تفشت هذه الأيام أمراض خطيرة وفيروسات معدية تفتك بحياة الإنسان إذا ماكان حذراً ويعيش في بيئة نظيفة فمرض الطاعون وباء خبيث تنقله الفئران.. والبراغيث التي تعيش معها وهي المسببة في انتشار عدوى مرض الطاعون لجسم الإنسان. الدكتور أسعد الكامل يحدثنا عن وباء الطاعون ومسببات انتشاره: مرض الطاعون هناك نوعان من البراغيث أكثر شيوعاً في نقل مرض الطاعون هما: النوع الأول برغوث الفأر الأسود وهو الناقل الرئيسي للطاعون في المدن والمناطق الحضرية. النوع الثاني برغوث الفأر البني وهو ناقل هام للطاعون في المناطق الريفية والمباني السكنية ، وهذه الفئران كثيراً ما توجد في بلادنا بحاجة إلى مكافحة لقتلها والتخلص منها نهائياً حتى لاتتفشى بصورة وبائية في البيئة.. المسبب لمرض الطاعون هو بكتيريا Yersihia Pestis سواء كان البرغوث ذكراً أم أنثى فيعد مصاباً أو حاملاً لهذه البكتيريا عندما يتغذى على دم حيوان أو انسان مصاب حيث تتكاثر هذه البكتيريا بسرعة فائقة مكونة كتلة جيلاتينية تصيب الانسان وتعرضه للخطر.. حدوث العدوى وقد وجد أن البرغوث الواحد الحامل للعدوى يستطيع قبل موته في خلال 3-10 أيام أن يعدي حوالي 21 عائلاً جديداً، وأنه كلما تكرر حدوث الانسداد Blockage في معدة البرغوث بعد كل وجبة دم يحصل عليها كلما اعتبر البرغوث ناقلاً جديداً وفعالاً حيث يتكرر حدوث القيء أثناء امتصاص الدوم وتتم العدوى.. عموماًيحدث الانسداد في معدة البرغوث نتيجة تكوين جلطة Clot في وجبة الدم بتأثير فعل كل من أنزيم التجلط Coaguiase الذي تنتجه البكتيريا وأنزيم التربسين Trypsin الذي تفرزه معدة البرغوث، تتكون الجلطة بنجاح إذا كانت درجة الحرارة أقل من 52ْم أما إذا زادت عن 27ْم فإن الجلطة لاتتكون وتتحلل بسرعة وعندئذ تطرد البكتيريا من معدة البرغوث.. من ناحية أخرى قد تحدث العدوى عن طريق براز البراغيث والذي يحوي دماً غير مهضوم به البكتيريا الممرضة حيث تدخل جسم العائل من خلال الثقب الناشئ عن امتصاص الدم وذلك عند هرش العائل لمكان الوخز، وقد تحدث العدوى أيضاً إذا قام العائل بسحق البراغيث الحاملة للعدوى بواسطة أسنانه مما يؤدي إلى اصابة تجويف الفم والرقبة ببكتيريا الطاعون وهذا ماحدث مع هنود إكوادور عندما أصيبوا بطاعون اللوز Tonsillar Plague. وصول البكتيريا إلى الانسان عموماً بمجرد وصول البكتيريا الممرضة إلى الانسان فإنها تتكاثر بسرعة وبأعداد كبيرة وتنتشر في الدم مسببة الطاعون الدموي Septicemic Plague وهو سريع القتل لكن في كثير من الأحيان يتمكن الانسان من مقاومة البكتيريا الممرضة ويقلل كثيراً من فاعليتها ولكنها تتركز في أماكن معينة في جسم الانسان خاصة العقد الليمفاوية تحت الإبط أو بين الفخذين في صورة انتفاخات أو تورمات تسمى Buboes ممتلئة بالبكتيريا الممرضة ويعرف هذا بالطاعون Bubinic Plague، وفي هذا النوع لايصبح الانسان مصدراً معدياً للبراغيث بسبب التواجد المحدود للبكتيريا كما لاينقل الانسان أي عدوى مباشرة للأشخاص الآخرين.. من ناحية أخرى قد تحدث أحياناً اصابة شديدة في رئة الانسان ويتسبب عن ذلك الطاعون الرئوي Pneumonic Plague وهو من أخطر أشكال الطاعون لأن العدوى ممكن تنتشر مباشرة بين الأشخاص بواسطة الهواء أو مع رذاذ السعال دون الحاجة إلى حشرة ناقلة. التولاريميا Tularemia وهو مرض يشبه الطاعون