أكدت دراسة علمية حديثة أن الذكور أكثر تعرضاً للضغوط النفسية مقارنةً بالإناث، نتيجة لإحساس الذكور عامة في المجتمع اليمني باختلاف نظرة المجتمع وتوقعاته من كلا الجنسين في مجالات الحياة المتعددة وهو الأمر الذي يرتبط بالثقافة السائدة لأي مجتمع من المجتمعات . مفهوم الضغوط النفسية الدراسة التي أعدها الدكتور طارق مكرد ناشر أستاذ علم النفس المشارك بكلية التربية في جامعة إب أشارت إلى أن الاتجاهات الحديثة ذهبت في تعريف مفهوم الضغوط النفسية إلى أنه عبارة عن حالة داخلية تتضمن إدراك الفرد لعدم التوازن بين متطلبات معينة أو عوامل ضغط محتملة وبين قدرته على الاستجابة لها أو التعامل معها بفاعلية ينجم عنها استجابات فسيولوجية ومعرفية وانفعالية وسلوكية. الآثار السلبية للضغوط على الأفراد وقال الدكتور طارق مكرد موضحاً نتائج الضغوط على الفرد: مما لا شك فيه أن وجود مستوى معين من الضغوط النفسية عند الفرد يعتبر شئياً لا بد منه لدفع الفرد نحو الأداء الأفضل ومساعدته على الإبداع وتنمية ثقته بنفسه، ومع ذلك فإن الضغوط النفسية تصبح أكثر خطراً على الفرد إذا ما تعرض لمستويات حادة منها ولفترات طويلة أي دون أن يتصدى لها حيث تؤدي مثل هذه الحالات إلى ظهور عدد من ردود الفعل السلبية لهذا الضغط عند الفرد وتشمل: الاضطراب الانفعالي؛ مثل القلق، الشعور بالذنب، الاكتئاب، الاستجابات السلوكية الحركية: ومن أمثلتها: الرجفة، ازدياد التوتر العضلي، الاضطرابات اللفظية، تغير تعابير الوجه، ويمكن في بعض الأحيان ضم ردود الفعل السلوكية كالإقدام والإحجام أو العداء إلى هذه الفئة ، التغيرات في القدرات المعرفية : وتشمل عدم القدرة على التركيز والانتباه ونتائج عملية التقييم الإدراكي، الاضطرابات الفسيولوجية : وتشمل ردود فعل الجهاز العصبي والغدة النخامية ويمكن أن نستنتج من ذلك بأن استمرار تعرض الفرد للضغوط النفسية مرتبط إلى درجة كبيرة بتدهور صحته النفسية . ماهية الدعم الاجتماعي ويؤكد الدكتور طارق أهمية الدعم الاجتماعي في مواجهة الضغط النفسي بقوله: يشير مصطلح الدعم الاجتماعي إلى المساندة والمؤازرة التي يحصل عليها الفرد من خلال علاقاته الاجتماعية مع المصادر المتوافرة في بيئته الاجتماعية كالأسرة، والأصدقاء والأقارب والرؤساء والجيران وغيرهم من أعضاء المجتمع الذين لهم أهمية خاصة في حياة الفرد، ويعتبر من العوامل التي بدأت تلعب دوراً فاعلاً في برامج الإرشاد والعلاج النفسي للطلبة. وبالرغم من أن التعريف الأكثر شيوعاً له هو تعريف كوب (Cobb) بأنه عبارة عن إحساس الفرد بأنه محبوب ومقبول وموضع تقدير واحترام وأنه ينتمي إلى شبكة اجتماعية توفر لأعضائها التزامات متبادلة . إلا أن تعريف شيفر وزملائه كان الأكثر وضوحاً وذلك لأنه تضمن تحديداً للدعم الاجتماعي المقدم للفرد بثلاثة أبعاد هي:الدعم المعنوي الذي يتضمن المودة والتأييد والدعم المادي الذي يتضمن تزويد الفرد بالخدمات والمساعدات المباشرة، ودعم المعلومات التي يتلخص بتقديم نصائح وتوجيهات تساعد الفرد على التكيف مع البيئة وتوفير تغذية راجعة حول سلوكياته، ومكافأة السلوك المناسب وإعطاء معلومات يحتاجها الفرد. المساندة الاجتماعية إن المساندة الاجتماعية لها دوران اساسيان في حياة الفرد وعلاقاته الشخصية بالآخرين وهما: أ الدور الإنمائي (الوقائي): فالأفراد الذين لديهم علاقات اجتماعية متبادلة مع الآخرين ويدركون بأن هذه العلاقة موضع ثقة يسير ارتقاؤهم في اتجاه السواء ويكونون في صحتهم النفسية أفضل من غيرهم الذين يفتقدون لهذه العلاقات. ب الدور العلاجي: حيث إن استجابات الأشخاص الذين يمرون