يبدأ معها أول خطوات الحياة نحو المسئولية..يسيران معاً على الورد والأشواك مهما زادملح الحياة وقل سكرها يتذوقانه معاً دون الالتفات إلى حجم الجوع الذي يسكن احشاء الآخر،يسيران بصمت نحو حياة صاخبة..أو يذوبان بصخب نحو موتٍ صامت، أولى جولات الرجولة وأولى صولات الحب..وأولى تجارب الوليف الشريك يخوضانها معاً باستبسال، لايرفع أحدهما الراية على قبر الآخر.ولا يتفنن أحدهما ببسط الشراك دون قدمي الآخر.. هالةٌ من الإنسجام المعبد بالود...وتبقى الحياة جميلة هكذا إلى أجل مسمى حتى تكبر المرأة تتدلى خاصرتها بفضول لترى الأرض،تسكن أردافها جرامات من شحوم البقر!!!.. تصبح اقدامها متشققة وشفتاها خواءٌ لا يعرف الوله وصدرها ماصدرها!!! مستودع بلا أبواب!!! حائطٌُ بلا جدران!!!...سحائب لاتحمل المطر ،باقات خالية من الأزهار!!...يالهول الحياة حين نكبر!!!نصبح عالة حتى على أنفسنا..تجارة كاسدة..لعبة خاسرة ..رهانٌ مفقود..نصبحُ مثل هبات نسيم الصيف لابد أن تعود ناراً مهما كانت جليداً،مثل الزبد مهما يعلو يذهب جفاءً!!!.. مثل حبات المطر على رمل الصحراء..مثل أكواخ الحمائم على قمم الدور ..خاوية.. مهما ملأتها الأسراب في دُجى أو غسق!!نكبر فنرى كل ماحولنا كبيراًحتى شعورنا بالفناء يصبح هاجساً أكبر منا...تكبر المرأة..ويكبر الرجل..لكن في مجتمعنا يبقى الرجل رجلاً مهما كبر..وتصبح المرأة شيئاً آخر من جملة أشياء الحياة!!.. لكنها أشياء باهتة .. لا تعرف السطوع تكبر المرأة ويصبح ودها بعيد المنال!! تصبح عزيزة الوصال!!وصال الفكر قبل الجسد..وصال الروح قبل رسم الجراح على ساعديها..وجيدها..وساقيهاالمثقلتين بالخُطى!!!.. عبر «الإنسان» التي تتحدث بلسان الناس تعيش أفراحهم تحتسي مع الآخرين جراحهم..كتبت عن «أم العيال» لأني أراهن مصانع للتاريخ آلاتها قيد الفناء..ولا تتصاعد عن مداخنها إلا أبخرة الجحود والنكران!!نساءٌ عشن فصول حياتهن داخل مسرح الزوجية.. لكنهن في نهاية المطاف تحولن إلى مجرد مشاهدات لما يحدث داخل منازلهن...حين يكون الأزواج أصحاب البطولة المطلقة بمعية نساء يلعبن دور الزوجة الأخرى ..التي انتظرت طويلاً على الرملة...وهي تفرش منديلها بانتظاره.. مايحبش الشوشرة!!! ? «أم عبدالله» ربة بيت: تزوجت وأنا في الحادية عشرة من العمر وتربيت على يديه فكنت أراه زوجاً وأخاً وأباً بذلت كل جهدي لأجل إسعاده..انتظرته ليكمل دراسته خارج الوطن سبع سنوات كنت ابني بيت اطفالي بيدي هاتين.. ثم عاد..عاد ليغترب من جديد خارج الوطن ليصبح لدينا منزل..كماكان يقول ومرت سبعة وعشرون عاماً من التضحيات يزورني أياماً معدوداتٍ لأهديه طفلاً جديداً بعد تسعة أشهر تمضي...وبعد سبعة من الولد وحياة ملؤها النكد عاد إلى البلد،لكن عاد بعد هذا العمر ليخبرني أنه كان متزوجاً هناك وان لي حرية الإختيار بين أن أكمل المشوار أو انسحب بصمت لأنه كما قال:ما يحبش الشوشرة!!!لاتصدقوا أن«أم العيال» هي سيدة الموقف وهي الكل في الكل هذا عند البعض فقط لكن الحقيقة أن أم العيال غالباً مقهوره ومظلومة..وعندما تكمل المشوار فهذا لأجل ابنائهافقط..لا لشيء آخر.. رجل جاهز أحمد الحبشي: مغترب ..