وينتشر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ويصيب بشدة الحيوانات الأليفة كالقطط والخيول والأغنام وتسببه البكتيريا Francisella tuiarensis وتعتبر كل من القوارض وبعض الطيور مخازن طبيعية حاملة للبكتيريا الممرضة.. تلعب البراغيث دوراً هاماً في نقل هذه البكتيريا إلى الإنسان من خلال الجلد أثناء الوخز، كما تنقل البكتيريا ميكانيكياً بواسطة ذباب الخيل أو تحمل بواسطة الهواء وتنتشر في المياه والطعام. البراغيث كعوائل وسيطة للديدان الشريطية Fleas as intermediate hosts of cestodes تلعب بعض أنواع البراغيث مثل براغيث الكلاب والقطط دوراً كبيراً كعوائل وسيطة لبعض الديدان الشريطية مثل Dipylidium caninum التي تتطفل داخل الجهاز الهضمي للقطط والكلاب وبعض الحيوانات آكلة اللحوم وأحياناً قد تصيب الإنسان. كما تقوم البراغيث بدور العائل الوسطى لنقل الشريطية Hymenolepis diminuta: H. nana التي تصيب القوارض وأحياناً الانسان.. تقوم البراغيث بنقل هذه الديدان الشريطية إلى الحيوان أو الانسان عندما يخرج بيض هذه الديدان الشريطية مع براز العائل الفقارى المصاب بيرقات البراغيث مع غذائها فيفقس البيض داخل القناة الهضمية ليرقة البرغوث ويخرج منه جنين يخترق جدار القناة الهضمية ويظل في تجويف جسم يرقة البرغوث حتى تتحول إلى عذراء ثم حشرة كاملة، وخلال ذلك التطور يتم نمو جنين الدودة الشريطية إلى الطور المعدي المعروف بالدودة المثانية Bladder worm Cysticercus تحدث العدوى للحيوانات الفقارية مثل القطط والكلاب عند ابتلاعها للبراغيث الحاملة للاطوار المعدية «الديدان المثانية» وذلك أثناء تنظيفها ولعقها لأجسامها. أما في الانسان خاصة الأطفال فقد تحدث العدوى لهم عند ملاعبة وملاطفة Grooming القطط والكلاب حيث يبتلع الاطفال بالصدفة تلك البراغيث المعدية والمتطفلة على هذه الحيوانات. مكافحة البراغيث control of fleas من المعروف أن تواجد البراغيث وانتشارها في بعض الأبنية والمنشآت الآهلة بالسكان يكون مرتبطاً أساساً بوجود حيوانات أخرى تتعايش مع الانسان أو قريبة من أماكن معيشته وتعتبر في الوقت نفسه عوائل مناسبة تتطفل عليها هذه البراغيث مثل القطط والكلاب والقوارض كالفئران والجرذان والأرانب وغيرها بالإضافة إلى توافر ظروف بيئية معينة تساعد على تكاثر وازدياد أعداد البراغيث مثل الرطوبة العالية وانتشار الأتربة والمخلفات العضوية.. ولذلك عند إعداد برنامج لمكافحة البراغيث والحد من انتشارها يؤخذ في الاعتبار مايلي : 1 مكافحة البراغيث داخل وحول المباني المصابة. 2 مكافحة البراغيث المتطفلة على القطط والكلاب والطيور. 3 مكافحة القوارض والبراغيث المتطفلة عليها. - مكافحة البراغيث داخل وحول المباني المصابة : 1 للحصول على مكافحة جيدة وسريعة للبراغيث داخل وحول المباني المصابة يجب بداية الاهتمام بالنظافة والتخلص من جميع القمامة وفضلات الأطعمة وأتربة الأرضيات بهدف التخلص من بيئة معيشة اليرقات. 2 تهوية المباني باستمرار للتخلص من الرطوبة مع تعريض الأغطية والمفروشات الأرضية وغيرها لأشعة الشمس من حين لآخر. 2 رش أرضيات الحجرات والطرقات وأماكن تواجد أو معيشة الحيوانات المستأنسة بمبيد فوسفوري كالملاثيون 3% مع مركب من الكاربامات مثل كارباريل Carbaryl (سيفين Sevin) بنسبة 5%. 4 وضع الملابس والمفروشات المصابة داخل حجرات أو حاويات.