تختلف القدرات العقلية من طفل إلى آخر فهناك بعض الاطفال الذين يتقبلون مايسمعونه وآخرون يتمتعون باستيعاب وتفكير يتجاوز عمرهم فيجادلون بعبارات مختلفة أو يضيفون على بعض الأخبار شيئاً من خيالهم وخبراتهم ما يجعلهم يجدون صعوبة في الاتفاق مع أقرانهم ويتطلبون معاملة خاصة من الأبوين. كيف يتميز الطفل الذي تتجاوز قدراته العقلية سنه بين أقرانه؟ وماهي المشاكل التي يعانيها . الاختصاصية في الطفولة «غدير محمد أحمد .. تقول: إن وجود أطفال يتمتعون باستيعاب وتفكير يفوق أعمارهم بات ظاهرة في معظم العائلات، وذلك يعود إلى الانفتاح الحاصل في المجتمع ودخول التقنيات الحديثة وإجادة الاطفال استخدامها رغم صغر سنهم»، مضيفة :«إن هذا النوع من الاطفال يمتاز بذكاء مرتفع، ويتوق لمعرفة الأمور المختلفة فهو لا يكتفي بالمعلومات والخبرات التي يكتفي بها من هم في مثل سنه» وتشبه هذا الطفل ب «شعلة من نور تضيء دوماً لتنير عقلها بكل شيء حولها،وتظل مشتعلة حتى تروي وتشبع حيرتها وذاتها». الأسرة في فلك هذا الطفل ومعلوم أن هذا الطفل يدفع أسرته إلى اجراء تعديلات خاصة في حياتها،والتضحية بكثير من المال والجهد والوقت لتلبية احتياجاته، لتبدو وكأنها تدور في فلك هذا الطفل خوفاً عليه من ضياع مواهبه وقدرته،وذلك إذا كانت تقدر طبيعة الطفل وتميزه عن غيره،أما إذا لم تكن كذلك فإن مصير هذا الطفل الذي يساء فهمه، الضياع والتحول إلى طفل كسول ومشاغب، كما أن وجود هذا الطفل في الأسرة يخلق نوعاً من الصراع بين الوالدين،عندما يلجأ كل منهما إلى أسلوب مختلف في المعاملة، كأن يشجع أحدهما إنجازاً ويشجع الآخر إنجازاً آخر، ما يجعل هذا الأخير يستخدم أساليب المراوغة بذكاء ودهاء مع الوالدين متبعاً مبدأ «فرق تسد» بين الوالدين للوصول إلى أهدافه، الأمر الذي يجعل اهتمامهما به يزيد،والتنافس بينهما أشد من أجل تلبية كل رغباته. والد ثالث في الأسرة! ويتمتع هذا الطفل بقدرة لفظية عالية، فهو كثير الجدل وقوي الحجة والبرهان ما يجعل والديه يشعران بالحيرة أمامه،فيخسران غالباً الرهان في معركتهما الجدلية معه، بالإضافة إلى حيرتهما في كيفية التعامل معه كطفل أم راشد، الأمر الذي يشعرهما بالقلق والحيرة لصعوبة الفصل بين دورهما كوالدين، ودور ابنهما كطفل حاله حال سائر الابناء، ونظراً إلى حدة ذكاء هذا الطفل، وشدة حساسيته وتأثير شخصيته المسيطرة وقوة اقناعه، فإن بعض الآباء يعلنون استسلامهم أمامه،علماً أنه يفرض نفسه كوالد ثالث في الأسرة بلامنازع! فيشعر الآباء بالحيرة الشديدة في أسلوب تربيته ما يجعلهم،وبدون قصد يعاملونه معاملة الند للند. نقاط هامة هناك بعض النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار للتعامل مع الطفل الذي يتمتع بقدرة على الاستيعاب تتجاوز عمره،وذلك على الشكل التالي: ٭التواؤم بين الطفل ووالديه: إن الانسجام بين الطفل ووالديه يقلل من المشاكل، وإن حدثت يسهل حلها.فالأب والأم اللذان يتسمان بالسيطرة يجب أن يعرفا أنهما ينبغي ألا يحاولا طبع الطفل بالشخصية التي يتمنيانها،بل بالشخصية التي تناسب قدراته. ٭ الصبر على أسئلة الطفل والإجابة عليها بقدر من المعلومات التي تعرفه إلى العالم الخارجي. ٭ اعتماد أسلوب المناقشة الحر، ومساعدة الطفل على التعبير عما يجول بخاطره،وتشجيعه على الكلام دون الاهتمام بملاحقة أخطائه. ٭ تشجيع ومعاونة الطفل على سماع القصص وقراءتها، فهي تشبع حيرته وتنير أفكاره، وهو ينهل منها كل ما يشبع حاجاته وتساؤلاته. ٭ استغلال مالديه من سرعة بديهة،وتوجيهها في الدورات التي تنمي قدراته. ٭ اللقب الإيجابي:حاولي أن تدعمي هذا الطفل بلقب يناسب هوايته وتميزه «عبقرينو مثلاً». ٭ التواصل والتعاون مع إدارة المدرسة، وتنبيهها بخصائص طفلها ليجري التعاون بينهما في رعاية قدراته والسمو بها. ٭الحرص على توفير الالعاب ذات الطابع الذهني التي تعتمد على تحريك قدراته العقلية، والتي تثير فيه عنصر التشويق والمنافسة وحل المشكلات، بالإضافة إلى الألعاب التي تعلمه الاكتشاف ومحاكاة الحواس. ٭يجب على الوالدين العدل في تربيتهم لأولادهم، فإن كان الطفل الأكبر هو الطفل المتميز،فلتطلب الأم منه مثلاً أن يقوم بطرح أسئلة تناسب إخوته الأصغر، وهو بذلك سيستخدم كل طاقته وقدراته لعمل وكتابة هذه الأسئلة التي سيقوم بالبحث عنها عن طريق الاطلاع على بعض الكتب إذا كان الطفل الأصغر هو من يفوق أقرانه، فعلى الأم أن تضع مجموعة من الأسئلة مع مراعاة قدرات هذا الطفل الأصغر،وتطلب من ابنها الأكبر أن يطرح هذه الأسئلة على إخوانه،وبهذا تكون قد راعت شعور ابنها الأكبر بالقدوة والمسئولية. وفي الوقت عينه راعت شعور ابنها الاصغر في أسئلة تنافس عقله وقدراته.