بطلا قصة أخبار العاشقين اليوم هما عروة وعفراء واللذان لم تكتمل قصة حبهما كغيرهما من العشاق المعذبين، البطل هو عروة بن حزام شاعر عربي رقيق من متيمي العرب وله عدد من القصائد المميزة، أما البطلة فهي ابنة عمه عفراء، التي ولع بها عروة وهام بها حباً. نشأ عروة وترعرع في بيت عمه حيث توفى والده وهو مازال طفلاً صغيراً، ومثلما كبر عروة كبر معه حبه لعفراء، وعندما تقدم لخطبتها من والدها، طلب منه مهراً كبيراً لا يستطيع الفتى تحمله وكان المهر عبارة عن ثمانين ناقة، لا يملك من ثمنهم شيئاً، فقال في ذلك يشكو إلى حبيبته عفراء: يُطالِبُني عمّي ثمانينَ ناقةً وما ليَ يا عفراءُ إلاّ ثمانِيا كان عمه يعلم انه لن يتمكن من جلب هذا المهر الضخم ولكنه عمد إلى المراوغة لكي يرفض طلبه، فكان عادة العرب ألا يزوجوا ابنتهم من شخص جاهر بحبه لها وتغنى بها، لأنهم يعتبرونه نوع من الفضيحة لهم، وأنه لا يتفق مع الشرف أن تتزوج المرأة ممن أعلن عن حبه لها وأخبر الناس به. وقد تألم العديد من العشاق بسبب هذه التقاليد ويأتي في مقدمتهم “قيس بن الملوح” الذي جن من عشقه لليلى والتي حرم أيضاً من حبه لها وزواجه منها.. وعلى الرغم من هذا المهر المبالغ فيه الذي طلبه عمه، إلا أن عروة سعى من اجل أن يأتي به ويظفر بحبه لعفراء ويتزوج من المرأة التي أغرم بها عشقاً، ولكنه لم يتمكن من الحصول عليه وبالتالي قام الأب بتزويج ابنته إلى رجل آخر قادر على تقديم مثل هذا المهر الضخم.. استسلم عروة للألم والمعاناة من فراق حبيبته واخذ المرض ينهش في جسده الرقيق وحار الأطباء في علاجه، حتى جاءت وفاته وهو شاب في عام 30ه - 650م، وتروي لنا الأخبار أن عفراء، مرت بقبر حبيبها وظلت تبكي حتى سقطت ميتة فوقه، وراح الاثنان ضحية لهذا الحب. مما قال في حبه لعفراء: على كَبدي من حُبِّ عفراءَ قَرْحةٌ وعينايَ من وَجْدٍ بها تَكِفانِ فَعَفْراءُ أَرْجي النّاسِ عندي مَوَدَّةً وعفراءُ عَنّي المُعْرِضُ المُتَوَاني أُحِبُّ ابْنَةَ العُذْرِيِّ حُبّاً وإِنْ نَأَتْ ودانَيْتُ فيها غيرَ ما مُتَدانِ إِذا رامَ قلبي هَجْرَها حالَ دونَهُ شَفيعانِ من قَلْبي لها جَدِلانِ إِذا قلتُ لا قالا بلى ثمّ أَصْبَحا جميعاً على الرَّأْيِ الذي يَرَيانِ فيا رَبِّ أنتَ المُسْتَعانُ على الذي تَحَمَّلْتُ من عفراءَ منذ زَمانِ فيا لَيْتَ كلَّ اثنينِ بينهما هوىً مِنَ النّاس والأَنْعامِ يَلْتَقِيانِ فَيَقْضي مُحِبٌّ من حبيبٍ لُبانةً ويَرْعاهما رَبّي فلا يُرَيانِ تميز شعر عروة بالجمال والصدق والبساطة، فقدم القصائد التي تفيض رقة وعذوبة، وربما جاء جمال قصائده سبباً مباشراً في مأساته فكان الناس يحفظونها ويرددونها مما زاد في غضب والد عفراء، نذكر من قصائده: تَحَمَّلْتُ مِنْ عفراءَ ما ليس لي بِهِ ولا لِلجبالِ الرَّاسياتِ يَدانِ كَأَنَّ قَطاةً عُلِّقَتْ بِجَناحِها على كَبِدي من شِدَّةِ الخَفَقانِ جَعَلْتُ لِعَرّافِ اليَمامةِ حُكْمَهُ وعَرّافِ حَجْرٍ إِنْ هما شَفياني فقالا نَعَمْ نَشْفي مِنَ الدّاءِ كُلِّهِ وقاما مع العُوّادِ يَبتَدِرانِ نعم وبلى قالا متى كنتَ هكذا لِيَسْتَخْبِراني قلتُ منذ زَمانِ فما تركا من رُقْيَةٍ يعْلَمانِها ولا شُرْبَةٍ إِلاّ وقد سَقَياني فما شَفَيا الدّاءَ الذي بيَ كُلَّهُ وما ذَخَرا نُصْحاً ولا أَلَواني