مغلقة ومعاملتها بالمبيد الفوسفوري سيكلورفوس «فابونا Vapona» بنسبة 2% وهو يتميز بتصاعد أدخنة منه كفيلة بقتل البراغيث ومعظم الآفات الحشرية الأخرى. 5 تعفير ممرات أو جحور الفئران والجرذان داخل وحول المباني وبمسافة 03-05سم من الجدران بمبيد الكارباريل بنسبة 3-5% أو اللندين 1%أو الديازينون 2%لقتل البراغيث واليرقات التي تعيش في هذه الجحور والممرات. مكافحة البراغيث المتطفلة على القطط والكلاب 1 يفضل هنا معاملة القطط والكلاب المصابة بالبراغيث باستخدام مبيدات من أصل نباتي منعاً لحدوث أي أضرار جانبية للحيوانات، وعادة يستعمل المبيد في صورة مسحوق تعفير وليس رشاً من هذه المبيدات يستخدم الروتينون بنسبة 1% والبيريثرم بنسبة 2،% مع مادة منشطة مثل ببرونيل بيوتوكسيد بنسبة 2% كما يمكن التعفير بالملاثيون بنسبة 5% أو تغطيس الحيوان فيه بنسبة 52%، كما يفضل استخدام الملاثيون أيضاً لتعفير الطيور والدواجن المصابة بالبرغوث اللاصق E.gallinacea. 2 يستخدم المبيد الفوسفوري الجهاز الرونل Ronnel في صورة محلول بنسبة 52% لتغطيس القطط والكلاب أو في صورة كابسولات تبتلعها الحيوانات حسب أوزانها وتحت اشراف طبيب بيطري. 3 تستعمل حديثاً أطواق البراغيث Flea collars المشبعة ببعض المركبات وتعلق حول رقبة القطط والكلاب فينطلق منها المبيد ببطء في صورة أبخرة فعالة ضد البراغيث المتطفلة. مكافحة القوارض والبراغيث المتطلفة عليها من المعروف أن كثيراً من القوارض البرية تعتبر بمثابة مخازن طبيعية حاملة للبكتريا المسببة للطاعون حيث تقوم البراغيث المتطفلة على هذه القوارض بنقل العدوى بينها ومنها إلى القوارض المتعايشة مع الإنسان والقريبة منه حول الحقول الزراعية والبيوت الريفية والمدن المجاورة، ومتى تفشى وباء الطاعون بينها فإن هناك إمكانية لنقل المرض أيضاً إلى الإنسان بواسطة البراغيث، لذلك فإن الاتجاه نحو مكافحة القوارض يحقق هدفين أولهما القضاء عليها كافة Pest ضارة اقتصادياً وصحياً، وثانيهما مكافحة البراغيث المتطفلة عليها للحد من انتشار المسببات المرضية، من هذ المنطلق وعند ظهور إصابات بالطاعون في منطقة ما فإنه يجب في المقدمة الإسراع والاهتمام بتحقيق الهدف الثاني وهو مكافحة البراغيث والقضاء عليها للحد من وسيلة انتقال العدوى بين الأشخاص مما يتيح للجهات المعنية بالأمر توجيه اهتماماتها نحو القوارض والتي قد تحتاج لبرنامج مكافحة طويل المدى للقضاء عليها. 1 مكافحة براغيث القوارض: لمكافحة البراغيث المتطفلة على كل من القوارض البرية أو تلك المتعايشة مع الإنسان والقريبة منه مثل جرذان المنزل والفأر الأسود «فأر السقف» والفأر البني، فإنه يفضل استخدام مركب الكارباريل في صورة مسحوق بنسبة 3-5% لتعفير الجحور والشقوق الأرضية وجدران وأسقف المنازل وممرات القوارض حول المباني والحدائق والحقول الزراعية والترع والمصارف وغيرها حيث يلتقط المبيد على أرجل وأجسام هذه القوارض فيقتل البراغيث المتطفلة عليها، كما تحمل القوارض هذا المبيد وتعود به إلى جحورها مما يساهم في قتل يرقات البراغيث. 2 مكافحة القوارض: أوصت منظمة الصحة العالمية ببعض الإجراءات الصحية والوقائية التي يجب اتباعها قبل اللجوء إلى تطبيق برنامج المكافحة الكيماوية ضد الفئران والجرذان ومنها: جمع القمامة والمخلفات العضوية والتخلص منها. حماية وعزل المواد الغذائية المخزونة ومنع وصول القوارض فيها.