رمضان ما أثقل أن نفارق فيك يوماً يمضي يارمضان وكم هو مؤلم فراق الأحبة؟! تحس وكأنه يكسر عرق القلوب الدافئة.. فكما أن للصوم أجراً عظيماً لايعلمه إلا الله عز وجل فإن هناك من الأمراض لايحس بآلامها سوى المريض نفسه. واليوم سيكون لنا حديث عن أحد الأمراض التي تسبب لصاحبها آلاماً مبرحة تشل الحركة إنه ألم العصب الوركي «عرق النساء» مرض شائع وتحديداً في عصرنا الحديث الذي يؤثر فيه التقدم التقني والرفاهية على الحركة والنشاط البدني وهذا المرض مرتبط بأجهاد أو أزعاج العصب الوركي وغالباً مايأتي نتيجة فتق قرطي للغضروف الموجود مابين الفقرتين القطنيتين 4و5 من فقرات العمود الفقري مما يسبب ضغطاً على جذر العصب عند خروجه من العمود الفقري، وقد يحدث الألم في هذا العصب في حالات الألتهاب العظمي المفصلي في النخاع وحالات تضخم النخاع وقد يحدث أيضاً بعد حمل أشياء ثقيلة أو من طول الجلوس أو الوقوف لمدة طويلة أو لأي حادث يصيب العمود الفقري. هذا المرض شائع بين الذكور والإناث وغالباً ماتصاب به السيدات بعد فترة الحمل. الأعراض العصب الوركي عصب طويل جداً، فهو يبدأ من الجزء السفلي من فقرات العمود الفقري «القطنية» والتي تسمى جذور الأعصاب، ويسير من الخلف في كل من الأرداف وإلى أسفل حتى يصل إلى الكعب مروراً بالفخذ والساق، ويعرف بعرق النساء «بفتح النون والسين وليس بكسر النون لأنه موجود في الرجال والنساء على السواء».. والتهاب عرق النساء له أعراض مميزة لاتخفى على الشخص العادي وأهم هذه الأعراض: ألم يمتد على الوجه الخلفي من الفخذ والساق وإلى كعب القدم أحياناً، وربما تهزل معه عضلات الرجل والفخذ، مع معاناة المريض من ألم شديد عند مفصل أعلى الفخذ كلما حاول ثني الساق الممدودة، وتخدر في الأطراف السفلية، وعدم القدرة على المشي لمسافات طويلة. ولمريض عرق النساء وقفة مشهورة حيث يلقي بثقل جسمه كله على ساقه السليمة، ويمسك بالساق المريضة المثنية قليلاً من مفصلها العلوي، كما يرفع عقب هذه الساق عن الأرض لتجنب الألم الشديد.. ويكون الألم في أول مراحل المرض شديداً جداً، فإذا أخذ المريض قسطاً من الراحة الكافية مع تدفئة الساق المريضة فإن الألم لايلبث أن يقل تدريجياً، ثم يأخذ في التضاؤل خلال أسابيع قلائل، وفي حالة الألتهاب المزمن لعرق النساء فإن نوبات الألم تتكرر وبالأخص خلال فصل الشتاء. العلاج عادة مايزول الألم إن شاء الله تعالى بعد بضعة أسابيع إثر تناول الأدوية المناسبة من قبل الطبيب المختص، لكن ثمة حالات نادرة قد يستمر معها الألم وعندها يقترح الطبيب نظاماً، علاجياً مختلفاً، لكن على المريض أن يلتزم بخطة العلاج كاملة وذلك كل المدة المطلوبة منه، وينبغي أن يعي المريض عدم جدوى ملازمة الفراش، بل ينصح بالاستراحة فقط إذا ما أعاق الألم الحركة أو النشاطات المعهودة، حتى تتراجع حدة الألم ثم يستعيدٍ المريض حركته ونشاطاته الرياضية تدريجياً بلا إجهاد لقواه، فمن الممكن استعادة. في الطب النبوي روى ابن ماجه في «سننه» من حديث محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «دواء عرق النساء ألية شاة أعرابية تذاب، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء» والحديث صححه جمهور أهل العلم وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجة رقم 5082، يقول ابن القيم، في الجزء الرابع من زاد الميعاد في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج عرق النساء: «وفي تعيين الشاة الأعرابية لقلة فضولها، وصغر مقدارها، ولطف جوهرها، وخاصية مرعاها لأنها ترى أعشاب البر الحارة، كالشيح، والقيصوم، ونحوهما، وهذه النباتات إذا تغذى بها الحيوان، صار في لحمه من طبعها بعد أن يلطفها تغذية بها، ويكسبها مزاجاً ألطف منها، ولاسيما الألية وظهور فعل هذه النباتات في اللبن أقوى منه في اللحم، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لاتوجد في اللبن». النشاط الرياضي بعد مضي 34 أسابيع على الشفاء تدريجياً، ينصح الخبراء ببعض أنواع الرياضة دون سواها مثل المشي السريع والسباحة وركوب الدراجة. من المهم تجنب الاستلقاء على الظهر أثناء النوم لأن هذا الوضع يسبب الضغط على الفقرات القطنية أسفل الظهر وبالتالي زيادة الضغط على العصب الوركي.. وبناء على ذلك يفضل الاستلقاء على أحد الجانبين مع ثني القدمين قليلاً حتى يصبح الجسم بزاوية 54 درجة تجاه السرير، مع عمل «كمادات» ماء دافئ على مسار الألم، أو التدليك بزيت الخروع أو زيت الزيتون الدافئ. عادة مايصف الطبيب حقن فيتامين «ب21» والتي لها دور بارز في القضاء على التهابات الأعصاب والمحافظة على الغشاء الخارجي المغلف للأعصاب عموماً، ولكن من الواضح أن بعض الحالات تتحسن أيضاً عند تناول فيتامين «ه» بجرعة يومية تعادل 400 وحدة دولية.. ويظهر هذا التحسن خلال أسبوعين من الانتظام على تناول هذا الفيتامين. يجب ألا نبالغ في القلق ونحول الأمر إلى مأساة، فألم العصب الوركي لايدل على ضعف جسدي نهائي أو غير قابل للتصحيح، والأطباء لاينصحون بالخضوع للجراحة إلا في حالات نادرة، أما معاودة النوبات فليست حتمية.