وأخيراً جاء رمضان.. شهر البركة، والشهر الفضيل، والكريم جداً، والحنين الشهر ذو الثلاثين مسمى بعدد أيامه إن وصلت.. فهو شهر الصيام عند العامة، وشهر «الصلاة» بالنسبة لأشخاص لا يعرفون موقع القبلة طوال أشهر السنة. رمضان شهر «المسابح» بالنسبة لصاحب تلك العربية التي تظل شاغرة حتى حلوله، وشهر «التمر» بالنسبة لبائع كان «البلح» سلعته التي لا تبور قبل حلول الشهر. شهر «السمبوسة» و«الباجية» لعاطلين لا عمل لهم.. شهر قراءة القرآن لشخص يتعامل طوال عمره مع المصحف كشيء أثري مرفوع في شباك «مغلق من قبل ابليس»!! رمضان شهر «الشفوت» بالنسبة لأطفال «زقوات» يملئون بطونهم طوال النهار، وبمجرد إطلاق المدفع قذيفته يطلقون أغلظ الأيمان بأنهم صائمون، ويدللون ذلك بإخراج ألسنتهم التي تخرج بيضاء وناشفة كجدار مدرسة.. رمضان شهر «الصدقة» لأناس يتجرأون فيه على مد أيديهم إلى جيوبهم لتخرج محملة بريالات «غير قابلة للصرف»، وشهر «الزلط والشهرة» لممثل يمني ظل طيلة أحد عشر شهراً حبيساً لجدارين، وتحولت «لحيته» مصيدة يقع فيها أطفاله وكل من يمشي بغرفته من طولها وعدم تمكنه من حلاقتها، وتجاوزت فاتورته عند صاحب البقالة الحد الذي تسمح به كل الشرائع السماوية. رمضان شهر «السواك» لأشخاص اصفرّت أسنانهم من القات والسيجارة، وجاء رمضان كرحمة ليزيل ما تراكم عليها من طبقات مكدسة ب «سواك» ليستخدمه غالباً كمنظره أمام السنة، لا كسنَّة، شهر المسابقات الدينية والثقافية والجوائز المليونية الوهمية «شكراً لقد ربحت حبة تمر»، «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»، فيلم لمحمد هنيدي لم نشاهده بعد.