو شهر التوبة والغفران يحط رحاله اليوم عند المسلمين ويعانق فينا روحانية الأخلاص في العبادة والرسول صلى الله عليه وسلم يتنسم في الطفولة وفي الطفل ريح الجنة فيقول:«ريح الولد من ريح الجنة» رواه الطبراني في الأوسط.. وعن صفوان بن عادل المرادي رضي الله عنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر، فقلت له: يارسول الله إني جئت أطلب العلم فقال: مرحباً بطالب العلم إن طالب العلم لتحفة الملائكة وتظله بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب». والعلم توصل في عصرنا إلى عدة أساليب تنير طريقنا في التعامل مع الطفل وسلوكياته ولأن التهذيب في الصغر كالنقش على الحجر سيكون لنا في مشوار رمضان لهذا العام وقفة مع فلذات أكبادنا. حبايبنا يتوجب على الطفل صوم شهر رمضان عند البلوغ إلا أن هذه القاعدة لا تنفي ضرورة محاولة الأهل تشجيع ابنهم على القيام بهذه العبادة قبل هذه المرحلة العمرية.. ليألفها وتنطبع في نفسه لكن هذا التشجيع لايحول دون مواجهة بعض المشكلات التربوية، مايجعل الأم في حيرة من أمرها متسائلة:«هل أجبر طفلي على الصيام أم أدعه يفطر»؟ الاختصاصية في علم النفس والتقويم التربوي/عائشة عبدالحميد تطلعك على الإجابة: رغم حداثة سنهم يصر بعض الأولاد على الصوم مايثير قلق الأهل وفي هذه الحالة من الأفضل التعامل مع هذا الموقف بالحيلة واقناع الطفل أن بعض الأطعمة والماء لا يفطر أو تقسيم اليوم له والإشارة إلى أن الأطفال يصومون حتى آذان الظهر والأكبر سناً حتى العصر فيم الكبار حتى المغرب وتحذر الاختصاصية عائشة عبدالحميد الأم من ترديد عبارة «أنت صغير وأخاف أن يؤثر الصيام عليك» حيث تنطبع في ذهن الطفل ويكبر معتقداً أن الصيام مرهق فيمتنع عنه. وبالمقابل قد يصر الطفل على الصيام وiو ضعيف البنية لذا من الواجب في هذه الحالة القيام بالتالي: تقديم وجبتين له بين الافطار والسحور مع الاهتمام بالسوائل خلال تلك الفترة. الاهتمام بوجبة السحور المقدمة له وتأخيرها قدر الإمكان. دعوته إلى أخذ قيلولة أثناء النهار تخفف عنه بعضاً من مشقة الصيام. منعه من بذل أي مجهود شاق وعند ملاحظة أي أعباء أو إرهاق عليه، يجب التدخل لإفطاره فوراً. الافطار سراً يجب عدم الزام الأطفال بالصيام بل ينبغي على الأهل أن يجعلوهم يستفيدون من هذا الشهر من النواحي الدينية والأدبية والاجتماعية كي لا تتسلل إلى عقولهم فكرة أن الصوم هو عقاب قاس لهم يحرمهم من لذة الطعام. ومعلوم أن الطفل يحتاج إلى كمية من الغذاء أكبر من الشاب المكتمل النمو خصوصاً إذا كان كثير الحركة واللعب فإذا الزمناه بالصوم قد نؤذيه وهذا من الناحية الشرعية مذموم. من المفيد أن يتم تدريب الطفل على الصيام في سن مبكرة تدريجياً أي في الخامسة أو السادسة ليبدأ بصيام ثلث اليوم ثم نصفه فاليوم كاملاً والثناء على قوة تحمله وتشجيعه عند التزامه بالامتناع عن الأكل في نهار رمضان مع تذكيره بأن الله يراه ويطلع على كل أفعاله. موعد الافطار إذا كانت صحة الطفل جيدة وأراد الصيام فليكن له ذلك لكن قد تلاحظ الأم أن يكرر السؤال عن موعد الافطار وفي هذا الإطار يجب تسليته من قبل أحد الوالدين أي اصطحابه إلى المسجد لحضور حلفة لتحفيظ القرآن بعد العصر أو إلى السوق أو شراء لعبة له وذلك بقصد نيسان الأمر وقضاء النهار بسهولة ويسر.. وإذا أحس الطفل بعدم القدرة على اكمال صومه نصف اليوم أو كله فعلى الأم أن تشغله ببعض الألعاب المفيدة أو تكلفه بأداء بعض المهام التي يجب القيام بها وتشاركه فيها إلى أن يمر الوقت المطلوب. رفض الصيام للعائلة دور كبير في تعويد الطفل على الصيام في سن مبكرة فإذا لاحظ الطفل أن والديه يحبان هذا الشهر ويصومانه طاعة وإيماناً واحتساباً وليس عادة فبالطبع سيقتدى بهما ومن الملاحظ أن الطفل الذي يتراوح عمره بين 5 أو 01سنوات لا يحتاج إلى الترغيب في الصوم أو غيره من العبادات أو الطاعات فهو بطبيعته يكون في قمة الطاعة إذا وجه ممن حوله على الخير والطاعة والصلاح إضافة أنه يميل إلى التقليد وهنا تبرز أهمية تأهيل الطفل قبل قدوم رمضان وتشجيعه والثناء عليه عند تأديه لهذا الركن من أركان الإسلام. المبالغة في طلب الطعام يأتي هذا الموقف من قبل الطفل في إطار حرص الأسرة على تكديس ألوان وأصناف مختلفة من الأطعمة إيذاناً ببدء شهر رمضان لتتحول هذه المناسبة في مخيلة الطفل إلى «شهر الأكل» الذي تعد خلاله الأم جميع أنواع المأكولات الشهية فيبدأ بدوره في طلب بعض الأصناف ويصر عليها ويغضب إن لم يجدها على مائدة الافطار لذا من الضروري الاعتدال والابتعاد عن المبالغة في تقديم كل مالذا وطاب متناسين جوهر هذه العبادة المتمثل في جعل الغني يشعر بالفقير الذي لا يجد قوت يومه مع حثه على تقديم الصدقات.