بأحداث ضاغطة أو مؤلمة [كالقلق والاكتئاب] تتفاوت تبعاً لوجود مثل هذه العلاقات الودية والمساندة الاجتماعية كماً وكيفاً، وهذا يعني أن المساندة الاجتماعية تعمل على التخفيف من نتائج الأحداث على الأشخاص وقد أضحى ذلك الدور معروفاً ب(نموذج الأثر الملطف) للمساندة الاجتماعية أو فرض التخفيف وربما يرجع هذا الأثر إلى ما يحدث من تحسن في أساليب مواجهة الضغوط، وبناءً على ذلك يفترض حدوث علاقة سلبية بين مستوى الضغوط النفسية ومستوى الدعم الاجتماعي . قوة العلاقات وعن نتائج دراسته التي أجراها في جامعة إب أوضح الدكتور طارق مكرد أنها أتت بجديد في الموضوع حيث قال: أظهرت نتائج هذه الدراسة أن معظم طلبة جامعة إب متحررون من كافة العوامل والمتغيرات الشخصية التي تجعل بعض الأشخاص يشعرون ويتأثرون بالضغوط على نحو أكبر من غيرهم، وأن غالبيتهم ينحدرون من أسر قادرة على تقديم الدعم والمساندة التي تساعدهم على مواجهة مشكلاتهم اليومية المتنوعة وعوامل أخرى . كما كشفت الدراسة أن عينة الطلبة تحظى بدعم اجتماعي ملحوظ من الأصدقاء، وربما تعكس هذه النتيجة [إلى جانب قوة العلاقات التي تربط بين الأفراد في المجتمع اليمني] أيضاً حسن اختيار طالب جامعة إب لأصدقائه، بالإضافة إلى أن طلاب جامعة إب يحظون بدعم اجتماعي أكبر من أصدقائهم مقارنة بالطالبات، وربما يعكس ذلك تمتع الذكور بالمبادرات الذاتية والمهارات اللازمة للاتصال وتكوين العلاقات وحرية اختيار الأصدقاء بصورة أكبر من الإناث نظراً لاختلاف أنماط التنشئة الوالدية والمعاملة الوالدية لكلا الجنسين في المجتمع . انعدام التباين إن طلبة التخصصات الإنسانية والعلمية يتعرضون لذات المستوى من الضغوط ويمكن تفسير ذلك في أن طلبة جامعة إب في كلا الاختصاصين يعيشون الظروف والتحديات نفسها ويحصلون على القدر نفسه من الدعم والمساندة الاجتماعية اللازمة لمواجهتها وأن التخصص الأكاديمي ليس من العوامل التي يمكن أن تحدث التباين بين الأفراد في مستوى الضغوط النفسية. كما أن طلبة جامعة إب في الكليات الإنسانية والعلمية يحظون بالمستوى نفسه من الدعم الاجتماعي المقدم من الأصدقاء، ويمكن تفسير ذلك في كون طلبة جامعة إب في كلا الاختصاصين ينحدرون من ذات المجتمع وبالتالي يتميزون بنفس المستوى من القدرات والسمات اللازمة للحصول على الدعم الاجتماعي المطلوب وبأن التخصص الأكاديمي لا يعد من العوامل التي يمكن أن تحدث التباين بين الأفراد في مستوى الدعم المقدم من الأصدقاء على الأقل في المجتمع اليمني . الذكورية ليست نعمة دائمة وخلص الدكتور طارق إلى القول: وفقاً لما جاء في نتائج الدراسة فإن طلبة جامعة إب يواجهون ضغوطاً نفسية أقل مما هو متوقع وهم قادرون على مواجهتها عدا القليل منهم، كما يحظون بدرجة مقبولة من الدعم الاجتماعي من أصدقائهم، وتميل معظم الأسر إلى الاعتماد على الذكور من أبنائها في تسيير كافة شؤونها بصورة أكبر من اعتمادها على الإناث كما أنها تتوقع منهم مستويات أعلى من النجاح والإنجاز بالمقارنة مع الإناث لذا تجدهم أكثر معاناة من الضغوط النفسية من الإناث، ويبدو أن نمط التنشئة الاجتماعية للأنثى في المجتمع يجعلها أقل قدرة في الحصول على الدعم الاجتماعي المقدم من الأصدقاء بالمقارنة مع الذكور . ولهذا، فإننا نوصي بالعمل على خفض مستوى الضغوط النفسية التي يتعرض لها طلاب جامعة إب وذلك من قبل الإدارة والأساتذة وكذلك الأسر والأقارب وغيرهم، والعمل على زيادة الدعم الاجتماعي والمساندة للطلبة من مختلف مصادره (الأصدقاء، الأسر، الأقارب، والمجتمع بصورة عامة) وأن تعطى الأولوية في هذا الدعم لطالبات الجامعة.