طبعاً لا شك أن أم العيال لها وزنهاوثقلهافي حياة الرجل وطبعاً إذا كانت قريبته وكانت مدبرة جيدة لأمور منزلهاوحريصة على مستقبل أولادها وتدفع بزوجها إلى العطاء والعمل فهي هكذا تكون قد أوصدت أمامه أبواب التفكير في امرأة أخرى وحتى لو قدر الله وتزوج الرجل بأخرى فإن الزوجة الأولى أو أم العيال كما اسميتها أنت تبقى لها مكانتها الخاصة ولربما باكتشاف الفرق بينها وبين سواها من النساء تزيد قيمتها أكثر عند زوجها.. وأنا مع الرأي الذي يميز «أم العيال» عن سواها لأنها تكون قد كافحت طويلاً حتى تصل على عكس تلك التي تتزوج من الرجل بعد أن حقق استقراره المادي والاجتماعي وأصبح أكثر اتزاناً عاطفياً وسلوكياً ثم إن احترام الرجل لأم العيال وتمييزها عن غيرها يُفترض أن يبعث على الإطمئنان للزوجة الأخرى أو الزوجات الأخريات لأنها تستشف من ذلك أن هذا الرجل زوج وفي وأنها في أيدي أمينة !!! والعكس صحيح إذا تنكر الرجل للمرأة التي عانت وكافحت معه حتى يصلان معاً فسيكون أكثر جحوداً مع امرأة حديثة العهد به..والسبب الحقيقي الذي يدعو الرجل لاحترام أم العيال والأخذ بمشورتهاوإشراكها في قراراته الصعبة ليس لأنها «أم عياله» فقط لأن أي زوجة يرتبط بها الرجل بعد ذلك ستكون أيضاً «أم عيال» لكن المرأة الأولى التي يعيش معها الرجل سنوات الطيش والفقر...والنزوات الجامحة هي امرأة لاتُنسى فعلاً..بل أن بعض الأشخاص يرى فيها أماً..وصديقة..بل ويراها قاضية وحكيمة!!ثم إن نساء اليوم لا يحتملن ما كانت تحتمله نساء الأمس إنهن أكثر رضاً وقناعة لا ينظرن للرجل نظرة مادية بعكس نساء اليوم تريد رجلا لايصرخ..ماما. يادنيا..ياغدارة! أم سلطان: قبل ثلاثين عاماً كان لا يمتلك زوجي إلا ورشة صغيرة ليبقى يعمل فيها طوال النهار حتى طعامه كان يتناوله هناك...مرت السنون ولم أشعر بعمري مر بين رعاية اطفالي وإعداد طعام عمال الورشة وكل من فيها وفجأة وبعد عامين من تغير كامل في معاملة زوجي اكتشفت عن طريق أحد ابنائي أنه متزوج..لم أعمد إلى افتعال المشاكل حفاظاً على بيتي وأولادي..وبالرغم من أنه لم يعد يأتي منزلي إلا أن الأخرى يجن جنونها إذا نطق كلمة «أم العيال».. أوفياء ولكن!! أ.ابتسام» معلمة في مدرسة أهلية.. قبل عام من هذا الوقت تزوجت برجل متزوج منذ عشرين عاماً...وبالرغم من طيبته وتعامله الذكي بيني وبينها إلا أنني أجن إذا ذكر ابناءه وأم أبناءه..لماذا يسمونها دائماً أم العيال ؟!ألن يكون لدينا أطفال؟!!ألن نكون أمهات عيال؟! مثلاً:زوجي يصر دائماً على تناول غداء الجمعة في بيته الأول..ويوم العيد كذلك يقضيه هناك..لماذا إذاً يتزوجون بأخرى إذا كانوا أوفياء لهن إلى هذا الحد؟! ياصبرأيوب أم محمد» ربة بيت.. تزوج زوجي بخمس نساء وكنت أنا في المرتبةالأولى بينهن..بين فترة وأخرى «يشتهي» تجديد حياته فيتزوج..ثم يعود إليّ بُخفي حنين!!ومن جهتي أنا لا أكثر الوقوف على الأطلال..ولا أتدخل في نزواته...الصبر فقط هو دوائي الناجع..ثم إني أرى أن صلة القرابة بين الزوجين تلعب دوراً كبيراً في ديمومة العلاقة وقوتها بينهما.. أم العيال..وبس!! أبوطارق النهاري» تجارة حُرة...أما العيال هي الأصل فهي محل ثقة واحترام وتقدير ومعها خلاصة العمر وأجمل أيام الشباب..