نعيش هذه الأيام العشر الأولى من ذي الحجة والتي هي أفضل من العشر الأواخر من رمضان يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«أفضل أيام الدنيا هي أيام العشر من ذي الحجة».. لذا يجب علينا اغتنام هذه الأيام بكثرة الذكر والعبادة.. في السطور التالية يتحدث الشيخ أحمد بن حسن المعلم عضو جمعية علماء اليمن عن أهمية هذه الأيام وما المطلوب العمل فيها: أفضل الأيام يقول رئيس فرع جمعية علماء اليمن بحضرموت الشيخ أحمد حسن المعلم :إن الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة من أفضل الأيام التي يجب على المسلمين التقرب فيها إلى الله سبحانه وتعالى واغتنامها في العبادات والطاعات ويوضح خصائص العشر من ذي الحجة أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه العزيز فقال:(والفجر وليال عشر) ولاشك أن قسم الله بها ينبئ عن شرفها وفضلها وسماها في كتابه «الأيام المعلومات» ويشرع فيها ذكره على الخصوص فقال:(ليذكروا اسم الله في أيام معلومات).. مشيراً أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله منها في غيرها، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد». وتتميز هذه الأيام بأن فيها «يوم التروية» وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه مناسك الحج هو «يوم عرفة» وهو يوم عظيم يعد من مفاخر الإسلام وله فضائل كثيرة لأنه يوم مغفرة الذنوب.. وتتميز بأن فيها ليلة جمع وهي ليلة المزدلفة التي يبيت فيها الحجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة وفيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام ويوم «النحر» وهو يوم العاشر من ذي الحجة الذي يعد أعظم أيام الدنيا.. كما روي عن عبدالله بن فرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر جعله الله ميقاتاً للتقرب إليه بذبح القرابين كسوق الهدى الخاص بالحاج والأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره».. ويضيف المعلم :إن العشر من ذي الحجة أفضل من الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية. مناسبة سنوية والعشر من ذي الحجة تعد مناسبة سنوية متكررة تجتمع فيها أمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله:«والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان الاجتماع لامهات العبادة فيها وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره.. أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحجاج إلى بيت الله الحرام والمقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبط بمكان معين إلا للحاج. فضل الصيام فيها فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة قال ابن العباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في أول يوم من ذي الحجة غفر الله فيه لآدم ومن صام هذا اليوم غفر الله له كل الذنب، وفي اليوم الثاني استجاب الله لسيدنا يوسف، ومن صام هذا اليوم كمن عبد الله سنة ولم يعص الله طرفة عين، وفي اليوم الثالث استجاب الله دعاء زكريا، من صام هذا اليوم استجاب الله لدعائه، وفي اليوم الرابع ولد سيدنا عيسى عليه السلام ومن صام هذا اليوم نفى الله عنه البأس والفقر وفي يوم القيامة يحشر مع السفرة الكرام، وفي اليوم الخامس ولد سيدنا موسى عليه السلام ومن صام هذا اليوم برئ من النفاق وعذاب القبر، وفي اليوم السادس فتح الله لسيدنا محمد بالخير، ومن صامه ينظر الله إليه بالرحمة ولا يعذبه أبداً، وفي اليوم السابع تغلق فيه أبواب جهنم ومن صامه أغلق الله له ثلاثين باباً من الشر وفتح له ثلاثين باباً من الخير، وفي اليوم الثامن المسمى بيوم التروية من صامها أعطى الله له من الأجر مالا يعلمه إلا الله، وفي اليوم التاسع وهو يوم عرفة من صامه يغفر الله له سنة من قبل وسنة من بعد، وفي اليوم العاشر يكون عيد الأضحى وفيه قربان وذبح ذبيحة ففي أول قطرة من دماء الذبيحة يغفر الله ذنوبه وذنوب أولاده ومن أطعم فيه مؤمناً وتصدق بصدقة بعثه الله يوم القيامة آمناً ويكون ميزانه أثقل من جبل أحد. الأعظم والأحب عند الله ويقول الشيخ محمد أحمد الهندي إمام وخطيب جامع الصفقين بالمحويت: من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم يتزودون فيها من العمل الصالح ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة وهي أيام شهد الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا وحث على العمل الصالح فيها وهذا يستدعي أن يجتهد المسلم فيها وأن يحسن استقبالها واغتنامها وقد يتساءل البعض بماذا نستقبل عشر ذي الحجة؟ فنقول، والله الموفق: نستقبل العشر بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة يقول الله:[وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون] صدق الله العظيم. والبعد عن المعاصي فالمعاصي هي من أسباب البعد عن الله فالمسلم الصادق يحرص على التقرب إلى الله ولن يحصل التقرب إذا أصر العبد على المعاصي وكذلك نستقبل العشر بالعزم على اغتنام هذه الأيام وعندما ينوي العبد على فعل الطاعات فإنه يثاب على هذه النية قال صاحب الزبد في الفقه الشافعي: وجدد النية قبل العمل وأت بها مقرونة بالأول وإن تدم حتى بلغت آخره حزت الثواب كاملاً في الآخرة فضل عشر ذي الحجة {.. بين لنا فضل عشر ذي الحجة؟ يكفي عشر ذي الحجة فخراً أن الله أقسم بها وإذا أقسم الله على شيء فإنما يدل على عظمها ومكانتها وفضلها وأنها الأيام المعلومات التي ذكرها الله بقوله:[ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام] وقال جمهور أهل العلم :إن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة كما شهد لها رسول الله بأنها أفضل أيام الدنيا فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة» قيل ولا مثلهن في سبيل الله قال ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب. كما أن العشر يوم عرفه وفيها أيضاً يوم النحر قال صلى الله عليه وسلم: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر» وفي عشر ذي الحجة تجتمع أمهات العبادة قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج». أيام أقسم الله بها ويواصل بقوله: فضل عشر ذي الحجة عظيم ويستحب فيها الاكثار من الذكر وقد أقسم الله بهذه الأيام في قوله تعالى في سورة الفجر (والفجر وليالٍ عشر) صدق الله العظيم. والليالي العشر هي العشر من ذي الحجة والتي بدأ الناس في هذه الأيام يتهاونون بها ولا يهتمون بها ولقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يشمرون عن سواعدهم ويكثرون من الصيام والذكر والدعاء وهنا نذكر بعض فضائل عشر ذي الحجة وما ورد فيها من فضل. صيام عرفة وعن صوم عرفة يقول: صيام هذه الأيام العشر أو ما تيسر منها وبالأخص صيام يوم عرفة ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه كما ورد في الحديث القدسي «الصوم لي وأنا أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مامن عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفاً» أي مسيرة سبعين عاماً وروى مسلم فيما معناه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله عنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة قال «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة». وقيل يوم عرفة أفضل من يوم النحر لأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين ومامن يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة. فعلى المسلم المقيم أن يحرص على صيام هذا اليوم العظيم اغتناماً للأجر وإذا وافق عرفة يوم الجمعة فإنه يصام وأما ماورد من النهي عن إفراد صوم يوم الجمعة فإنما هو لذات يوم الجمعة وأما يوم عرفة فإنما يصام لهذا المعنى وافق جمعة أو غيرها.. أما الذنوب التي يكفرها الله عند صيام يوم عرفة فإنما هي الصغائر وأما الكبائر كالزنا وأكل الربا والسحر وغيرها فلا تكفرها الأعمال الصالحة بل لابد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق بالحد وهذا قول الجمهور.. وعلى المسلم أن يحرص في هذا اليوم على الدعاء اغتناماً لفضله ورجاءً للإجابة فإن دعاء الصائم مستجاب وإذا دعا عند الإفطار فما أقرب الاجابة وما أجزى القبول! فضل العمل في عشر ذي الحجة {.. ماهي الأحاديث الواردة في فضل عشر ذي الحجة؟ وردت أحاديث في فضل عشر ذي الحجة نذكر منها حديث عبدالله بن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» رواه البخاري. ومنها حديث عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال: «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكرت له الأعمال فقال مامن أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر قالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل لله؟ فأكبره فقال ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله ثم تكون مهجة نفسه فيه» رواه أحمد... فهذان الحديثان يدلان على أن يكثر الإنسان من الأعمال الصالحة إذ إن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله وأن سائر الأعمال الحسنة تضاعف في هذه الأيام. الأعمال المستحبة في العشر {.. ماهي الأعمال التي يستحب فعلها في عشر ذي الحجة؟ يستحب للمسلم في الأيام العشر أن يؤدي مناسك الحج والعمرة وهما أفضل مايعمل في العشر لأن من يسر الله له حج بيته أو اداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق ومن الأعمال المستحبة أيضاً الصوم كما أسلفنا وأيضاً الصلاة فهي من أجل الأعمال وأفضلها فيكثر الإنسان من النوافل ويكثر من التكبير والتحميد والتهليل عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «مامن أيام أعظم عند الله وأحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير وأيضاً من الأعمال المستحبة أيضاً الصدقة وهي من جملة الأعمال الصالحة عملاً بقوله تعالى:[يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقنكم] والله يتولى الجميع بعونه.