صحيح أن أي امرأة تأتي بعدها قد تكون أجمل وأصغر سناً وربما أكثر تحصيلاً للعلم..لكن أم العيال تبقى هي الكل في الكل داخل المنزل وأنا شخصياً أعتمد على أم أولادي في إدارة حياتي وحياة أولادي بالكامل..لأنها كما قلت محل ثقة.. علمياً: التجارب الأولى التي يخوضها الإنسان في حياته يبقى لها أثر واضح على الخارطة الشخصية له..فكما أن الإنسان يتعلم المشي خطوة..خطوة والكلام حرفاً حرفاً..ومهارات الحياة مرة بعد مرة...يتعلم الإنسان كذلك معانٍ روحية عميقة ضرورية لبناء النفسية البشرية منها مثلاً الاعتقاد الجازم بالوحدانية الإلهية ومنها موضوعنااليوم الارتباط العاطفي فكما أن الإنسان لا ينسى أول مرة تعثر فيها وفشل في أي مجال ولا ينسى المرة الأولى التي حقق خلالها إنجازاً عظيماً فهو لا ينسى كذلك أول مرة خفق بها قلبه كزوج...وأول مرة رقصت مشاعره كأب..هو لاينسى تجاربه أبداً خاصة تلك التي كانت ناجحة وزادها قيمة أن تكون خلفها امرأة ناجحة مدبرة ..صابرة تجيد فن المشاركة..تصنع المستقبل..لاتجعل من عقبات الحياة مرافئ لاتبقي نزوات الرجل محطات إجبارية فالرجل هو الرجل..لابد أن تكون له نزوات!!! ولهذا تبقى اسطورة «أم العيال» تجربة مقدسة لدى الرجل حتى وإن لم تمنح وجوده الكثير إلا أنها موروث متجذر لا يقبل المساومة..قد يتزوج الرجل بأخريات لكن تبقى «أم العيال» شريكة التجارب القادمة من رحم الشباب.. عملياً: لا يخبو بريق أسطورة «أم العيال» لكثير من الأسباب ربما كان أولها أن الزوجة قريبة من الرجل نسباً..وثانياً أنها تبدأ حياتها مع الرجل من الصفر فهي تستخدم الصبر كدواء في حالات الفقر والجوع والمرض..تضمد جراحها بالأمل وتصنع من فاقتها وشدة احتياجها سُلماً يصلان عبره معاً إلى ما يريدان..كبواته عندها انتصارات نزواته اعتراف بحقها..هجره خارج الوطن أو داخله جسر تعبره إليه بحب..وهي تهديه باقة النسيان الجميل!!!وربما كان أئتلاف الطبائع كنتيجة لطول العشرة بينهما شيئاً آخر لهذا الوفاء الذي تحاول زوجات كثيرات إنتزاعه من «أم العيال» لكنهن يفشلن في تحريك صخرة عظيمة سقطت على عتبة قلب رجل يعترف بالفضل لأول امرأة جعلته يشعر بأنه..رجل! ?وبعد..«أم العيال» أمرأة محمولة على القبول..موسومة بالصبر..رضي عنها الزوج أم سخط...فالعيال عالة على كاهلها تخشى ضياعهم إن كانت فقيرة وضياع نفسها إذا كانت غنية...الحال واحد ولعل المثل الشعبي القائل «أم الراس مش من الناس» مثل يتحدث باسم المسؤولية التي تجعل صاحبها وشيك الوقوع في قوقعة الذات لا نرجسية تعيشها الأم..لا احتفاء بذاتها لا إمعان في معطيات يومها وغدها..هكذا خلقت..لتكون أماً..سواءً وقعت على كنزٍ رجولي ثمين يتوجها ملكة على عرش قلبه..أو سقطت في مستنقع ضحل لا يجعلهاإلا متعثرة الخطى هكذا هي الحياة بدأت بذكر وأنثى من كل شيء وستبقى هكذا حتى نفنى.. تهلك أرواحنا تنحسر رغباتنا في الحياة تتحطم قوالبنا داخل تلك اللحود...وسواءً كانت المرأة «أم العيال» أو لم تكن فهي.. فانية كفناء الحياة من الموت..يبقى أن نستشعر قيمتنا أمام الآخر..وقيمته أمامنا ولانجعل من مسميات موروثة أو مفروضة علينا اسطوانة فارغة نرددها فقط دون أن ندرك معناها..